أكدت دار الإفتاء المصرية أن الرشوة محرمة في الإسلام تحريمًا قطعيًا، وهي من الكبائر المعلومة من الدين بالضرورة، لما فيها من فساد للذمم وإضاعة للحقوق، موضحة أن حرمتها تشمل جميع صورها ومراتبها إذا اكتملت شروط التحريم وتحققت أركان الجريمة.

واستدلت الدار بقول الله تعالى:﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]

كما استشهدت بحديث النبي ﷺ:«لعن الله الراشي والمرتشي»رواه الإمام أحمد، وفي رواية أخرى: «والرائش» أي الوسيط أو الساعي بينهما، مما يدل على أن اللعنة تشمل كل من شارك في إتمام هذا الفعل المحرم.

 

الإسلام يرفض الفساد ويأمر بالعدل والنزاهة


أوضحت دار الإفتاء أن الرشوة ليست مجرد معاملة مالية غير مشروعة، بل هي انحراف أخلاقي خطير يفسد العلاقات بين الناس ويهدم الثقة في المؤسسات، ويعطل مصالح المجتمع، ويظلم أصحاب الحقوق.

وأضافت أن من يدفع أو يقبض أو يتوسط في الرشوة يشارك في الإثم ذاته، لأن جميعهم متعاونون على الباطل، مستشهدة بقوله تعالى:﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]

 

السعي في قضاء مصالح الناس عمل محمود لا علاقة له بالرشوة


في المقابل، شددت دار الإفتاء على ضرورة التمييز بين الرشوة المحرمة وقضاء مصالح الناس بالحلال، موضحة أن السعي في إنصاف المظلوم أو إيصال الحقوق إلى أصحابها عملٌ صالحٌ يُثاب عليه صاحبه، بشرط أن يكون خاليًا من المقابل المادي المحرم أو استغلال النفوذ.

واستشهدت بقول النبي ﷺ:«الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»رواه مسلم.

وأكدت أن من يسعى لإصلاح بين الناس أو لتيسير أمورهم بوجهٍ مشروعٍ فهو مأجور عند الله، أما من يتخذ هذا السعي وسيلة للكسب غير المشروع أو لاستغلال النفوذ فهو داخل في دائرة الرشوة المحرمة.


اختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن الإسلام دين العدل والنزاهة والشفافية، وأن الرشوة مهما صغر قدرها تفتح أبواب الفساد وتغلق أبواب الرحمة، داعية المسلمين إلى التمسك بالحق، وردع النفس عن الحرام، ومساعدة الآخرين بنية خالصة لوجه الله تعالى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرشوة الإفتاء دار الإفتاء الإسلام الفساد دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الحياة دار الابتلاء وتداول للأيام بين الناس

الابتلاء.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الحياة ليست مبنية على الترف مع الإيمان أو الضيق مع الكفر، بل هي دار الابتلاء وتداول للأيام بين الناس.

الابتلاء في الشرع الشريف:

وأوضح جمعة أن النصر والهزيمة، الغنى والفقر، الضيق والسعة كلها خاضعة لحكمة الله في تدبير الكون.

وجاء في قوله تعالى: {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}، والقرح يعني الجرح أو الألم العميق، سواء ظاهرًا أو باطنيًا.

سُنة الابتلاء:

وأضاف أن الابتلاء سنة مشتركة بين المؤمنين وغيرهم، فكما تألم المؤمنون في أحد، كذلك تألم الكفار في بدر، فالألم سُنّة في التدافع بين الناس.

وقال تعالى {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} وتفسير الآية أنها سنة كونية عظيمة تشير إلى تعاقب النصر والهزيمة، والعلو والانخفاض، واليسر والعسر.

كما أنه لا دوام لقوة ولا لضعف، فالأيام تدور وفق حكمة الله وعدله، ويمكن لهذه الآية أن تُبنى عليها علوم اجتماعية وتاريخية ونفسية لأنها تختصر فلسفة الحياة في كلمات قليلة.
-{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي لتمييز الصادقين في إيمانهم وقت الشدائد.

