المنامة(أبوظبي)
 أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية، أن المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تشكل فرصة لاستحداث شراكات تجارية واستثمارية بناءة لتحفيز النمو والازدهار، مشيراً إلى أن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل الإمارات تنفيذه منذ سبتمبر2021، يعد مثالاً يحتذى به لمواجهة السياسات الحمائية وتحفيز التدفقات التجارية عالمياً، لاسيما بعد أن أسهم في زيادة الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى الدول ال13 الشريكة في هذه الاتفاقيات بنسبة 130% بين عامي 2021 و2024، وفي نمو التجارة الإجمالية بنسبة 81% خلال الفترة نفسها.

جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في منتدى بوابة الخليج للاستثمار، والذي عُقد في العاصمة البحرينية المنامة. ويُعد هذا المنتدى السنوي منصة مهمة لمناقشة التحديات الناتجة عن تقلبات الأسواق العالمية والتحولات الجيوسياسية التي تعيد تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي. وتحدث معاليه في جلسة بعنوان «التعامل مع حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية»، حيث تناول تأثير حالة عدم اليقين المتعلقة بالرسوم الجمركية والسياسات التجارية على الوصول إلى رأس المال، ومدى جاهزية الجهات المالية والاستثمارية للتعامل مع هذه التحديات، خصوصاً في منطقة الخليج.

وشارك في الجلسة إلى جانب معاليه كل من معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني في مملكة البحرين، والسير أليستير كينغ، عمدة مدينة لندن.وقال معالي الدكتور الزيودي: «في ظل المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، أصبحت منطقة الخليج وجهة جاذبة لرؤوس الأموال العالمية، إذ إن المستثمرين يبحثون عن بيئة أعمال تتسم بالوضوح والاستقرار والحياد، وهذه العناصر الثلاثة توفرها دول الخليج. وتُعد الإمارات في طليعة الدول الجاذبة للاستثمار عالمياً، حيث سجلنا تدفقات قياسية في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2024، وحللنا في المرتبة الثانية عالمياً في عدد المشاريع الجديدة للاستثمار الأجنبي المباشر».

أخبار ذات صلة النسخة الأولى من «خلوة قطاع الفضاء»: بناء منظومة فضائية مرنة ومستدامة الزيودي يفوز بعضوية الاتحاد الدولي للتايكواندو

وأضاف معاليه: «هذه الأوقات غير المستقرة في الاقتصاد العالمي تحمل فرصاً كبيرة، إذا ما استثمرنا بجرأة في قطاعات المستقبل، واستفدنا من هذه المتغيرات لتوسيع التجارة بدلاً من الانسحاب منها. ومن خلال بناء شراكات قوية وتوظيف قدراتنا المشتركة في دول الخليج، يمكننا دفع عجلة النمو والازدهار ليس فقط لدولة الإمارات، بل للمنطقة بكاملها والعالم بأسره». وأشار معالي الزيودي إلى برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه منذ سبتمبر 2021 يعد مثالاً على كيفية مواجهة السياسات الحمائية من خلال توفير بيئة تجارية واضحة وشفافة تُمكّن الشركاء التجاريين والشركات من النمو. وقد توصلت الإمارات بموجب هذا البرنامج إلى 32 اتفاقية، دخلت 13 منها حيز التنفيذ حتى تاريخه.

وأسهمت هذه الاتفاقيات في تعزيز التجارة غير النفطية وتدفق الاستثمارات، حيث ارتفعت الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى الدول الـ13 الشريكة في هذه الاتفاقيات بنسبة 130% بين عامي 2021 و2024، فيما نمت التجارة الإجمالية بنسبة 81% خلال الفترة نفسها.

ويُعد منتدى بوابة الخليج للاستثمار منصة سنوية تجمع المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال والمستثمرين والخبراء من دول الخليج وخارجها، بهدف مناقشة الفرص الاستثمارية والاتجاهات الاقتصادية وتعزيز التعاون الإقليمي. وتكمن أهمية المنتدى في دوره في تسليط الضوء على الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، وتسهيل الشراكات العابرة للحدود، ومواجهة تحديات التنويع والنمو المستدام، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم أجندات التنويع الاقتصادي لدول الخليج.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: ثاني الزيودي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الاقتصاد العالمی غیر النفطیة دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

” لي كوان يو ” صانع النهضة الاقتصادية في سنغافورة . . !

” #لي_كوان_يو ” #صانع #النهضة_الاقتصادية في #سنغافورة . . !

