بوابة الوفد:
2025-11-09@06:11:24 GMT

هل يمكن للخوارزميات إنقاذ البيئة؟

تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT

في عالم يزداد سخونة يومًا بعد يوم، وتتصاعد فيه المخاوف من التغير المناخي واستنزاف الموارد الطبيعية، تبرز الخوارزميات - تلك العقول الرقمية الخفية – بوصفها لاعبًا جديدًا في معركة إنقاذ كوكبنا. فهل يمكن حقًا أن تصبح الأرقام والأكواد شريكًا في حماية البيئة؟ أم أنها وسيلة خفية لاهدار موارد الكوكب خاصة المائية؟
الحقيقة أن الإجابة ليست خيالية كما قد تبدو.

فاليوم، تُستخدم الخوارزميات في تحليل البيانات المناخية والتنبؤ بالكوارث الطبيعية قبل وقوعها، ما يمنح الحكومات وقتًا للاستعداد وتقليل الخسائر، كما يمكن توظيفها في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة داخل المدن الذكية، عبر ضبط الإضاءة والتدفئة والنقل بناءً على احتياجات السكان لحظة بلحظة. 
فبينما يروّج العالم للذكاء الاصطناعي بوصفه الثورة التقنية الأوسع في تاريخ البشرية، يطل الوجه الآخر للتكنولوجيا بملامحه المقلقة. فكل عملية بحث، وكل صورة يولدها الذكاء الاصطناعي، تستهلك طاقة تعادل تشغيل مصباح لعدة ساعات، وكل مركز بيانات ضخم يقف خلف هذه المعجزات الرقمية، وهو ما يترك أثرًا كربونيًا يزداد عامًا بعد عام، مما يجعلها في بعض الأحيان جزءًا من المشكلة لا الحل.. فهل يمكن لمن يصنع المشكلة أن يكون جزءًا من الحل؟
وفقًا للتقارير الحديثة ينتج عن عملية تدريب نموذج واحد من نماذج الذكاء الاصطناعي انبعاثات كربونية تفوق ما تنتجه خمس سيارات خلال عمرها الكامل. هذا يعني أن "الخوارزميات الذكية" التي نظنها غير مادية في الحقيقة تُغذي الاحتباس الحراري بصمت. كل رسالة نصية تعتمد على شبكة ضخمة من الخوادم، وكل طلب عبر المساعدات الذكية يعني مزيدًا ومزيدًا من الانبعاثات.
ورغم سعي بعض الشركات الكبرى نحو تلطيف الصورة بتبني مراكز بيانات تعمل بالطاقة المتجددة، فإن الواقع يشير إلى سباق غير متوازن. فالتوسع في الذكاء الاصطناعي يفوق قدرة العالم على التحول نحو الطاقة النظيفة. إننا نُدخل التقنية في كل زاوية من حياتنا، دون أن نحسب بدقة التكلفة البيئية لذلك.
ومن ثم فإن الذكاء الاصطناعي لا يملك وعيًا بيئيًا، ولا يدرك أن حساباته المعقدة قد تحرق غابات أو ترفع درجات حرارة المحيطات. نحن وحدنا من نملك هذا الوعي، ومع ذلك نترك الخوارزميات تتوسع بلا قيود. وبالتالي إذا كنا نريد مستقبلًا رقميًا أخضر، فعلينا إعادة التفكير في علاقة التكنولوجيا بالكوكب. فالذكاء الحقيقي ليس في إنتاج خوارزميات أسرع، بل في جعلها أكثر وعيًا بالطبيعة وأقل ضررًا بالبيئة. وربما آن الأوان لأن نضع "بصمتنا الأخلاقية" قبل أن نغرق في "بصمتنا الكربونية".
وبالتالي يمكن القول بأنه يمكن للخوارزميات أن تُسهم في إنقاذ البيئة، لكن بشرط أن نبرمجها بقيمنا قبل معادلاتنا، وأن نمنحها هدفًا إنسانيًا قبل أن نغرقها في بيانات بلا روح. فالتحدي البيئي في النهاية ليس معركة ضد الطبيعة، بل اختبار لقدرتنا على جعل التكنولوجيا حليفًا لها لا عدوًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

جوجل تخطط لنقل الذكاء الاصطناعي إلى الفضاء

في خطوة تُعيد رسم ملامح مستقبل الحوسبة والذكاء الاصطناعي، كشفت شركة جوجل عن مشروعها الجديد المثير للجدل الذي يحمل اسم "صن كاتشر" (Suncatcher)، والذي يهدف إلى وضع مراكز بيانات متطورة في الفضاء لتعمل بالطاقة الشمسية، في محاولة للحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاك الطاقة الضخم لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
فبينما يتخوف البعض من فكرة "ذكاء اصطناعي في المدار"، ترى جوجل في هذا المشروع ثورة جديدة نحو حوسبة نظيفة ومستدامة تتجاوز حدود الكوكب.

تقوم فكرة "صن كاتشر" على إرسال رقائق معالجة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والمعروفة باسم وحدات معالجة Tensor أو TPUs، إلى مدارات فضائية على متن أقمار صناعية مجهزة بألواح شمسية ضخمة. هذه المراكز المدارية ستعمل كمحطات بيانات تعتمد على الطاقة الشمسية المتاحة بشكل مستمر خارج الغلاف الجوي، مما يوفر مصدرًا ثابتًا ونظيفًا للطاقة، بعيدًا عن القيود الأرضية وتذبذب مصادر الطاقة التقليدية.

وقال ترافيس بيلز، المدير الأول في جوجل، في تدوينة رسمية: "في المستقبل، قد يكون الفضاء هو المكان الأمثل لتوسيع نطاق حوسبة الذكاء الاصطناعي". 

وأوضح أن الألواح الشمسية في المدار يمكن أن تكون أكثر إنتاجية بما يصل إلى ثمانية أضعاف مقارنة بتلك الموجودة على الأرض، نظرًا لتعرضها الدائم لأشعة الشمس دون انقطاع ليلي أو ظروف مناخية معيقة.

وأضاف بيلز أن هذا النموذج سيُقلل الحاجة إلى البطاريات التي تُعد أحد التحديات الكبرى في تشغيل مراكز البيانات المستدامة، إذ ستتيح الطاقة الشمسية الفضائية تشغيل وحدات الذكاء الاصطناعي على مدار الساعة، مما يُحدث نقلة نوعية في كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة.

لكن رغم الطموح الهائل، فإن تنفيذ هذا المشروع يواجه عقبات تقنية معقدة، أبرزها مشكلة الإشعاع الفضائي الذي قد يُلحق ضررًا بالمكونات الإلكترونية الحساسة لوحدات المعالجة. غير أن جوجل أكدت أنها اختبرت رقائقها بالفعل لتحمل مستويات مرتفعة من الإشعاع، مشيرة إلى أنها قادرة على العمل لمدة تصل إلى خمس سنوات دون أعطال دائمة، وهو ما يُعد إنجازًا هندسيًا مهمًا في بيئة قاسية كهذه.

ومن أبرز التحديات الأخرى التي تواجه المشروع أيضًا نقل البيانات بين الأقمار الصناعية بسرعات هائلة تصل إلى عشرات التيرابت في الثانية مع الحفاظ على زمن وصول منخفض. وهي مهمة معقدة بسبب المسافات الطويلة والتداخل الإشعاعي في الفضاء. لذلك، تُفكر جوجل في وضع الأقمار الصناعية في تشكيلات قريبة جدًا من بعضها البعض، لا تتجاوز المسافة بينها بضعة كيلومترات، لتقليل الحاجة إلى المناورات المستمرة وضمان استقرار الروابط البصرية التي ستعتمد عليها الشبكة الفضائية الجديدة.

وفي الوقت الذي قد تبدو فيه هذه الفكرة خيالية أو مكلفة للغاية، تُشير تقديرات جوجل إلى أن تشغيل مراكز بيانات في الفضاء قد يُصبح قريبًا من حيث الكفاءة الاقتصادية لمراكز البيانات الأرضية بحلول منتصف ثلاثينيات هذا القرن، خصوصًا مع التطور السريع في تقنيات الإطلاق وإنتاج الطاقة الشمسية.

ورغم أن المشروع لا يزال في مراحله البحثية المبكرة، تخطط جوجل لإجراء تجارب أولية بحلول عام 2027، حيث ستُطلق نموذجين أوليين من الأقمار الصناعية بالتعاون مع شركة Planet ضمن مهمة تجريبية لتقييم أداء رقائق TPU في بيئة الفضاء. وذكرت الشركة أن هذه التجارب ستختبر إمكانية تشغيل مهام تعلم آلي موزعة بين الأقمار الصناعية باستخدام الروابط البصرية، وهي خطوة تُمهّد لولادة أول "سحابة فضائية" في العالم.

ويرى مراقبون أن مشروع "صن كاتشر" قد يُشكل بداية عصر جديد من حوسبة الذكاء الاصطناعي خارج الأرض، إذ تسعى شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل إلى إيجاد حلول بيئية مستدامة تُواكب النمو الهائل في الطلب على قدرات الذكاء الاصطناعي. وفي حال نجاح هذا المشروع، فقد يتحول الفضاء إلى موطن الجيل القادم من مراكز البيانات، لتصبح الشمس مصدر الطاقة الدائم لعقول رقمية تدور حول الأرض بلا توقف.

بهذا، تواصل جوجل ترسيخ مكانتها كإحدى أكثر الشركات جرأة في تبني الأفكار المستقبلية، من الإنترنت الكوني إلى الذكاء الاصطناعي الفضائي، لتُثبت مجددًا أن حدود الابتكار لم تعد على سطح الكوكب فحسب، بل تمتد إلى مداراته أيضًا.

مقالات مشابهة

  • سوني تطلق أول قاعدة بيانات عالمية لاختبار عدالة الذكاء الاصطناعي
  • طارق نور: الذكاء الاصطناعي أذكى من الإنسان
  • الذكاء الاصطناعي يُنجب Zozan C.. أول مطربة كوردية رقمية
  • ترامب يقلل من مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي
  • جوجل تخطط لنقل الذكاء الاصطناعي إلى الفضاء
  • أخبار التكنولوجيا | شريحة جوجل تهدد عمالقة الذكاء الاصطناعي.. هاتف Honor 500 Pro بمواصفات غير مسبوقة.. ميتا تطلق ثورة جديدة في عالم الفيديوهات الذكية
  • نائب وزير “البيئة” يطلق منصتين لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في سلاسل إمداد الغذاء البروتيني والإنتاج الزراعي
  • دراسة: معظم احتياطات السلامة لأدوات الذكاء الاصطناعي يمكن تجاوزها خلال دقائق قليلة
  • غوغل تخطط لإطلاق مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي إلى الفضاء بحلول 2027