جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-30@00:31:04 GMT

غثاء كغثاء السيل

تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT

غثاء كغثاء السيل

 

 

سالم بن محمد بن أحمد العبري

لقد أيقنت بعد خبرات كثيرة أننا في حاجة إلى فقيه واحد ومئات الآلاف من العلماء والصُّناع المهرة في البيولوجيا والطب والهندسة والمعلمين والمدربين والمخترعين في سائر الأنشطة الدنيوية والحياتية.

وهذا فيض من خاطر به غصة؛ حيث أثبتت لنا أحداث الحياة المعاصرة وما يمر به العالم الإسلامي والعربي من أحداث جسام أننا لم نضع القول المأثور الذي رواه ثوبان مولى رسول الله(صلى الله عليه وسلم)عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت" موضع الوصية الواجبة النفاذ قولا وعملا.

فحين كنا في عزاء التقيت أحد معارفي وسألته عن غيابه الطويل؟ قال لي دائما على سفر، وحين أعود من أفريقيا نلتقي؛ لانشغالي ببناء مساجد ومدارس تلك البقاع المقفرة، تحبيبا وتأليفًا لقلوبهم تمهيدًا لإدخالهم إلى الإسلام!!

فقلت له: أليست بلادنا ومناطقنا وأوديتنا أولى بجهودكم وفي حاجة إلى ما تجمعونه من أموال. فلما لم يجد ردا يُحسن عليه إسكاتي به. قال ندخلهم الإسلام. وقد وجدت قناعة لا تتزحزح قيد أنملة لدى البعض منا، بل يحسبها من الأولويات وأنه بذلك يخدم الإسلام ويتقرب إلى الله، ببناء جامع فوق الحاجة وفوق ما يتطلبه ولا يؤمّه بعد تزيينه وزخرفته سوى صفين اثنين في سائر الصلوات، بل صار إنشاء المساجد تفاخرا ومباهاة، ولا يتأتى على أذهانهم أن تأسيس عيادة طبية قريبة من الناس في القرى الجبلية البعيدة أو إقامة مستشفى يقدم العلاج لقطاع عريض من الناس، بل إن توفير الأراضي والمباني والمعدات والأدوية وسائر لوازم الاستشفاء أقرب إلى الله ومن غريب المجادلة أنني طلبت من أخوين عزيزين أن يتبرعا لشق طريق جبلي في وادي بني عوف والذي توقف العمل به منذ شهر مايو عام 2007؛ بل صارت العناية به رفاهية لا ضرورة وهو سيخدم أكثر من 20 قرية وتجمعًا سكنيًا بعيدًا، وسيربطها بالجبل الأخضر كما تعهد معالى الأخ الشيخ سعود النبهاني.

لكنهم أصرّوا في جدالهم معي على أن إنشاء وتعبيد الطرق من اختصاص الدولة؛ فقلتُ لهم وأيضا نشاطكم الدعوي الخيري هو في صميم اختصاص الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية، وإن جمعكم الأموال والتبرعات العينية وغيرها يخالف صريح القانون فضلا عن دوركم في تصديرها خارج الوطن.

ألا يمكن أن تقيموا مركزا لتدريب آلاف المواطنين الباحثين عن عمل والمسرحين، ومساعدة الشباب على تأسيس أسرة جديدة. انزلوا الأسواق لتروا العمالة الوافدة كيف يتكّسبون فوق ما تظنون، وأعمالهم هذه يمكن أن يمارسها المواطن بعد فترة تدريب يسيرة كصيانة المعدات الزراعية والتمديدات الكهربائية وتوصيل أنابيب مياه الشرب للمنازل وإصلاح الهواتف وصيانة الحاسبات والأجهزة الإلكترونية.

أذكر أنه حدث في بيتنا ماس كهربائي، وأتوا بعامل وافد فأصلح جزءًا منه وحار في الجزء المتبقي فاستعنت بمواطن عُماني له خبرة في أكثر من شركة عُمانية؛ فأرشد العامل الوافد على الاحتمال الأكثر لحدوث الماس الكهربائي فأصلحه وتقاضى الوافد أجرا كبيرا ضعف ما قدّره المواطن العُماني.

وأذكر مواطنا عُمانيا آخر كان يعمل في إصلاح وصيانة المعدات الزراعية من المنزل ويتحصّل على دخل كبير، فلما أن أخذ محلا في المنطقة الصناعية سلّمه لعامل وافد وجلس في بيته يتقاضى مبلغا شهريا زهيدا في حين الوافد يقف على بابه مئات طلبات الصيانة ويتشرّط ويتأخر ويغالي في الأجرة. أليس يا أخوة بلدنا في حاجة لتأهيل آلاف الشباب على مثل هذه الأعمال، وأليس أن تدل أحدهم على عمل وتعلمه الصيد بدلا من أن تمنحه سمكة من أجل الأعمال وأفضلها قبولا عند الله. تطبيقا للهدي النبويّ في الحديث المروي عن: عن أبي عبدالله الزُّبيرِ بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يأخذ أحدُكم أَحْبُلَهُ ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكُفَّ الله بها وجهه، خيرٌ له من أن يسأل الناس، أَعطَوه أو منعوه" [رواه البخاري].

وحين احتدم النقاش قالوا لي ما نفعله من أعمال البر مع مواطني الدول الأخرى: "نستألف قلوبهم لندخلهم الإسلام"، وهل المسلمون بعددهم الملياري أم بتأثيرهم؟ لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال "ولكنكم غثاء كغثاء السيل".

إن كثيرا من الناس يدخلون الإسلام بقناعاتهم، لا بالسعي إليهم وإقناعهم في عصر الإنترنت والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي. انظروا إلى الحراك العالمي الذي يناصر غزة في محنتها وحصارها وإبادتها إنهم علماء من مسلمين ومسيحيين، ويهود وعلمانيين، وليس ممن استألفتم قلوبهم وتقولون سيصبحون مسلمين.

انتبهوا يا رفاق فإن الرأسمالية العالمية ومن ورائها الحركة الصهيونية تسعى لاستنزاف ثروات بلادكم، ويبنون بلادهم بأموالكم.. فهل من يقظة تحيي الأمة، فالمؤمن القوي خير واحب عند الله من المؤمن الضعيف.

وإلى اللقاء!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ثواب تكرار إلقاء السلام والتحية بين الناس

السلام والتحية.. قالت دار الإفتاء المصرية إن تكرار السلام والتحية بين الناس مأمورٌ بهما عند كل لُقْيَا، وإذا التقى الشخص بآخر بعد تَفَرُّقٍ قريب أو بعد ما شغلهم شاغل أو حالَ بينهم حائلٌ من جدارٍ أو غيره فيُسَنُّ إعادة إلقاء السلام مرةً أخرى، وهذا هو المرويُّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

ثواب تكرار إلقاء السلام والتحية:

وإلقاء السلام والتحية بين الناس مأمورٌ بهما عند كل لُقْيَا، إلى حد الأمر بمعاودة السلام بينهم كلما شغلهم شاغل أو حالَ بينهم حائلٌ من جدارٍ أو غيره، وهو المرويُّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام؛ قال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسلم عليه فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ»، ثم قال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» حتى فعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه.

السلام والتحية:

وعنه رضي الله عنه أنه قال: "إذا لقيَ أحدُكُم أخاه فليُسلم عليهِ، فإن حالت بينهما شجرةٌ أو جِدَارٌ أو حجرٌ، ثم لَقِيَهُ، فليُسَلِّم عليه" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود في "سننه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانُوا يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ، فَتَسْتَقْبِلُهُمُ الشَّجَرَةُ، فَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِهَا وَطَائِفَةٌ عَنْ شِمَالِهَا، فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، وابن السُّني في "عمل اليوم والليلة"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

إلقاء السلام والتحية

ووُرُودُ الأمر بعموم مشروعية السلام بين الناس عند كل لقاء دون تقييدها بوقت دون وقت يقتضي كونها سُنَّةً مشروعةً عند كل لقاء؛ قال العلامة الطحطاوي الحنفي في حاشيته على "مراقي الفلاح" (ص: 530، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا تُطلب المصافحة؛ فهي سنة عقب الصلاة كلها، وعند كل لُقِيٍّ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "الأذكار": (ص: 249، ط. دار الفكر): [إذا سَلَّم عليه إنسان ثم لقيه على قرب: يُسنّ له أن يُسلِّم عليه ثانيًا وثالثًا وأكثر؛ اتفق عليه صحابنا] اهـ.

وقال العلامة الحانوتي في "إجابة السائلين بفتوى المتأخرين" (ق: 6أ)، ونقله عنه العلامة الشرنبلالي الحنفي [ت: 1069هـ] في "سعادة أهل الإسلام بالمصافحة عقب الصلاة والسلام" (ص: 54، ط. دار الصالح): [نصت العلماء رضي الله عنهم على أن المصافحة.. مسنونة، من غير أن يقيِّدوها بوقت دون وقت؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ وَحَرَّكَ يَدَهُ؛ تَنَاثَرَتْ ذُنُوبُهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ الْوَرَقُ الْيَابِسُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمَا مِائَةُ رَحْمَةٍ؛ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِأَسْبَقِهِمَا، وَوَاحِدَةٌ لِصَاحِبِهِ»، وقال أيضًا صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ.. الحديث»، فالحديث الأول يقتضي مشروعية المصافحة مطلَقًا] اهـ.

مقالات مشابهة

  • حكم التسمي باسم "حكيم" في الشرع
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • ثواب تكرار إلقاء السلام والتحية بين الناس
  • لمن ضاق به الحال.. ردد دعاء النبي لفك الكرب وتفريج الهموم
  • علي جمعة: أمرنا رسول الله ﷺ أن نُوسِّع على العالمين أمور حياتهم
  • الأزهر: تربية الطفل بالمعايشة من حقوقه في الإسلام
  • الأزهر للفتوى: التربية بالمعايشة وتعهد الطفل بالتوجيهات من حقوقه في الإسلام
  • الأدعية عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام
  • هل تقبل الصلاة على النبي من الفاسق؟.. علي جمعة يجيب