190 مكتبا للمحاسبة والمراجعة تعزز النزاهة والشفافية بمؤسسات القطاع الخاص في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 22nd, November 2025 GMT
شهدت مهنة المحاسبة والمراجعة في سلطنة عمان تطورًا شاملًا في منظومتها التنظيمية والرقابية، ما ينعكس بشكل مباشر على جودة الأداء والوصول نحو أفضل مستويات النزاهة والمصداقية. ويعزز التطور قدرة مكاتب المحاسبة والمراجعة على النمو والتوسع في ظل التحول الرقمي والاعتماد المتزايد على الأنظمة المحوسبة والتحليلات المالية.
وأشار سعادة عبدالله بن سالم السالمي رئيس هيئة الخدمات المالية، في هذا الحوار الصحفي مع جريدة "عُمان"، أن مهنة المحاسبة والمراجعة تعد من أكثر المهن تأثيرًا في عالم المال والأعمال، كونها تمثل الركيزة الأساسية لضمان الشفافية وحماية الأموال وتعزيز الثقة في الأنشطة الاقتصادية، وتشكل قاعدة رئيسية تُبنى عليها قرارات الاستثمار محليًا ودوليًا. وأن اللائحة التنفيذية لقانون المهنة ستُركز على ضمان التعليم المهني المستمر بواقع 30 ساعة سنويًا للمحاسبين والمراجعين، موضحًا أنه من المتوقع الانتهاء من إعداد اللائحة قبل نهاية العام الجاري تمهيدًا لرفعها إلى الجهات المختصة لاعتمادها ضمن المنظومة التشريعية، وتحدث سعادته عن أبرز التطورات والتحديات والخطط المستقبلية لتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة في سلطنة عمان، فإلى الحوار..
1.تم نقل اختصاص تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى هيئة الخدمات المالية، كيف ترون أهمية هذا النقل وما يمثله من تطور في تنظيم المهنة، وتعزيزها في الاقتصاد الوطني؟
يأتي نقل اختصاص تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة إلى هيئة الخدمات المالية في إطار الرؤية المتكاملة التي تنتهجها الحكومة لتطوير منظومة الخدمات المالية ورفع كفاءتها التنظيمية والرقابية، وهي تمثل نقلة تنظيمية رائدة لتطوير مكاتب تدقيق الحسابات والارتقاء بمستوى أدائها نحو أفضل مستويات النزاهة والمصداقية، ولا شك أن تعزيز البنية التنظيمية والرقابية لمهنة المحاسبة والمراجعة يعد حلقة متممة لتطوير القطاع المالي الوطني، وهو ما سيمتد أثره بشكل إيجابي في معالجة الكثير من التحديات المرتبطة بسلامة البيانات ودقة التقارير المالية لمؤسسات القطاع الخاص.
وتعد هذه الخطوة امتدادًا للجهود الوطنية المستمرة نحو توحيد الإشراف على المهن والأنشطة المرتبطة بالقطاع المالي تحت مظلة تنظيمية واحدة، بما يعزز فاعلية الإشراف وجودة المخرجات. كما أن الاهتمام بهذه المهنة يعكس حرص الحكومة على تطوير بيئة المال والأعمال ويحقق الأولويات الوطنية المتمثلة في دعم نمو مؤسسات القطاع الخاص وبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والحوكمة. وهو ما ينسجم مع أهداف "رؤية عُمان 2040"؛ حيث تحتل مهنة المحاسبة والمراجعة أهمية كبيرة كأحد الأعمدة الرئيسة التي تقوم عليها الاقتصاديات الوطنية، فهي الضامن لسلامة التقارير المالية وشفافيتها، والمساهم في تعزيز الثقة بالأسواق والمؤسسات، كما تشكل ركيزة أساسية في دعم قرارات المستثمرين وصناع السياسات.
2.ما أبرز الأعمال التنظيمية والتنفيذية التي اتخذتها الهيئة لتطوير مهنة المحاسبة والمراجعة خلال الفترة الماضية؟
منذ أن تولّت هيئة الخدمات المالية مهمة الإشراف على مهنة المحاسبة والمراجعة، بموجب المرسوم السلطاني رقم (2024/20)، شرعت في تنفيذ خطة متكاملة تستند إلى محورين أساسيين؛ الأول يتعلق بتقييم الواقع العملي للمكاتب العاملة في هذا المجال، والثاني يرتبط بتطوير الإطار التشريعي المنظّم للمهنة.
فعلى المستوى الميداني، قامت الهيئة بحصر شامل لمكاتب المحاسبة والمراجعة القائمة، إلى جانب تنفيذ زيارات ميدانية تهدف إلى تقييم واقع الممارسة المهنية ومستوى الالتزام بالمعايير المعتمدة، وذلك لتكوين صورة دقيقة عن التحديات والفرص المتاحة في هذا القطاع الحيوي. وقد أسفرت هذه الزيارات عن شطب ثلاثة مكاتب وإصدار إنذارين لمكاتب أخرى، وهناك خطة مستقبلية خلال العام القادم لزيارة 70 مكتبًا لضمان الالتزام بالضوابط المهنية.
أما على الصعيد التشريعي، فقد أولت الهيئة اهتمامًا خاصًا بتقييم الإطار القانوني المنظّم للمهنة، نظرًا لقدم القانون الحالي والحاجة إلى مواءمته مع التطورات المحلية والدولية في هذا المجال. كما أن التطورات في تقنيات المحاسبة والتحول الرقمي جعلت بعض مواد القانون غير قادرة على تلبية احتياجات السوق الحالي. فالمهنة اليوم ليست مجرد عملية فنية، بل عنصر أساس لحماية الاقتصاد وضمان الشفافية، ولهذا أصبح تحديث التشريعات ضرورة ملحّة. وفي هذا السياق، تم تعيين مكتب استشاري متخصص لتقديم دراسة شاملة حول الوضع التنظيمي للمهنة، تشمل مراجعة القانون القائم، وتحليل التجارب والممارسات العالمية، إلى جانب مواءمة البنية التشريعية مع توجهات المؤسسات الحكومية المعنية.
وستستند الهيئة إلى مخرجات هذه الدراسة لتحديد الخيار الأنسب، سواء من خلال تحديث القانون الحالي أو إعداد مشروع قانون جديد يواكب المرحلة المقبلة ويعزز كفاءة الإشراف والتنظيم، بما يضمن استدامة المهنة ودعمها لدور الأسواق المالية والاقتصاد الوطني.
3. نتحدث سعادتك عن اللائحة التنظيمية الجديدة للمهنة. ما أبرز ملامحها؟ وإلى أين وصل العمل فيها؟ ومدى مواكبتها للتطورات الحديثة في المعايير المهنية الدولية؟
لقد وصلنا إلى مراحل متقدمة في إعداد اللائحة التنفيذية لتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة، ومن المتوقع الانتهاء منها قبل نهاية العام الجاري تمهيدًا لرفعها إلى الجهات المختصة لاعتمادها ضمن المنظومة التشريعية. وقد استندت عملية إعداد اللائحة إلى قانون تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (1987/77)، مع الأخذ في الاعتبار الفجوة القائمة بين بنود القانون الذي مضى عليه زمن طويل، والتطورات الحديثة في المعايير المهنية الدولية. وانطلاقًا من ذلك، تم الاعتماد أيضا على نظام عمل هيئة الخدمات المالية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2024/20) كأساس لتحديث الإطار التنظيمي للمهنة، وبما يواكب متطلبات المرحلة الحالية ويعزز كفاءة الممارسات المهنية وفق أفضل الممارسات العالمية.
وهنا لا يفوتنا الإشارة إلى أن المشاركة المجتمعية كانت جزءًا رئيسًا ضمن المراجع التي تم الاعتماد عليها في صياغة اللائحة، فقد عرضت مسودة اللائحة عبر الموقع الإلكتروني للهيئة لتكون متاحة لجميع مكاتب المحاسبة والمراجعة والمهتمين بهذا القطاع لإبداء مرئياتهم ومقترحاتهم. وللغاية ذاتها عقدت الهيئة لقاء توعويًا يجمع جميع المكاتب المرخصة ضمن إطار خطة التوعية المعتمدة لتعزيز التواصل مع الجمهور.
وفيما يتعلق بأبرز ملامح اللائحة الجديدة فهي تركز على تحديث شامل للضوابط المهنية، بدءًا من تفعيل الجداول الواردة في قانون تنظيم المهنة، مرورًا بتوضيح الاشتراطات المتعلقة بالقيد والترقية والتنقل بين السجلات المهنية. كما تركز على تحديد التزامات مكاتب التدقيق، ورفع سنوات الخبرة المطلوبة لفتح مكتب، وإلزام المكاتب بالحصول على تأمين ضد الأخطاء المهنية. ومن أهم عناصرها فرض التعليم المهني المستمر بواقع 30 ساعة سنويًا للمحاسبين والمراجعين.
4. كيف تتعامل الهيئة مع مكاتب التدقيق التي يُكتشف فيها تلاعب مالي أو تضليل للمستثمرين؟
أولا نؤكد حرص الهيئة على تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة وفق أعلى معايير الكفاءة المهنية وجودة الأداء، انطلاقًا من الدور الحساس الذي تضطلع به هذه المكاتب والمسؤولية القانونية الجسيمة التي تقع على عاتق أصحابها. ولا مجال للتساهل في الجوانب الفنية والمهنية للعاملين في هذا المجال، لما لها من تأثير مباشر على نزاهة التقارير المالية وموثوقيتها. وكما هو معلوم أن النزاهة والشفافية تمثلان جوهر العمل في مهنة المحاسبة والمراجعة، وأي إخلال بهما يمس الثقة في الأسواق المالية. ولهذا وضعت الهيئة إطارًا رقابيًا صارمًا للتعامل مع المخالفات المهنية، يعتمد على المراقبة الدورية والتدقيق الميداني، إلى جانب تفعيل قنوات استقبال البلاغات والشكاوى من الجهات المعنية والمستفيدين من خدمات التدقيق.
وفي حال ثبوت أي مخالفة أو تلاعب مالي، تتدرج الهيئة في إجراءاتها بحسب حجم المخالفة وخطورتها، بدءًا من توجيه الإنذارات وفرض الجزاءات الإدارية، وصولًا إلى شطب المكتب وإلغاء ترخيصه نهائيًا. كما تتولى لجنة الفصل المهني البت في المخالفات واتخاذ القرار المناسب وفق أحكام القانون. والغاية من هذه الإجراءات ليس العقوبة بحد ذاتها، بل حماية المهنة وصون سمعتها وتعزيز ثقة السوق بالتقارير المالية.
5. ما أبرز الملاحظات التي كشفتها فرق التدقيق خلال زياراتها للمكاتب المرخصة؟
أظهرت عمليات التدقيق بعض الممارسات التي تحتاج إلى تحسين، مثل ضعف الأدلة الداعمة لإجراءات التدقيق قبل إصدار التقارير، وعدم الالتزام الكامل بالمعايير الدولية. كما تبين وجود قصور في التأكد من التزام العملاء بمعايير إعداد التقارير المالية (IFRS). ومن أبرز الملاحظات أيضًا عدم التناسب بين حجم العمل وعدد العاملين، إذ تتولى بعض المكاتب ملفات عشرات العملاء بموارد بشرية محدودة، إلى جانب ضعف متابعة التحديثات المهنية الحديثة.
6. كيف تنظرون إلى مستقبل مهنة المحاسبة والمراجعة في سلطنة عمان؟
المتابع لواقع مهنة المحاسبة والمراجعة في سلطنة عمان يدرك تماما أن المهنة أمام فرص واسعة للنمو والتقدم لاعتبارين أساسيين، أولهما: الاهتمام الذي توليه الحكومة لتطوير هذه المهنة في بنيتها التشريعية والتنظيمية. والاعتبار الثاني يتمثل في التحول الرقمي والاعتماد المتزايد على الأنظمة المحوسبة والتحليلات المالية، كما أن وعي الشركات والمستثمرين بالقيمة الحقيقية للتقارير المالية الموثوقة أصبح أكبر من أي وقت مضى. ومع توسع تطبيق المعايير الدولية، تتاح للمكاتب المحلية فرصة الاندماج في الممارسات العالمية، مدعومة ببيئة أعمال محفزة ودعم حكومي واضح لرفع جودة الخدمات المهنية. لكن تحقيق هذه الفرص يتطلب من المكاتب الاستثمار في الكفاءات البشرية واستخدام التكنولوجيا الحديثة والالتزام بالتعليم المهني المستمر.
من جانب آخر، نرى أن هذا القطاع يمثل مجالًا واعدًا للكوادر الوطنية، لما يتميز به من طبيعة مهنية تنافسية توفر فرصًا نوعية للعمل والتطور، وتنسجم مع طموحات الشباب الباحثين عن مسار مهني قائم على الكفاءة والمعرفة. فمهنة المحاسبة والمراجعة بطبيعتها مهنة ديناميكية تتطلب التعلم المستمر ومواكبة مستجدات المعايير المحاسبية الدولية والممارسات الحديثة في الأسواق العالمية، الأمر الذي يجعلها بيئة مثالية لبناء قدرات وطنية ذات كفاءة عالية.
ونحن في هيئة الخدمات المالية نؤكد التزامنا بتقديم الدعم والمساندة لتأهيل الكوادر الوطنية وتمكينها من شغل مواقعها التشغيلية والقيادية في هذا القطاع، بما يعزز القيمة الاقتصادية المضافة ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة لقطاع الخدمات المالية في سلطنة عمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هیئة الخدمات المالیة التقاریر المالیة هذا القطاع إلى جانب فی هذا مکتب ا
إقرأ أيضاً:
1 و2 ديسمبر المقبل عطلة القطاع الخاص بمناسبة عيد الاتحاد الـ 54
أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن الأول والثاني من شهر ديسمبر المقبل، عطلة رسمية مدفوعة الأجر لجميع العاملين في القطاع الخاص في دولة الإمارات بمناسبة عيد الاتحاد الـ 54.
جاء ذلك في تعميم أصدرته الوزارة تنفيذا لقرار مجلس الوزراء بشأن العطلات الرسمية المعتمدة للقطاعين الحكومي والخاص.
ورفعت وزارة الموارد البشرية والتوطين بهذه المناسبة، أصدق التهاني والتبريكات إلى القيادة الرشيدة وشعب دولة الإمارات والمقيمين على أرضها.وام