المطار.. مسارح وداع لا تغلق ستائرها 1-2
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
من يتأمل المطار يجد أنه ليس مجرد بوابات للسفر بقدر ما هو مسرح مكتظ بالحكايات، مكان تتكثف فيه المشاعر، وتتقاطع على أرضه لحظات الفرح والوداع، لقاءات ممزوجة بالدموع والابتسامات والأمل المحفوف بالخوف، تتشابه تلك المشاهد في كل مطارات العالم تقريبًأ، فمن يتأمل أركان المطار يجد في كل زاوية أثر وحلم لإنسان ترك شيئًا من روحه خلفه، أو مضى نحو ما يظنه بداية لحياة جديدة، معظم من غادر علم أنه سيعود يومًا غريب، خلال رحلة بحثي عن صوت يصف هذا العالم من الداخل، عن حكايه لا يرويها المسافر بل من يراقب المشهد في صمت، من يري كل شيء لكنه لا يغادر، التقيت بأحد الأشخاص المرموقين من الذين تحمل جدران المطار لهم في كل زاوية بصمة، لم أكن أبحث معه عن معلومة جامدة، بل عن عين تري وتصف ما لا نراه نحن العابرين، لم يحدثني بلسان رجل يحقق الانضباط بالمطار، بل بقلب إنسان يري الطرق وهي تتقاطع بالدموع، بهدوء يشبه سكون الممرات في آخر الليل، وصوت وقور ثابت تحدث بكلمات تحمل ثقل التجربة التي كلفته علي مدار عمره جزءًا من قلبه، عيناه كانت تبدوان من بين الحروف كنافذتين تطلان على حكايات لم تقلها الشفاه، مزج الحكايات بخليط من الصرامة والعطف، كأن وظيفته التي فرضت عليه الانضباط لم تستطع كبح جماح قلبه، الذي أصر علي أن يتسلل بين التفاصيل، بصوت هادئ كمن تمر عليه الحكايات كل يوم دون أن يسمح له بالمشاركة فيها، قال: إنه رأى من المشاهد ما يكفي ليؤمن بأن المطار ليس مكانًا للعبور فقط، بل هو مرآة تعكس هشاشة البشر حين يواجهون فكرة الرحيل، علي مدار سنوات عمره شاهد لحظات من النقيض بين البداية والنهاية، الأمل والخوف، اللقاء والوداع، هناك حيث تقاطعت مصائر البشر في مشاهد متعددة تختصر حكايات بأكملها، بعضها يولد وبعضها يلفظ أنفاسه الأخيرة، يري أن الحياة ليست إلا سلسلة من محاولات البقاء المتماسكة أمام ما يفلت من بين أيدينا، كالطفلةً التي تمسك بأبيها وهي تبكي بحرقة، حتي لا يذهب بطل قصة حبها الأولي ويتركها، شاهدها بنظرات الأب الذي يتهدج قلبه أمام عجز صغيرته ومرت سنوات طويلة لم يستطيع فيها تجاوز ذلك المشهد أو محوه من ذاكرته، بالرغم من اختياره للكلمات بدقة، إلا أنه حين تحدث عن الألم يلين صوته فجأة كما لو أنه يواسي نفسه دون أن يشعر، بوابة أخري يقف عليها أبناء يلوحون بالوداع السريع لوالديهم وهم يخفون ابتسامة خجولةً من ارتياح عابر، لمح في عيون الأباء حالة نكران كأنهم لا يرغبون في تصديق تلك الحقيقة التي تهمس داخلهم بأن غيابهم منح الأبناء فسحة من الحرية افتقدوها في حضورهم، وأن تواجدهم أصبح مرهونًا بما ينفقون، تمني لو أخبرهم أن النظام الذي يضيقون به اليوم هو ذاته الأمان الذي سيفتقدونه غدًا، علي جانب آخر وجوه الأمهات الملوحة في الهواء تودع أبناءها نحو مصائر مجهولة، تتقاطع فيها دعوات الأمهات بالدموع، ويتعانق فيها الأمل مع الخوف، وعروس غادرت بالأمس فرحة، وهي ترتدي فستان زفافها الأبيض نحو الحلم، ثم عادت بوجه خافت الملامح، وروح أنهكتها الغربة، لأنها لم تكتشف الوحدة حين ابتعدت عن وطنها، بل حين وجدت نفسها غريبة بين أحضان من أحبت، بعد أن أكلت الغربة جزءًا من روحه، وأصبح جسدًا بلا روح.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
مطار حمد الدولي في قطر يسجل نموا قياسيا في الربع الثالث
استقبل مطار حمد الدولي 14.3 مليون مسافر في الربع الثالث من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول هذا العام، بنمو سنوي بلغت نسبته 4.3%، محققا بذلك أفضل أداء ربع سنوي منذ افتتاحه في 2014.
وكان الحدث الأبرز خلال هذا الربع هو الرقم القياسي الذي سجله المطار في أغسطس/آب، والذي أصبح بموجبه الشهر الأكثر ازدحاما في تاريخ المطار على الإطلاق، إذ استقبل أكثر من 5 ملايين مسافر، ما يؤكد المكانة الرائدة لمطار حمد الدولي ضمن أسرع المطارات نموا في العالم.
وبلغ عدد المسافرين من وإلى الدوحة خلال هذا الربع 3.4 ملايين مسافر ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 7%، في حين زادت حركة الطائرات وارتفع متوسط إشغال المقاعد لدى شركات الطيران العاملة في مطار حمد الدولي.
وأطلقت الخطوط الجوية القطرية خلال هذا الربع مسارين جديدين إلى كل من مالطا ومدينة حلب السورية، وهذا عزز الربط الجوي عبر مقر عملياتها. كما حافظ مطار حمد الدولي على نسبة رضا عالية لدى عملائه بلغت 98%، وهذا يؤكد قدرته على الجمع بين التوسع في العمليات التشغيلية وجودة الخدمة الاستثنائية.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن الرئيس التنفيذي للعمليات في مطار حمد الدولي، حمد الخاطر، قوله: "يواصل مطار حمد الدولي توسيع نطاق عملياته لتلبية الطلب المتزايد على السفر، تدعمه في ذلك جاذبية قطر المتنامية كوجهة سياحية رائدة ونمو قطاع الطيران فيها. وانطلاقا من التزامنا بالارتقاء بتجربة المسافرين، نستمر في تعزيز طاقة المطار الاستيعابية والتشغيلية، مؤكدين دور الإنجازات التي نحققها في إعادة تعريف المعايير العالمية لمستويات أداء المطارات".
وخلال الربع الثالث، سجلت حركة الطائرات ارتفاعا بنسبة 1.3%، وشهد المطار 72 ألفا و700 رحلة، في حين استقر حجم الشحن الجوي عند 664 ألفا و975 طنا، مسجلا انخفاضا طفيفا بنسبة 0.8% مقارنة بالربع الثالث من عام 2024.
إعلانوحققت شركات الطيران العاملة بمطار حمد الدولي متوسط إشغال للمقاعد المتاحة بنسبة 84.1%، بزيادة قدرها نقطتان مئويتان مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهذا يعكس قوة الطلب وكفاءة أداء المسارات الجوية.