#موسى_العدوان

سنغافورة دولة صغيرة تقع في جنوب شرق آسيا، تبلغ مساحتها حوالي 700 كيلومتر مربع، وعدد سكانها حوالي 5 ملاين نسمة من عرقيات واديان متنوعة. كانت هذه الجزيرة مستعمرة بريطانية في أواسط القرن الماضي، وكانت تفتقر للموارد الطبيعية، وأكثر تخلفا من الأردن في ذلك الزمان. كما كان يعاني سكانها من البطالة والركود الاقتصادي وأزمة السكن والفساد الإداري. ولكن أهميتها تكمن في موقعها على خطوط الملاحة البحرية بين الشرق والغرب.

فكيف لهذه الجزيرة الصغيرة والمتخلفة في ذلك الحين، أن تفرض نفسها بين أغنى خمس دول من عمالقة دول العالم، من حيث احتياطات العملة الصعبة، واستقبالها لِ 5 ملايين سائح سنويا ؟ وأصبح معدل دخل الفرد من الناتج المحلي عام 2024، حوالي 68 ألف دولار في العام ؟ ومعدل البطالة أقل من 3 % ؟ وأصبحت المركز المالي والتكنولوجي الأول في المنطقة ؟ كما أصبحت تتميز بنظافتها وجمل منظرها، بعد أن كانت مكرهة صحية مزعجة؟

مقالات ذات صلة هل تبشر المؤشرات بتغير الأنظمة الجوية وهطول الأمطار الأيام القادمة؟ 2025/11/01

* * *

ففي عام 1959 أنتُخب ” لي كوان يو ” القادم من جامعة أكسفورد، كأول رئيس لوزرائها بعد فوز حزبه بالانتخابات. ثم انفصلت الجزيرة عن اتحاد الملايو ( ماليزيا )، ونالت استقلالها عام 1965. وقد وصف رئيس وزرائها الجديد المشهد الذي يكتنف الجزيرة قائلا :

” بعد الانفصال عن الملايو وجدت كل شيء حولي ينذر بالانهيار. فنسبة البطالة تقارب 15 %، والدولة الجديدة تكاد تخلو من كل شيء، البنية التحتية متخلفة للغاية، المدارس والجامعات لا تفي بالحاجة، القوة العسكرية مؤلفة من كتيبتين ماليزيتين، قوات الشرطة لا وجود لها من الناحية العملية، الغليان العنصري والديني يهدد بالانفجار في أية لحظة، التهديد الخارجي لم يتوقف، ومانت مليزيا تنتظر فشلنا على أحر من الجمر، لتستخدم القوة في إعادة سنغافورة إلى حظيرة البلاد “.

كان الرئيس ” يو ” يتمتع بالرؤية الثاقبة وبعد النظر، والتصميم على بناء الدولة، رغم كل التحديات التي كانت تواجهه. فركّز خطته على ” بناء الإنسان ” من خلال النهوض العلمي، وعدم إضاعة الوقت في الإصغاء للإذاعات، ومنع الناس من التجمهر إلاّ لأداء الصلاة، وأغلق السجون ليفتح المدارس بدلا منها. كما حارب الفقر والبطالة من خلال مشاريع ناجحة، وجعل لكل مواطن بيتا يسكن فيه، بدلا من أكواخ الصفيح على ضفتي النهر، ثم أقام نموذجا مثاليا للحكم في البلاد.

وفي تطبيق رؤيته الاقتصادية، لم يعتمد الرئيس ” يو ” على لجان وخلوات اقتصادية، على أحد شواطئ الجزيرة، لتستنزف الوقت وتخرج بتوصيات فاشلة تكرّس التخلف، بل أعتمد في رؤيته النهضوية، على محاور رئيسية ثلاث هي :

1. محور التعليم. فقد أورد في مذكراته ما يلي : ” الدول المتحضرة تبدأ نهضتها بالتعليم، وهذا ما بدأتُ به عندما تسلّمت الحكم في دولة فقيرة جدا. أوليت الاقتصاد اهتماما أكثر من السياسة، والتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج لتلقي العلم والاستفادة من دراساتهم لاحقا، في تطوير الداخل السنغافوري “.

2. محور التوظيف الحكومي. اعتمدت حكومته على التوظيف، بدرجة عالية من المهنية والثقافية، وذلك من خلال مناظرات ومسابقات مفتوحة للجميع. ويقول في هذا الصدد : ” بعد عدة سنوات من الخدمة الحكومية، أدركت أنني كلما اخترت أصحاب المواهب كوزراء وإداريين مهنيين، كلما كانت سياستنا أكثر فعالية وأكثر انتاجا “.

3. محور تحديد النسل. تبنت الحكومة سياسة تحديد النسل، بحيث لا تتجاوز زيادة نسبة السكان وهي 1,9 % في عام 1970 و 1,2 في عام 1980، وذلك تجنبا للانفجار السكاني الذي يعرقل التنمية. وبعد أن تعافى الاقتصاد، اعتمدت الحكومة برنامجا معاكسا، يهدف إلى تحفيز المواطنين على زيادة النسل، لتوفير الأيدي العاملة التي نحتاجها.

وهكذا حققت سنغافورة بقيادة رئيس وزرائها ” لي كوان يو ” معجزة اقتصادية عظيمة، في فترة لا تزيد عن ثلاثة عقود، وتحولت من دولة متخلفة إلى دولة صناعية، تنتج مختلف المواد التجارية والإلكترونية، وتكرير النفط، وبناء السفن، وصناعة السياحة، رفع دخل الفرد السنوي في بلاده، من 1000 دولار عند الاستقلال، إلى 68 ألف دولار في عام 2024. وحوّل بلاده من مستنقعات تعجّ بالذباب والبعوض، إلى مركز استثماري وسياحي عالمي، يكتظّ بناطحات السحاب. ويمكن لأي قارئ أن يطلع من خلال الشبكة العنكبوتية، على معالم نهضة سنغافورة الحديثة، التي حولت البلاد إلى قبلة للسائحين والمستثمرين.

في عام 1990 تنازل ” يو ” عن الحكم طوعا، بعد أن تولى رئاسة الوزراء لمدة 31 عاما متواصلة، حقق خلالها لبلاده هذه النهضة الاقتصادية الرائعة. ولكن الدولة حافظت عليه نظرا لإخلاصه وخبراته الفذة في إدارة البلاد، وعينته مستشارا لمجلس الوزراء، لمدة 21 عاما إضافية، لكي يحافظ على الإنجاز الذي تم تحقيقه، ويواكب استمرارية تطور البلاد، ثم توفي عام 2015 عن عمر يناهز ال 91 عاما.

وعند المقارنة بين ما أنجزه رئيس وزراء سنغافورة السابق، من تقدم اقتصادي لبلاده خلال توليه الحكم، وما أنجزه رؤساء وزرائنا خلال توليهم الحكم خلال العقود الماضية وحتى الآن، نجد أن هناك بونا شاسعا بين الطرفين.

فبدلا من التقدم الاقتصادي الذي تحقق في سنغافورة، تلك الدولة الصغيرة فقيرة الموارد الطبيعية، والتي استقلت بعدنا ب 19 عاما، قابلها من طرفنا تخلف اقتصادي، رغم تعدد اللجان الاقتصادية وتوفر الموارد الطبيعية، والظروف الأفضل من ظروف سنغافورة في ذلك الحين.

ولكني أستثني من ذلك : تقدمنا في ارتفاع المديونية، وفرض الضرائب الجديدة، وزرع آلاف كاميرات المراقبة في شوارع العاصمة عمان، وتوقيع اتفاقية استثمار علاجي مع الصومال وغامبيا واليمن . . !

وختاما أتساءل : ألا يمكن لخبرائنا الاقتصاديين، الذين يتولون التخطيط لما سُمي بِ ” خطة الرؤية الاقتصادية وغيرها “، أن ينقلون رؤية ” الراحل لي كوان يو الاقتصادية “، بعد تطويرها بما يتفق مع التكنولوجيا الحديثة، وبما يناسب ظروفنا المحلية ؟ ويريحونا ويريحوا أفكارهم من العصف الذهني المرهق تحت المكيفات، والاستغناء عن خططهم الاقتصادية الهلامية، التي سمعنا بها وبأمثالها خلال السنوات الماضية، ولم نلمس لها نتائج واقعية ؟

التاريخ : 1 / 11 / 2025

مقالات مشابهة

  • الإمارات والنمسا تواصلان استكشاف فرص تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية
  • وزير البترول والثروة المعدنية يبحث تعزيز الشراكات مع رؤساء وقادة شركات الطاقة العالمية
  • سلطان الجابر: الإمارات تطبق سياسات عملية لتمكين النمو عبر الشراكات الطموحة
  • خبير دولي: المتحف المصري الكبير قوة ناعمة تعزز الاقتصاد وتدعم الاستثمار العالمي
  • التمثيل التجاري: مصر أصبحت جاذبة للاستثمار العالمي وبوابة لدخول أسواق إفريقيا
  • الألمنيوم المعدن الرمادي الذي يقود الاقتصاد العالمي
  • الإمارات تستضيف المؤتمر العالمي للعناية الحرجة عام 2028
  • المؤتمر: المتحف المصري الكبير قاطرة التنمية الاقتصادية الشاملة
  • ” لي كوان يو ” صانع النهضة الاقتصادية في سنغافورة . . !