استذكرت الصحفية سارة دانيال المأساة المستمرة في السودان، وتحديدا في إقليم دارفور، معتبرة أن سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع شكل دليلا صارخا على عجز النظام الدولي عن الوقاية أو الحماية.

ووصفت الكاتبة -في زاويتها بمجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية- كيف صمدت الفاشر 18 شهرا في وجه الحصار والجوع والقصف قبل أن تسقط في أيدي قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) التي اقتحمت المستشفى الأخير وقتلت الجرحى والعاملين الصحيين.

وذكرت أيضا أن هذه القوات هي الوريثة المباشرة لمليشيات الجنجويد التي ارتكبت فظائع دارفور الأولى قبل 20 عاما، حين قتل أكثر من 300 ألف شخص، وقد ورثت الأساليب نفسها، لكن بأسلحة متطورة وتمويل خارجي، من دولة تتهمها تقارير أممية بتزويد المليشيات بالسلاح عبر ليبيا.

وفي المقابل، تتراجع القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي يتنازع مع حميدتي على بلد منهك ومدمر، في حرب أهلية أوقعت آلاف القتلى وملايين النازحين، ووسط تحقيقات من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب والانتهاكات الواسعة في البلد.

وتؤكد الكاتبة أن كل ما حدث كان متوقعا وموثقا، إذ كانت صور الأقمار الصناعية وتقارير الباحثين في جامعة ييل تظهر بدقة الحصار والتجويع الممنهج حول الفاشر، ومع ذلك لم يتحرك أحد.

والسبب في تجاهل ما يحدث -كما تقول الكاتبة- أن السودان لا يعد قوة إستراتيجية ولا ساحة إعلامية، ولا تمس مأساته مصالح القوى الكبرى وأسواقها أو الهجرة نحوها.

وفي هذا السياق، ترى الكاتبة أن إقليم دارفور تحول إلى مسرح لصراعات إقليمية متشابكة، يدفع المدنيون ثمنها الأكبر، مشيرة إلى أن ما يجري يجسد انهيار منظومات الأمم المتحدة المقيدة بالفيتوهات، والمنظمات الإنسانية الفاقدة للتمويل والعاجزة عن الوصول، والاتحاد الأفريقي الغائب والمنقسم.

السودان يكرر اليوم مشهد دارفور الأول، الوحشية ذاتها، والجناة أنفسهم، والسكوت نفسه، لتصبح المأساة شهادة جديدة على تراجع الضمير الدولي وفشل العدالة العالمية

أما الرأي العام العالمي، فهو مشغول بحروب أخرى مثل غزة، والعواصم الأفريقية تلوذ بالحياد الدبلوماسي لتغطية عجزها -كما ترى الكاتبة- مما منح حميدتي فرصة لتحويل حربه القبلية إلى إستراتيجية شاملة من الإرهاب والتطهير.

إعلان

واختتم المقال بالتأكيد على أن مجزرة الفاشر لم تكن مفاجئة، بل كانت "معلنة سلفا وموثقة خطوة بخطوة" ومع ذلك حدثت أمام صمت العالم الذي تخلى عنها اختيارا لا جهلا، ليكرر السودان اليوم مشهد دارفور الأول، الوحشية ذاتها، والجناة أنفسهم، والسكوت نفسه، لتصبح المأساة شهادة جديدة على تراجع الضمير الدولي وفشل العدالة العالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

حاكم دارفور: لا هدنة مع قتلة الشعب السوداني وجرائم الفاشر لن تُنسى

صرح حاكم إقليم دارفور السوداني بحر الدين آدم كرامة بأن قادة قوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم في مدينة الفاشر، مشدداً على أنهم لن يستطيعوا طمس هذه الانتهاكات.

وقال في تصريح لوكالة السودان للأنباء “سونا”، إن قرار مجلس الأمن والدفاع جاء بإجماع القادة على أنه لا هدنة مع قتلة الشعب السوداني، مؤكداً عدم المساومة على تراب الوطن وعدم ترك رايته تُنكس أو تُغمد في الذل والخنوع.

وأضاف حاكم دارفور أن الصراع الحالي هو حرب إرادة ومصير، وموقف رجال كتبوا بدمائهم عهد الشرف والوفاء، مشدداً على عدم خذلان الشهداء وتسليم راية الوطن للأجيال القادمة مكللة بالنصر.

ويأتي هذا التصريح بعد سيطرة قوات الدعم السريع في 26 اكتوبر، الماضي على مدينة الفاشر بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني، وسط تحذيرات من الانتهاكات التي تعرض لها النازحون.

وزار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، أمس السبت، مراكز إيواء نازحي الفاشر بمدينة الدبة، مؤكداً اهتمام الحكومة بمعالجة قضايا النازحين وتمكينهم من العيش الكريم، وتوجيه الأجهزة الحكومية لتوفير الخدمات الضرورية وإزالة المعوقات التي تواجه حياتهم الطبيعية.

وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت سابقاً السيطرة على مدينة بارا الاستراتيجية في شمال كردفان، لكن متحدث حركة “جيش تحرير السودان” الصادق علي النور نفى صحة هذه التصريحات بشأن السيطرة الكاملة على المدينة.

وتشهد السودان منذ أبريل 2023 اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على مقار حيوية، وسط فشل الوساطات العربية والأفريقية والدولية في التوصل لوقف دائم لإطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • أردوغان يتعهد بدعم السودان وأرقام جديدة تبين مأساة النزوح
  • حاكم دارفور: لا هدنة مع قتلة الشعب السوداني وجرائم الفاشر لن تُنسى
  • فظائع الدعم السريعفي الفاشر.. حرقوا الجثث ودفنوا المئات منها
  • السلطان علي دينار.. آخر سلاطين دارفور الذين حاربوا الإنجليز
  • استمرار الصمت الدولي يُضاعف الكارثة.. مسئول بدارفور: المتمردون يقومون باحتلال استيطاني في السودان
  • سقوط الفاشر يفتح فصلًا جديدًا من المأساة في حرب السودان
  • الجيش السوداني يعترض هجوما لقوات الدعم السريع
  • الأزمة الإنسانية تتفاقم في دارفور وسط استمرار القتال
  • الأمم المتحدة تحذر من "مجازر" جديدة في الفاشر