خبير أممي يحذر: يجب تعزيز البنى التحتية وأنظمة الإنذار المبكر حتى لا يتكرر سيناريو درنة
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
إعداد: أمين زرواطي تابِع إعلان اقرأ المزيد
لا زالت ليبيا الخميس تعد الضحايا وتبحث عن المفقودين بعد أربعة أيام من مرور الإعصار "دانيال"، الذي أدى حسب آخر حصيلة رسمية معلنة إلى مقتل 3840 شخصا.
وتعد مدينة درنة الضحية الكبرى لهذه الكارثة حيث شهدت دمار أحياء برمتها ومساكن بمن فيها إثر التساقطات المطرية الغزيرة التي رافقت الإعصار، ولكن خصوصا لانهيار سدّين قريبين من المدينة الواقعة شمال شرق ليبيا.
Storm Daniel leads to extreme rain and floods in Mediterranean, heavy loss of life in Libya.
????️: #EarlyWarningsForAll
????: https://t.co/EOTgWNNas9 pic.twitter.com/INqmfdXylL
في هذا الصدد، قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الثلاثاء، إن الإعصار "بلغ ذروته في شمال شرق ليبيا الأحد 10 سبتمبر/أيلول، مصحوبا برياح قوية تراوحت سرعتها ما بين 70 و80 كم/ساعة، ما أدى لانقطاع الاتصالات وسقوط أبراج الكهرباء والأشجار. وتسببت الأمطار الغزيرة التي تراوحت ما بين 150 و240 ملم في حدوث فيضانات مفاجئة في عدة مدن، أبرزها البيضاء التي سجلت أعلى معدل يومي للأمطار بلغ 414.1 ملم (من صبيحة 10 إلى صبيحة 11 سبتمبر/أيلول). وهو رقم قياسي جديد لهطول الأمطار".
فيضانات ليبيا وتغير المناخ.. ما العلاقة؟في ظل هذه الظروف المناخية المتطرفة، أرجع خبراء مناخ الكارثة التي حلّت بليبيا إلى ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض. حيث تعرف العواصف المتوسطية القوية مثل إعصار "دانيال" الذي سبق أن ضرب تركيا وبلغاريا واليونان، بأنها يمكن أن تزداد قوة حين يمتص الهواء الدافئ مزيدا من الرطوبة.
اقرأ أيضاليبيا.. إحدى أكثر دول العالم تضررا من التغير المناخي
وغالبا ما تتسبب الظواهر الجوية القصوى في سقوط عدد أكبر من الضحايا في الدول الفقيرة والتي تشهد نزاعات بسبب نقص البنى التحتية وأنظمة الإنذار المبكر وخدمات الاستجابة لحالات الطوارئ.
انظر لتقييم الأولي لليونوسات(UNOSAT) للمباني التي تعرضت لمياه #الفيضانات في مدينة #درنة (#ليبيا) عبر صور الأقمار الصناعية
تابعوا آخر التحديثات على موقعنا الالكتروني https://t.co/HjQKtLWoY9 pic.twitter.com/4nDAY7ttXb
في هذا السياق، قالت أستاذة علوم المناخ بجامعة بريستول ليزي كيندون إن الإعصار الذي ضرب شرق ليبيا "مثال واضح على نوع الفيضانات المدمرة التي قد نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل" مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم. ويمكن أن تحدث هذه العواصف المتوسطية التي تحمل سمات الأعاصير المدارية والاستوائية، والمعروفة بظاهرة الأعاصير المتوسطية (ميديكيْن)، مرتين إلى ثلاث مرات سنويا.
تحذيرات سابقة من كارثة محتملة.. ولكن !وكان تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حذّر بوضوح من المخاطر التي تتربص بليبيا. وقال في هذا المنشور: "إن ليبيا معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ، حيث إن الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة وزيادة وتيرة وشدة الظروف المناخية القاسية، وانخفاض هطول الأمطار، وارتفاع مستويات سطح البحر تهدد استدامة إمدادات المياه وتشكل خطرا وجوديا على المراكز السكانية الساحلية حيث يقيم حوالي 70 بالمئة من سكان البلاد".
The devastating Medicane that hit #Libya deadly flooding, can be seen in Met-11 imagery as it made landfall, via Jochen Kerkmann #LibyaFloods pic.twitter.com/VLXFcBbd3j
— EUMETSAT Users (@eumetsat_users) September 12, 2023كما انتقد التقرير الأممي عدم استجابة السلطات في ليبيا للمخاطر المحيطة بالبلاد قائلا: "رغم تعرض ليبيا لتأثيرات تغير المناخ، لم يكن هناك تقدم كبير نحو تطوير وتنفيذ إستراتيجيات أو خطط محلية للحد من هذه المخاطر أو التكيف معها.. كما يستلزم تعرض ليبيا لتأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي اتخاذ تدابير استباقية ضد عواقبها المحتملة، حيث يمكن أن يساعد تطوير وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية للحد من المخاطر والتكيف مع تغير المناخ في التخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ، بما في ذلك التصحر وحماية المراكز الحضرية الساحلية من ارتفاع منسوب مياه البحر".
وأخيرا، أشار تقرير مؤشر المخاطر العالمي لسنة 2022 والذي أصدره تحالف تطوير المساعدة Bündnis Entwicklung Hilft ومقره برلين، إلى ليبيا كواحدة من الدول المعرضة للكوارث الطبيعية والتغير المناخي على الصعيد العالمي، ووضعها بالمرتبة 36 من بين 192 دولة مدرجة.
لتسليط مزيد من الضوء على الكارثة التي خلها إعصار "دانيال" في ليبيا وعلاقتها بظاهرة التغير المناخي ومدى خطورة تكرار سيناريو درنة في دول المنطقة، وعن الحلول الممكنة، حاورنا د. الزيتوني ولد داده نائب مدير قسم تغير المناخ والتنوع البيولوجي والبيئة بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).
تغير المناخ في شمال أفريقيا.. هل إعصار "دانيال" مجرد البداية؟فعلا... الخبراء من حول العالم الذين يشكلون الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC يحذرون دائما ومنذ مدة طويلة من أن هذه الظواهر التي يشهدها العالم بما فيها الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات والتصحر، ستتكاثر بسبب تغير المناخ مما سيعرض صحة الإنسان والطبيعة لخطر جسيم، وخاصة في البلدان والمجتمعات الضعيفة التي ليس لديها القدرات للتغلب على مخاطر تغير المناخ والتكيف معها. فما يحصل الآن يعطي لمحة وكذلك تحذيرا لما ينتظرنا في المستقبل للأسف. لهذا، يجب أن نتخذ جهودا إضافية أكثر مما هو الحال عليه الآن، وأن تكون الطموحات عالية لمواجهة التغير المناخي.
يجب علينا أن نستيقظ ونعي هذا الوضع الطبيعي الجديد ونضاعف الجهود العالمية الحالية لأنها غير كافية لمكافحة تغير المناخ، وذلك من خلال تبني إجراءات كثيفة وسريعة. نحن، في منظمة فاو التابعة للأمم المتحدة، ندعم الدول لوضع السياسات والتدابير اللازمة لبناء القدرات، ونقدّم الدعم التقني والسياسي وكذلك نساعد البلدان للحصول على التمويل وخلق مشاريع لبناء القدرات في مجالات عديدة وخصوصا الزراعة.
نحن نعيش حالة طارئة حاليا لأن التغير المناخي بات يؤثر على كل مناطق العالم للأسف. من المتوقع كما قلت أن تتكرر هذه الظواهر في ظل وجود هذا التهديد الكبير الذي بات يطال الغذاء، موارد المياه، الطاقة، الصحة، والتنوع البيولوجي. فهذه التهديدات والتأثيرات هي ليست فقط بيئية ولكن لها أبعاد اقتصادية واجتماعية.
هل منطقة شمال أفريقيا مرشحة لكوارث مماثلة؟كل مناطق العالم مرشحة لكوارث ترتبط بالتغير المناخي لأن هذه الظاهرة عالمية. لاحظنا خلال السنوات القليلة الماضية، أنه كان هناك جفاف وفيضانات وحرائق غابات في عدة دول بالمنطقة منها المغرب، الجزائر، وتونس، وقد أثرت تلك الكوارث بشكل كبير على السكان وممتلكاتهم، لذلك فقد أصبح الاستعداد والوعي حيال كيفيات مكافحة التغير المناخي حاجة ملّحة وأساسية في الوقت الحالي، لا سيما أن هذه الكوارث تؤثر كثيرا على الزراعة، التي هي أول قطاع يتأثر بظواهر الطقس المتطرفة بنسبة تقارب 26 بالمئة.
