كان هذا السؤال محور حلقة (2025/11/8) من برنامج "استغراب" (يمكن متابعتها كاملة عبر هذا الرابط) التي تقرأ في نشأة هذه المؤسسة وتفكك تأثير نمطها التاريخي على خيال الأجيال.

يعود البرنامج إلى جذور المدرسة الحديثة، ويحدد لحظة التحول السياسي والاجتماعي حين فرضت روسيا التعليم الإلزامي في القرن الثامن عشر لتشكيل مواطنين منضبطين، وكان غرض النظام آنذاك بناء قوة عاملة متوافقة مع متطلبات الدولة والصناعة، لا تربية مخترعين أو روّاد فكرة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الذكاء الاصطناعي يتفوق على الذكاء البشري في التعليمlist 2 of 4الحياة المدرسية.. بين ثنايا المحفظة والسبورةlist 3 of 4الذكاء الاصطناعي في المدارس: بين إغراء الثورة وحدود الإنسانlist 4 of 4المدرسة الأمينية.. من أقدم المدارس الشافعية في القدسend of list

وحسب الحلقة، فإن نموذج المدرسة يتصف بأنه "مصنعي"؛ جرس يقيّد الزمن، صفوف موحّدة، ومنهج واحد ينسخ ذاته عبر أجيال، ويحول هذا الإيقاع الفصول إلى خطوط إنتاج تعليمية، حيث تُقاس الكفاءة بدرجات الامتحان لا بقدرة الطالب على الابتكار أو التساؤل النقدي.

وتؤكد الحلقة استنادا إلى بحوث عدة أن ثقافة الحفظ والاختبار تضعف المساحات التجريبية اللازمة لولادة أفكار جديدة، فقد أظهرت دراسة واسعة تراجع مؤشرات الإبداع عبر عقود، ما يثير سؤالا حول ما إذا كانت الأنظمة التعليمية تربي ذكاء قابلا للقياس على حساب ذكاءات أخرى لا تروق للورقة والاختبار.

تعددية الذكاءات

وتطرح الحلقة أيضا نظرية تعددية الذكاءات التي أطلقها هاورد غاردنر لتؤكد أن معيار النجاح الموحد يُهمّش أنواعا من الذكاء -فنية أو اجتماعية أو عملية- لا تقاس بالامتحان التقليدي، ما يهدّد بتحويل المدرسة من فضاء للقدرات إلى مصنع للنسخ المتشابهة.

وردا على النقد، يستعرض البرنامج تجارب دولية ناجحة، ويبرز نموذج فنلندا المطوَّر كاستثناء، يتمثل في صفوف أصغر، ووقت لعب وتعلم متوازن، وغياب عبء الواجبات المنزلية التقليدية، مع نتائج عالية في اختبارات البيزا، ما يبرز أن بيئة التعلم تشكّل الفارق.

وتسلّط الحلقة الضوء على حلول تكنولوجية حديثة، كالتعلم المخصّص الذي يوظف الذكاء الاصطناعي لمتابعة مستوى كل طالب واقتراح مسارات تعليمية تناسب سرعة فهمه واهتماماته؛ والتجربة، كما يُذكر، أثبتت نتائج متفوّقة لدى آلاف الطلاب مقارنة بالنموذج التقليدي.

خيار اكتشاف الشغف يتكرر كمخرج عملي، فهناك المدارس التي تشجّع المشاريع الجماعية والتطبيق العملي، وتمنح الطالب فرصة تجربة مجالات متعددة -رياضة، فن، كتابة أو نشاط تِقني- ما يزيد احتمال إيجاد مسار حقيقي يعزّز الدافعية والابتكار.

كما يؤكد البرنامج أن المدرسة لا يجب أن تتوقف عند سن محددة؛ فالتعليم امتداد حياة، والتركيز ينبغي أن يتحول من حفظ المعلومات إلى تعليم "كيفية التعلم"، وإكساب قدرات التكيّف والمراجعة المستمرة التي يفرضها سوق عمل سريع التقلبات.

