هل عدم طاعة الوالدين في الزواج من العقوق؟ علي جمعة يحسم بالدين
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
لعل ما يطرح سؤال هل عدم طاعة الوالدين في الزواج من العقوق ؟، هو كثرة المشاكل التي يشعلها تدخل الأهل في اختيار الزوج أو الزوجة المناسبة للأبناء دون النظر إلى رغبتهم في شركاء حيواتهم، وهذا ما يدفع الأبناء لرفض خيارات الآباء ، والذي يفرض سؤالا مهمًا عن هل عدم طاعة الوالدين في الزواج من العقوق ؟.
. الإفتاء: بـ3 شروط
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جعل أمر الرشيدة البالغة بيدها، ونهى عن إكراه الفتاة وإجبارها على الزواج من شخص ما.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال : ( هل عدم طاعة الوالدين في الزواج من العقوق ، فأهلي يريدوني أن أتزوج رجل لا أحبه فهل عدم طاعتي لهم تعتبر عقوق للوالدين؟)، إنه لما جاءت فتاة ذات مرة تقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " إن أبي يريدني أن أتزوج ممن أكره"، فجعل أمرها بيدها.
وأكد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن إكراه البنات على الزواج، منوهًا بأنه بناء عليه فليس في عدم إطاعتهما في الزواج عقوق للوالدين، لما قال الله سبحانه و تعالى-: « وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ..» الآية 15 من سورة لقمان، فقد أمرنا الله - عز وجل- في الآية الكريمة بعدم الطاعة وفي ذات الوقت بالبر أيضًا، وهذا يدل على أن البر ليس في كل طاعة.
وتابع: فنحن نبر أباءنا؛ لأنه من موجبات الجنة ومن محاسن الأخلاق، إلا أنه لا يتمثل في كل طاعة من كبيرة أو صغيرة، أو خطأ وصواب، أو في إكراه ونحوه، فلا علاقة لهذا بالبر، وهذا حكم الدين، مشيرًا إلى أنه في غالب التجربة والأحيان تكون رؤية الوالدين هي الصواب، يعني لا نضيع على نفسنا خير في الدنيا، وإن لم يكن فيه عقوق.
وأضاف أنه ربما ليس فيه حكمة، لذا ينبغي علينا أن نتأمل ما يختاروه لنا، إلا إذا كانت هناك عداوة بين هذه البنت وهذا الرجل، أو عداوة بينها وبين أمها وأبيها يريده لإغاظة الأم، أو نحو ذلك من الأحوال، مؤكدًا: على كل حال المخالفة لا تقدح في البر.
تعنت الأم في تزويج بنتهاوأفادت دار الإفتاء المصرية ، بأن الأصل أن طاعة الوالدين في الزواج وغيره واجبة إلا في المعصية؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15].
ونبهت " الإفتاء" عن تعنت الأم أو الوالدين في تزويج ابنتهما ، إلى أن الأصل أنهما إنما يتصرفان بدافع الشفقة والمصلحة، وقد نص الفقهاء على وجوب طاعة الوالدين في الإقدام على الزواج والإحجام عنه، ومن خالفهما في ذلك كان عاصيًا، إلا إذا كان رفضهما للزواج محض تعنت وإضرار كما لو رفضا أصل الزواج من مبدئه مع حاجة ولدهما إليه؛ فحينئذٍ لا تكون مخالفة ولدهما لهما معصية يأثم بها.
وبينت أنه بناء عليه: فإذا كانت أمُّكِ تتعنت معك برفضها لزواجك أصلًا مع احتياجك للزواج فليس لها ذلك، ويجوز لك حينئذٍ أن تتزوجي على الرغم منها ولا إثم عليك ولا حرج، أما إن كان رفض الأم مرتبطًا بشخص معين مع جواز أن توافق على غيره فإن طاعتها حينئذٍ لازمةٌ وتحرم مخالفتها.
حكم طاعة الولد والديه في الزواج ممن لا يرغبقد ذكر أهل العلم وجوب طاعة الوالدين إن أمرا بترك الزواج من امرأة معينة. ومن ذلك الزواج من قرية أو قبيلة ونحوه، فلا يجوز لك إذن أن تتزوج من تلك الفتاة لما في ذلك من معصية أبويك وعقوقهما. إن لم تخف على نفسك من الوقوع معها فيما يغضب الله عز وجل.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ومفهوم كلامه" أي تقي الدين " أنه إذا لم يخف على نفسه يطيعها "أي أمه" في ترك التزوج، هذا في تركه مطلقا فما بالك بتركه من امرأة معينة أو بلد معين لما تتوقعه، ولكن إن خالفت أمرهما فزواجك صحيح إذ لا يشترط لصحة النكاح رضاهما بذلك إلا أنك تأثم إن فعلت لأن ذلك يغضبهما، كما أن زواجك من تلك الفتاة غير واجب وطاعتهما واجبة وهواهما مقدم على هواك.
فقد أخرج الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ابن عمر قال: كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. وقال الشيخ الألباني: حسن.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
حسن يحيى: الحضارة الحقيقية لا تتحقق إلا بالدين والالتزام بمبادئ الإسلام
قال الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العُليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلاميَّة: إنَّ الرؤية الإسلاميَّة التي يعبِّر عنها الأزهر الشريف تجاه الحضارة لا ترفض التقدُّم العِلمي، لكنها ترفض أن تُستخدم منجزات الحضارة لأغراض هدَّامة، مثل: سَفْك الدماء، ونَشْر الإلحاد، وإباحة الشذوذ، وتفكيك الشعوب، والإرهاب، وصناعة المجاعات.
وأضاف الدكتور يحيى خلال افتتاح فعاليَّات الأسبوع الرابع عشر للدعوة الإسلاميَّة، الذي تعقده اللجنة العُليا للدعوة في جامعة أسيوط تحت عنوان: (مفاهيم حضاريَّة)، أنَّه مِنَ الضروري أن يعرف الشباب مفاتيح الحضارة القرآنيَّة ومظاهر تطبيقاتها في السُّنة النبويَّة، ومعرفة أسباب ازدهارها وعوامل فنائها، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
وأشار الأمين العام المساعد للجنة العُليا للدعوة إلى أنَّ الحضارة بعيدًا عن الدِّين ليست حضارة، بل هي نزقٌ بشريٌّ ومرضٌ اجتماعيٌّ، وأنَّ الاتهامات التي تصف الإسلام بأنه ضد التقدُّم والتحضّر أو دين البداوة والرجعيَّة؛ لا أساس لها من الصحَّة، مؤكِّدًا أنَّ الإسلام أقام حضارة زاهرة، وأنَّ التخلُّف المعاصر للأمَّة سببه تفريط المسلمين في معطيات دِينهم وعدم الالتزام بمقتضيات العقيدة.
وتستمر فعاليَّات الأسبوع الدَّعوي الرابع عشر في جامعة أسيوط على مدار خمسة أيام بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف، تتنوَّع خلالها الندوات الفِكريَّة التي تناقش قضايا: الحضارة، والعِلم، والقِيَم، والحُريَّة المسئولة، وحقوق الإنسان في ضوء الشريعة الإسلاميَّة.