أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الخلاف الفقهي في الإسلام نعمة لا نقمة، مشيرًا إلى أنه حتميّ الوقوع لحِكمةٍ أرادها الله تعالى في تشريعه، إذ إن اختلاف الأدلة وتعدد أوجه الدلالة في النصوص يجعل من المستحيل أن تُحسم كل المسائل بقولٍ واحدٍ قطعي.

وأوضح في تصريح له، أن هذا الخلاف يمثل سعة ورحمة بالأمة، وينبغي أن يُستثمر لصالح الإنسان لا أن يتحول إلى عبءٍ أو وسيلةٍ للتنازع والفرقة، مؤكدًا أن الله تعالى لو أراد حسم كل المسائل بنصوص قطعية لما وُجد مجال للاجتهاد، لكنَّه سبحانه فتح باب الاختلاف ليبقى مجال التفكير والإبداع مفتوحًا أمام العلماء في كل زمان ومكان.

وأشار الدكتور شوقي علام إلى أن من أخطر مظاهر سوء التعامل مع الخلاف الفقهي هو إصرار البعض على إلزام الناس برأيٍ واحدٍ في مسائل فرعية أو موسمية، كطريقة أداء الصلاة أو بعض الهيئات التعبدية، بل وصل الأمر ببعضهم إلى تكفير أو تبديع من يخالفه، وهو أمر خطير يخالف منهج العلماء الراسخين الذين قالوا: "قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب".

ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادي وبيان كيفية ذلك؟حكم تأخير صلاة الفريضة لعدم الاغتسال من الجنابة .. الموقف الشرعي

وأضاف أن العلماء، وعلى رأسهم الإمام السيوطي والإمام الغزالي، شددوا على أن الإنكار لا يجوز إلا في الأمور التي أُجمع على تحريمها، أما المختلف فيه بين العلماء فلا يجوز أن يُعتبر منكرًا، لأن هذا الاختلاف نفسه من مظاهر سعة الشريعة ورحمتها بالناس.

وبيَّن مفتي الديار السابق، أن من صور الاستفادة من هذا الخلاف أن تستفيد السلطة التشريعية منه في سنّ القوانين، بحيث تُقر ما هو ثابت قطعيّ الدلالة كتحريم القتل والسرقة والفساد، وتستفيد من مساحة الاجتهاد الفقهي في القضايا المتغيرة، فتختار من بين الأقوال الفقهية المعتمدة ما يحقق مصلحة المجتمع في زمانه وظروفه.

وأكد أن المشرع المصري أحسن صنعًا حين جعل في الدستور نصًّا على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، لأن دائرة المبادئ تعني القطعيات التي لا يجوز مخالفتها، بينما تبقى مساحة الاجتهاد مفتوحة أمام التطوير والتجديد، وهو ما يعكس حكمة الإسلام في الجمع بين الثبات والمرونة.
 

طباعة شارك شوقي علام الخطأ الناس المسائل الاجتهادية الإسلام

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شوقي علام الخطأ الناس الإسلام شوقی علام

إقرأ أيضاً:

الضجة الكبرى.. علام؟!

كأننا قد أدمنا المعارك الوهمية!.. نشعل معركة من لا شيء.. نخوض قتالًا على لا شيء.. نهدر قوتنا مقابل لا شيء.. نضيع وقتنا وعمرنا، والمحصلة لا شيء..

وها نحن ندق طبول معركة جديدة "لاشيئية"، ونشعل حربًا ونشحذ هممًا ونوقظ ألسنة وحناجر، ونستل سيوفًا وخناجر، ونحشو مدافع بدانات كلام فارغ، ونطلق صواريخ الشتم، ومناديب اللطم.. وهذه المرة ضد "أحمد الشرع"..

إيه الحكاية: الرئيس السوري تطاول على مصر!.. يا خبر اسود، تطاول على مصر ..كيف؟.. وقبل أن تسمع إجابة تنفجر مواسير الشتم: "أبو ضحكة لزجة".. "اللي بلده مستباحة".. "اللي بيركع أمام ترامب".. "اللي باع بلده لإسرائيل".. "المشكوك في شرعيته".. "الإرهابي السابق"" الجولاني نسي نفسه"..

