كتبت- مُزنة الفهدية 

أصبح فقدان المستلزمات المدرسية مشهدًا مألوفًا في الحياة اليومية للطلبة، حيث تتكرر حالات نسيان الأقلام والدفاتر أو إهمالها عمدًا، لا سيما في الصفوف الدراسية الأولى، ما يشكل عبئًا متزايدًا على أولياء الأمور الذين يضطرون إلى تعويض ما يُفقد من أدوات دراسية بشكل مستمر.

وللوقوف على أسباب هذه الظاهرة والحلول الممكنة استطلعت "عُمان" آراء عددٍ من المختصين والتربويين وأولياء أمور الطلبة الذين أجمعوا على أهمية تعزيز وعي الأبناء وتنمية شعورهم بالمسؤولية تجاه ممتلكاتهم المدرسية.

حيث ترى مياء بنت ناصر الحارثية أخصائية اجتماعية أن المحافظة على المستلزمات المدرسية تمثل جانبًا أساسيًا في تكوين شخصية الطالب، إذ لا تقتصر أهميتها على كونها أدوات للدراسة، بل تُعد وسيلة لتنمية روح المسؤولية والانضباط وتنظيم الوقت، إضافة إلى دورها في ترشيد الإنفاق والحفاظ على البيئة. وتشير إلى أن الاهتمام بالمستلزمات الدراسية يسهم في تعزيز دافعية الطالب نحو التحصيل والنجاح الأكاديمي.

وأكدت الحارثية على أهمية دور المدرسة في ترسيخ هذه القيم، من خلال تخصيص حصص توجيهية أو إذاعية صباحية تناقش موضوع العناية بالأدوات الدراسية، إلى جانب عرض ملصقات توعوية ومقاطع قصيرة في الفصول والممرات المدرسية. كما دعت المعلمين إلى أن يكونوا قدوة في الحفاظ على أدواتهم وبيئتهم الصفية، لما لذلك من أثر مباشر في سلوك الطلبة.

واقترحت الحارثية تنظيم مسابقات مدرسية لأجمل حقيبة مرتبة أو دفتر منسق، وإطلاق حملات توعوية تحت شعار "مدرستنا نظيفة وأدواتنا محفوظة" بمشاركة جميع الفصول، مع تكريم الطلبة المجيدين في العناية بمستلزماتهم، مشددة على ضرورة إشراك أولياء الأمور في هذا الجانب.

وأضافت أن على الأسر اتباع استراتيجيات تربوية عملية لتشجيع الأبناء على المحافظة على أدواتهم، مثل تخصيص وقت يومي لترتيب الحقيبة بإشراف الوالدين في المراحل الأولى، وتقديم عبارات تشجيع أو مكافآت بسيطة عند الالتزام، فضلًا عن إشراك الأبناء في عملية شراء المستلزمات ليشعروا بالانتماء والمسؤولية تجاهها.

مؤكدة أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا تربويًا متكاملًا بين المدرسة والأسرة، يقوم على التوجيه الإيجابي لا العقاب، حتى يكتسب الطالب سلوكًا مستدامًا في المحافظة على ممتلكاته الشخصية وممتلكات مدرسته.

ومن جانب أولياء الأمور عبّر علي البوسعيدي عن قلقه من صعوبة محافظة طلبة المراحل الابتدائية على مستلزماتهم الدراسية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الأطفال ينسون أدواتهم داخل الصفوف الدراسية أو أثناء التنقل بين الحصص. وقال: "ليس كل الأطفال قادرين على الحفاظ على أدواتهم، وكثيرًا ما نرى أبناءنا ينسون بعض المستلزمات في قاعة الصف".

وأضاف البوسعيدي إن هناك ظواهر أخرى مقلقة مثل حالات فقدان أو سرقة بعض الأدوات خلال فترة الفسحة، موضحًا أن الأسباب قد تختلف، لكن النتيجة واحدة وهي إرباك الطالب وفقدانه لأدوات ضرورية لعملية التعلم. وأكد على أهمية دور المعلمات في توجيه الطلبة وتنبيههم باستمرار إلى ضرورة الحفاظ على أدواتهم وممتلكاتهم، مشددًا على أن التعاون بين الأسرة والمدرسة يمثل العنصر الأهم في ترسيخ هذه الثقافة السلوكية.

أما أم محمد وهي أم لخمسة أطفال فتقول: إن الأطفال غالبًا ما يكونون شاردي الذهن وغير مبالين بأغراضهم المدرسية، ولا يدركون فقدانها إلا عند عودتهم إلى المنزل. وأوضحت أن ازدحام الصفوف الدراسية بأكثر من 30 طالبًا يجعل من مهمة الحفاظ على الأدوات تحديًا يوميًا لكل من الطالب والمعلم.

