الاحتلال أمام أزمات عديدة مع اقتراب الأعياد.. غلاء فاحش وجيش مأزوم
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
تناولت صحيفة عبرية، التقديرات الأمنية الإسرائيلية المتعلقة بالتحديات خلال الفترة القريبة المقبلة، وهي فترة الأعياد اليهودية التي غالبا ما يرافقها تصعيد أمني خاصة في المناطق الفلسطينية، يضاف إليها هذا العام التوتر مع حزب الله وتصاعد أزمة قوات الاحتياط وتراجع الدافعية للقاتل في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت صحيفة "معاريف" العبرية في تقرير أعده تل ليف-رام، ان "الأعياد اليهودية على الأبواب، وفي الجيش الإسرائيلي يستعدون لفترة محملة بتحديات أمنية وداخلية على حد سواء؛ مع الساحة اللبنانية، تصاعدت التهديدات المتبادلة بين تل أبيب وحزب الله، وظاهرا تصاعد التوتر على طول الحدود الشمالية، لكن بالحذر الواجب".
مستوى التهديدات يرتفع
وأشارت إلى أن "تصريحات وزير الأمن يواف غالانت والسفير جلعاد أردان في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، والإحساس وكأنهما يلمحان لمواجهة تقترب مع حزب الله، يجب أن تؤخذ بالحسبان، أيضا كرسالة سعيا لنقلها إلى المسؤولين في الأمم المتحدة قبيل تجديد تفويض قوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان، وذلك كجزء من ممارسة الضغط على أجهزة الأمم المتحدة للعمل بتصميم أكثر حيال حزب الله".
وقدرت أن إقدام تل أبيب على تصفية أي قيادي فلسطيني على أرض لبنان (نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" صالح العاروري)، من شأنه أن "يؤدي إلى تصعيد امني بل وربما لحرب في الشمال"، منوهة أنه "رغم ارتفاع الدرجة في تصريحات التهديد، في جهاز الأمن يعتقدون أن إسرائيل وحزب الله لا يوجدان في وضع عشية حرب".
وفي سياق متصل، أكدت "معاريف"، أن "الساحة الفلسطينية هي الأكثر تفجرا؛ في جهاز الأمن يشخصون دوما فترة الأعياد كفترة ذات حساسية أمنية عالية، وهذه السنة أوضح على نحو خاص، وذلك حين يشهد مسلسل العمليات والأحداث الأمنية في الأسبوع الأخير على أبخرة الوقود التي في الهواء".
وبحسب الصحيفة، تشير تقديرات جهاز أمن الاحتلال إلى أن "حماس ستصعد في الفترة القادمة جهودها (عمليات ضد جيش الاحتلال) لضعضعة الوضع الأمني في الضفة الغربية وداخل إسرائيل أيضا، حيث أن ربط الساحات هو هدف مركزي في فكر حماس منذ معركة "سيف القدس" (يطلق عليها الاحتلال عملية "حارس الأسوار").
ولفتت إلى أن "حماس وبعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، تسمح الحركة الفلسطينية بمظاهرات ومواجهات قرب الجدار الفاصل، كما أن مستوى التهديدات يتصاعد من جانب قيادة حماس ومن غير المستبعد أنه في مرحلة معينة، ستستأنف نار الصواريخ من القطاع (المحاصر)".
ونبهت أن "تداخل التصعيد المتواصل في الضفة الغربية، إلى جانب استئناف المظاهرات (مسيرات العودة) على الجدار مع القطاع، هما تذكير بالمستقبل من خلال تجربة الماضي؛ بأن الوضع الأمني يتدهور في الضفة سيؤدي في نهاية الأمر الى حملة (عدوان) كبيرة في قطاع غزة".
وتابعت: "لا يدور الحديث عن مسيرة تجري ليوم واحد، وهذا كفيل بأن يحصل بالتدريج، لكن استئناف المواجهات على الجدار، بالتوازي مع المعضلة الإسرائيلية فيما إذا كان ينبغي جباية ثمن من حماس في غزة بسبب التوجيه والتمويل للعمليات في الضفة وبالداخل الإسرائيلي، ستشدد التوتر في هذه الساحة في الفترة القريبة القادمة".
إعادة بناء الجيش
ونبهت "معاريف"، أن "ما يقلق الجيش الإسرائيلي أكثر من التوتر في الساحات الأمنية، هو بالأساس آثار الأزمة العميقة في المجتمع الإسرائيلي على أهلية ووحدة الجيش، ويعد أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، فترة دراماتيكية من هذه الناحية، علما أن الوضع في الشهر الأخير لم تحدث تطورات جديدة مع رجال الاحتياط، والذين أعلنوا امتناعهم عن أداء الخدمة العسكرية احتجاجا على خطة التغييرات القانونية التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو، لم يرجعوا إلى الخدمة".
وتابعت: "المعنى الفوري هو أساسا في سلاح الجو، حيث أكثر من 20 في المئة من عموم طياري الاحتياط ونحو 25 في المئة من الطيارين القتاليين، لا يتدربون منذ شهرين"، منوهة أنه "من الصعب في هذه اللحظة ملاحظة حالة من التفاؤل لدى هيئة الأركان في هذه المسألة".
وأكدت أن "تصعيد الاحتجاج (ضد الحكومة) سيؤدي مباشرة لتفاقم الأزمة داخل الجيش ويلحق الضرر بأهليته للحرب في الأشهر القادمة، وأساسا بسبب الأزمة العميقة في سلاح الجو، وأيضا الاعتزالات الأخرى لضباط الاحتياط في منظومات إضافية"، منوها أن هيئة أركان الجيش قلقة لتأثير هذه الأزمة وقوانين التجنيد على الجيش أيضا في المدى البعيد".
وبينت الصحيفة، أنه "من الصعب تجاهل الإحساس بأن مزيدا من العائلات الإسرائيلية ممن خدموا هم أنفسهم في الخدمة العسكرية، يطرحون علامات استفهام على الخدمة القتالية لأبنائهم، وفي مسألة أخرى تتعلق برفض التجنيد للجيش من جهة مرشحين للخدمة، وفي الجيش يقلقهم أساسا ميل المس بالدافع للخدمة القتالية".
وقالت: "في تقدير أكثر تشاؤما وواقعية، يتمثل باحتدام الأزمة في المجتمع الإسرائيلي، يحذر الجيش من بأن الآثار والمضاعفات ستكون ملموسة مباشرة بالجيش، مثل استيقاظ الاحتجاج الذي سيقع في مراكز احتكاك كثيرة في شهر الحالي، كما أن الشهر القريب يلوح كمركب وقاس جدا للجيش في تحديات الأهلية ووحدة الصفوف، ووزير الأمن غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي، سيواصلان عكس خطورة الوضع لرئيس الوزراء نتنياهو".
موجة الغلاء
في سياق متصل، أكدت صحيفة هآرتس، أن إسرائيل التي تعصف بها أزمات داخلية متعددة أثرت على اقتصادها، وهي تعيش موجة غلاء في المعيشة هي الأعلى بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" التي تأسست عام 1961.
وأوضحت "هآرتس/ ذي ماركر" في تقرير أعده سامي بيرتس، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أثناء الاحتفال مؤخرا بتدشين القطار الخفيف في تل أبيب، "أعلن بشكل انفعالي، أن "إسرائيل تسبق معظم دول العالم"، وأبقى عدد غير قليل من الأفواه فاغرة، لأنه من الصعب عليها فهم كيف أن تأخير ما بين 3-24 عاما على تشغيل القطار الخفيف يحول إسرائيل إلى دولة رائدة".
وبشكل ساخر من مزاعم نتنياهو، أضافت: "بحسب منظمة الـ"OECD"، المجال الذي فيه إسرائيل رائدة، نتنياهو لا يسارع إلى نسبته لإسرائيل؛ وبحسب المنظمة، إسرائيل صعدت في 2022 إلى المكان الأول في غلاء المعيشة في أوساط دول تلك المنظمة، وهذه في الحقيقة السنة التي حكمت فيها حكومة بينيت-لابيد، لكن هذا الرقم يعكس منحى استمر لسنوات كثيرة".
وأفاد تقرير المنظمة، أن "مستوى الأسعار في إسرائيل أعلى بـ38 في المئة مقابل المتوسط في دول الـ"OECD"، وبالمقارنة مع الأماكن التي تحظى بالشعبية لدى السياح الإسرائيليين، مثل تركيا، اليونان والبرتغال، الفجوة أكبر وتصل إلى 60 في المئة فما فوق، وهذه الفجوة في الأسعار تشرح لماذا بين كانون الأول/ديسمبر 2022 تموز/يوليو الماضي سافر 5.75 مليون إسرائيلي إلى الخارج، في المقابل جاء الى إسرائيل 2.24 مليون سائح فقط".
ونوهت الصحيفة، أن "القفزة في غلاء المعيشة في إسرائيل، بدأت تقريبا في 2009؛ في حينه كان مستوى الأسعار في إسرائيل يشبه المتوسط في دول الـ"OECD"، وفي تلك السنة انتخب نتنياهو رئيسا للحكومة للولاية الثانية، بعد الولاية الأولى في التسعينيات".
وأشارت إلى أن "ارتفاع الأسعار يتعلق بعوامل كثيرة منها المركزية المرتفعة في الاقتصاد، في فروع مثل الغذاء، الزراعة، الخدمات الحكومية وفي سلسلة من الفروع المشتقة مثل الفنادق والمطاعم، أيضا البضائع المستوردة غالية، وهناك عامل آخر هو ضعف سعر الشيكل في السنوات الأخيرة".
وذكرت أن "القفزة في غلاء المعيشة تم الشعور بها في 2011، عندها اندلع الاحتجاج الاجتماعي الذي أدى لتشكيل لجنة "تراختنبرغ"، التي أوصت بخطوات لخفض غلاء المعيشة، وجزء من هذه التوصيات تم تطبيقه، مثلا في فرع البنوك وفي فرع الغذاء وفي مجال الضرائب والجمارك تم اتخاذ عدة خطوات، وبالمجمل؛ أي خطوة لم تؤد إلى إحداث تغيير مهم، وواصلت إسرائيل الصعود في تصنيف الدول الغالية".
وأضافت: "الإسرائيليون اضطروا لمواجهة غلاء المعيشة العالي في السنة والنصف الأخيرة وأيضا ضربة أخرى على شكل قفزة حادة في تسديد أقساط قروض السكن، بعد رفع الفائدة من قبل "بنك إسرائيل"، والطبقة الضعيفة هي المتضررة الاساسية، وهي الطبقة التي تنفق معظم دخلها على الاستهلاك الشخصي".
وبحسب تقرير مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2022، "إسرائيل غالية بشكل خاص في المنتجات الأكثر أساسية مثل؛ الألبان والأجبان والبيض؛ هي أغلى هنا بـ 70 في المئة مقابل المتوسط في دول الـ"OECD"، الخبز والحبوب أغلى بـ54 في المئة؛ المشروبات الخفيفة أغلى بـ49 في المئة؛ اللحوم أغلى بـ 43 في المئة وخدمات الصحة أغلى بنسبة 31 في المئة"، منوهة أن هناك "ارتفاع حاد في أجرة الشقق السكانية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الفلسطينية الاحتلال نتنياهو فلسطين نتنياهو الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غلاء المعیشة فی الضفة فی المئة إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد نهاية المواجهات بين إسرائيل وإيران.. "حماس" إلى أين؟
د. أحمد يوسف **
مع تراجع التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، تعود الأنظار مجددًا إلى قطاع غزة، والسؤال الأبرز الآن: ما مصير حركة حماس؟ وإلى أين تتجه خياراتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية؟ فبعد سنوات من السيطرة على القطاع، وتصدّر مشهد المقاومة المسلحة، تقف الحركة أمام منعطف تاريخي قد يفرض عليها مراجعة كبرى لمسارها السياسي والعسكري.
