علماء يحلون أخيرًا لغز السحابة الغبارية حول القمر
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
تحيط بالقمر سحابة غريبة من الغبار تتحرك معه في كل مكان، وتتميز بشكل غير متناظر (غير متساو)، كما تتركز دائما نحو الجانب المواجه للشمس، ولطالما حيرت هذه الظاهرة العلماء لسنوات، لكن دراسة حديثة تقول إنها كشفت أخيرا عن سر هذا التشكل الغريب.
ويعود أصل هذه السحابة إلى طبقة الغبار والصخور المفككة التي تغطي معظم سطح القمر، والمعروفة باسم "الريغوليث".
وتتشكل هذه الطبقة نتيجة القصف المستمر الذي يتعرض له القمر من نيازك دقيقة، وهي شظايا صغيرة ناتجة عن اصطدامات الكويكبات والمذنبات.
وبينما تحترق هذه النيازك في الغلاف الجوي للأرض مكونة "النجوم المتساقطة"، فإن القمر يفتقر لهذا الدرع الواقي، ما يعرضه لاصطدام عدة أطنان من هذه النيازك يوميا، ما يؤدي إلى تفتيت الصخور إلى غبار ناعم.
ولا تقتصر تأثيرات هذه الاصطدامات على تكوين الغبار فحسب، بل إنها تدفع بهذا الغبار إلى الارتفاع. ففي عام 2015، اكتشف العلماء أن هذا الغبار يشكل سحابة هائلة تمتد لمئات الأميال فوق سطح القمر. ورغم أن هذه السحابة غير مرئية للعين المجردة وفقا للباحث سيباستيان فيركيرك من وكالة الفضاء الفرنسية، فإنها تمثل ظاهرة فريدة.
ويوضح فيركيرك أن كثافة السحابة ضئيلة جدا، حيث لا تتجاوز 0.004 جسيم لكل متر مكعب، أي ما يعادل أربع حبيبات غبار فقط في مساحة صومعة حبوب. لكن الغريب في الأمر هو عدم تناظرها، حيث يتركز الغبار بشكل أكبر فوق الجانب النهاري للقمر، وتصل ذروة كثافتها بالقرب من خط الفجر الفاصل (ذلك الحاجز الواضح بين النور والظلام على سطح القمر).
وبينما كان العلماء يعزون سابقا عدم التناظر هذا إلى مسارات اصطدام النيازك، لفت انتباه فيركيرك عامل آخر مهم: الفارق الهائل في درجات الحرارة بين جانبي القمر. فبينما تصل الحرارة في النهار إلى 112 درجة مئوية، تهبط في الليل إلى 183 درجة تحت الصفر، وهذا الفارق الكبير دفع العلماء للتساؤل عن دوره في تشكل السحابة.
ولاختبار هذه الفرضية، استخدم الفريق الذي ضم علماء من جامعات أمريكية وأوروبية، نماذج محاكاة حاسوبية متطورة. وقاموا بمحاكاة اصطدام نيازك بحجم شعرة الإنسان بغبار القمر في درجتي الحرارة المختلفتين، وتتبعوا حركة كل حبيبة غبار على حدة.
وأظهرت النتائج أن الأسطح الأكثر انضغاطا تنتج كميات أكبر من الغبار، كما اكتشفوا أن النيازك النهارية تثير غبارا أكثر بنسبة 6-8% من نظيرتها الليلية.
وهذا ما يفسر سبب تركيز السحابة في الجانب النهاري، حيث تنتج الكميات الأكبر من الغبار، كما أن حبيبات الغبار في درجات الحرارة المرتفعة تمتلك طاقة كافية للوصول إلى ارتفاعات أعلى حيث يمكن للأقمار الصناعية رصدها.
ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على تفسير هذه الظاهرة فحسب، بل إنها تفتح الباب أمام استخدام سحب الغبار كدلالة على طبيعة أسطح الكواكب والأقمار.
