“الخلاوي” في السودان.. تعليم تقليدي تنعشه الحرب
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
عادت “الخلاوي” وهي أقدم نظام تعليم تقليدي في السودان بقوة الى الحياة لتشكل ملاذا يحتضن الطلاب، وذلك بعد أن أغلقت المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة في كل أنحاء البلاد بسبب الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.
ومع إطالة أمد الصراع وغياب النظام التعليمي، فكر الأهالي خاصة في الولايات المستقرة نسبياً مثل الجزيرة وسنار وكسلا والقضارف في تأسيس خلاوي لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية والفقهية لأبنائهم، في محاولة لملء الفراغ وخلق بيئة تعليمية وتربوية بديلة.
ولم تغب الخلاوي كلياً عن المشهد السوداني، ولكن تراجع الاهتمام بها خلال العقود الماضية، وذلك عقب التوسع الكبير في المؤسسات التعليمية الرسمية، وتحول رغبة العائلات نحو العلم الحديث.
وتُقام الخلاوي على ساحات مجاورة للمساجد أو وسط الحي السكني وتسمى أيضاً بـ”المسيد”، إذ يجلس الطلاب على الأرض في شكل دائري “حلقة” تتوسطهم نار مشتعلة لغرض الإضاءة ليلاً وتعرف محلياً بـ”التقابة”، يقوم الدارسون بالكتابة على ألواح خشبية مع أقلام وأحبار بدائية تسمى بـ”دواية”.
ويقول صلاح سليمان وهو والد ثلاثة طلاب من ولاية سنار وسط البلاد: “أغلقت المدارس بشكل كامل وأصبح أبناءنا بلا نشاط يقضون طوال الوقت في اللعب في الشوارع وما يترتب على ذلك من مخاطر، لذلك قمنا بتأسيس خلوة بمسجد الحي وتكرم أحد المشايخ بتولي إدارتها وتعليم أطفالنا القرآن والعلوم الإسلامية خلال الفترة الصباحية”.
ويضيف سليمان في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” “كان هدفنا ملء فراغ أبناءنا والمحافظة على مستوياتهم الأكاديمية، لأننا نخشى أن ينسوا كل ما تعلموه في المراحل الدراسية مع مرور الوقت. نتمنى أن تنتهي هذه الحرب ويعم الاستقرار بلادنا”.
ورغم حالة الاضطراب الأمني في إقليم كردفان غربي السودان، قام السكان في عدة مناطق بتأسيس خلاوي لتعليم الأطفال القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المختلفة، وذلك وفق أحد مواطني الإقليم.
ويشير أحمد حسن إلى أن “الطلاب الأكبر سناً تمت الاستعانة بهم في عمليات الزارعة حيث تزامنت العطلة الاجبارية من الدراسة مع فصل الخريف، ولم يكن هناك خيار غير أن يتوجه الأطفال نحو الخلاوي لقضاء وقتهم وحمايتهم”.
وفي ولاية كسلا شرقي السودان، توجد خلاوي تاريخية كبرى قائمة وظلت تعمل باستمرار في تعليم القرآن، ولكن بعد اندلاع الحرب واغلاق المدارس اكتسبت مزيد من الطلبة، وفق ما نقله شهود لموقع “سكاي نيوز عربية”.
تحولت المدارس والمرافق التعليمية في 10 ولايات سودانية مستقرة الى مراكز لإيواء النازحين من نيران الحرب في العاصمة الخرطوم والأقاليم الأخرى، وهو ما حدا بوزارة التربية والتعليم بتعطيل الدراسة في كل ربوع البلاد الى أجل غير مسمى.
ويرى الخبير التربوي في السودان الهادي سيد في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن عودة الخلاوي سيكون له مردود إيجابي كبير على التلاميذ في ظل غياب المدارس ويرصد عدة نقاط:
منذ القدم كان للخلاوي دور كبير في التربية والتنشئة والنبوغ، فغالبية الشعراء والادباء والمفكرين في السودان والوطن العربي هم من حفظة القرآن.
سوف تخلق انقلاب تربوي وروحي لدى التلاميذ بعد التراجع الملحوظ في عمليات التنشئة الاجتماعية نتيجة لأمواج الحداثة والعولمة.
ستقود الى تحسن كبير في المستوى اللغوي المتدني للطلاب من خلال حفظ القرآن الكريم.
غياب الخلاوي خلال العقود الماضية ساهم في فقدان التلاميذ حقلة تعليمية مهمة كان لها اسهام في تقوية لغتهم وتنشئتهم بالصورة المثلى.
ستملأ الفراغ الكبير الذي خلفه الاغلاق الكامل للمدارس والذي كان بمثابة كارثة أكاديمية وتربوية جراء الحرب.
