عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
زعيم سياسي وعسكري معارض للحكومة السودانية، يرأس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بجبال النوبة وكردفان، وله تاريخ طويل في العمل المسلح والسياسي في مناطق جنوب كردفان وجبال النوبة. شارك في مفاوضات السلام مع الخرطوم، ويعتبر من أبرز الشخصيات المؤثرة في النزاعات المسلحة والانفصالية في شمال السودان.
المولد والنشأةولد عبد العزيز آدم الحلو بقرية "الفيض أم عبد الله" بالمنطقة الشرقية لجبال النوبة التابعة لمحلية رشاد بجبال النوبة يوم 7 يوليو/تموز 1954، وينحدر من قبيلة المساليت.
درس الحلو القرآن الكريم في الخلوة (الكتاب) وتلقى تعليمه الأولي بمدرسة "دلامي"، والمتوسطة بمدرسة الدلنج المتوسطة، ثم الثانوية بمدرسة كادقلي الثانوية وصار رئيسا لاتحاد الطلاب.
وأكمل دراسته الجامعية بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، وتخرج فيها عام 1979، ثم عمل في هيئة الكهرباء والمياه حتى العام 1985.
التجربة السياسيةوأثناء دراسته الجامعية التقى الحلو بيوسف كوه المكي، الذي كان يسبقه في الدراسة بالكلية نفسها (الاقتصاد)، وذلك من خلال عضويته في رابطة أبناء جنوب كردفان بجامعة الخرطوم.
وكان يوسف كوه يرأس تلك الرابطة، وبعد انضمام الحلو إليها، سرعان ما تم تجنيده في تنظيم "كمولو" المناوئ لحكومة الرئيس جعفر النميري آنذاك، وكانت هذه أولى خطواته نحو العمل المسلح.
وكان الحلو قد شارك في المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد حكومة النميري عام 1984، والتي دبرها فيليب عباس غبوش.
تطورت الأحداث عندما انضم تنظيم "كمولو" المسلح عام 1986 إلى "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق، وتلقى الحلو التكليف الأول بالتنسيق مع لام أكول، أحد قادة الجيش الشعبي الذي كان يدرس في جامعة الخرطوم آنذاك.
وكلّف الحلو باستقطاب أبناء جنوب كردفان وإلحاقهم بصفوف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان لتكوين نواة الجيش الكبير الذي أشعل حربا انفصالية كبرى بعد سنوات من ذلك التاريخ.
رصدت أجهزة الأمن السودانية نشاط الحلو الساعي للانفصال، فأمره قرنق بأن يخرج من العاصمة تفاديا لاعتقاله، ويتوجه إلى أديس أبابا، وهناك أعلن رسميا انضمامه للحركة الشعبية.
التجربة العسكريةتدرّب الحلو داخل كلية الدراسات العسكرية الدرع الرابع التابعة للحركة الشعبية في أديس أبابا، وتخرج برتبة نقيب، وأرسل في عام 1987 ضمن القوة العسكرية المتمردة المتجهة إلى جبال النوبة.
إعلانوعقب أن أصبح الحلو قائدا لـ"كتيبة السودان الجديد" فرع "الجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال" في أواخر تسعينيات القرن الماضي، جند مئات من أبناء قبيلة المساليت للانضمام إلى الحركة الشعبية.
كلّف الحلو في تلك الفترة بالإشراف على نقل سلاح الحركة سيرا على الأقدام من إثيوبيا إلى جبال النوبة بأيدي أبناء النوبة، الذين مات كثير منهم في عملية النقل التي استغرقت أشهرا.
خاض الحلو بعدها سلسلة من المعارك الصعبة في القردود وأم دورين بولاية النيل الأبيض ضد بعض القبائل العربية، وأثار ذلك حفيظة بعض المنظمات الحقوقية والدولية التي قالت بوجود انتهاكات محتملة.
نقله قرنق لاحقا إلى ولاية شرق الاستوائية جنوب السودان، حيث قاد عمليات واسعة ضد المخالفين لسياسات الحركة، ثم تولى قيادة الجبهة الشرقية.
وبرز الحلو قائدا ميدانيا متمرسا وعرف بلقب "رجل المهمات الصعبة"، بفضل دوره المحوري في عمليات الإمداد والتعبئة والتجنيد ووضع الخطط العسكرية.
ومن أبرز محطاته قيادته للتحضيرات الخاصة لاقتحام نقطة همشكوريب بشرق السودان، قبل أن يواصل الصعود في هياكل القيادة العسكرية والسياسية إلى أن نال رتبة فريق في "الجيش الشعبي لتحرير السودان".
في عام 2001، تولّى الحلو منصب حاكم ما تسميها الحركة "المناطق المحررة" في جبال النوبة عقب وفاة يوسف كوه مكي، ومنذ ذلك الحين بدأ بإعادة هندسة المشهد القيادي داخل المنطقة.
تعزيز نفوذهوعمد الحلو إلى إبعاد قيادات النوبة ذات الخلفية العسكرية في الجيش السوداني والشرطة، باعتبارها عناصر قد تنافسه أو تحدّ من نفوذه، في مقابل تقريب عناصر غير متعلمة يسهل توجيهها وتنفيذ أوامره دون تردد.
وبعد تعيينه نائبا لوالي جنوب كردفان، اتسعت دائرة نفوذه داخل الحركة الشعبية وفي جبال النوبة، وترسخت سلطته باعتباره صاحب القرار الأول في القضايا السياسية والعسكرية.
لاحقا، انتقل الحلو إلى مستوى أكثر تنظيما في إدارة القوة، فطور إستراتيجيته العسكرية وافتتح معسكرات تدريب لفرق "كمولو"، وتمكّن من تجنيد آلاف المقاتلين، إلى جانب جلب كميات كبيرة من الأسلحة من الجنوب.
ومع مرور الوقت تحوّل الحلو إلى الراعي المركزي لحركات جبال النوبة وجنوب كردفان، مانحا إياها المأوى والسلاح والدعم والمعسكرات.
وشنت الحكومة السودانية حملة ضخمة ضمّت 8 آلاف جندي بهدف إسقاط كاودا من 5 محاور. لكنه استطاع كسر هذا الهجوم وفرض هزيمة قاسية على الجيش السوداني الذي أجبر على الانسحاب، إلى أن تم توقيع اتفاق سويسرا لوقف إطلاق النار عام 2002.
وعام 2003 شنّ الحلو هجوما على القوات الحكومية في مدينة راجا بجنوب السودان، ثم تحرك إلى دارفور مع اندلاع الحرب هناك.
وعقب توقيع اتفاق السلام الشامل (نيفاشا 2005) وتعيين الحلو نائبا لوالي جنوب كردفان، تراجع اهتمام "الجيش الشعبي" بالمساليت، وقرر كثير من أفراده الاندماج في حركات دارفور التي كانت تهيمن عليها قبيلتا الفور والزغاوة.
انفصال السودانبعد استفتاء انفصال جنوب السودان عام 2011 وإعلان الدولة الجديدة، أعاد الحلو تشكيل الحركة الشعبية لتحرير السودان–قطاع الشمال، بهيكل ورؤية مختلفين عن النسخة القديمة، وتولى رئاستها وزعامتها.
إعلانكما تقلد مالك عقار منصب نائب الرئيس، بينما شغل ياسر عرمان موقع الأمين العام، قبل أن ينقسم القطاع عام 2017 إلى جناحين: الأول بقيادة الحلو في جبال النوبة، والثاني بزعامة عقار في النيل الأزرق.
وفي تلك المرحلة، خاضت الحركة الشعبية–شمال صراعا مسلحا ضد الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب مجموعات متمردة أخرى، في مواجهات طويلة لم تستطع الخرطوم حسمها لسنوات.
وفي ظل هذا الصراع، رسّخ الحلو سيطرته على سلسلة جبال النوبة الممتدة، مما جعل المنطقة واحدة من أكثر الجيوب العسكرية تحصينا في البلاد.
ومع اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر/كانون الأول 2018، ثم سقوط نظام عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، بقيت الأوضاع في جنوب كردفان على ما هي عليه، دون تغيير يذكر في ميزان القوى أو خارطة السيطرة.
تحالفات وصراعاتوفي 24 مارس/آذار 2020، اتهمت الحركة الشعبية بقيادة الحلو الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بحشد قواتهما في الخطوط الخلفية لميدان الصراع، ما زاد التوتر في المنطقة. وفي المقابل، دفعت رعاية دولية وإثيوبية نحو إطلاق مسار جديد للسلام مع الحلو، تبنته حكومة عبد الله حمدوك بوصفه أحد ملفاتها الأكثر حساسية.
وفي 4 سبتمبر/أيلول 2020، توصّل حمدوك والحلو إلى اتفاق مبدئي على استئناف مفاوضات غير رسمية حول القضايا العالقة، وعلى رأسها إقرار علمانية الدولة مدخلا لتحقيق تسوية مستدامة للصراع.
عارضت الحركة الشعبية لتحرير السودان-جناح الحلو اتفاق جوبا للسلام 2021، الذي وقع بين المدنيين والعسكريين برئاسة رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وانضم الحلو إلى جانب حركة تحرير السودان-جناح عبد الواحد محمد نور، بينما وقعت بقية الحركات المسلحة من دارفور وجبال النوبة، بما فيها جناح مالك عقار.
ومنذ بداية الحرب السودانية في أبريل/نيسان 2023، ظلت قوات الحلو تدير معارك جانبية ضد الجيش السوداني بهدف السيطرة على جبال النوبة.
وعقب 9 أشهر من اندلاع الحرب، شهد موقف الحلو تحولا مفاجئا، إذ شاركت قواته إلى جانب الجيش السوداني في شن هجمات ضد قوات "الدعم السريع" التي حاولت التقدّم نحو مدينة الدلنج، ثاني أكبر مدن جنوب كردفان الخاضعة لسيطرة "الحركة الشعبية–شمال". ويعكس هذا التحول استجابة الحلو للمتغيرات الميدانية والسياسية في المنطقة، وحرصه على إعادة ترتيب تحالفاته الاستراتيجية.
وفي يوليو/تموز 2025، جاءت خطوة تعزيز التنسيق السياسي والعسكري لتأكيد هذا التحول، حيث أعلن تحالف "تأسيس" التأسيسي عن تشكيل هيئته القيادية، برئاسة قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وتعيين الحلو نائبا للرئيس، مما يعكس التقارب الجديد بينهما وتوافق المصالح بعد تغير مواقف الحلو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الحرکة الشعبیة لتحریر السودان الجیش السودانی الجیش الشعبی الدعم السریع جنوب کردفان جبال النوبة الحلو إلى إلى جانب
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يتقدم في جنوب كردفان والبرهان يستقبل مبعوثا أمميا
قالت مصادر عسكرية للجزيرة، إن معارك ضارية اندلعت، اليوم الأحد، غربي مدينة العباسية تقلي بولاية جنوب كردفان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في أحدث جولات القتال التي تشهدها الولاية منذ أسابيع.
وبحسب المصادر، دارت المواجهات في الموريب وتبسة وتيري، وأدّت إلى إغلاق طريق العباسية-رشاد بفعل الاشتباكات، في حين تحدثت المصادر عن تقدم كبير للجيش في تلك الجبهات. ولم تُصدر قوات الحركة الشعبية-قطاع الشمال (تقاتل إلى جانب الدعم السريع)، حتى الآن، أي تعليق عن سير القتال.
وبث عناصر من الجيش مقاطع مصورة يعلنون فيها سيطرتهم على منطقة تبسة والدامرة وسط فرحة المواطنين وهتافهم بالتكبير والتهليل.
وتأتي هذه التطورات وسط تحذيرات محلية من تدهور الوضع في ولايات كردفان، حيث قال الناطق باسم حكومة غرب كردفان، إن مدينة النهود شهدت عمليات نهب واعتداءات خطرة، منها وقائع اغتصاب، في ظل اتساع رقعة الانفلات الأمني الناتج عن الحرب.
وتوجد في هذه الولاية قوات "الحركة الشعبية-قطاع الشمال"، التي تقاتل إلى جانب الدعم السريع بعد أن انضمت إليها في "تحالف السودان التأسيسي".
وفي 22 فبراير/شباط الماضي، وقعت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية بالعاصمة الكينية نيروبي ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية للسلطات في السودان وهو ما نددت به الخرطوم.
تحرّك أمميسياسياً، استقبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في بورتسودان، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة.
وأكد البرهان استعداد حكومته للتعامل مع الأمم المتحدة في الملفات الإنسانية والتنموية، مشيداً بجهود لعمامرة في دعم مبادرات السلام. وقال إن الحكومة "ترغب في سلام يعمّ كل أنحاء السودان".
من جهته، قال لعمامرة، إنه يزور السودان لمتابعة الوضع السياسي والإنساني، مؤكداً أن الفرصة لا تزال قائمة لحوار سوداني–سوداني يمكن أن يوقف نزْف الدم، وأن الأمم المتحدة مستعدة لدعم هذا المسار.
إعلانومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ 13 المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وتفاقمت الأزمة الإنسانية في البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالمياً.