شهدت حضرموت الأسبوع الماضي مستجدات وتحولات متسارعة على المستوى السياسي والعسكري بين مليشيات وأدوات الاحتلال السعودي الإماراتي على نحو غير مسبوق. كشفت هذه التحولات في مجمل تفاصيلها عن فصل جديد في مخطط استراتيجي أوسع تقوده قوى الاحتلال الإقليمي لفرض وقائع ميدانية تهدف إلى تقويض الوحدة اليمنية، تماشياً مع الأجندة الأمريكية الهادفة لتمزيق المنطقة.


هذا المشهد يُعرّي زيف ما يُروّج له إعلامياً من انتصارات مزعومة أو خلافات بين مليشيات وأدوات المحتل، مؤكداً أن ذلك ما هو إلا ستار يخفي التنسيق المُحكم بين الرياض وأبوظبي، اللتين تتقاطع مصالحهما في إدارة الوكلاء المحليين لتحقيق هدف التقسيم.

الثورة/ مصطفى المنتصر

مشهد التحول السريع في السيطرة على وادي حضرموت من قِبل المليشيات الإماراتية، وما تبعه من تفكيك لمراكز النفوذ والسيطرة للمليشيات الموالية لحزب الإصلاح في ما يُسمى المنطقة العسكرية الأولى، لم يكن سوى لعبة سياسية عسكرية متفق عليها مسبقاً.
وتهدف هذه التحولات المتسارعة إلى إزاحة طرف (كان بمثابة عنصر جوهري لنظام فقد بوصلته وقيمته ومكانته السياسية) ليحل محله طرف آخر مُصنّع خصيصاً لتنفيذ مشروع فصل الشمال عن الجنوب.
الانهيار غير المقاوم وتأكيد التبعية
لا يمكن النظر إلى الانهيار غير المقاوم للمليشيات الموالية لحزب الإصلاح على أنه هزيمة عسكرية، بل هو صفقة مُبرمجة صنعتها ووضعت لمساتها قوى الاستكبار العالمي (أمريكا وإسرائيل) وقواهما الإقليمية (الممثلة بالسعودية والإمارات).
يؤكد هذا الانهيار أن كل المليشيات الموجودة على الأرض في المناطق المحتلة، بما فيها تلك التي ترفع شعارات مختلفة التوجهات والسياسات، هي مجرد مرتزقة ومليشيات تتحرك بأوامر من الرياض وأبوظبي، وتخدم في نهاية المطاف المشروع الأمريكي الهادف إلى تجزئة اليمن إلى “سلطنات وكنتونات” صغيرة ومتناحرة، خدمةً لمشروع الكيان الصهيوني والمخطط الدولي تجاه اليمن.
تأمين الثروات وفرض السيطرة
إن الهدف من السيطرة على حضرموت أو تسليمها بهذه السرعة المثيرة للريبة والشك هو إعادة ترتيب المشهد الأمني في الوادي من خلال تأمين خطوط إنتاج وتصدير النفط وضمان استمرار تدفقه تحت إشراف قوى الاحتلال.
حيث أصبح واضحاً أن الصراع الدائر ليس صراعاً على الأمن أو الاستقرار، بل هو صراع على إيرادات المحافظة وثرواتها. يُستغل العامل الأمني لتثبيت اليد الخفية للمشروع الخارجي الذي يسعى إلى فرض السيطرة الأمنية والسياسية على المحافظة الغنية بالنفط والثروات، بعد تثبيت السيطرة، ينتقل المخطط إلى تطبيق ورقة الانفصال، والتي ستكون سهلة المنال بعد إزاحة القوى والمكونات الحضرمية من إدارة شؤونهم والتحكم بمواردهم.
خلق واقع جديد قبل المفاوضات
إن توقيت هذه التطورات في حضرموت يحمل دلالات استراتيجية عميقة. فبعد أن وصلت جهود السلام إلى طريق مسدود نسبياً، يهدف الاحتلال السعودي الإماراتي إلى خلق واقع جديد على الأرض قبل أي جولة مفاوضات قادمة مع سلطة صنعاء.
الهدف من تمكين المليشيات الانفصالية وسيطرتها على محافظة بهذه الأهمية الجغرافية والثرواتية هو تحويل مساعي دول الاحتلال لـ “فصل الشمال” إلى ورقة ضغط قوية.
ابتزاز صنعاء بورقة التقسيم
تسعى دول الاحتلال من خلال هذه الورقة إلى تقديم التقسيم ليس كمجرد مطلب سياسي، بل كـ أمر واقع يُفرض ضمن أي تسوية شاملة، واستخدام هذا الواقع لابتزاز صنعاء ومحاولة الدفع بها نحو التنازل عن مبدأ السيادة والوحدة. وهو ما يعكس نوايا دول تحالف العدوان والاحتلال إلى تأزيم المشهد وتصعيده، بدلاً من الانخراط بجدية في مسار الحل السياسي الشامل.
الموقف الوطني الثابت
في المقابل، يظل الموقف الوطني الذي تقوده صنعاء حاسماً وثابتاً. وهو ما أكده أكثر من مصدر مسؤول من أن أي محاولات لشرعنة التقسيم أو فرض أجندة فصل الشمال هي محاولات فاشلة لن تؤدي إلا إلى تأجيج الصراع وتقويض أي مساعٍ لتحقيق المطالب الوطنية وإلزام دول العدوان والاحتلال بالقيام بواجباتها والتزاماتها تجاه اليمن.
إن أي اتفاقات قادمة يجب أن تكون مبنية على أساس الإقرار بوحدة اليمن واستقلاله التام، ورفض الوصاية والتدخل الأجنبي.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

