أفول عصر الشيوعيين وبزوغ صوت السودانيين في الخارج
أيقنت مراكز الإنذار المبكر داخل أروقة الحزب العجوز خطورة صعود خطابات مستقلة داخل الجاليات السودانية في الخارج، فطفقت تخرج بياناتها محذرة من تنامي هذا الحراك الجماهيري في أوساط الدياسبورا السودانية. فالحزب الذي لطالما تفاخر بهيمنته على الجاليات وبقدرته على حشد المظاهرات وبوجود عضويته داخل الجمعيات والمنظمات الدولية وجد نفسه مذهولاً أمام الحراك الذي انتظم في الخارج.

.

فتفاجأ الحزب ببروز أصوات جديدة وشباب مستقل يتحرك بدوافع وطنية وحقوقية بعيداً عن الإملاءات والتوجيهات الحزبية. فظهور هؤلاء الشباب المستقل في المهجر هو الخطر الذي استدعى من مكاتب الحزب في أوروبا وأمريكا وكندا محاصرة هذه المظاهرات ووصفها بأنها مظاهرات تنتمي لفلول النظام السابق. فكعادة الحزب في ممارسة هوايته في الإنكار وليّ الحقائق واستعداء أي حراك لا يقف خلفه ولا يكون جزءاً من تنظيمه. فبيانات الحزب الأخيرة في كندا بينت حالة الاغتراب التي يعيشها كوادر الحزب عن قواعد الجاليات وقضاياهم الحقيقية وحتى عن شبابه وناشطيه المنضوين تحت لواء الدفاع عن الدولة وسيادتها..

فبدلاً من أن يقود الحزب الشيوعي قضايا وأشواق الجماهير المكتوية بنار الحرب وجرائم الجنجويد الممنهجة، انغمس الحزب في تبني خطابات ملتوية ومايعة لا تعرف الحرب إلا بمنظوره الضيق وعباراته المكررة. فبيان الحزب الأخير في أونتاريو في كندا والذي نشرته الأستاذة والقيادية في الحزب الشيوعي إلهام عبد الخالق، والذي بدل أن يعترف بعدالة قضية المتظاهرين في كندا ومشروعية حراكهم الرافض لجرائم الجنجويد والدعم الإماراتي، ذهب البيان إلى تخوين كل من شارك في الوقفات ووصفهم بأنهم أذرع للمؤتمر الوطني وأنهم داعمين للإرهاب والخراب وغيرها من الأكليشيهات القحتية..

لم يكن اعتراض الحزب الشيوعي على هذه الوقفات نابعاً من قناعة مرتبطة بالحرب ورؤيته لمعالجتها، فهذا مما ليس حاضراً في أدبيات الحزب الذي لم يُعرف عنه مبادرة جادة للحل بقدر تمترسه في خطابات اللاموقف واللاحل واللاأجوبة وانعدام الأفق. ولكن كان الاعتراض نابعاً من أن هنالك متغير جديد لم يعتده الحزب، متغير في قدوم رافد جديد للجاليات متجاوز لخطابات وشعارات طالما رسخها الحزب في الجاليات في الخارج. ففقدان هذه الوضعية التي سيطر عليها الحزب على مدى سنين طويلة في الخارج هو ما جعل البيانات تكون هستيرية وركيكة ومرتبكة تشابه بيانات الجمعيات الثقافية الناشئة في سنينها الأولى..

فالحزب الذي تأسس في أربعينات القرن الماضي لم يستطع من بيانه الموقع في كندا التفريق بين الاعتراض والتفسير والحقائق والوقائع والرغبات. فجمع كل هذه المتعارضات وصاغها في بيان واحد. من الواضح أن الحالة النفسية والصدمة الداخلية لعبت دور كبير في خروجه بهذا الشكل اللولبي. فحالة الاتزان النفسي لدى كوادر الحزب الشيوعي أثرت على قدرتهم على استيعاب هذا الحراك بعيداً عن عيون التخوين والتشكيك، وهو ما جعل بياناتهم تكون بهذا الشكل الهزيل..