واقترحت أم محمد بعض الحلول العملية مثل وضع ملصقات تعريفية على المستلزمات لتسهيل التعرف عليها وتشجيع الأبناء على التحقق من أدواتهم قبل مغادرة الصف في نهاية اليوم الدراسي. كما شددت على أهمية تحفيز الأطفال على تحمّل المسؤولية تجاه أغراضهم، مؤكدة أن ذلك لا يسهم فقط في الحفاظ على المستلزمات، بل يعزز في الوقت نفسه روح الاستقلالية والانضباط الذاتي لديهم.

بينما تروي سعاد الكلبانية تجربتها اليومية مع ابنها في المراحل الابتدائية واصفةً إياها بأنها أشبه بمشهد يتكرر كل صباح. حيث تقول: «ألتقط مقلمة ابني وأسأله: ماذا فقدت منها اليوم؟ لأكتشف أن أكثر من نصف محتوياتها مفقودة». وتضيف بأسى: «يكاد هذا السيناريو يصبح عادة يومية، فنضطر إلى شراء مستلزمات جديدة بشكل مستمر، إما بسبب نسيانها في المدرسة أو أخذها من قبل زملائه عن غير قصد».

وترى الكلبانية أن فقدان المستلزمات أصبح جزءًا من السلوك اليومي للطلبة في المراحل الأولى رغم حرص الأسرة على التنبيه الدائم. وتقول: «نحاول باستمرار تذكيره بأهمية الحفاظ على أغراضه، لكن دون جدوى»، وتقترح حلًا عمليًا يتمثل في تخصيص ركن للمفقودات في المدارس، بحيث تُجمع فيه الأدوات التي يُعثر عليها، مع تسجيلها ووضعها في مكان بارز يسهّل على الطلبة استرجاع ممتلكاتهم المفقودة.

أما ريا الحضرمية وهي أم لثلاثة أطفال فتعرض تجربتها مع فقدان المقتنيات المدرسية قائلة: «أبنائي أيضًا يفقدون أغراضهم بشكل متكرر، أحيانًا تضيع، وأحيانًا تُؤخذ منهم بقصد أو دون قصد، ما يجعلنا نشتري مستلزمات جديدة أسبوعيًا، وهو عبء مالي مرهق للأسرة».

وتؤكد الحضرمية أن الظاهرة أصبحت مؤرقة للأسر وتتطلب حلولًا واقعية، مشيرة إلى أن قلة وعي الطلبة بأهمية ممتلكاتهم الشخصية هي أحد الأسباب الرئيسة. وتضيف: «ينبغي للمدارس تنظيم حلقات توعوية للطلبة حول كيفية الحفاظ على أدواتهم الدراسية، بالتوازي مع دور الأسرة في المتابعة اليومية وتذكير الأبناء بترتيب حقائبهم قبل الذهاب إلى المدرسة».

ويُضيف سالم المعمري ولي أمر أحد الطلبة معبّرًا عن وجهة نظره بأن فقدان المستلزمات المدرسية يُعدّ "مشكلة أزلية" تواجه الطلبة منذ عقود، وتحتاج إلى معالجة تربوية جادة. ويقول: "هذه القضية تتكرر كل عام، ولا يمكن تجاهل آثارها؛ إذ إنها ترهق الأسر ماديًا وتؤثر نفسيًا في الأبناء".

ويؤكد المعمري على أهمية تعزيز الوعي الذاتي لدى الطلبة من خلال تدريبهم على التنظيم والانتباه لمقتنياتهم، مضيفًا: "يجب أن يتعلم الطالب التخطيط المسبق والتحضير اليومي لحقيبته المدرسية، ويمكن للذين يعانون من النسيان استخدام دفتر ملاحظات لتدوين احتياجاتهم اليومية، والرجوع إليه باستمرار لتجنب الفقدان المتكرر".

كما يرى أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة في ترسيخ ثقافة النظام والمسؤولية لدى الأطفال؛ لتصبح المحافظة على الأدوات والمستلزمات جزءًا من سلوكهم اليومي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المستلزمات المدرسیة أولیاء الأمور المحافظة على على أهمیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل يجب على الأبناء الإنفاق على الوالدين؟.. الإفتاء: بـ3 شروط

لعله ينبغي معرفة هل يجب على الأبناء الانفاق على الوالدين ؟، خاصة مع كثرة النصوص والوصايا بالوالدين في الكتاب والسُنة ، وهو ما يولي لمعرفة هل يجب على الابناء الانفاق على الوالدين ؟، أهمية كبيرة ، حيث لا يمكن المساس بحقوقهما، أو التقصير في واجباتنا كأبناء تجاههم، من هنا ينبغي الانتباه بشدة لكل ما يتعلق بهما من باب الواجب وبدعوى الحب والامتنان لجميل رعايتهم لنا في الصغر، من هنا ينبغي معرفة هل يجب على الابناء الانفاق على الوالدين ؟.

هل يجب بر الأب الظالم للأم؟.. الإفتاء توصي الأبناء بـ5 أمور لمنع مفسدة أعظمعقوق الأب والأم من كبائر الذنوب.. الإفتاء: اتقوه بـ5 حقوق للوالدينهل يجب على الأبناء الانفاق على الوالدين

قالت دار الإفتاء المصرية، إن من مظاهر توطيد الإسلام لعلاقة الاحترام والتوقير والتعاطف في الأسرة أو في المجتمع ككل وجوب النفقة على الأب الكبير الفقير العاجز عن الكسب على ولده -أو ابنته-.

وأضافت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال : هل يجب على الابناء الانفاق على الوالدين ؟: مثل أن يكون مريضًا مرضًا مزمنًا أو كبير سن لا يقدر على الكسب، منوهة بأنه كذلك وجوب النفقة على الابن تجاه أحد والديه -أو كلاهما- إذا كان في نفس الحال.

وورد أن نفقة الأولاد الموسرين على أبيهم وأمهم الفقيرين فإنها واجبة بإجماع أهل العلم، أما إذا كان الوالدان موسرين فإنه لا يجب على ولدهما أن يبذل لهما شيئا من المال إلا ما كان على سبيل الندب والاستحباب تطييبًا لخاطرهما خصوصا إذا علم تعلق قلوبهما بشيء من هذا.

حكم نفقة الابن على الأم

وأوضحت أنه في "البحر" ما نصه: [وفي "الخانية": ولا يجب على الابن الفقير نفقة والده الفقير حكمًا إذا كان الوالد يقدر على العمل، وإن كان الوالد لا يقدر على عمل، أو كان زَمِنًا، وللابن عيال، كان على الابن أن يضم الأب إلى عياله، وينفق على الكل] اهـ.

وأشارت إلى أنه كتب عليه محشِّيه العلامة ابن عابدين: [قوله: (كان على الابن أن يضم الأب إلى عياله...) إلى آخره، ظاهره أنه يطعمه مع عياله، وكثيرًا ما يسأل عمَّا إذا كانت الأم تريد أن تأخذ من ابنها النفقة، وتنفق هي على نفسها؛ لأنها إذا كانت في بيته تؤذيها زوجته وتشتمها. فهل تجاب إلى ذلك؟ ظاهره لا، لكن هذا إذا كان الابن فقيرًا، أما الموسر فالظاهر أنه يلزمه الدفع إلى أبيه أو أمه؛ لأن ذلك حقهما، فلهما قبضه منه، وسيذكر المؤلف ما يؤيده قبيل قوله: (وصح بيع عرض ابنه)] اهـ مع بعض تحرير.

وبينت ما ذكره المؤلف نصه: [قال في "الذخيرة": وإذا طلب الابن الكبير العاجز، أو الأنثى أن يفرض له القاضي النفقة على الأب، أجابه القاضي، ويدفع ما فرض لهم إليهم؛ لأن ذلك حقهم، ولهم ولاية الاستيفاء. فعلى هذا لو قال الأب للولد الكبير: أنا أطعمك، ولا أدفع إليك شيئًا، لا يلتفت إليه، وكذا الحكم في نفقة كل محرم] اهـ.

وتابعت: ومن ذلك يعلم أن الولد إن كان فقيرًا كسوبًا، كان عليه أن يضم والدته المذكورة إلى عياله؛ لتأكل مما يأكلون، وتشرب مما يشربون، وتكتسي مما يكتسون، وأما إن كان موسرًا، والأم يحصل لها أذًى من معاشرة زوجته وعائلتها، فلها أن تطلب من القاضي أن يفرض لها النفقة الشرعية على ابنها الموسر المذكور ليدفعها لها، ولها ولاية استيفاء ما يفرضه القاضي لها بالطريق الشرعي.

طباعة شارك هل يجب على الأبناء الانفاق على الوالدين هل يجب الانفاق على الوالدين هل يجب على الأبناء الانفاق يجب على الأبناء الانفاق على الوالدين يجب الانفاق على الوالدين الانفاق على الوالدين على الأبناء الانفاق على الوالدين حكم نفقة الابن على الأم نفقة الابن على الأم

مقالات مشابهة

  • إعلان الفائزين في انتخابات اتحاد الطلبة بأزهر الإسماعيلية
  • هل يجب على الأبناء الإنفاق على الوالدين؟.. الإفتاء: بـ3 شروط
  • أجواء تربوية محفزة.. وكيل تعليم كفر الشيخ يشيد بـ إبشان الثانوية بنين | صور
  • «أمهات مصر»: تباين آراء أولياء الأمور حول الدراسة وتقييمات طلاب الصف الأول الثانوي
  • بعد هلع أولياء الأمور.. الطب الشرعي يبرئ حضانة من التعدي على طفلة بقنا
  • عدوان الأطفال
  • عبر قناة عين.. ‏جداول الحصص الدراسية للأسبوع التاسع من الفصل الدراسي الأول
  • علي جمعة: الحيرةَ التي تعيشها أمةُ الإسلام جاءت بالتجرؤ على أولياء الله
  • تربويون ومعلمون: المتغيرات العصرية تفرض ضرورة تطوير المناهج الدراسية والمواءمة مع متطلبات سوق العمل