اليمن... إنتاج الدواجن يصطدم بغلاء الأعلاف

تتوجّه السلطات اليمنية في صنعاء نحو إنشاء مشاريع لإنتاج الدواجن، في وقت تبرز فيه مشكلة ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن بوصفها أزمة تهدد إنتاجية أحد أهم القطاعات الغذائية.

 

ويؤكد تجار دواجن وباعة لها في صنعاء لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الأعلاف زادت بواقع 8 آلاف ريال بعدما قفزت الكمية المعبأة في أكياس والتي يراوح حجمها بين 25 و50 كيلوغراماً إلى نحو 23 و25 ألف ريال يمني من 15 و18 ألف ريال (الدولار = نحو 535 ريالاً في صنعاء)، حيث أثرت أحداث البحر الأحمر واضطراب الملاحة والشحن التجاري باستيراد العديد من السلع الغذائية والاستهلاكية والمستلزمات الإنتاجية، ومنها أعلاف الدواجن.

 

وأطلقت حكومة صنعاء مشاريع إنتاجية، منها المرحلة الثانية من مشروع الزراعة التعاقدية لإنتاج الدواجن الذي دشنته وزارة الزراعة بصنعاء والغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء أخيراً، والذي تقدر طاقته الإنتاجية بنحو 60 ألف حبة يومياً من الدواجن المجمدة.

 

وبدأ مثل هذه المشاريع بالظهور بعد نحو عام ونصف من صدور قرار رسمي في صنعاء لمنع استيراد الدواجن المجمدة من الخارج الذي بدأ بمرحلة تجريبية لمدة ستة أشهر، قبل تعميمه بشكل كلي منذ بداية عام 2025.

 

ويشير رئيس قطاع الدواجن بالغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة صنعاء محمد البروي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذا المشروع الذي يهدف إلى إحلال المنتج المحلي تدريجياً محل الدواجن المستوردة، ستكون له أهمية بالغة، ويتوقع أن يحدث نقلة نوعية في سوق الدواجن من خلال توفير منتج محلي بجودة عالية وأسعار مستقرة.

 

يمثل هذا التوجه نحو إطلاق مشاريع إنتاجية في قطاع غذائي مهم فرصة للتحول نحو دعم المنتج المحلي، بما يخدم المستهلك والاقتصاد الوطني على حد سواء، فضلاً عن كونه استكمالاً لمبادرات سابقة، حيث نجحت المرحلة الأولى في تسويق 1600 طن من الدجاج المنتج محلياً، ما ساهم في تخفيض فاتورة الاستيراد بقيمة 2.32 مليار ريال يمني، حسب كلام البروي لـ"العربي الجديد".

 

ولن يقتصر الأمر على مثل هذه المشاريع في إنتاج الدجاج اللاحم، بل تدرس الجهات العامة والخاصة مثل وزارتي الزراعة والصناعة والتجارة والغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء، تنفيذ مشاريع أخرى للتوسع في زراعة مدخلات الإنتاج الرئيسية، كالذرة الشامية وفول الصويا، بهدف تقليل الاعتماد على استيراد الأعلاف. ويقول بائع الدواجن في صنعاء، محفوظ أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنه اشترى كيس الأعلاف أخيراً من التجار المستوردين بزيادة على السعر السابق الذي كان يصل إلى 15 ألف ريال، والذي يُستهلَك بفترة تراوح بين 20 و30 يوماً حسب حجم الدواجن المتوفرة وعددها.

 

ضعف القدرة الشرائية في اليمن

 

من جانبه، يوضح تاجر دواجن آخر يدعى هاني طاهر، لـ"العربي الجديد"، أن القدرة الشرائية ضعيفة بسبب الأوضاع المعيشية التي يمر بها المواطنون، وهو ما جعلهم، تجاراً وباعةً، يحافظون على أسعار الدواجن دون ارتفاع. تجدر الإشارة إلى أن السعر في صنعاء ومختلف المدن اليمنية يُحدَّد بحسب الحجم الذي يراوح بين 2000 و3000 ريال للدواجن ذات الأحجام المتوسطة والكبيرة.

 

في السياق، كشف تجار لـ"العربي الجديد"، انخفاض المعروض في الأسواق بصنعاء من الدواجن المجمدة واللحوم المستوردة التي أصبح وجودها محصوراً في بعض المتاجر والمولات الكبيرة، وذلك منذ سريان قرار حظر استيرادها منذ نحو عام ونصف عام.

 

وكان القرار قد أثار جدلاً واسعاً في الأسواق والأوساط التجارية عند صدوره، إلا أن المستثمر في قطاع الدواجن، حسن العولقي، عزا هذا القرار إلى ما يواجه قطاع الدواجن في اليمن من مشاكل عديدة أثرت كثيراً بقدراته الإنتاجية، وهو ما يتطلب العمل على حماية المشاريع والمزارع المحلية للدواجن ومساندتها في توفير احتياجات السوق.


مقالات مشابهة

  • محافظ المهرة يدعو لتوحيد الجهود لمواجهة مخططات الاحتلال السعودي الإماراتي
  • حسام الغمري: صفقات خارجية في 2011 سعت لفرض دستور الإخوان تمهيدًا لاحتلال ناعم لمصر
  • إعادة هندسة العدوان على اليمن
  • الاحتلال السعودي الإماراتي .. صراع يحتل الأرض ويبتلع القرار وحضرموت تدفع الثمن
  • حضرموت بين التنسيق السعودي– الإماراتي.. التفاهم المحدود والتنافس الصامت.. قراءة لما ما خلف السطور
  • اليمن.. اتفاق برعاية سعودية في حضرموت و«أنصار الله» تدعو لتفعيل خارطة السلام
  • تصفية أسرى في حضرموت.. صور صادمة تفضح ممارسات الانتقالي
  • اليمن... إنتاج الدواجن يصطدم بغلاء الأعلاف
  • حضرموت في قلب العاصفة:كيف يُعاد رسم اليمن تحت هيمنة الاحتلال الجديد؟