على كوادر الحزب الشيوعي في كندا أن يتخذوا موقفاً مشرفاً بعيداً عن المقولات الجاهزة التي امتهنوا ترديدها على مدى سنين طويلة. فلم يعد المواطن السوداني معنيا ببياناتهم المكارثية واتهاماتهم المستمرة وثنائياتهم المحصورة في my way or the highway. ففقدانهم للتأثير أمر طبيعي لابتعادهم عن مصالح الحركة العامة وتبنيهم مصالح خاصة بعيداً عن مصالح البرولتاريا التي يدعون تمثيلها. نقول للحزب الشيوعي أن يعيد تنظيم نفسه ويبدأ في مراجعة خطابه. فالشباب الذي خرج في كندا ليس مهتم بالسيطرة على رئاسة جالية أو الهيمنة على منظمة أو مزاحمتهم في مقاعد مكاتبهم. فدوافعهم للخروج في هذه المظاهرات معروفة ومكتوبة في بياناتهم وشعاراتهم. فإما أن تنخرطوا معهم رفضاً للإمارات والجنجويد أو أن تعيشوا في غيكم هذا فتلفظكم الجماهير.


حسبو البيلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی فی الخارج الحزب فی فی کندا

إقرأ أيضاً:

"الأورومتوسطي": احتجاز ريتشارد فولك في كندا يهدف لردع المدافعين عن حقوق الإنسان

صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن احتجاز رئيس مجلس أمناء الأورومتوسطي المقرر الخاص السابق بالأمم المتحدة ريتشارد فولك في كندا واستجوابه حول المرصد مرفوض ويهدف إلى ردع المدافعين عن حقوق الإنسان.

وأوضح المرصد في تصريح له، الثلاثاء، أن فولك احتُجز واستُجوب بمطار "تورونتو بيرسون" في كندا وسُئل حول المرصد الأورومتوسطي وعمله الحقوقي.

وأضاف أن الضباط سألوا فولك عن ارتباطه بالأورومتوسطي وأفاد بأنه يترأس مجلس أمنائه وأن المنظمة يعمل بها شباب متطوعون في الميدان لتوثيق الانتهاكات.

وأشار إلى أن الضباط أخبروا فولك عن محاولتهم تحديد ما إذا كان يشكل "تهديدًا على الأمن القومي لكندا"، رغم أنّ استجواب "فولك" لم يسفر عن أي إجراء قانوني ضده إلا أنّه قد يتسبب بضغط غير ضروري على المسؤولين والعاملين في المنظمات الحقوقية.

ونوه المرصد إلى أن هذه القيود تفرض بيئة ترهيبية على المدافعين عن حقوق الإنسان والواقعة تعكس نمطًا من الاضطهاد المنهجي الذي يتعرض له المدافعون عن حقوق الفلسطينيين في عديد من الدول الغربية.

وتابع أن منظومات الأمن وأدوات المراقبة والهجرة في بعض الدول تُستغل لإسكات النقد المشروع للجرائم الإسرائيلية وتجريم الخطاب الحقوقي الذي يطالب بالمساءلة عن الإبادة الجماعية في غزة.

وطالب المرصد بفتح تحقيق مستقل وشفاف في قرار الاحتجاز والاستجواب ونشر نتائجه للرأي العام ومساءلة كل من يثبت تورطه في إساءة استخدام صلاحيات الأمن والهجرة.

مقالات مشابهة

  • "الأورومتوسطي": احتجاز ريتشارد فولك في كندا يهدف لردع المدافعين عن حقوق الإنسان
  • وزير خارجية تشاد: ملتزمون بالعمل مع مصر لمساندة الأشقاء السودانيين
  • شبكة الصحفيين السودانيين تطالب بإطلاق سراح معمر إبراهيم بالفاشر
  • اليوم.. «تريندز» يبدأ جولة بحثية مكثفة في كندا
  • معادلة انتخابية تدفع القوى الناشئة بعيداً عن البرلمان العراقي
  • أكاذيب ومحاولات لتحريض داخلي.. قاسم للحكومة وحاكم مصرف لبنان: أوقفوا الاجراءات التي تستهدف الحزب
  • نهيان بن مبارك يقود مسيرة التسامح نحو المريخ بمشاركة من مختلف الجاليات
  • سياسات ترامب تُعمّق انقسام الداخل… وتقلق حلفاء الخارج!
  • أزمة مياه خانقة تضيف معاناة جديدة للنازحين السودانيين من الفاشر