اقتصاد المحيطات ثلاثي العوائد
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
عندما يقرر المستثمرون أين يضعون أموالهم، فإنهم يطرحون أسئلة أساسية حول طبيعة الفرصة، والمخاطر المرتبطة بها، والعائد المتوقع منها. وعندما يتعلق الأمر بالمحيطات، نجد أن الإجابة على السؤال الأخير مقنعة بشكل خاص: الاستثمار في اقتصاد أزرق مرن ومستدام يوفر عوائد بيئية، واجتماعية، ومالية هائلة.
تاريخيا، كانت المحيطات تُعامَل على أنها مَورِد مفتوح يمكن استغلاله للصيد والتنقيب، فضلا عن تلويثه، ونسيانه في نهاية المطاف.
وعلى هذا فإن النهوض بالحلول المجددة للمحيطات يزودنا بسبيل للتحوط ضد انعدام الاستقرار الجهازي من خلال حماية واحدة من أعظم قوى الاستقرار على الأرض. برغم أن الأنظمة الإيكولوجية البحرية السليمة تُـعَـد أصولا اقتصادية منتجة تتضاعف قيمتها بمرور الوقت، فإنها لا تزال تُـقَـدَّر بأقل من قيمتها الحقيقية.
وفقا لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان اقتصاد المحيطات حتى عام 2050، فقد تضاعف اقتصاد المحيطات من حيث القيمة الحقيقية من عام 1995 إلى عام 2020، عندما ساهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يعادل 2.6 تريليون دولار أمريكي ووظّف أكثر من 100 مليون شخص.
لو كان المحيط بلدا، لكان خامس أكبر اقتصاد في العالم. ومن الواضح أن القطاعات البحرية التي تبني المرونة ــ بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة البحرية، وتربية الأحياء المائية المستدامة، وعزل الكربون، والتكنولوجيا الزرقاء ــ تستعد للنمو السريع. سوف يتحرك بشكل حاسم المستثمرون الذين يتطلعون إلى المستقبل، انطلاقا من إدراكهم لحقيقة مفادها أن المحيطات هي الواجهة التالية للإبداع والتكيف مع المناخ.
في الواقع، في غياب تدابير عاجلة، قد تتفلت الفرصة من بين أيدينا. وفقا لتقرير صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة، بالتعاون مع تحالف العمل من أجل مخاطر المحيطات ومرونتها، ومؤسسة Metabolic، فإن استمرار تدهور المحيطات قد يعرض للخطر ما يعادل 8.5 تريليون دولار من قيمة 66% من الشركات المدرجة عالميا على مدى السنوات الخمسة عشرة المقبلة.
وتُعد مصايد الأسماك التجارية، والعقارات الساحلية، والسياحة، والبنية الأساسية البحرية، والموانئ من بين أكثر الصناعات عُـرضة للخطر. ومن الممكن أن يساعد مسار أكثر استدامة في الحد من هذه المخاطر بما يتجاوز 5.1 تريليون دولار. يميل المستثمرون إلى الاستجابة للمخاطر المرتبطة بالمناخ والتنوع البيولوجي من خلال التحوط من خسائرهم وإغلاق مراكزهم، فيتسبب هذا في تراجعات في السوق. ونتيجة لهذا، لم يستفيدوا بعد من الفرصة التي تعادل قيمتها عدة تريليونات من الدولارات والتي يوفرها اقتصاد المحيطات المتجدد.
الواقع أن أقل من 0.01% من إجمالي الاستثمارات، وأقل من 1% من التمويل الخيري الدولي، وأقل من 1% من مساعدات التنمية الرسمية تذهب إلى اقتصاد المحيطات. وتمويل رأس المال الاستثماري أيضا لم يصل إلى المستوى المطلوب: على سبيل المثال، تلقت الشركات البادئة في مجال الطاقة البحرية المتجددة 300 مليون دولار فقط في عام 2023، حتى برغم أن توسيع نطاق توربينات الرياح العائمة، وكذا طاقة الأمواج والمد والجزر، سوف يتطلب ما يقرب من 32 مليار دولار من الاستثمارات السنوية للمساعدة في سد فجوة الانبعاثات بحلول عام 2050. ليس من الصعب أن نتخيل مستقبل حيث تعمل الأسواق الصحية، والمجتمعات الساحلية المزدهرة، وأنظم المحيطات الإيكولوجية المزدهرة على خلق دورة حميدة.
ولن يتسنى تحقيق الإنتاج المستدام للمأكولات البحرية إلا إذا كانت الموائل محمية من التلوث الصناعي، وكانت عمليات الصيد البري وتربية الأحياء المائية تُمارَس بشكل مسؤول، وكان سلوك المستهلك منضبطا. لكن المستثمرين عالقون وراء «الجدار الانتقالي» ــ عدم التوافق بين توقعات العائدات في الأمد القريب وخلق القيمة في الأمد البعيد. في الوقت الحالي، يُـقَيَّدَ رأس المال المؤسسي بآفاق تمتد من سبع إلى عشر سنوات فضلا عن هياكل عازفة عن خوض المجازفات.
على هذه الخلفية، يمثل الأفراد من ذوي الثروات الضخمة الذين بلغ مجموع ثرواتهم 90.5 تريليون دولار في عام 2024 قاعدة مستثمرين غير مستغلة. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يُـحَوِّل جيل طفرة المواليد 83 تريليون دولار إلى أبنائهم وأحفادهم على مدار العقدين القادمين، على نحو يعيد تشكيل توزيع الأصول. يدير عدد كبير من هؤلاء الأفراد ثرواتهم من خلال مكاتب عائلية، والتي تتمتع بوضع يسمح لها بتوظيف رأس المال في مختلف المجالات، من الأعمال الخيرية إلى أسعار السوق، ولديها ما يلزم من الأدوات والمرونة لتحقيق عوائد مع إحداث تغيير إيجابي في اقتصاد المحيطات.
في يونيو الماضي، أظهر منتدى الاقتصاد الأزرق والتمويل في موناكو، وهو حدث خاص جرى تنظيمه في إطار مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، قابلية الاستثمار في المشروعات ذات الأثر الإيجابي على المحيطات. وقد استفاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في بيليم بالبرازيل من هذا الزخم، فزاد من ثِـقَل المحيطات كمنظم مهم للمناخ وفرصة استثمارية حيوية. لاغتنام هذه الفرصة، يتعين علينا أن نعمل على تشييد البنية التأسيسية لتمويل المحيطات: الدعم في المراحل المبكرة، وأدوات الحد من المخاطر، ونماذج الأعمال الجديدة التي تعمل على مواءمة الاستثمارات مع إمكانات المحيطات المتجددة.
نحن في احتياج إلى هياكل التمويل المختلط، ورأس المال الميسر، وأدوات مصممة خصيصا لخدمة المستثمرين عبر السلسلة المتصلة ــ من العمل الخيري إلى العمل المؤسسي.
إن الحفاظ على محيطات العالم ليس واجبا أخلاقيا فحسب، بل هو أيضا استراتيجية مالية ذكية. فالاستثمار في مرونة المحيطات هو تحوط للمستقبل، وليس تكلفة غير مُستَرَدّة. وأولئك الذين يتحركون في وقت مبكر سيشكلون الأدوات، ويحددون المعايير، ويحصدون المكاسب. إن صحة المحيطات من صحة الكوكب، وهي أساس كل قيمة اقتصادية. وهذا يعني أن السؤال الرئيسي الذي يجب أن يطرحه مديرو رأس المال ــ سواء في المكاتب العائلية، أو المؤسسات الخيرية، أو صناديق التقاعد أو غير ذلك من أدوات الاستثمار الخاصة ــ هو كيف يتسنى لنا الانفتاح على الاقتصاد الأزرق.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تریلیون دولار رأس المال
إقرأ أيضاً:
اجتماع موسع داخل وزارة الإسكان لمُضاعفة مبيعات الوحدات وتعظيم العوائد | تفاصيل
عقد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعًا مع مسئولي شركة "سيتي إيدج" للتطوير العقاري، لمتابعة موقف التسويق والترويج والمبيعات لعددٍ من المشروعات، وموقف التشغيل، وذلك بحضور مسئولي الوزارة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في ضوء تعظيم الاستفادة من الاستثمارات التي يتم ضخها في المشروعات التنموية.
واستهل المهندس شريف الشربيني الاجتماع بالتأكيد على أن اللقاء يأتي في إطار المتابعة الدورية لموقف مبيعات وتسويق وتسليم الوحدات بالمشروعات المختلفة على مستوى المدن الجديدة، وأهمية زيادة عوامل الجذب والمحفزات للعملاء، سواء المستثمرين أو الأفراد، بالمدن الجديدة التي تنفذها الوزارة، فضلًا عن توفير مختلف الخدمات بشكل مستمر. وأشار إلى أن وزارة الإسكان قامت خلال الفترة الماضية بتنفيذ عددٍ كبيرٍ من الوحدات المتنوعة في عدد من المدن الجديدة، ومن ثم تم وضع خطط تسويقية لهذه الوحدات بمختلف المدن.
واستعرض وزير الإسكان معدلات المبيعات ببعض مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة خلال الفترة الماضية، وخطة الشركة للترويج والتسويق لعددٍ من المشروعات في مدينة العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة والمنصورة الجديدة ومثلث ماسبيرو، سواء الوحدات السكنية أو التجارية أو الإدارية، مؤكدًا ضرورة متابعة تلك الخطط وتقييمها بشكل مستمر لتحقيق الأهداف المرجوة، وتعظيم الاستفادة من مخزون الوحدات لدى الهيئة، وزيادة العوائد المالية، ورفع معدلات تسليم الوحدات للحاجزين.
كما تابع الوزير الجهود المبذولة في عددٍ من المشروعات الفندقية بمدينة العلمين الجديدة، ومناطق ماسبيرو وسور مجرى العيون، ومنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة أسوان الجديدة.