طفرة في إنتاج الذهب بغانا ومخاوف من التبعات البيئية
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
في الوقت الذي تحتفل فيه حكومة الرئيس جون ماهاما بتحقيق أحد أعلى معدلات العائدات في تاريخ صناعة الذهب الغاني، تتصاعد في المقابل أصوات تحذّر من أن هذه الطفرة الاقتصادية تُبنى على حساب البيئة، وسيادة القانون، وحتى الشفافية المالية.
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2025، لقي ثلاثة من عمال المناجم غير النظاميين مصرعهم بعد أن علقوا داخل نفق مهجور في إقليم الغرب.
ووفقا للسلطات، دخل الضحايا إلى الحفرة عبر ممرات غير مصرح بها، في نمط متكرر من عمليات "غلامسي" -الاسم المحلي للتعدين غير القانوني- الذي بات يشكّل ظاهرة موازية لصناعة الذهب الرسمية في البلاد.
هذه الحادثة، رغم تكرارها، جاءت لتسلط الضوء مجددا على التناقض القاتل في قلب اقتصاد الذهب الغاني: عائدات قياسية من جهة، وتدهور بيئي وفوضى تنظيمية من جهة أخرى.
طفرة غير مسبوقة في الصادراتبين يناير/كانون الثاني ومنتصف أكتوبر/تشرين الأول 2025، بلغت صادرات الذهب من التعدين الصغير 81.7 طنا، بقيمة 8 مليارات دولار، متجاوزة لأول مرة إنتاج الشركات الكبرى.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى إصلاحات حكومية شملت فرض ضوابط صارمة على التصدير، وحملات لمكافحة التهريب، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على أنشطة الاستكشاف.
لكن هذه الطفرة، بحسب أفريكا ريبورت، لم تُترجم إلى تحسينات في الرقابة أو حماية البيئة، بل على العكس، ترافقت مع تزايد في تلوث الأنهار، وتوسع التعدين في المحميات، وتحويل مساحات زراعية شاسعة إلى مناطق تنقيب.
النفط يتراجع والذهب يتصدرتأتي هذه الطفرة في وقت تشهد فيه عائدات النفط في غانا انهيارا حادا، إذ انخفض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ 6 سنوات، وتراجعت الإيرادات البترولية بنسبة 56% في النصف الأول من 2025.
إعلانهذا التراجع دفع حكومة ماهاما إلى الاعتماد بشكل متزايد على الذهب كمصدر بديل للعملة الصعبة.
البيئة في مهب الأرباحداريل بوسو، نائب مدير منظمة أروشا غانا البيئية، عبّر عن قلقه من أن الحكومة "تفشل في تحقيق التوازن بين العائدات الاقتصادية والبقاء البيئي".
وقال في حديثه لأفريكا ريبورت "نرى ارتفاعا في عائدات الذهب، لكننا لا نرى تحسنا في التنظيم أو استعادة الأراضي المتضررة".
وأضاف "أنهارنا لا تزال ملوثة، والغابات تتقلص، والأراضي الزراعية تُبتلع. لم نشهد استثمارا موازيا للعائدات في جهود الاستصلاح البيئي".
إصلاحات ترضي المستثمرينرغم الانتقادات البيئية، لاقت بعض الإصلاحات الحكومية ترحيبا من المستثمرين، خصوصا إلغاء ضريبة القيمة المضافة على الاستكشاف، ما اعتُبر خطوة لإعادة غانا إلى خارطة التنافسية في قطاع التعدين.
وقال مايكل أكافيا، رئيس غرفة مناجم غانا، إن هذه الخطوة "ستُحرّر رؤوس أموال كانت مجمّدة، وتُعيد تأكيد مكانة غانا كوجهة تعدين أولى في أفريقيا".
لكن على الأرض، تبدو الصورة أكثر تعقيدا. فالرئيس ماهاما أعلن عن مشروع قانون لإنشاء محاكم عامة لتسريع محاكمة المتورطين في "غلامسي"، مؤكدا أن ذلك سيُعزز العدالة ويحمي الموارد الطبيعية.
بيد أن بوسو وصف هذه الوعود بأنها "خطابية"، مشيرا إلى أن قوة مكافحة التعدين غير القانوني تعاني من نقص حاد في التمويل، ولا تملك سوى أقل من 10% من الموارد اللازمة للعمل بفعالية.
القانون لا يُطبقينص القانون رقم 995 على عقوبة لا تقل عن 20 عاما لأي شخص يشارك في التعدين غير القانوني أو تصنيع معداته، بمن فيهم الأجانب.
لكن الحكومة، بحسب بوسو، "تفضّل ترحيل الأجانب بدلا من محاكمتهم"، ما يُعد تقويضا لسيادة القانون.
هل تستفيد الحكومة من الذهب غير القانوني؟من أكثر النقاط إثارة للقلق، بحسب أفريكا ريبورت، أن الحكومة لم تُفصح عن مصادر الذهب المُصدّر، ولم تُفرق بين ما هو قانوني أوغير قانوني.
ويقول بوسو "الأرقام لا تميّز بين التعدين الصغير القانوني وغير القانوني، ما يثير تساؤلات: هل تستفيد الحكومة من الطفرة في التعدين غير المشروع؟"
ويضيف "الذهب غير القانوني يُموّل الحرب في السودان، وتُجرى صفقات تبادل أسلحة بالذهب بين متمردين في بوركينا فاسو. نحن مهووسون بالعائدات، ونغفل عن الاستدامة".
توصيات عاجلةيختتم بوسو حديثه بثلاث توصيات عاجلة:
أولا: تمويل قوة مكافحة التعدين غير القانوني بشكل كاف لنشرها في 21 نقطة ساخنة للتعدين غير القانوني.
ثانيا: تفعيل الحماية الأمنية للغابات والأنهار، وهي إجراءات أعلنت عنها الحكومة ولم تنفذها.
ثالثا: تطبيق القانون بعدالة، بما في ذلك محاكمة المخالفين الأجانب وفقا للقانون رقم 995.
ويختم بتحذير لافت "أنهارنا لا تزال تحت الحصار، والمخالفون يلعبون لعبة القط والفأر مع الشرطة. لم نُظهر التزاما حقيقيا في كيفية توجيه الموارد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات التعدین غیر القانونی
إقرأ أيضاً:
الأسهم الآسيوية تتراجع بحدة بفعل ضغوط التكنولوجيا ومخاوف السياسة المالية في اليابان
تراجعت معظم أسواق الأسهم الآسيوية، اليوم الثلاثاء، متتبعة الهبوط القوي في بورصة "وول ستريت" مع إقبال المستثمرين على بيع أسهم التكنولوجيا قبيل إعلان نتائج الذكاء الاصطناعي المرتقبة من شركة “إنفيديا” هذا الأسبوع.
وجاءت اليابان في صدارة الخاسرين، إذ هوت المؤشرات الرئيسية وسط موجة بيع عنيفة في السندات الحكومية طويلة الأجل، على خلفية القلق من كيفية تمويل رئيسة الوزراء سانايي تاكايتشي لسياساتها المالية التوسعية، وفق ما نقله موقع “إنفستنج” الأمريكي.
وانخفض مؤشر نيكي 225 بنسبة 2%، فيما خسر مؤشر توبكس أكثر من 2%، نتيجة قفزة قوية في عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود.
وارتفع عائد السندات لأجل 30 عاما بنسبة 1.8% مقتربا من مستويات قياسية، بينما صعد عائد السندات لأجل 20 عاما بنسبة 1.4% مسجلا مستوى قياسيا جديدا.
وجاءت موجة البيع في السوق مع استعداد حكومة تاكايتشي للكشف عن أول حزمة إنفاق لها، والمتوقع صدورها هذا الأسبوع.
وأدى انكماش الاقتصاد الياباني في الربع الثالث إلى زيادة الرهانات على حزمة دعم أكبر، مع تقارير إعلامية تشير إلى بحث الحكومة تخفيضات ضريبية لتحفيز الاستهلاك.
وتشير القفزة في عوائد السندات إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض الحكومي، فيما يعكس البيع المكثف تراجع ثقة المستثمرين في الدين الحكومي، وزاد التوتر السياسي مع الصين، بعد تصريحات تاكايتشي بشأن إمكانية استخدام القوة في تايوان، من اضطراب السوق، خصوصا مع تقارير عن حظر بكين إصدار عدد من الأفلام اليابانية، ما دفع أسهم شركات مثل توي وتوهو إلى هبوط حاد.
وتعرّضت البورصات الآسيوية المعتمدة على التكنولوجيا لضغوط قوية، إذ هبط مؤشر كوسبي الكوري 3.3%، فيما تراجع مؤشر هانج سنج في هونج كونج 1.9%.
كما تأثرت السوق اليابانية بالخسائر الحادة في أسهم التكنولوجيا، حيث انخفض سهم سوفت بنك بنحو 6%.
وفي كوريا الجنوبية، تراجعت أسهم سامسونج للإلكترونيات وإس كي هاينكس بنسبة 1.5% و4% على التوالي، بينما سجل سهم شاومي في هونج كونج خسائر تجاوزت 3% قبل إعلان نتائج الربع الثالث.
وتنامت المخاوف بشأن ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا قبيل صدور نتائج إنفيديا يوم الأربعاء، في وقت خفّضت فيه صناديق تحوط ومستثمرون كبار تعرضهم للشركة وسط قلق من فقاعة تقييمات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
وتُعد إنفيديا، الشركة الأعلى قيمة في العالم، محورا رئيسيا لهذا الصعود، وامتد الضغط إلى البورصات الأقل اعتمادا على التكنولوجيا، وإن بوتيرة أضعف، حيث تراجع مؤشر شنجهاي CSI 300 الصيني بنسبة 0.2%، ومؤشر شنجهايج المركّب بنسبة 0.6%.
وهبط مؤشر ASX 200 الأسترالي بنسبة 2.2% متأثراً بخسائر البنوك وشركات التعدين، بعد أن أظهرت محاضر اجتماع بنك الاحتياطي الأسترالي لشهر نوفمبر استمرار الحذر بشأن خفض الفائدة.
كما تراجع مؤشر ستريتس تايمز في سنغافورة بنسبة 0.4%، وهبط مؤشر نيفتي 50 الهندي بنسبة 0.5% خلال تعاملات الصباح.