أولًا: خيارات حماس بشأن حكم غزة
منذ عام 2007، تفرض حماس سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، لكن التحديات المتراكمة من حصار خانق، وحروب مدمرة، وضغوط داخلية وإقليمية، تجعل من استمرار هذا الوضع أمرًا مكلفًا.
فهل تختار الحركة الحفاظ على سيطرتها المنفردة، أم تتجه نحو شراكة وطنية تُعيد الاعتبار للمرجعية الفلسطينية الموحدة؟
ثانيًا: المقاومة والميل نحو السياسة
بعد سنوات من العمل العسكري، تظهر دعوات داخلية وخارجية تطالب حماس بتحول تدريجي نحو العمل السياسي، ضمن مشروع وطني جامع. خيار المقاومة لم يُلغَ، لكنه لم يعد وحده كافيًا في ظل متطلبات إدارة الحكم، وإعادة إعمار القطاع، والبحث عن اعتراف سياسي إقليمي ودولي. وقد يكون الوقت قد حان لأن تعيد الحركة صياغة خطابها لتوازن بين المقاومة والبراغماتية السياسية.
ثالثًا: الانسحاب الإسرائيلي.. جزئي أم شامل؟
في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، تظهر سيناريوهات تتحدث عن انسحاب جزئي أو كامل من غزة، ليس على طريقة "فك الارتباط" فقط، بل ضمن اتفاق سياسي يضمن التهدئة طويلة الأمد. وهنا يبرز دور حماس في رسم شكل المرحلة التالية: هل ستدخل في تفاهمات هدنة أم في ترتيبات حكم جديدة؟
رابعًا: إشراف عربي ودولي ومشاريع إعادة الإعمار
مع تصاعد الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، تطرح أطراف إقليمية ودولية فكرة إشراف عربي-دولي على القطاع، لإعادة الإعمار وتوفير ضمانات الاستقرار، وهو ما قد يفتح الباب أمام نموذج جديد في إدارة القطاع، شبيه بتجارب دول ما بعد النزاع. غير أن نجاح هذه الفكرة مرهون بوجود طرف فلسطيني مُوحّد يحظى بشرعية وطنية وشعبية.
خامسًا: حكومة تكنوقراط انتقالية ومرجعية وطنية موحّدة
من السيناريوهات المطروحة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية، تتولى إدارة الشأن العام في غزة، بإجماع وطني، وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية شرعية ووطنية. هذه الخطوة قد تفتح الباب لمرحلة جديدة من التفاهم الداخلي، وتساهم في تخفيف الحصار وتسهيل جهود الإعمار.
سادسًا: نحو شراكة وطنية عادلة
تدرك كافة القوى الفلسطينية أن الانقسام أضعف المشروع الوطني وأضر بالقضية الفلسطينية. لذلك، فإن أفضل شكل للشراكة الوطنية يجب أن يُبنى على قواسم استراتيجية، وليس مجرد تفاهمات إجرائية. المطلوب هو مشروع وطني مشترك يعيد بناء منظمة التحرير، ويضمن تمثيل الجميع ضمن رؤية موحدة.
سابعًا: خطاب سياسي جديد تحت عباءة منظمة التحرير
لكي تكون لحماس ولغيرها من الفصائل دور فاعل في النظام السياسي الفلسطيني، لا بد من خطاب سياسي موحد، يتكئ على الشرعية التاريخية والدولية التي تمثلها منظمة التحرير. وهو خطاب يُراعي ثوابت القضية، لكنه في ذات الوقت مقبول عربيًا ويحظى بدعم دولي، ويُشكّل مظلة للعمل السياسي والمقاومة الشعبية والدبلوماسية.
ختامًا.. حماس أمام مفترق طرق، وأيًّا كانت الخيارات، فإن اللحظة الراهنة تفرض مراجعة شاملة، ما بعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ليس كما قبلها، والمنطقة تدخل مرحلة إعادة تشكيل قواعد اللعبة، وعلى حماس أن تختار: إما العزلة أو الشراكة، إما الاستمرار في إدارة أزمات القطاع، أو المساهمة في صناعة مستقبل وطني جامع.
والفرصة لا تزال قائمة، ولكنها لن تنتظر طويلًا!
** المستشار السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية