أهمية النقد الأدبي في مسيرة الكاتب
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
سأبدأ الموضوع بسؤال قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين منا: هل الأدب بخير؟!
ومن رحم هذا السؤال، يولد لنا سؤال آخر أكثر أهمية: مَنْ هو الذي يملك حق الإجابة؟
إذًا، لابد من التوقف طويلًا عند سؤال يطرحه الموقف: مَنْ يملك الحق في تقييم أي تجربة أدبية لأي كاتب؟
هل هو القارئ العادي، الذي يُخضع النص دون أن يعي لذائقته الخاصة وميوله الشخصية؟ أم القارئ المثقف، الذي سيحاول بالتأكيد وضع النص تحت مجهر دقيق لمقارنته مع نصوص أخرى لكتاب سابقين اختلفت ظروف تجربتهم مع التجربة الأدبية لصاحب النص؟
أنتم معي أن حكم الاثنين لن يكون منصفًا، لا للنص ولا لصاحبه، لأن عملية التقييم لم تُقم على أُسس ومعايير ممنهجة ومهنية نستطيع الرجوع إليها كلما اقتضت الحاجة.
إذًا، فنحن هنا بأمس الحاجة إلى شخص يضع النص على طاولة التشريح بحيادية تامة ويقيّمه بموضوعية بحتة، مجردة من كل إهواءات دينية أو سياسية أو عرقية أو شخصية من شأنها التدخل لتغيير ما في النص لصالح تلك المعطيات.
هنا تتجلى النزاهة الفكرية للناقد من خلال استخدامه أدوات التشريح المعقمة، الخالية من النظرة الذاتية المنزوعة من كل ما هو شخصي، فبالتالي يتمكن من تتبع المعاني الخفية للكلمة والتواءاتها، وإزالة الغموض الذي يحيط بها، فينقل بأمانة انفعالات الكاتب لحظة ولادة العمل.
والجدير بالذكر أن الناقد سيقوم بإخضاع النص ودراسته وفقًا للمدرسة النقدية التي يؤمن بها، سواءً كانت نفسية، أو تحليلية، أو بنيوية، وغيرها.
ومن هنا ظهرت الحاجة إلى الناقد الأكاديمي كركن أساسي من أركان النص بعد ولادته، هذا إذا عرفنا أن مصطلح النقد يعني "الحكم". إذن، الناقد المؤهل أكاديميًا هو فقط من يملك حق إصدار الحكم لأي عمل فني إبداعي.
قد يقول قائل: الكتابة فن إبداعي يتطلب من الأديب جهدًا نفسيًا وفكريًا، بينما عملية النقد عملية تقنية خالصة بمقدور أي إنسان تعلمها ودراستها.
قد يبدو هذا الرأي منطقيًا، خاصة حين نعلم أن فن الكتابة سبق عملية النقد بمراحل كثيرة، ولولا الكتابة لما وجد النقد والنقاد.
ولكن إذا علمنا أن النقد لا يقل شأنًا وإبداعًا عن الكتابة، بل ويزيد عنها بعدة نقاط، نجد أن الناقد، بالإضافة إلى امتلاكه القدرة على قراءة النص من عدة زوايا، يمتلك النظرة الثاقبة التي تميز الجمال من القبيح، والسلبي من الإيجابي، ويضع يده على مواطن الضعف والقوة في أي نص يقرأه.
وأيضًا له القدرة على تحليل النص وفق ما يحتويه من مادة، وتفكيكه، ومحاولة إيجاد العلاقة بين مكوناته، ومن ثم إعادة تشكيله من جديد ليضع أمام القارئ الأسئلة المستنبطة منه شكلًا ومضمونًا. وهو بهذا يبين قيمة النص الأدبي ومدى فاعليته وإنسانيته ودوره في الحياة.
وكل هذا لا يتأتى إلا من خلال تتبعه للمشهد النقدي العالمي، ورصد آخر تطوراته، وقراءاته الكثيرة التي قد تفوق غالبًا قراءات الكاتب، التي قد تقتصر على الجنس الأدبي الذي يختص بكتابته.
أما الدور الأخطر الذي يلعبه النقد فهو تحقيق الانتشار للكاتب على المدى الواسع، وتقديمه لجمهور القراء بالشكل الذي يستحقه، وبالتالي يُسهم في إثراء المشهد الثقافي والأدبي.
