أستراليا – في اختراق طبي واعد، أعلن باحثون دوليون عن علاج جيني يُعطى لمرة واحدة تمكن من خفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية بأمان لدى مرضى يعانون اضطرابات دهنية مزمنة.

وجاءت هذه النتائج من أول تجربة سريرية تُجرى على البشر لعلاج يعتمد على تقنية تحرير الجينات “كريسبر-كاس9” (CRISPR-Cas9)، وهي أداة ثورية تُستخدم لتعديل الحمض النووي داخل خلايا الإنسان بدقة عالية.

ويحمل العلاج التجريبي الجديد اسم CTX310، ويُعطى عن طريق حقنة واحدة في الوريد. ويستخدم هذا العلاج جزيئات دقيقة مكوّنة من الدهون لتوصيل تقنية “كريسبر” إلى الكبد، حيث تعمل على تعطيل جين محدد يعرف باسم ANGPTL3، المسؤول عن إنتاج بروتين يؤثر في مستويات الدهون في الدم.

وعندما يُعطّل هذا الجين، تنخفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وكذلك الدهون الثلاثية التي ترتبط بزيادة خطر أمراض القلب والسكتة الدماغية.

ومن اللافت أن بعض الأشخاص يولدون بطفرات طبيعية توقف عمل هذا الجين، فيعيشون بمستويات منخفضة من الدهون دون أي مشكلات صحية، ما جعل الباحثين يسعون إلى محاكاة هذا الأثر بشكل علاجي باستخدام تقنية “كريسبر”.

نتائج التجربة السريرية

شملت التجربة 15 مريضا بالغا من أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، تتراوح أعمارهم بين 18 و75 عاما، يعانون ارتفاعا مزمنا في مستويات الدهون رغم تلقيهم أقصى العلاجات الممكنة.

وأجريت التجربة في 6 مراكز طبية بين يونيو 2024 وأغسطس 2025، تحت إشراف باحثين من معهد فيكتوريا للقلب بجامعة موناش في أستراليا.

وتلقى المشاركون جرعة واحدة من العلاج الوريدي CTX310 تراوحت بين 0.1 و0.8 ملغم لكل كيلوغرام من وزن الجسم، بعد تحضيرهم بأدوية مضادة للحساسية والالتهاب لتفادي أي ردود فعل مناعية.

وأظهرت النتائج أن مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية انخفضت بوضوح خلال أسبوعين فقط من الحقن، واستمر هذا الانخفاض لمدة لا تقل عن 60 يوما.

وفي أعلى جرعة، وصلت نسبة الانخفاض إلى نحو 60% في المتوسط، وهي نتيجة فاقت التوقعات الأولية التي كانت تتراوح بين 30% و40%.

وقال الدكتور لوك جيه. لافين، أخصائي أمراض القلب الوقائية في عيادة كليفلاند والباحث الرئيسي في الدراسة: “هذا إنجاز غير مسبوق — علاج لمرة واحدة فقط يحقق خفضا مزدوجا في الكوليسترول والدهون الثلاثية في آن واحد. وإذا تأكدت فعاليته في دراسات أكبر، فقد يغير مستقبل علاج اضطرابات الدهون مدى الحياة”.

السلامة والأعراض الجانبية

أفاد الباحثون بأن العلاج كان آمنا نسبيا، ولم تُسجّل أي مضاعفات خطيرة. وعانى ثلاثة مشاركين من أعراض بسيطة مؤقتة مثل آلام الظهر والغثيان أثناء عملية الحقن، واختفت هذه الأعراض سريعا مع العلاج الداعم. كما لاحظ الأطباء ارتفاعا مؤقتا في إنزيمات الكبد لدى أحد المرضى، لكنه عاد إلى وضعه الطبيعي خلال أيام دون أي تدخل إضافي.

وحتى الآن، لم تُرصد أي آثار جانبية طويلة الأمد، لكن الباحثين أوضحوا أن المتابعة ستستمر لمدة 15 عاما، تماشيا مع تعليمات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لضمان سلامة العلاجات الجينية الدائمة.

أهمية النتائج

يعد هذا العلاج أول تدخل جيني يحقق انخفاضا كبيرا ومتزامنا في نوعين من الدهون المرتبطة بأمراض القلب، ما يمنح الأمل للمرضى الذين لا يستجيبون جيدا للأدوية المعتادة مثل الستاتينات.

وأشار الدكتور ستيفن إي. نيسن، من معهد كليفلاند كلينك للقلب والمشارك في الدراسة، إلى أن التحدي الأكبر في علاج الكوليسترول هو ضعف التزام المرضى بالأدوية طويلة الأمد، مضيفا: “إمكانية استخدام علاج لمرة واحدة يستمر تأثيره سنوات تمثل نقلة كبيرة في الوقاية من أمراض القلب”.

ويخطط الباحثون لإطلاق المرحلة الثانية من التجارب السريرية في أواخر عام 2025 أو مطلع 2026، لتشمل أعدادا أكبر من المرضى وفئات عمرية وجنسية متنوعة، بهدف تأكيد فعالية العلاج وسلامته على المدى الطويل.

أُعلنت نتائج الدراسة خلال الجلسات العلمية لجمعية القلب الأمريكية لعام 2025، التي عُقدت في مدينة نيو أورلينز بالولايات المتحدة بين 7 و10 نوفمبر، ونُشرت الورقة البحثية بالتزامن في مجلة نيو إنغلاند الطبية.

