د.إبراهيم الغماري: الفرائض تتقدّم على النوافل وسداد الدين مقدَّم على الحجبرّ الوالدين أولى من كثير من النوافل العبادات المتعدّية النفع أولى من القاصرة على النفس
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
حياة المسلم في هذا العصر تتزاحم فيها المسؤوليات، وتختلط فيها الأعمال والعبادات والمشاغل، ولذلك تبرز الحاجة الملحة إلى ميزان دقيق يوجه المسلم ليعرف ما يقدم وما يؤخر، وما هو أولى في دينه ودنياه، ذلك الميزان هو فقه الأولويات، الفقه الذي يعيد ترتيب الحياة على ضوء القيم الشرعية، ويعلم الإنسان كيف يسلك طريق التوازن بين الواجب والمستحب، وبين العمل والعبادة، وبين النفع الخاص والعام.
وفي هذا الحوار نسلط الضوء على هذا الفقه العميق مع د.إبراهيم بن راشد الغماري، أستاذ مساعد بقسم الفقه وأصوله بكلية العلوم الشرعية ، الذي حدثنا عن مفهوم فقه الأولويات، وقواعده، وأثره في حياة المسلم المعاصر، موضحا كيف يمكن أن يكون هذا الفقه منهجا عمليا ينظم حياة الفرد والمجتمع على بصيرة واعتدال.
•بداية ما المقصود بفقه الأولويات؟ وكيف يختلف عن مجرد ترتيب الأعمال في حياة الإنسان؟
فقه الأولويات هو العلم الذي يهدي الإنسان إلى تقديم ما حقه التقديم، وتأخير ما حقه التأخير، بحيث يضع كل عمل في مرتبته التي تليق به شرعا وعقلا، فهو لا يقتصر على مجرد ترتيب الأعمال في الحياة اليومية أو تقسيم الوقت بين المهام، وإنما هو ميزان يزن به المسلم الأعمال من حيث قيمتها وأثرها في الدين والدنيا.
ولنضرب على ذلك مثلا ليتبين مفهوم فقه الأولويات، تخيل أن راتبك الشهري ألف ريال عماني، وعليك التزامات متعددة: سداد جمعية قدرها مئتا ريال، ودين لفلان وفلان، وعلاج لطفل مريض في عيادة خاصة، بالإضافة إلى فواتير الماء والكهرباء ومصاريف البيت، وعندما تجمع هذه المصروفات تجدها تتجاوز راتبك لتصل إلى ألف وخمسمائة ريال، في مثل هذا الموقف لا بد من وقفة تأمل، فليس كل ما نحتاجه يمكن إنجازه دفعة واحدة.
عندها يبدأ الترتيب: هناك نفقات لا تحتمل التأجيل، مثل مبلغ الجمعية أو علاج المريض، فهذه تقدم بلا تردد، وهناك مصاريف يمكن تأجيلها أو تخفيضها، كجزء من الديون أو الفواتير، فيتفاوض المرء مع أصحابها أو يدفع قسما منها، أما نفقات المنزل، فيقسمها إلى ضروريات وغير ضروريات؛ فيشتري ما لا غنى عنه ويؤجل الكماليات أو يقلل كمياتها.
هذه الطريقة في الموازنة لا تقتصر على الشؤون المالية، بل تنسحب على مجالات الحياة كلها، بل حتى في العبادات والطاعات، إذ يحتاج الإنسان أن يعرف ما يقدّم وما يؤخر، حتى لا يقدّم ما حقه التأخير أو يؤخّر ما حقه التقديم، ففقه ترتيب الأولويات هو مفتاح حسن التصرف في المال والوقت والعمل والعبادة.
•هل هناك قواعد شرعية في ترتيب الأولويات؟ كيف يمكن تطبيقها في واقع الحياة اليومية، وما الأمثلة التي توضّح أثرها في تصرفات المسلم وعباداته؟
نعم هنالك مجموعة من القواعد في فقه الأولويات منها أن الفرائض تقدَّم على النوافل، أي إذا تزاحمت عبادتان إحداهما فريضة والأخرى نافلة، فإن الأولى بالإنسان أن يبدأ بما هو فرض ثم ينتقل إلى النافلة، خاصة إذا ضاق الوقت أو لم يتّسع لأدائهما معا.
فعلى سبيل المثال إذا استيقظ المسلم لصلاة الفجر ولم يتبقَّ سوى عشر دقائق على الإقامة، فالأفضل له أن يتوضأ ويذهب مباشرة إلى المسجد ليؤدي الفريضة جماعة من أولها، ثم يقضي سنة الفجر بعد الصلاة؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، أما السنة فنافلة، والواجب مقدّم على السنة.
ونضرب مثالا آخر: امرأة أفطرت أياما من رمضان لعذر شرعي، ثم بدأت تصوم النوافل كست من شوال أو أيام البيض قبل أن تقضي ما فاتها من صيام الفريضة، هذا التصرف غير سليم من حيث الأولويات، إذ كان الأولى أن تبدأ بقضاء ما وجب عليها أولا، ثم تنتقل بعده إلى النوافل.
ومن ضمن الأمثلة أيضا: من كان لديه مال يكفي لأداء فريضة الحج، ثم تبرع بجزء منه لبناء مسجد أو مدرسة قرآن، حتى لم يعد يملك ما يكفي للحج، فقد قدّم النافلة على الفريضة، وهذا مخالف للقاعدة، الواجب عليه أن يحتفظ بالمال لأداء الحج أولا، ثم يتصدق بما يزيد بعد ذلك، وهكذا، فإن هذه القاعدة تمثل مبدأ شاملا في حياة المسلم، فلا يصح أن يتوسع في المندوبات على حساب الواجبات، لأن الواجب مقدّم دائما على المستحب، وهو ميزان يضبط به المؤمن عباداته وتصرفاته ليبقى على منهج التوازن والاعتدال.
•هل يتناول فقه الأولويات قواعد تتعلق بالحقوق والمعاملات المالية بين الناس؟
نعم هنالك قاعدة دقيقة في فقه الأولويات تقول: إن ديون العباد مقدَّمة على ديون الله عز وجل، أي أن حق الإنسان يقدَّم على حق الله في حال تزاحمهما، فلو كان شخص عليه دين لإنسان قدره ألفٌ وخمسمائة ريال، وفي الوقت نفسه يملك هذا المبلغ فقط ويريد أداء فريضة الحج، فماذا يقدّم؟ في هذه الحالة يقدَّم سداد الدين على الحج، لأن أداء الدين واجب، والحج أيضا واجب، ولكن حق العباد مقدَّم على حق الله.
قد يظن البعض أن حق الله أولى، لأنه الخالق المنعم، ولكن الشريعة قررت أن الله تعالى أرحم بعباده، وهو يعذر من عجز عن أداء حقه لعذر مشروع، بينما العباد قد لا يعذرون، وقد يتضررون بتأخير حقوقهم، ولهذا وجب تقديم حقهم، ولهذا، نص العلماء على أن من كان عليه دين حالّ لا يجوز له أن يذهب إلى الحج حتى يؤديه أو يستأذن صاحبه، أما إن كان الدين مؤجَّلا ولم يحِن وقت سداده، فلا حرج أن يحج بشرط أن يترك وفاء، أي أن يترك من المال أو الممتلكات ما يمكن أن يسدّد منه الدين عند حلول أجله، مثل بيت أو سيارة أو مزرعة أو أي مال يمكن بيعه عند الحاجة، وينطبق هذا المبدأ أيضا في الزكاة؛ فلو كان على الإنسان دين للعباد، وعنده مال يكفي فقط إما لسداد الدين أو لإخراج الزكاة، فإنه يبدأ بسداد الدين أولا، لأن ديون العباد مقدَّمة على ديون الله تعالى.
وهذا التقديم من عدل الشريعة ورحمتها، إذ تحفظ به حقوق الناس وتسدّ أبواب الضرر والخصومة، وتعلّم المسلم أن يؤدي ما في ذمته للآخرين قبل أن يتقرب بالنوافل أو حتى بالفرائض التي تتوقف على الاستطاعة.
•حسنا دكتور، أحيانا يكون أمام المسلم عبادتان في الوقت نفسه، فكيف يعرف أيَّهما يقدِّم؟ وهل هناك أحكام أو ضوابط شرعية ترشده في مثل هذه المواقف؟
نعم هنالك قاعدة تقول: أن ما كان عاجلا يقدَّم على ما كان فيه سعة، فهي تنص على أنه لا بد من النظر إلى الأمرين عند التزاحم، فمثلا قد تكون لدينا عبادتان، إلا أن إحدى العبادتين عاجلة والأخرى يمكن تأجيلها أو تأخيرها قليلا، وهنا يقدَّم ما كان عاجلا على ما كان فيه سعة، وهذه القاعدة نجدها حاضرة في الكثير من الأحكام الشرعية.
فعلى سبيل المثال، لو أن شخصا استيقظ وقت صلاة الفجر ولم يكن قد صلّى الوتر بعد، فإن عليه أن يصلي الوتر أولا، لأن وقتها في الأصل قد خرج، فهي عبادة عاجلة تحتاج إلى المبادرة، ثم بعد ذلك يصلي سنة الفجر وفريضتها، لكن لو أن الوقت ضيّق، بحيث لم يتبقّ إلا القليل الذي لا يسع إلا صلاة واحدة، فهنا يقدّم صلاة الفجر لأنها صارت في وقتها العاجل، أما الوتر فقد فات وقتها ويمكن قضاؤها بعد ذلك.
ومثال آخر يوضح هذه القاعدة من الحياة اليومية: إذا أراد الإنسان أن يذهب إلى الصلاة، ورأى طفلا صغيرا يمشي في الطريق وقد يتعرض للخطر، فإن الواجب عليه أن يقدّم إنقاذ الطفل على الذهاب إلى المسجد، فهنا لا يقال إن الصلاة عبادة عظيمة، لأن إنقاذ النفس من الهلاك أمر عاجل ومقدّم شرعا على العبادة التي يمكن أداؤها بعد قليل، فتنقية النفس وتقديم الرحمة والإحسان من أولى ما يقدّم في مثل هذه الحالات.
وكذلك لو كان الإنسان في الصلاة، ورأى أمامه شخصا مهدّدا بالخطر، كأن تقترب منه عقرب أو أفعى، فإنه يجب عليه أن يقطع الصلاة فورا لينقذ هذا الشخص من الأذى، لأن هذا الموقف عاجل لا يحتمل التأخير، وبعد إنقاذه يعود ليصلي من جديد أو يبني على ما سبق، على اختلاف آراء الفقهاء، وهكذا فإن هذه القاعدة تعلّمنا أن الموازنة بين العاجل والمتأخر هي من فقه الأولويات، وأن تقديم ما لا يحتمل التأخير واجب شرعا، بينما ما فيه سعة يمكن أداؤه بعد زوال العذر أو الخطر.
•من الملاحظ أن بعض الناس قد يحتارون بين عبادتين من النوافل، كأن تكون كلتاهما طاعة لله، كيف يوجّهنا فقه الأولويات لاختيار العمل الأرجح والأعظم أجرا؟
إذا وجدت عبادتان من جنس النوافل، وكانت إحداهما ذات نفع متعدّ يصل إلى الناس، بينما الأخرى قاصرة على نفع النفس، فإن الأولى بالتقديم هي العبادة التي ينتفع بها الناس، فكلتاهما قربتان إلى الله، لكن التفاضل بينهما يكون بقدر ما تحقّق من نفع عامّ وخير مشترك.
ولتقريب المعنى، نذكر مثالا: لو أن أحدهم في الصيف دعي للمشاركة في مركز صيفي لتعليم الطلاب القرآن الكريم والصلاة، وكان الطلاب بحاجة ماسّة إلى معلمين، ثم قال هذا الشخص: “أريد الذهاب إلى العمرة،” فسئل: “هل هي أول عمرة لك؟” فأجاب: “بل ذهبت عشرات المرات من قبل،” هنا يكون من الخطأ أن يترك تعليم الصغار ويذهب إلى العمرة، لأن التعليم عبادة نافعة للناس، والبلاد تحتاجه، بينما العمرة عبادة قاصرة على النفس، فلو قيس الأجر من حيث النفع، لكان أجر من يعلّم أعظم من أجر من يعتمر في هذه الحالة، وهنا تبرز قاعدة أخرى مرتبطة بهذه: أن ما كان أجره أعظم يقدَّم على ما كان أجره أقل، وتعليم الناس، خاصة الناشئة، عبادة جارية الأثر، يتعدّى خيرها إلى أجيال، بخلاف عبادة فردية كعمرة متكرّرة.
•دكتور، يلاحظ أحيانا أن بعض الناس يحرصون على أداء عبادات كثيرة، لكنهم في الوقت ذاته يقصّرون في حق والديهم، فكيف يضع فقه الأولويات برَّ الوالدين في ميزان العبادات؟
برّ الوالدين من أعظم القربات التي قدّمها الله تعالى على كثير من العبادات الأخرى، حتى على بعض ما يعدّ من أجلّ الأعمال في الإسلام، كالجهاد في سبيل الله، فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ يطلب الإذن في الجهاد، وكان متحمسا لما في الجهاد من أجر عظيم، فقال له النبي ﷺ بعدما علم أن والديه على قيد الحياة ولا عائل لهما غيره: «فابْقَ مع والديك وبَرَّهما».
وهذا يدل على أن بر الوالدين في بعض الحالات قد يكون أولى من الجهاد، لأن هذه العبادة متعلقة بحقوق الوالدين ورعايتهما، بينما الجهاد عبادة عامة فيها نفع للأمة، ولكن حين يكون الوالدان بحاجة إلى ابنهما، فإن رضاهما مقدم على تلك العبادة العظيمة،
ومن تطبيقات هذه القاعدة أيضا ما لو كان الإنسان صائما صومَ نافلة، فدعته أمّه لتناول الطعام معها، في مثل هذه الحال يستحب أن يفطر إكراما لأمّه، لأن إدخال السرور عليها عبادة أعظم أجرا من إتمام صيام التطوع، فبرّ الأم مقدّم هنا على الاستمرار في عبادة نافلة، خاصة إذا كان امتناعه يسبب لها الحزن أو الضيق، أما إذا كان الصوم واجبا كصيام رمضان، فلا يجوز له أن يفطر طاعة لها، لأن الواجب لا يترك إلا لعذر شرعي.
وهنا يخطئ بعض الناس حين يظنون أن كثرة الأسفار أو الانشغال بأعمال الخير أو الإنفاق في سبيل الله تعفيهم من واجب برّ الوالدين، فيتركونهما في حاجة أو وحدة بحجة أنهم مشغولون في الدعوة أو في العبادة، وهذا من الخلل في فقه الدين، لأن تقديم النوافل على حقوق الوالدين من علامات الجهل بالأولويات.
ويؤكد القرآن الكريم هذه المعادلة الدقيقة في قوله تعالى: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تطِعْهمَا وَصَاحِبْهمَا فِي الدنْيَا مَعْروفا"، فحتى في حال أمر الوالدين بما يخالف العقيدة، لا يطاعان في المعصية، ولكن يصاحبان بالمعروف والإحسان،
فالدين ليس بالتشدد في أداء النوافل مع التقصير في الحقوق، بل هو فقه التوازن بين العبادات والواجبات، وتقديم ما هو أوجب وأعظم في ميزان الله، وبر الوالدين يأتي في مقدمة تلك الأولويات، لأنه عبادة دائمة الأثر، تربط العبد برحمة الله من خلال رضاهما، كما قال النبي ﷺ: «رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين».
•كيف يوجّه فقه الأولويات المسلم في المفاضلة بين طلب العلم وبين الانشغال بأعمال تطوعية أو نوافل العبادات؟
طلب العلم يعدّ من أعظم القربات التي تقدَّم على كثير من النوافل، لأنه الأساس الذي تبنى عليه سائر العبادات، فبالعلم يعرف الإنسان كيف يعبد ربّه على بصيرة، وكيف يؤدي عبادته على الوجه الصحيح، ولذلك كان من الخطأ أن ينصرف بعض الناس عن حضور مجالس العلم وحلقاته بحجة انشغالهم بالأعمال التطوعية أو ببعض النوافل، فيظنون أن هذه الأنشطة تغنيهم عن العلم، وهذا فهمٌ قاصر للدين.
إن عبارة واحدة يؤديها العبد على علم وبصيرة خيرٌ من ألف عبارة يؤديها بغير علم، لأن الله تعالى لا يعبد بالجهل، وإنما يعبد بالمعرفة الصحيحة المستمدة من القرآن والسنة، والعلم هنا ليس أي علم، بل هو العلم الشرعي الذي يعرّف الإنسان بأحكام دينه في العقيدة والفقه والعبادات والمعاملات، حتى يعبد الله على هدى.
ومن المؤسف أن نرى من يعتذر عن حضور مجالس العلم أو الدروس الفقهية بدعوى الانشغال بمشاريع خيرية أو رحلات تطوعية، في حين أن هذه الأعمال مهما كانت نافعة تبقى دون منزلة طلب العلم، لأنه هو الذي يصحّح النية ويرشد إلى الطريق المستقيم، فطلب العلم هو الذي يضبط العمل، ويجعل الإنسان يقدّم ما يجب على ما يستحب، وما هو أولى على ما هو دون ذلك، ولهذا، فالعناية بالعلم واجبة على كل مسلم بحسب حاجته، لأنه هو الذي يضمن سلامة العبادة وصحتها، وهو الذي يصلح النية ويهدي السلوك، وقد قال النبي ﷺ: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»، فطلب العلم هو مفتاح كل عبادة صحيحة، وبه تعرف مراتب الأعمال ودرجاتها في ميزان الأولويات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فقه الأولویات هذه القاعدة الله تعالى بعض الناس النبی ﷺ هو الذی علیه أن على ما ما کان لو کان فی مثل ما یقد ما حقه
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: استحضار الله علاج للذنوب والكبر والهموم وضيق الرزق
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن ميزان الإنسان يختل عندما يقيس قيمته أو قيمة غيره بالمال أو المنصب أو المظاهر الدنيوية، مشددًا على أن معيار الله هو المعيار الوحيد الثابت في حياة البشر.
وقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء، إن علاج أي خلل أخلاقي أو سلوكي يبدأ من استحضار عظمة الله في القلب، موضحًا أن المغرور إذا تذكّر ضعفه أمام قدرة الله تواضع، والمذنب إذا استحضر رقابة الله تاب، والظالم إذا تذكّر قوله تعالى: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا".
وأضاف أن التضييق في الرزق أو الهموم النفسية لا تعالج باليأس أو الانحراف، بل باستحضار قرب الله الذي يرزق الطمأنينة ويفتح أبواب الفرج، مؤكدًا أن النبي لخّص هذا المبدأ في قوله: “احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك”، أي أن من جعل الله أمامه استقامت له أموره كلها.
وأشار إلى أن كل إنسان ينفصل عن الله يظلّ يعيش قلقًا واضطرابًا، بينما من يتصل بربه تستقيم حياته مهما اشتدت عليه الظروف، موضحا: “ومن كان مع الله دام واتصل، ومن كان مع غير الله انقطع وانفصل”.
ونوه بأن الإنسان عند لحظة الختام لن يجد ناصرًا ولا سندًا إلا ربه، وهناك يدرك المخطئ حقيقة قوله تعالى: “يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا”.