وبخلاف الرؤية المتفائلة، ثمة من ينظرون بتوجس الى العودة الواسعة لنشاط الخلاوي لما ينضوي على الأمر من مخاطر على سلامة الطلاب، استنادا الى تقارير سابقة توثق لانتهاكات وتعنيف على دارسي القرآن في بعض المناطق السودانية.
وعن ذلك تقول مدير مركز الارشاد النفسي بجامعة النيلين السودانية د. أسماء محمد جمعة لموقع “سكاي نيوز عربية”:
يجب أن تخضع الخلاوي للقيود والرقابة الرسمية حتى لو كانت أدنى سلطة في الولاية، أو المحلية لأن انتشارها بشكل عشوائي ربما يقود إلى نتائج سلبية على الطلاب.
يجب أن تقوم الخلاوي على طرق حديثة ومبتكرة بخلاف النمط التقليدي السائد، وإلى جانب القرآن الكريم يجب إضافة الرسم وانشطة أخرى مساعدة على الفهم والترفيه.
من المؤكد أن أي نشاط خاص بالأطفال سيساعدهم على تجاوز أي مصاعب نفسية خاصة تأثيرات الصراع المسلح، ولكن يجب أن يخضع لمراقبة السلوك.
سكاي نيوز عربية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: سکای نیوز عربیة القرآن الکریم فی السودان
إقرأ أيضاً:
تعليم بورسعيد يستعرض استعدادات مدارس المرحلتين الإعدادية والثانوية للعام الدراسي الجديد
ترأس طاهر الغرباوى مدير مديرية التربية والتعليم ببورسعيد، اليوم، اجتماعا موسعا لمناقشة إستعدادات مدارس المرحلتين الإعدادية والثانوية لبدء العام الدراسي الجديد وذلك بقاعة المؤتمرات الرئيسية بديوان المديرية.
جاء ذلك بحضور الحسيني راغب مدير عام التعليم العام وإيهاب عبد المقصود مدير عام الشئون التنفيذية واستهدف الإجتماع مديرى الإدارات التعليمية ووكلائها ومحمد رفعت مدير إدارة التعليم الإعدادي و ستوتة عبد الله مدير إدارة التعليم الثانوي والدكتورة سوزان بغدادي مدير إدارة المدارس الرسمية والمتميزة لغات ومديرى الإدارات النوعية المعنية ومديرى مدارس التعليم الإعدادي والثانوى بالمحافظة.
وبدأ الغرباوي الاجتماع بالتأكيد على مراجعة سلامة جميع المرافق بالمدارس إستعدادا للعام الدراسي الجديد والإهتمام بنظافة المدارس مع التأكيد على إستمرار مبادرات التشجير وطلاء الفصول.
وشدد الغرباوي على ضرورة الإنتهاء من كافة التجهيزات الفنية وأعمال الصيانة البسيطة بجميع مدارس المرحلتين والإنتهاء من صرف الميزانية المرصودة لكل مدرسة بهذا الشأن.
ونوه الغرباوي على مراعاة التسلسل الوظيفي بين الإدارات التعليمية ومديرية التربية والتعليم مع التشديد على تطبيق لائحة التحفيز التربوي والإنضباط المدرسي وتجهيز قوائم الفصول الدراسية.
واستمع الغرباوي لبعض المقترحات من السادة الحضور لإيجاد حلول جذرية لعدد من المشكلات التى تواجههم قبل بدء العام الدراسي ووجه سرعة تنفيذ نشرات النقل لسد العجز والزيادة بين صفوف المعلمين وفق القواعد المنظمة لهذا الشأن كما وجه بالتوزيع العادل للعمالة داخل الإدارات التعليمية حسب كثافة المدارس واحتياجاتها.
كما تطرق الغرباوي للحوار حول نظام شهادة البكالوريا المصرية واستعراض مميزاتها وآليات التطبيق والجهود المبذولة لنشر ثقافة نظام البكالوريا بين الطلاب وأولياء الأمور والرد على تساؤلاتهم حول طبيعة النظام والفرص المستقبلية التى يوفرها، مؤكدا على أن نظام البكالوريا المصرية يشكل نقلة نوعية فى منظومة التعليم الثانوى ويهدف إلى إعداد أجيال قادرة على المنافسة فى سوق العمل المحلى والعالمى ومواكبة التطورات العلمية والتقنية السريعة.
وشدد مدير تعليم بورسعيد على مراعاة الكثافات الطلابية داخل الفصول الدراسية بالمرحلة الابتدائية وفق التعليمات الوزارية المنظمة بحد أقصى ٤٩ طالب وطالبة داخل كل فصل دراسى على حده متمنيا للجميع عاما دراسيا موفقا.