المصدر: ميديكال إكسبريس

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: والدهون الثلاثیة الدهون الثلاثیة

إقرأ أيضاً:

تعديل جين قد يخفّض مستويات الكوليسترول العالية بشكل دائم

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يتمكّن الأطباء يومًا ما عبر تعديل جيني بسيط، من خفض مستويات الكوليسترول المرتفعة، والتي تعد خطيرة، بشكل دائم، ما قد يغني عن اللجوء إلى الأدوية، وذلك وفقًا لدراسة تجريبية جديدة نُشرت مؤخرًا في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية.

تُعد الدراسة ضئيلة للغاية، إذ شملت 15 مريضًا فقط يعانون من مرض شديد، وكان الهدف منها اختبار سلامة دواء جديد يتم تقديمه باستخدام تقنية CRISPR-Cas9، وهي أداة بيولوجية تعمل كمقص دقيق يقطع جينًا محددًا لتعديله، أو تشغيله، أو إيقافه.

مع ذلك، أظهرت النتائج الأولية انخفاضًا بنحو 50% في مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة، المعروف بـ"الكوليسترول الضار"، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في أمراض القلب، أي السبب الأول للوفاة بين البالغين في الولايات المتحدة وحول العالم.

وقد وجدت الدراسة أيضًا انخفاضًا بمعدل 55% في مستوى الدهون الثلاثية، وهي نوع آخر من الدهون في الدم يرتبط أيضًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور ستيفن نيسن :"نأمل أن يكون هذا حلًا دائمًا، بحيث يتمكّن الشباب الذين لديهم إصابة بأمراض حادة من الخضوع لعلاج جيني لمرة واحدة فقط، بهدف الحصول على انخفاض دائم في مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية لبقية حياتهم".

وأضاف نيسن، وهو كبير المسؤولين الأكاديميين في معهد سيديل وأرنولد ميلر لصحة القلب والأوعية الدموية والصدر في مستشفى كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية أن "الأمر بمثابة حلم تحقق".

يوصي أطباء القلب اليوم الأشخاص المصابين بأمراض قلبية أو أولئك الذين وُلدوا بقابلية وراثية لارتفاع الكوليسترول بأن يخفضوا مستوى الكوليسترول الضار إلى ما دون 100، وهو المعدل المتوسط في الولايات المتحدة، حسبما ذكره الدكتور براديب ناتاراجان، وهو مدير قسم أمراض القلب الوقائية في مستشفى ماساتشوستس العام وأستاذ الطب المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن. 

وأضاف ناتاراجان، الذي لم يشارك في الدراسة: "هناك أدلة تشير إلى أن المستوى الأمثل للكوليسترول يتراوح بين 40 و50، وهو أمر يصعب تحقيقه من خلال النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي فقط".

وتابع قائلًا: "حاليا، يمكن للأدوية المتوفّرة بالفعل أن تخفّض الكوليسترول الضار إلى المستويات التي ظهرت في الدراسة، بل أن بعض الأدوية تُعد أكثر فعالية قليلًا. لذا علينا الانتظار لنرى ما إذا كان هذا العلاج فعالاً بالقدر الذي تشير إليه هذه الدراسة الأولية".

رغم كونها أولية، إلا أن نتائج الدراسة تُعد مثيرة للاهتمام نظرًا لصعوبة تذكّر تناول الأدوية اليومية، للسيطرة على مستويات الكوليسترول المرتفعة، وفقا لما ذكرته الدكتورة آن ماري نافار، وهي اختصاصية أمراض القلب الوقائية وأستاذة مساعدة لدى مركز ساوث وسترن الطبي بجامعة تكساس في مدينة دالاس الأمريكية. 

وقالت نافار، التي لم تشارك في الدراسة:"رغم وجود العديد من العلاجات المتاحة، فإن الغالبية العظمى من الناس لا ينجحون في السيطرة على مستويات الكوليسترول الضار لديهم".

وأضافت قائلة:"إذا كنت في العشرين من عمرك وتعاني من ارتفاع شديد في الكوليسترول، فقد يكون من المنطقي أكثر أن تحصل على علاج لمرة واحدة فقط، من دون الحاجة لتلقي حبة دواء يوميا أو حقنة كل أسبوعين لمدة الستين عامًا القادمة".

وتابعت نافار: "تُعد الإمكانات الكامنة في هذا العلاج هائلة فعلًا".

مقالات مشابهة

  • تعديل جين قد يخفّض مستويات الكوليسترول العالية بشكل دائم
  • مفوضية الانتخابات: “لن”يحدث خرق للانتخابات العامة
  • علاج حراري منزلي لخفض ضغط الدم
  • أكثر من 80 بالمئة من المشاركين تماثلوا للشفاء.. تجربة سريرية تكشف علاجًا واعدًا لسرطان المثانة
  • طلاب الإعلام يتعرفون على تجربة “المراسل الميداني”
  • علاج جيني جديد يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية للنصف
  • تعليم ترهونة: توفير علاج “اللشمانيا” للطلاب المصابين في مستشفى الداوون
  • تصميم جديد لتطبيق Shazam بتقنية Liquid Glass من Apple يمنح المستخدمين تجربة أكثر سلاسة وأناقة
  • أمل طبي لمرضى الكوليسترول مع ابتكار "علاج قياسي"