وقوله تعالى {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} أي ليصطفي الله من عباده من يموت في سبيله أو يشهد على عصره بالحق.

حكم الابتلاء
وقوله تعالى أيضًا {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} تؤكد أن الابتلاء لا يُخرج عن عدل الله، وأن الظلم سبب زوال النعم، مشيرًا إلى أن النصر الحقيقي ليس في الغلبة المادية فقط، بل في تحقيق العدل والإيمان والثبات.

دعاء الابتلاء:

«اللهم اصرف عني السوء بما شئت وأنى شئت وكيف شئت»

«اللهم إن همومنا قد كثرت، وليس لها إلا أنت، فاكشفها، يا مفرج الهموم، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، اللهم اكفني ما أهمني، اللهم إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فارزقني وأسألك خير الأمور كلها وخواتم الخير وجوامعه».

«اللهم اكفني ما أهمني، وما لا أهتم له، اللهم زودني بالتقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني للخير أينما توجهت، اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى، اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني سواء من أمر دنياي وآخرتي فرجًا ومخرجًا، وارزقني من حيث لا أحتسب، واغفر لي ذنوبي.

الابتلاء والصبر:

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدّين، وغلبة الرّجال.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرْكِ الشَقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيِعِ سَخَطِكَ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ أن تَجعَلَ خَيْرَ عَمَلي آخِرَهُ، وَخَيرَ أيامي يَومًا ألقاكَ فيه، إنَّك عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير. اللَّهُمَّ مَن عاداني فَعادِه، وَمَن كادَني فَكِدهُ، وَمَن بَغَى عَلَيَّ بِهَلَكَةٍ فَأهلِكهُ، وَمَن أرادَنِي بِسوءٍ فَخُذهُ، وأطفِأ عَنِّي نارَ مَن أشَبَّ لِيَ نَارَهُ، وَاكفِنِي هَمَّ مَن أدخَلَ عَلَيَّ هَمَّه، وَأدخِلني في دِرعِك الحَصينَة، وَاستُرني بِسِترِكَ الواقي.

الابتلاء:
اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين أنت ربي ورب المستضعفين. إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمرى، إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي.أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليها أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل على سخطك ولك العتبى حتى ترضى.

اللهم يا مجلي العظائم من الأمور ويا كاشف صعاب الهموم، ويا مفرج الكرب العظيم ويامن اذا أراد شيئا فحسبه أن يقول كن فيكون.أنت ثقتي في كل كربة وأنت رجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ، ويخذل عنه القريب والبعيد ، ويشمت به العدو ، ويعين فيه الأمور ، أنزلته بك وشكوته إليك ، راغبًا فيه عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ومنتهى كل رغبة فلك الحمد كثيرًا ولك المن فاضلًا.

دعاء الابتلاء والصبر:
اللهم إنّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، فقد أخبر النّبي صلّى الله عليه وسلّم، أنّ هذا الدّعاء ما قاله أحد إلا أذهب الله همّه، وأبدله مكان حزنه فرحًا.

مقالات مشابهة

  • شوقي علام: من الخطأ إلزام الناس برأي واحد في المسائل الاجتهادية
  • هل يجوز إخراج الزكاة بالتقويم الميلادي؟.. دار الإفتاء توضح
  • عالم بالأوقاف يثبت بالدليل القرآني أن الإسلام بريء من التشدد والغلو
  • الإفتاء: الشرع الشريف حرَّم الرشوة بكل صورها
  • لبرق الحمى عهد علي وموثق.. فلسفة العهد في الشعر في صدر الإسلام وما بعده
  • الغاية من الجهاد وحكمة مشروعيته في الإسلام
  • غثاء كغثاء السيل
  • دار الإفتاء: الرشوة من أبشع صور أكل المال بالباطل
  • علي جمعة: الحياة دار الابتلاء وتداول للأيام بين الناس