بالصور: الآلاف يغلقون شارع 65 بعد تشييع إمام مسجد قباء في كفر قرع
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
شيّعت جماهير غفيرة، مساء اليوم الأحد، جثمان إمام مسجد قباء في مدينة كفر قرع الشيخ سامي عبد اللطيف المصري، الذي شيّع جثمانه من منزله في الشارع الرئيسي حتى مسجد قباء ومن ثم لمقبرة المدينة.
وكما أعلنت لجنة المتابعة العليا، بعد مراسم الجنازة ، عن مظاهرة غضب حاشدة انطلقت من المدينة حتى مفترقها عند شارع 65، فيها شارك فيها الالاف من الشباب، الذين يهتفون "زهقنا الدم، زهقنا الموت".
وكان قد قتل الشيخ عبد اللطيف المصري بعد خروجه من بيت للعزاء بجانب مسجد الحوارنة في مدينة كفرقرع، حيث أقدم ملثم ترجّل من دراجة نارية كانت على متنها ملثم آخر بإطلاق النار على الشيخ وأرداه قتيلا على الفور.
وتأتي هذه الجريمة بعد أقل من 24 ساعة من جريمة القتل المزدوجة التي راح ضحيتها الشاب فؤاد نبهان نصر الله من قلنسوة وشقيق زوجته الفتى محمد مصطفى عربيد من كفر قرع، إثر تعرضهما لإطلاق نار بعد مطاردة سيارتهما في المدينة مساء الجمعة الماضية.
فيما شهدت مدينة كفرقرع اليوم الأحد إضرابا عاما شمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية عدا مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، وسط حالة من الغضب والتوتر والاستنكار للحال التي وصلت له المدينة.
وقد قُتل خلال هذا الصراع الذي بدأ سنة 2019 بين منظمات إجرامية في كفرقرع 9 أشخاص، غالبيتهم لا دخل لهم في الصراع، إنما ذنبهم الوحيد هي علاقة القرابة بينهم وبين من يديرون الصراع.
وكانت قد عقدت لجنة المتابعة العليا بالإضافة لبلدية كفرقرع ورجال دين وشخصيات عامة اجتماعا طارئا أخذ على أثره عدة خطوات تصعيدية ضد العنف والجريمة، ومما جاء في بيان المتابعة:
قرارات لجنة المتابعة في اجتماع كفرقرع
١. تأسيس هيئة طوارئ تجتمع كل يومين/ثلاث واعلان حالة الطوارئ في المجتمع العربي (تشمل الهيئة لجنة افشاء السلام ولجنة مناهضة العنف والجريمة ولجنة الرؤساء وغيرها).
٢. تحويل جنازة المغدور في كفر قرع الى مظاهرة تصل الى شارع 65.
٣. اعلان الاضراب العام يوم الثلاثاء القريب ودعوة اللجان الشعبية للتحضير لذلك وللعمل على اقناع الناس بالالتزام بالاضراب.
٤. يتم التعليم في المدارس لساعتين في يوم الاضراب.
ومع هذه الجرائم، وارتفاع وتيرة العنف والجريمة في مجتمعنا منذ بداية السنة الحالية، فقد بلغ عدد ضحايا جرائم القتل حتى يومنا 170 ضحية، مقارنة بـ72 ضحية في مثل هذه الفترة من سنة 2022، بالإضافة لمئات الإصابات في مختلف المناطق منذ بداية السنة.
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: کفر قرع
إقرأ أيضاً:
وهل يخدع الإنسان نفسه؟!
يُعّرَفُ عمّن يمارس النفاق على أنه يظهر للآخرين ما لا يخفـيه فـي نفسه. وبهذا المعنى فإن العلاقة بين الإنسان ونفسه علاقة لا يشوبها كدر، أو غبار، فكلا الطرفـين يواجهان بعضهما بعضا بحقيقة ما يبديانه، وما يخفـيانه؛ ولذا فمن المستحيل أن يخدع كلاهما الآخر، وتبقى حالة من المخادعة الظاهرية هي بينهما، وبين الآخرين من حولهما. وأصفها بـ «المخادعة»؛ لانتفاء صفة الصدق فـيها.
ولذلك يعيش الإنسان صراعا ذاتيا قاسيا مع نفسه فـي المواقف التي لا يكون صادقا فـيها، وإن أبدى المرح والسرور مع الآخر. ومن هنا فإن مشاعر القسوة لا يمكن التحايل عليها؛ حيث تتجلى قيمة الصدق فـيها أكثر، فلا خيار متاح فـي تلك اللحظة إلا تجرع الألم بكل حمولته القاسية، بخلاف مشاعر السرور التي قد يناور فـيها الفرد الآخرين، ويبدي عكس ما يضمره كنوع من المجاملة؛ ولذلك قال شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي: «لا تحسبوا رقصي بينكم طربا ... فالطير يرقص مذبوحا من الألم».
ومع ذلك فالناس مدمنون على إظهار السرور- كما يشاع -، وإن أظهروا ذلك السرور بتكلف فـي كثير من الأحيان؛ ولذلك تصنف الابتسامات المتكلف فـي إبدائها للآخرين على أنها «ابتسامات صفراء». وهذا التصنيف لم يأت من فراغ، وإنما يأتي عن تقييم حقيقي، فالآخرون - وإن حاول الفرد أن يخدعهم بابتسامة صفراء، أو بوصف مبالغ ليس فـيهم - فهم يدركون حقيقة الأمر، وإن أبدوا مجاملة لفظية. ففي قرارة أنفسهم يدركون حقيقة الطرف الآخر، وما يبديه من تكلف وتصنع؛ ولذلك سريعا ما تنكشف مثل هذه المراوغات، ويقع أصحابها فـي حرج شديد، ويظل تدارك الموقف ليس بالأمر الهين، وعادة ما يحدث مثل ذلك فـي المواقف التي يراد منها تحقيق غاية معينة، وهذه من أشدها خطورة فـي العلاقات القائمة بين الأفراد.
والسؤال هنا: كيف يجازف الفرد بحمولته الإنسانية، فـيبدي للآخرين عكس ما يختلج بين جوانحه؟ كيف يستطيع أن يخاتل نفسه فـي لحظة فارقة فـينفرد بقرار مخادعتها، وهو يدرك أنه غير صادق وغير أمين فـي تلك اللحظة؟ هذه من اللحظات التي يغتال الإنسان فـيها نفسه، وبالتالي فمع استطاعته اغتيال نفسه؛ كيف لا يستطيع أن يغتال من حوله، ولو كان هذا الاغتيال لأقرب الناس إليه! إنها من الحالات التي يمتحن الإنسان ذاته فـيها، وهذا الأمر ليس متاحا للجميع؛ حيث يحتاج إلى كثير من الخبرة والتجربة.
تشدنا بعض المواقف التي نرى فـيها ذلك الصراع المتوهج - ونصفه بالخطير- بين الحيوانات المفترسة، سواء بينها وبين الحيوانات المختلفة عنها، أو بينها وبين بني جلدتها، وهو صراع مادي صرف، تحسم نتيجته قوة الطرف على الطرف الآخر؛ لأن الحيوانات لا تعرف خداع بعضها بعضا، وإنما تبقى القوة هي الحاسمة لنتيجة الصراع القائم بين الطرفـين، بخلاف حقيقة الصراعات التي تدور بين بني البشر بعضهم ببعض؛ حيث لا تظهر الحالة الفـيزيائية الصرفة فـي هذا الصراع، وإنما يسود ذلك الصراع الباطني المبني على الخداع، والتضليل، مع قناعة كل طرف أنه يمارس فعلا شائنا لا يرتضيه مع نفسه، ويرتضيه مع الآخر من حوله؛ لتحقيق غاية ما.
ففـي الصراع الإنساني لا يتوقف الأمر على القوة المادية لكسب الرهان؛ حيث تميل جل الصراعات القائمة بين بني البشر إلى اختيار القوى الناعمة، وما أكثرها! ولكن أشدها خطرا تلك القوة التي يخادع فـيها الإنسان نفسه فـي لحظة ما، مع يقينه أنه يقع فـي مغالطة شعورية كبيرة، وذلك عكس ما ينادي به أبو الفتح السبتي:
« أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ».