كشف الدكتور إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن الحكمة العميقة وراء اختلاف صيغة التسبيح في الركوع والسجود، موضحًا الأسباب التي جعلت المسلم يقول في الركوع "سبحان ربي العظيم"، بينما يقول في السجود "سبحان ربي الأعلى"، مؤكدًا أن هذا الترتيب ليس عشوائيًا بل يحمل معاني دقيقة تتعلق بتعظيم الله والخضوع له في كل موضع من الصلاة.

وخلال لقاءتلفزيوني، أوضح الدكتور عبد السلام أن الذكر أو التسبيح أثناء الصلاة يُعد من السنن وليس من الأركان، أي أن تركه لا يُبطل الصلاة، لكنه يُفقد المصلي كمالها وجمالها الروحي، مشيرًا إلى أن النوافل والسنن تزيد المؤمن قربًا من الله وتمنحه طمأنينة القلب أثناء أدائه للصلاة.

وبيّن أمين الفتوى أن قول المصلي في الركوع "سبحان ربي العظيم" يرتبط بمعنى التعظيم الواضح في هذه الحركة، حيث يكون العبد في وضع الانحناء أمام خالقه، وهو وضع يدل على إجلال الله وتقديسه، وقد جاءت الإشارة إلى هذا الذكر في قوله تعالى: "فسبح باسم ربك العظيم"، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقال هذا التسبيح تحديدًا في الركوع لأنه الأنسب لمقام التعظيم والخشوع.

متى لا تُقبل صلاة الفجر؟ .. وما حكم تأخيرها وسنتها إلى الشروقأذكار النوم مكتوبة .. لا تتركها سنة نبوية تحفظك من كل سوءالإمام الأكبر يستقبل ملك بلجيكا في رحاب الأزهر الشريف ويناقشان سبل تعزيز حوار الأديانشيخ الأزهر لملك بلجيكا: وثيقة الأخوة الإنسانية هدفها انتشال الإنسان من الأزمات والتحديات

وتابع موضحًا أن التسبيح في السجود يختلف في معناه وموقعه، فالسجود هو أقرب موضع يكون فيه العبد إلى ربه، وفيه يضع جبهته على الأرض في أقصى درجات التذلل والانكسار، ولهذا جاءت صيغة التسبيح "سبحان ربي الأعلى"، لأن وضع الجبهة على الأرض يعبّر عن أقصى درجات الخضوع، بينما كلمة "الأعلى" تُظهر كمال العلو والسمو لله عز وجل، كما ورد في قوله تعالى: "سبح اسم ربك الأعلى".

وأضاف أمين الفتوى أن هذا التناسق بين حركة الجسد وألفاظ الذكر يُجسد عظمة الدين الإسلامي في تحقيق التوازن بين القول والعمل، وبين التعبير اللفظي والخضوع القلبي، ليعيش المسلم لحظات الصلاة بروحها ومعناها الكاملين، فلا تكون مجرد حركات متتابعة، بل عبادة تجمع بين الجسد والروح في طاعة الله تعالى.

وختم أمين الفتوى مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم أمته هذه الصيغ بدقة لتكون كل حركة في الصلاة ذات معنى يليق بمقامها، فيتجلى في الركوع التعظيم، وفي السجود التذلل، وفي كلا الحالين يظل الذكر والتسبيح تعبيرًا عن التوحيد والخضوع المطلق لله سبحانه وتعالى.


 

طباعة شارك الركوع السجود دار الإفتاء التسبيح الصلاة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الركوع السجود دار الإفتاء التسبيح الصلاة أمین الفتوى فی الرکوع

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الذكر حياة القلب.. والكلمات العشر المباركات زاد المسلم في الحياة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه ورد الحثُّ على الذِّكر في كتابِ الله وسنَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فمن القرآن قولُه تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]، وقولُه سبحانه: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، وقولُه عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]، وقولُه سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول نصيحةً عامَّة: «لا يَزالُ لسانُكَ رَطْبًا من ذِكرِ اللهِ» [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه]. ومن الواقعِ المحسوس أن اللسانَ لا يكونُ رطبًا مع كثرةِ الذِّكر، بل يَجِفّ؛ ولكن هذا الجفافُ المحسوسُ الملحوظ—الذي هو عند الله—هو الرطوبةُ المحمودة. وهذا مثيلٌ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لَخُلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله تعالى من ريحِ المسك» [متفق عليه]، وقولِه صلى الله عليه وسلم: «لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيلِ الله—والله أعلمُ بمن يُكْلَمُ في سبيلِه—إلَّا جاء يومَ القيامةِ وجرحُه يثعبُ دمًا، اللونُ لونُ دمٍ، والريحُ ريحُ مسك» [أخرجه البخاري].

دعاء من القلب.. الأزهر يتضرع إلى الله لحفظ السودان وأهلهدعاء جوف الليل للفرج القريب.. كلمات مستجابة تبدّل حالك وترفعك الدرجات

وكان شأنُ المسلمين في الذكرِ الاهتمامَ بما أسمَوه «الكلماتِ العشر المباركات»، وهي كلماتٌ علَّمها لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنواجهَ بها الحياةَ كلَّها، وهي: «سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله» [وهذه الخمسةُ أسمَوها: الباقياتُ الصالحات] «أستغفرُ الله، ما شاء الله، حسبنا اللهُ ونِعمَ الوكيل، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، توكَّلتُ على الله».

فنواجه بـ«سبحان الله» كلَّ عجيب؛ فالدنيا مليئةٌ بالعجائب، منها عجائبُ ناجمةٌ عن قدرةِ الله في الكون، أو في أفعالِ العباد. وهي كلمةٌ نقولُها نُنزِّهُ اللهَ بها عن كلِّ نقصٍ، ونصفُه بكلِّ كمالٍ مطلق—كلُّ هذا في كلمةٍ واحدة. قال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]. وكذلك بعدَ الانتهاءِ من أفضلِ العبادات، وهي الصلاة، فشرعَ لنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أن نُنزِّهَ اللهَ سبحانه ونقول: «سبحانَ الله» ثلاثًا وثلاثين مرَّة؛ فـ«سبحانُ الله» أحدُ مكوِّنات «الذِّكر الجامع» الذي استنبطه أهلُ الله من أحاديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

طباعة شارك ذكر الله الباقيات الصالحات اثر ذكر الله

مقالات مشابهة

  • هل يجوز تأخير الصلاة عن أول الوقت لأدائها في جماعة؟.. الإفتاء تجيب
  • فتاوى تشغل الأذهان | ماذا يفعل من فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام بصلاة الجماعة.. حكم مس المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين بالنسبة للمحدث.. سر اختلاف التسبيح بين الركوع والسجود
  • كيف يؤدي المُصلّي سجود التلاوة .. الإفتاء توضح
  • سجود التلاوة.. اعرف حكمه ودعاءه وهل يشترط لصحته الطهارة
  • نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحري الذكر
  • هل يجب على المرأة لبس شراب عند الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل سجود السهو واجب إذا أخطأت في التسبيح؟.. أمين الإفتاء يوضح
  • لماذا نقول سبحان ربي الأعلى في السجود؟.. أمين الإفتاء يوضح الحكمة
  • علي جمعة: الذكر حياة القلب.. والكلمات العشر المباركات زاد المسلم في الحياة