تعود لتسأل: كيف تطاول هذا "الشرع" على مصر؟.. فلا تجد غير الشتم، وتهديدات من نوع "إوعي يا 'شرع' تجيب سيرة مصر".
وأصل الحكاية أن الرئيس السوري في زيارة إلى السعودية للمشاركة في مؤتمر عن مستقبل الاستثمار، وخلال المؤتمر تم استضافته في ندوة حوارية بحضور ولي العهد السعودي والعديد من رجال الدولة ، وأمام هذا الحشد راح "الشرع" يشكر السعودية، وإلى هنا ليس لمصر ولا للمصريين علاقة بالحكاية كلها.

ندخل في المهم: ما قاله الرجل عن مصر. قال "الشرع" بالحرف الواحد:

"سوريا اليوم ترتبط بعلاقات مثالية مع تركيا والمملكة العربية السعودية ودولة قطر والإمارات العربية المتحدة، وهذه في رأيي دول ناجحة، مع كامل الاحترام لبقية الدول. فمصر والعراق وغيرهما حققا بدورهما نجاحات، غير أن هذه الدول الأربع تعمل بجهد مضاعف وبوتيرة سريعة لمواكبة التطور العالمي، لا سيما في المجالين التقني والتكنولوجي".

هذا نص ما قاله.. فأين التطاول؟ لقد قال إن مصر والعراق حققا نجاحات، وقال أيضًا "مع كامل احترامي لهما" (أي لمصر والعراق)، فأين التطاول؟.. آه، ربما تقصد قوله: إن الدول الأربع (السعودية والإمارات وقطر وتركيا) تعمل بجهد مضاعف وبوتيرة سريعة لمواكبة التطور التكنولوجي".. بالله عليك، هل هذا تطاول يستحق كل هذه الضجة الكبرى؟!..

أولًا: هذا رأيه وهو حر فيه، فليرَ ما يشاء وليقل ما يشاء.. ثم أستحلف كل من يشعلون المعارك ضد "الشرع"، وأسأل كل واحد منهم: هل أنت راضٍ عن التقدم التقني والتكنولوجي في مصر؟.. هل هذا ما تتمناه أو ترضاه لبلدنا؟.. أتوقع أن الجميع يتمنى أن نكون أفضل ألف مرة مما نحن فيه، ليس فقط في التكنولوجيا، ولكن في كل شيء.. وتلك هي معركتنا الحقيقية.. معركتنا يا سادة: هي بناء مصر قوية فتية غنية لتعود سيدة الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم.. هذا هو الهدف الذي يجب أن نسعى إليه جميعًا، وأن نفكر فيه، وأن نخطط له، وأن نبذل من أجله كل طاقاتنا وجهدنا وتفكيرنا ووقتنا.

هذه هي معركتنا الحقيقية: "تحقيق نهضة مصر"، ولن يفيدنا غيرها، أما غير ذلك، فهي معارك تؤخر ولا تقدم..

ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي قال قبل نحو قرن من الزمان:
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ
وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
وَكانَت مِصرُ أَوَّلَ مَن أَصَبتُم
فَلَم تُحصِ الجِراحَ وَلا الكِلاما

مقالات مشابهة

  • المفتي السابق: الخلاف الفقهي نعمة ينبغي استثمارها لصالح المجتمع
  • دار الإفتاء: الرشوة محرمة شرعًا بكل صورها.. والساعي بين الراشي والمرتشي ملعون
  • علي جمعة يرد على منتقدي التصوف: لا نُدين التصوف بجهل أدعيائه
  • الضجة الكبرى.. علام؟!
  • شوبير يودّع قناة الأهلي بالدموع: انتهت الحكاية.. لكن محبة النادي باقية في القلب
  • غثاء كغثاء السيل
  • صناع فيلم «المنبر» في ضيافة «واحد من الناس» بهذا الموعد
  • الأمن: إلزام المقيمين على أراضي المملكة بتحديد مكان سكنهم
  • هل يجوز دفع أموال الزكاة في بناء مسجد؟.. الإفتاء توضح 8 فئات مستحقة