ويطمح الفريق العلمي الآن لتوسيع نطاق البحث ليشمل أجساما أخرى في النظام الشمسي، حيث من المتوقع أن تظهر ظواهر أكثر وضوحا على كواكب مثل عطارد الذي يتميز بفوارق حرارية أكبر، ما قد يساهم في فهم أعمق لسلوك الغبار في أنحاء الكون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الغبار السحابة سطح القمر نيازك الغلاف الجوي الكواكب
إقرأ أيضاً:
الليلة: القمر يعانق "الثريا” في لوحة سماوية فريدة تزين سماء السعودية
تشهد سماء المملكة العربية السعودية ومعظم مناطق العالم العربي مساء اليوم الخميس 6 نوفمبر 2025، ظاهرة فلكية مميزة تجمع بين القمر الأحدب المتناقص وعنقود الثريا، في مشهد بديع يمزج بين جمال السماء وسحر العلم.
وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبوزاهرة أن الاقتران سيحدث بعد بداية الليل مباشرة، حيث سيُرى القمر وهو يقترب بصريًا من عنقود الثريا، ذلك التجمع الصغير من النجوم الزرقاء اللامعة الذي يشبه عنقود العنب، ويُعرف في التراث العربي باسم "الشقيقات السبع”. وسيظل هذا المنظر متاحًا للرصد طوال ساعات الليل، ليمنح المتابعين فرصة التأمل في أحد أبهى مشاهد السماء الخريفية.عنقود نجمي
أخبار متعلقة قبل اكتماله بدراً.. "اليوم" تنشر صورة القمر الأحدب في سماء جدةفلكية جدة: هلال جمادى الأولى يزين سماء الوطن العربي الليلةحالة الطقس.. سماء غائمة جزئيًا تتخللها سحب رعدية ممطرةوبيّن أبوزاهرة أن عنقود الثريا ليس مجرد مجموعة نجوم متقاربة في السماء، بل عنقود نجمي مفتوح يضم أكثر من ألف نجم، وُلدت جميعها من سحابة واحدة من الغاز والغبار الكوني قبل نحو 100 مليون سنة فقط، أي أنها لا تزال فتية مقارنة بعمر الشمس البالغ نحو 4.5 مليار سنة. وأضاف أن هذه النجوم تتحرك معًا في الفضاء، ويرتبط أعضاؤها بجاذبيتهم المتبادلة، فيما يسطع العديد منها مئات المرات أكثر من الشمس.
وفي الليالي الصافية يمكن رؤية نحو سبعة نجوم من الثريا بالعين المجردة، بينما تكشف المناظير والتلسكوبات عن المئات من نجومها المتلألئة بتفاصيل مذهلة. إلا أن أبوزاهرة أشار إلى أن ضوء القمر الساطع - لكونه يأتي بعد يوم واحد فقط من مرحلة البدر المكتمل - سيؤثر الليلة على وضوح رؤية الثريا، خصوصًا من داخل المدن التي تعاني من التلوث الضوئي.قيمة علمية
وأضاف رئيس فلكية جدة أن هذا المشهد الفلكي لا يقتصر على قيمته العلمية فقط، بل يحمل أيضًا بعدًا جمالياً وإنسانياً، إذ يذكّرنا بعظمة الكون وتناغمه، ويمنحنا لحظة تأمل وهدوء بعيداً عن صخب الأرض وضجيج الحياة اليومية. ففي الوقت الذي يبدأ فيه الليل بعرض جماله، تظل السماء - كما يقول أبوزاهرة - "تمنح من يرفع بصره إليها لحظات من السكون والجمال”.
وأشار في ختام حديثه إلى أن الصورة المرفقة لمحاكاة حاسوبية توضّح موقع الثريا إلى جوار القمر كما ستُرى عبر المنظار، بينما لن تُشاهد بالعين المجردة بوضوح هذه الليلة بسبب سطوع القمر.