أدوات القياس

وفي محور التقييم، تطالب الحلقة بإعادة تعريف أدوات القياس، فالتقييم التقليدي يحكم على رحلة التعلم بلحظة زمنية واحدة، بينما التقييم المستمر والمشروعات التطبيقية يكشفان عن قدرات ابتكارية وتصميمية لا تظهر في ورقة إجابة.

ولا تغفل الحلقة الجانب النفسي؛ حيث ترى نظام المقاييس والضغط على الأداء يولّد خوف الفشل ويقمع التجريب، فطالب يخشى الخطأ لا يبدع، والبيئة المدرسية التي تعاقب الخطأ بدل أن تعامله كفرصة تعلم، تسهم في إنتاج أفراد مترددين عن المخاطرة الفكرية.

وتخلص الحلقة إلى موقف وسط: عدم إلغاء المدرسة بكونها مؤسسة تاريخية ناجعة في جوانبها، لكن المطلوب إعادة تقييم أهدافها وتصميمها، وجعلها منصة لإشعال الفضول بدل أن تكون آلة للحفظ والنسخ، مع سياسات تدريب معلمين ونماذج تقييم جديدة تقود التحوّل.

ويدعو البرنامج إلى نقاش مجتمعي واع يعيد ترتيب أولويات التعليم، من بناء مواطن منضبط إلى صناعة مفكر قادر على التجريب وحل المشكلات، فالتغيير ممكن، والبديل ليس هروبا من المدرسة بل استعادة جوهرها كرحلة اكتشاف مستمرة.

Published On 8/11/20258/11/2025|آخر تحديث: 20:18 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:18 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

217 إعصار حول العالم تقتل بصمت بعد مرورها.. ناقوس الخطر الصحي يدق| ما القصة ؟

أظهرت دراسة عالمية حديثة أن تأثير الأعاصير المدارية لا يتوقف عند حدود الدمار المادي الذي تخلفه، بل يمتد ليحصد أرواح الآلاف في الأسابيع التالية لمرورها، بسبب مضاعفات صحية متعددة ناجمة عن تعطل الخدمات الطبية والضغوط البيئية.

رئيس الفلبين: نشهد حاليا "كارثة وطنية" بسبب الإعصار "تينو"ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار "تينو" في الفلبين إلى 140 قتيلا و126 مفقوداالفلبين تعلن حالة الطوارئ لمواجهة إعصار كالمايجيهيئة الدفاع المدني الفلبينية: ارتفاع ضحايا إعصار كالمايجي إلى 90 شخصا

الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، أعدها فريق بحثي من جامعة موناش الأسترالية بقيادة يومينغ قوه والدكتور وينزونغ هوانغ والبروفيسورة شاندي (شانشان) لي، وحللت بيانات 14.8 مليون حالة وفاة في 1356 مجتمعا شهدت 217 إعصار استوائيا بين عامي 2000 و2019.

الأعاصير تشتد مع تغير المناخ

تؤثر الأعاصير المدارية سنويا على أكثر من 20 مليون شخص حول العالم، وتتسبب بخسائر مادية تتجاوز 51.5 مليار دولار أميركي وتشير الدراسات إلى أن هذه الظواهر أصبحت أكثر شدة وطولًا مع ارتفاع درجات حرارة الأرض.

الباحثون أرادوا في هذه الدراسة فهم الآثار الصحية الأوسع نطاق للأعاصير، وكيف تختلف بين المناطق الجغرافية من أستراليا التي تشهد أعاصير محدودة، إلى مناطق شرق آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة حيث تكثر العواصف.

ارتفاع كبير في الوفيات بعد الإعصار

خلصت النتائج إلى أن مخاطر الوفاة ترتفع بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين التاليين للإعصار، لتبلغ ذروتها في الأيام الأولى ثم تبدأ بالانخفاض تدريجيًا.