ولو نظرنا إلى الجفاف لوحده فإن الزراعة تتأثر بنسبة 80 بالمئة، مع ما لديه من تداعيات على الإنتاج والأمن الغذائي وسبل العيش في البوادي. إذا، فالدول التي لا تمتلك الإمكانيات هي المرشحة أكثر لمثل هذه الكوارث خصوصا في حال كان موقعها الجغرافي يسمح بوجود درجات حرارة عالية وتكرار ظواهر الجفاف، التي تؤدي إلى التأثير على المناخ وتزيد من احتمال التساقطات المطرية الغزيرة والفيضانات. وفي دول أفريقيا بشكل عام، تعاني عدة مجتمعات من أزمات الغذاء بسبب النزاعات، إلى جانب تعرضها لتغير المناخ.
كيف يمكن تعزيز البنى التحتية وتطوير الاستجابة حتى لا يتكرر سيناريو درنة؟بطبيعة الحال فإن تعزيز البنى التحتية في هذه الدول هي مسألة مهمة. يجب أيضا الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر لكي يكون الاستعداد والاستجابة أحسن. ينبغي أن نستفيد من هذه التجربة الآن ونتساءل: لو وقعت هذه الكارثة مجددا مستقبلا، كيف ستكون استجابتنا؟ وما هي استفادتنا من الكارثة التي نعيشها الآن؟ يجب الاستعداد بشكل أحسن والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار خاصة في مجال الإنذار المبكر. يجب أن تكون هناك حملة لتوعية المواطنين بما فيهم الشباب في المدارس وأن تكون هناك تربية مناخية تندرج ضمن برامج التعليم، لكي نفهم مخاطر تغير المناخ وكيف أن هذه الظاهرة ناتجة عن طريقتنا في العيش والتنقل وكيف نستعمل الموارد الطبيعية بصفة عامة.
اقرأ أيضاليبيا: العاصفة "دانيال" جرفت أحياء ومستشفيات ومدارس في درنة المنكوبة وأودت بحياة الآلاف
للأسف فإن الانبعاثات الكربونية هي ناجمة عن طريقة معيشة الإنسان ولهذا فقد وصلت إلى الحد الذي أثر في المناخ مع هذه المخاطر التي نراها الآن. يجب أيضا أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لخلق سياسات واستراتيجيات على المدى الطويل لكي نحقق نتائج يستفيد منها المواطنون. تغير المناخ هو مسؤولية الجميع حيث لا يكفي فقط تعزيز البنى التحتية رغم أن ذلك حيوي ومهم، فالمسؤولية يتحملها الجميع وهي أيضا مسؤولية فردية، حيث أن على كل مواطن التحرك لمواجهة هذه الظاهرة.
يجب أن نعيد التفكير في بعض سلوكياتنا وطريقة عيشنا كاستعمال الوقود الأحفوري والطاقة بشكل عام. هناك على المستوى العالمي تبذير للطاقة والمياه والغذاء، يجب أن نراجع سلوكياتنا لأن هذه الظواهر سوف تستمر للأسف، لكن يجب خاصة أن نسارع في استجابتنا لمواجهة تغير المناخ والتكيف مع هذه الحقيقة الجديدة.
أمين زرواطي
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج فيضانات ليبيا التغير المناخي كوارث طبيعية للمزيد منظمة الأغذية والزراعة الإنذار المبکر التغیر المناخی تغیر المناخ أن تکون یجب أن أن هذه
إقرأ أيضاً:
خبير مصري يحذر من خطر داهم يهدد مصر والسودان بعد تأخير إثيوبيا فتح بوابات سد النهضة
#سواليف
كشف أستاذ الموارد المائية المصري #عباس_شراقي عن تأخير #إثيوبيا في #فتح# بوابات مفيض #سد_النهضة على الرغم من التحديات الفنية التي تواجه تشغيل التوربينات ونقص شبكة نقل الكهرباء.
وأثار هذا التأخير مخاوف مصرية وسودانية من تداعيات إدارة المياه في ظل اقتراب موسم الأمطار، مما قد يؤدي إلى هدر كميات هائلة من المياه دون استفادة فعلية، في وقت تعتمد فيه مصر على نهر النيل لتأمين 95% من احتياجاتها المائية.
وأكد الخبير الجيولوجي المصري أنه تُظهر الصور الفضائية انخفاضًا طفيفًا في مخزون سد النهضة بمقدار 4 مليارات متر مكعب منذ 5 سبتمبر 2024، حيث هبط منسوب البحيرة بحوالي 2 متر ليصل إلى 636 مترًا فوق سطح البحر، بإجمالي تخزين 56 مليار متر مكعب.
وأرجع الخبير المصري في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” سبب التأخير إلى مشاكل فنية في تركيب أو تشغيل التوربينات، إلى جانب عدم جاهزية شبكة نقل الكهرباء، مما يعيق استغلال الطاقة الكهرومائية المخطط لها.
مقالات ذات صلة حادثة غريبة على حدود مصر.. سائح كوري يحاول السباحة إلى إيلات 2025/05/19وأضاف: “إثيوبيا تأمل أن تتمكن من تشغيل التوربينات، لكنها تتجاهل ضرورة التصريف الإجباري مع اقتراب موسم الأمطار، مما يهدر المياه التي خاضت من أجل تخزينها نزاعات دبلوماسية مع مصر والسودان على مدى خمس سنوات.”
وأشار شراقي إلى بدء هطول أمطار خفيفة في حوض النيل الأزرق منذ بداية مايو الجاري، بمعدل إيراد يومي يتجاوز 20 مليون متر مكعب عند سد النهضة، متوقعا زيادة هذا المعدل إلى 60 مليون متر مكعب يوميًا خلال أسبوعين، مع توقعات أولية تشير إلى أن هطول الأمطار سيكون حول المتوسط أو أعلى قليلًا.
وحذر من أن استمرار التأخير قد يؤدي إلى تصريف مفاجئ لكميات ضخمة تصل إلى 20 مليار متر مكعب قبل موسم الفيضان في يونيو، مما يتطلب تنسيقًا دقيقًا مع السودان ومصر لتجنب الفيضانات أو الإضرار بالبنية التحتية.
سد النهضة الإثيوبيويعد سد النهضة الإثيوبي الذي بدأت إثيوبيا بناءه عام 2011 على النيل الأزرق أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 6,450 ميغاواط عند اكتماله، يهدف إلى توفير الكهرباء لنحو 60% من سكان إثيوبيا الذين يفتقرون إليها، إلى جانب تصدير الطاقة إلى دول الجوار مثل السودان وجيبوتي.
ومع ذلك أثار السد نزاعًا مستمرًا مع مصر والسودان بسبب مخاوف من تقليص حصتهما من مياه النيل، حيث تعتمد مصر على النيل لتلبية 97% من احتياجاتها المائية، بينما تعاني بالفعل من فقر مائي بمتوسط استهلاك يبلغ 556 مترًا مكعبًا للفرد سنويًا بحلول 2025، وفقًا لوزارة الموارد المائية والري.
من جانبها، تؤكد إثيوبيا أن السد لن يقلل من تدفقات المياه إلى الدول المتأثرة، بل سيزيد من استقرار التدفقات عبر تقليل التبخر مقارنة ببحيرة ناصر، ومع ذلك، فإن غياب اتفاق ملزم حول تشغيل السد يبقي التوتر قائمًا.
وفي 2015 وقّعت الدول الثلاث إعلان مبادئ يدعو إلى التعاون، لكنه لم يتضمن آليات ملزمة، وفي 2023، أعلنت إثيوبيا اكتمال الملء النهائي للسد، مما أثار احتجاجات مصرية وصفت الخطوة بـ”غير القانونية”، وسط تقديرات تشير إلى أن السد قد يقلل تدفقات النيل إلى مصر بنسبة 2% في الظروف العادية، لكن في حالات الجفاف، قد يؤدي إلى خسائر أكبر، تهدد 200,000 فدان من الأراضي الزراعية.