بوابة الوفد:
2025-12-01@20:13:06 GMT

من يحمى أولادنا فى المدارس؟

تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT

تواتر أخبار الاعتداءات الجنسية على الأطفال فى المدارس، أمر مرعب، كل كلمة وكل سطر وكل جملة فى تلك الأخبار تصيبك بحالة من الصدمة وتحدفك إلى حفرة الجنون، كان آخر تلك الأخبار المتداولة على نطاق واسع ما حدث فى مدرسة خاصة بالعبور، وما روته والدة أحد المجنى عليهم من تفاصيل تشير إلى اعتداءات «جنسية ممنهجة» تعرض لها الأطفال داخل المدرسة على مدار أربع إلى خمس سنوات!، مؤكدة أن ما حدث ليس مجرد حادثة نتيجة للإهمال بل «تواطؤ»!، وأن الحادث ليس فرديًا بل «شبكة متكاملة»!، خاصة بعد أن كشفت الأم أن أحد أفراد الأمن المتهمين قد تم فصله من المدرسة قبل عام ونصف بسبب أحداث تتعلق باعتداءات جنسية، ثم عاد إلى العمل مرة أخرى!، والأغرب ما ذكرته الأم بأن المتهم الأساسى والذى تعرف عليه خمسة أطفال، رجل فى الستين من عمره كان يهدد الأطفال بالسكين!
علامات التعجب لن تنتهى مع سرد شهادة الأم وتصريحاتها، لكن يمكنك التركيز حول تلك الكلمات:«داخل المدرسة.

. تواطؤ.. ممنهجة.. شبكة متكاملة.. عجوز.. يهدد الأطفال بالسكين».
نعيد ترتيب هذا المشهد المرعب من البداية، طفل يستيقظ مبكرًا، مع أحضان دافئة من والديه، يحمل حقيبة المدرسة، ينزل درجات السلم ممسكًا بيد والدته فى فرحة تغمر وجهه البرئ، يرفع يده مودعًا بعد أن قذف كفه الصغير عشرات القبلات اتجاه والدته قبل أن يرتاد «الباص» متجهًا إلى المدرسة، الأم تنتظر الصغير عائدًا من المكان الذى أرسلته إليه ثم تستقبله بشوق، ليحكى لها عن يومه الدراسى وماذا فعل فيه، حيث البيئة التعليمية الجيدة والآمنة، ثم تكتشف الأم فجأة أنها أرسلت فلذة كبدها إلى الجحيم، وأنه أحد ضحايا الإعتداء الجنسى لهؤلاء المجرمين!، لا يمكن لأحد أن يتصور ما تعانيه تلك الأم فى تلك اللحظات القاسية، وغيرها من أهالى تم هتك عرض أطفالهم، ثم تعجز الكلمات عن وصف حالة القلق التى تنتهك عقول وأجساد ونفوس غيرهم من أولياء أمور لم يكتشفوا الأمر بعد.
الأزمة الحقيقية تكمن فى صعوبة تحديد مدى انتشار جرائم الإعتداء الجنسى على الأطفال فى المدارس، لأن ما يتم كشفه منها يكون عن طريق الصدفة، لتنقلب الدنيا رأسًاعلى عقب، وينفعل الرأى العام ويتفاعل مع الحدث ويتعاطف مع الضحايا، وتنهال الصرخات بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة، ويطالب البعض بعمليات إخصاء لهؤلاء المجرمين، وإعدامهم شنقًا فى ميدان عام، ثم يتحرك وزير التعليم بوضع المدرسة التى شهدت الجريمة، تحت الإشراف المالى والإدارى للوزارة، ثم تُشدد الوزارة بوضع منظومة حماية المراقبة طوال اليوم الدراسى، وتفعيل إجراءات الكشف الدورى عن تعاطى المخدرات للعاملين بالمدارس،.. ثم ماذا بعد؟ الإجابة لا شئ.. نستيقظ على جريمة مماثلة وخبر مشابه وتصريحات متطابقة.. والسؤال الذى يؤرق الكثير الآن: كيف نحمى أولادنا فى المدارس من تلك الجرائم؟.
أعتقد أن الحل الأسرع للحماية يكمن فى الوعى الذى تقدمه أنت كولى أمر لأطفالك، لا تنتظر دعمًا خارجيًا لتوعية طفلك من تلك الجرائم، ابدأ بنفسك مُسرعًا قبل فوات الأوان، لأن الإجراءات الإدارية التى يمكن أن تتخذها الوزارة لن تحمى أولادنا بشكل كامل ولا نصف كامل ولا ربع كامل!، لأن تلك التصريحات غالبًا ما يتم نسيانها أو العمل بها وتفعيلها بشكل ممنهج مع مرور الأيام.
الأخطر مما سبق أن جرائم الاعتداء الجنسى على الأطفال التى تم تداولها مؤخرًا، وقعت فى مدارس خاصة أو دولية، وهو ما يضعنا أمام مؤشر مُحتمل لا يمكن تغافله بأن بعض تلك الجرائم ضد هؤلاء الأطفال ربما تُرتكب بدافع الإنتقام الطبقى وليس الشذوذ أو مرض متعلق بالهوس الجنسى فقط.
الخلاصة: المدارس يجب أن تكون بيئة آمنة، وليس مصدرًا للقلق والتوتر والخوف على أولادنا.
فى النهاية: ياوزير التعليم.. حماية أولادنا أهم من التعليم.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب الأطفال فى المدارس فى المدارس

إقرأ أيضاً:

د. هبة عيد تكتب: دمعة لا تجد سؤالًا صادقًا

في عالمٍ يبدو فيه كل شيء واضحًا للكبار، نجد هناك طفلا صغيرا يعيش داخله صمتًا أكبر من عمره. فالطفل الذي يتعرّض للتحرّش لا يصمت لأنه قوي، أو لأنه لا يشعر بالألم، بل لأنه لم يجد حتى الآن سؤالًا واحدًا صادقًا يطمئنه بأن صوته سيُحتضن لا يُدان. فالصمت عند الطفل ليس ضعفًا، بل هو محاولة فطرية لحماية نفسه عندما يشعر بأن الأمان غير مكتمل، في البيت أو المدرسة أو بداخله.

فعندما يمرّ الطفل بتلك التجربة لا يملك من الكلمات القدرة على وصفها. جسده يخبره أن هناك شيئًا خاطئًا، لكن عقله لا يستطيع تفسير ما يحدث. ويشعر بالخوف، بالارتباك، وبالعار الذي لا يعرف مصدره. هذا المزيج من المشاعر يجعله يظن أنه قد يكون جزءًا من الخطأ، فيؤدي ذلك إلى شلل نفسي يمنعه من الكلام. ويبدأ الطفل في مراقبة ردود أفعال الكبار، ويستعيد كل لحظة بكى فيها ولم يُسأل عن السبب، وكل مرة خاف فيها وقيل له “عيب”، وكل مرة حاول أن يحكي فقوبل باللوم أو تجاهل مشاعره. ومع تكرار هذا النمط، يتراجع صوته خطوة…تلو أخرى… حتى تختفي جرأته على البوح والتعبير. 
وتصبح القضية أكثر تعقيدًا. ففي بعض البيوت، تُعامل مشاعر الطفل كأمور بسيطة، ويُنظر إلى خوفه كدلال أو نوع من  المبالغة. وفي المدرسة، قد يشعر الطفل أن الشكوى قد تجلب له عقابًا، أو سخرية من زملائه، أو تشكيكًا من معلمه. وحين يفقد الطفل الثقة بأن الكبار سيصدّقوه أو يفهموه، يصبح السر ثقيلًا على قلبه الصغير، لكنه يفضّل حمله وحده بدلًا من مواجهة عالم غير مستعد لسماعه.

ولأن حماية الطفل لا تبدأ بعد وقوع الأذى، بل قبله، تصبح مسؤولية البيت والمدرسة مشتركة. ففي البيت، يجب أن يكون الحوار جزءًا من الحياة اليومية مثل أسئلة بسيطة، كلمات مطمئنة، مساحة آمنة لكي يحكي دون تهديد أو عقاب. يحتاج الطفل أن يتعلم أن جسده ملكه، وأن اللمس غير المريح ليس سرًا، وأن أهله أقرب إليه من أي خوف. أما في المدرسة، فيجب أن يحمل المعلمون حساسية عالية تجاه الإشارات النفسية التي تظهر على الأطفال مثل الانطواء المفاجئ، الخوف من شخص بعينه، تغيّر السلوك بلا سبب واضح. والسعي لوضع آلية واضحة وسرية للإبلاغ، والعمل على التثقيف المستمر للأطفال بصورة مبسطة ، لكي تنشأ بيئة تعليمية لا تُسكت الخوف بل تعالجه… كل هذا يصنع فرقًا حقيقيًا.

وحين يعمل البيت والمدرسة معًا، يتحوّل صمت الطفل إلى لغة يستطيع التعبير بها. ليصبح الطفل قادرًا على أن يقول “أنا مش كويس”، دون خوف من اللوم، ودون شعور بأنه سيُتّهم أو يُساء فهمه. فهو يحتاج  قلوبًا تسمع قبل أن تحكم،  وتشعره بأن سؤاله مهم، ودمعته ليست شيئًا يتم تجاهله.

ومع ذلك، يبقى هناك  عدد من الأطفال يعيشون ألمهم في الظل… يبكون دون أن يجدوا سؤالًا واحدًا يقترب من دموعهم.
يحملون خوفهم بمفردهم  لأنهم لم يجدوا  أحدًا يسألهم: “إنت كويس؟ إحكي لي… أنا جنبك”. وتتحوّل دموعهم إلى صمتٍ ثقيل، ووجعٍ لا تفسير له.

وفي النهاية، تختصر الحقيقة كلها في جملة واحدة تعرفها كل روح تُنصت لوجع الأطفال أن هناك دائماً دمعة لا تجد سؤالاً صادقاً.

طباعة شارك الطفل الصمت التجربة المشاعر حماية الطفل

مقالات مشابهة

  • كيف تحولت براءة الأطفال إلى صرخة استغاثة داخل مدرسة دولية بالمنتزه؟
  • تفريغ الطاقة.. خطوات عملية للتعامل مع غضب الأطفال
  • بعد واقعة رقص طالبة داخل الفصل.. استبعاد مدير مدرسة بالخصوص
  • كيف تحولت براءة الأطفال إلى صـ..ـرخة استـ..ـغاثة داخل مدرسة الإسكندرية الدولية للغات؟
  • الأمن يواصل الاستماع لأقوال أولياء الأمور في اتهام عامل المدرسة الدولية بالتحرش بالطلاب
  • تكرار واقعة الاعتداء على طالبات في مدرسة دولية بالاسكندرية
  • القصة الكاملة لإعتداء تلميذ على زميله داخل مدرسة في سوهاج
  • قضية "الأسرة في الغابة".. الوالدان يوافقان على الانتقال إلى منزل خاص مؤقتًا لتلبية المتطلبات الصحية
  • د. هبة عيد تكتب: دمعة لا تجد سؤالًا صادقًا