وخلال الأسبوع الأول بعد الإعصار، ارتفعت الوفيات الناتجة عن:

أمراض الكلى بنسبة 92%،

الإصابات بنسبة 21%،

السكري بنسبة 15%،

الاضطرابات العصبية والنفسية بنسبة 12%،

الأمراض المعدية بنسبة 11%،

أمراض الجهاز الهضمي بنسبة 6%،

أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 4%،

أمراض القلب والسرطان بنسبة 2% لكل منهما.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى تعطل الرعاية الصحية الأساسية، وانقطاع الكهرباء الذي يؤثر على جلسات غسيل الكلى، وصعوبة الوصول إلى الأدوية، إلى جانب الضغوط النفسية والجسدية التي يمر بها السكان بعد الكارثة.

المطر أكثر فتكا من الرياح

من النتائج اللافتة أن الأمطار الغزيرة المصاحبة للأعاصير كانت أكثر تسبب في الوفيات من الرياح العاتية، خصوصا فيما يتعلق بأمراض القلب والجهاز التنفسي والأمراض المعدية.

ويرى الباحثون أن الفيضانات وتلوث المياه الناتجة عن الأمطار تشكل تهديدا طويل الأمد يفوق الخطر المباشر للرياح لذا، شددوا على ضرورة أن تركز أنظمة الإنذار المبكر ليس فقط على سرعة الرياح، بل أيضًا على كميات الهطول المطري وتأثيراته اللاحقة.

الفقر يزيد من احتمالات الموت

كشفت الدراسة أن المجتمعات الفقيرة أكثر عرضة للوفاة بعد الأعاصير مقارنة بالمناطق الثرية، حيث برزت الفجوات الصحية بشكل واضح في أمراض الكلى، والسكري، والأمراض المعدية.

كما تبين أن المناطق التي نادرا ما تتعرض للأعاصير سابقا – مثل أجزاء من أستراليا والمناطق المرتفعة خطوط العرض – سجلت معدلات وفاة أعلى عند تعرضها للعواصف، بسبب غياب أنظمة الاستجابة الفعالة وقصور البنية التحتية الصحية.

دروس للمستقبل الصحة في قلب التخطيط للكوارث

يحذر الباحثون من أن التغير المناخي يعيد رسم خريطة الأعاصير حول العالم، ما يجعل مناطق جديدة عرضة للخطر ومن ثم، يجب على السلطات الصحية وأجهزة الطوارئ أن تتجاوز التركيز التقليدي على الإصابات المباشرة لتشمل الأمراض المزمنة والمعدية التي تتفاقم بعد مرور الكارثة.

ويؤكد التقرير ضرورة دمج البيانات الصحية في أنظمة الإنذار المبكر، إلى جانب الاستثمار في البنية الصحية للمناطق الفقيرة، باعتبارها الحلقة الأضعف في مواجهة الكوارث المناخية.

طباعة شارك الأعاصير المدارية الأعاصير التغير المناخي خريطة الأعاصير حول العالم الكوارث المناخية

مقالات مشابهة

  • 217 إعصار حول العالم تقتل بصمت بعد مرورها.. ناقوس الخطر الصحي يدق| ما القصة ؟
  • صحف عالمية: مصير مقاومي رفح ما زال عالقا وإسرائيل تقتل أطفال الضفة
  • الأهلي يرتدي الزي التقليدي في نهائي البطولة
  • مركز مصادر التعلم .. فيض عطاء لا ينفد
  • وزارة الحج والعمرة تطلق النسخة الثالثة من برنامج الإبداع والريادة لموسم الحج خلال ملتقى بيبان 2025
  • للارتقاء بجودة تجربة ضيوف الرحمن.. “الحج” تطلق النسخة الثالثة من برنامج الإبداع والريادة لموسم الحج
  • وزارة الحج تطلق النسخة الثالثة من برنامج الإبداع والريادة لموسم الحج
  • من الحجز إلى الإقلاع.. المسافرون يختارون الهوية الرقمية بدل جواز السفر التقليدي
  • هل تمثل الوجبات السائلة بديلا عمليا عن الطعام التقليدي؟