وهذه العملية ليست ملزمة بوقت محدد، فبعض الروايات وجدت طريقها للشهرة على يد النقاد بعد وفاة أصحابها. على سبيل المثال، رواية موبي ديك للكاتب الأميركي "هرمان ملفيل" التي نُشرت عام 1851م ولم تلاقِ القبول بعد صدورها، مما جعل كاتبها يشعر باليأس وخيبة الأمل، فقضى بقية حياته موظفًا بسيطًا ليموت مجهولًا في نهاية القرن التاسع عشر.
في القرن العشرين، بدأ النقاد وأساتذة الجامعات يهتمون بهذه الرواية، وصاروا يكتبون فيما بعد عن جمالياتها، مما جعلها تحتل مكانة مرموقة بين الروايات العالمية.
الأمثلة كثيرة، وليس في وسعي تناولها جميعًا.
نستطيع القول إن عملية الكتابة قد تنتهي بموت صاحبها أو توقفه لأي سبب كان، بعكس عملية النقد التي من المؤكد أن لها القدرة على تناول أي عمل أدبي حتى بعد موت صاحبه.
فالعمل الأدبي هو محاولة لنقل الحياة على الورق وتفسيرها من وجهة نظر الكاتب وفلسفته، أما النقد فهو تفسير لذلك التفسير ولصور الحياة التي وُضعت
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حق الإجابة
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن: مصر تخوض معركة وعي لا تقل أهمية عن التنمية والبناء
أكد يوسف شعبان، القيادي بحزب مستقبل وطن، أن الوعي الوطني يمثل أحد أهم ركائز استقرار الدولة المصرية، مشيرًا إلى أن الحفاظ على مكتسبات الوطن ودعم القيادة السياسية يتطلب من الجميع أن يكونوا على درجة عالية من الإدراك بحجم التحديات التي تواجهها الدولة في المرحلة الراهنة.
وأوضح شعبان ، في تصريحات له اليوم، أن مصر تشهد في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرحلة غير مسبوقة من البناء والتنمية في مختلف المجالات، بدءًا من المشروعات القومية العملاقة في البنية التحتية، مرورًا ببرامج الحماية الاجتماعية، ووصولًا إلى التحول الرقمي وتطوير الخدمات الحكومية، مشددًا على أن هذه الجهود تستوجب وعيًا شعبيًا قادرًا على فهم أبعاد ما يجري من إصلاحات وتحديات اقتصادية وسياسية.
قضية الوعي اهتمامًا خاصًا من خلال تنظيم الندواتوأضاف أن حزب مستقبل وطن يولي قضية الوعي اهتمامًا خاصًا من خلال تنظيم الندوات واللقاءات التثقيفية والحوارات المجتمعية في مختلف المحافظات، بهدف توعية الشباب والمواطنين بأهمية المشاركة الإيجابية في بناء الوطن، والتصدي لحملات التضليل التي تستهدف التشكيك في مؤسسات الدولة أو في حجم إنجازاتها.
وأشار شعبان، إلى أن القيادة السياسية تخوض معركة وعي حقيقية لا تقل أهمية عن معركة التنمية، موضحًا أن الوعي هو خط الدفاع الأول عن الدولة، لأنه يحصّن المواطنين من محاولات بث الإحباط أو زرع الشك، ويعزز الانتماء الوطني والثقة في مسار الدولة نحو المستقبل.
وتابع: " أبناء محافظة بني سويف كان لهم دور مشهود في دعم جهود الدولة ومساندة القيادة السياسية في مواجهة التحديات، مؤكدًا أن المواطن الواعي يدرك أن الحفاظ على الأمن والاستقرار هو الأساس الذي تقوم عليه التنمية، وأن أي محاولات للإساءة إلى مؤسسات الدولة لن تنال من وحدة المصريين خلف قيادتهم.
وأكد شعبان، على أن المرحلة المقبلة تتطلب تكاتف جميع القوى الوطنية واستمرار الجهود في نشر الوعي السياسي والاجتماعي، ودعم رؤية الدولة في بناء الجمهورية الجديدة، مشددًا على أن دعم القيادة السياسية ليس مجرد تأييد، بل هو مشاركة فعلية في حماية الوطن وصون مكتسباته أمام أي محاولات للنيل من استقراره أو وحدته الوطنية.