عصب الشارع -
لن ينتهي ابدا تخوين الفلول فهم لايستطيعون العيش في جو صحي معافي فبعد ان تنتهي هذه الحرب العبثية علي افتراض بانتصار الجيش علي جنجويد الدعم السريع فهم لن يتوقفوا او يعيدون الديمقراطية كما يصرح قائد لجنتهم الامنية بل سيستمرون في تخوين القوي المدنية التي تنادي بعودة الديمقراطية وسيدخلون في حرب جديدة مع لجان المقاومة التي لن تتوقف عن المناداة بدولة مدنية، فسرطان الفلول المستشري في جسد الوطن لاشفاء منه إلا بالبتر الكامل.
البرهان الذي سافر الي نيويورك لحضور جلسة الأمم المتحدة وإلقاء (اخر خطاب) له امام الجمعية العامة نأمل الا يشحنه بالاكاذيب فرؤساء الدول ينتظرون فقط ان يسمعوا اخر كلماته ونتمني ان تكون كلمته كلمة رجل صادق حتي يختم حقبته السيئة بموقف (رجولي) واحد يسجل له رغم اننا علي ثقة بانه ليس من هؤلاء الرجال الذي يمكن ان يسجلوا موقف يكتب لهم في سجل التاريخ وعليه ان يعتبر ان خطابه هو خطاب الوداع فهو لن يقف امام هذا الجمع من الروساء مرة اخري العام القادم باي حال من الأحوال.
ونامل ان لايكون الرجل مازال مخدوعا من الفلول وذهب ليراوغ كالعادة ويتحدث عن إمكانية إصلاحه للاخطاء التي ارتكبها منذ جلوسه علي قمة السلطة محاولا التوسل للعالم لإعطاءه فرصة جديدة وهو يعلم بان كل الجالسين أمامه يرغبون في سماع شيئًا واحد منه وهو ان يعلن بانه يذهب من هناك الي جدة للتوقيع علي الاتفاق الاطاري الذي سيعيد الديمقراطية والسلطة المدنية وإيقاف هذه الحرب الملعونة
السعودية التي قامت بتأجيل وصوله الي جدة الي حين عودته من نيويورك تعلم أن خطابه الذي سيلقيه هناك هو عبارة عن مفترق طرق وهو الذي سيحدد شكلية الاستقبال له فالوقت يمضي والاوضاع الإنسانية تشئ بمجاعة كبري وبنية البلاد التحتية تدمر يوما بعد يوم والمراوغات الكيزانية التي يقودها لا تتوقف حتي ضاقت كل السبل منها واصبح هناك باب واحد سيصرخ به كل العالم في وجهه وهو الجلوس للتوقيع علي إيقاف الحرب وعودة السلطة المدنية والا فان عليه ان ينتظر نيران العالم التي ستفتح عليه
سؤال في العصب
من الذي رافق البرهان في رحلته الاخيرة الي نيويورك؟! .. فالرفيق قبل الطريق والرفقة هي من تحدد ماذا يريد أن يقول هناك
والثورة ستظل مستمرة
والقصاص يظل أمر حتمي
والرحمة والخلود للشهداء
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إلى أين تسير تونس بين الجبهة الديمقراطية والتوافق 2 وبين تصحيح المسار؟
لفهم الوضع التونسي بعد "تصحيح المسار" ونجاحه في إعادة هندسة المشهد السياسي بصورة جذرية سيكون من السهل أن نقول -مثل أغلب الأصوات المعارضة- بأن مشروع الرئيس الذي يرفع شعار "لا عودة إلى الوراء" ليس في الحقيقة إلا ارتكاسة نسقية إلى الوراء، المتمثل في لحظتي الحكم الدستورية والتجمعية، مع اختلافين رئيسين في مستوى نمط "الشرعية" وفي مستوى انتفاء الحاجة إلى "حزبٍ حاكم". ولكننا نرى أن هذا الطرح رغم دوره الفعّال في أو تحشيد خصوم الرئيس، هو ضرب من الاختزال الذي لا يكتسب قدرته "التفسيرية" جزئيا إلا بالقفز على سؤالين جوهريين سيحرجان "المعارضة" بكل أطيافها: لماذا نجح "الرئيس" في مشروعه؛ رغم مسار الانتقال الديمقراطي ومخرجاته التي طالما تغنى بها أغلب الخاسرين من "تصحيح المسار" واعتبروها مكاسب غير قابلة للنقض؟ وإذا ما سلّمنا بالطابع الوظيفي للسلطة الحالية (علاقة التعامد الوظيفي بينها وبين منظومة الاستعمار الداخلي ورعاتها الإقليميين والدوليين، وخاصةً علاقتها بمحور الثورات المضادة)، فما تأثير ذلك في العلاقات البينية داخل أطياف المعارضة -بشكليها الراديكالي والمساند النقدي للسلطة- حتى بعد أن تبيّن لها أن هذه السلطة تشتغل بمنطق البديل للجميع، وليس بمنطق الشراكة مع أي طرف منهم -خاصة أولئك المنتمين لما يُسمى بـ"العائلة الديمقراطية"- بحكم سرديتها السياسية ذاتها القائمة على مركزة السلطة وانتهاء الحاجة للأجسام الوسيطة ودورها المعروف في الديمقراطية التمثيلية؟
إن الإجابة الموضوعية عن هذين السؤالين -أو على الأقل الإجابة الأكثر تخففا من الانحيازات التأكيدية- ستكون حسب رأينا هي الأقدر على فهم الوضع الحالي، وعلى بناء قراءة استشرافية له. وهي إجابة غير ممكنة إلا بالخروج من ضيق الاستفهام المجازي (أي السؤال الذي ينطلق بكل صيغه من معرفة مسبقة بالجواب أو لا يطلب الجواب أصلا) إلى سعة الاستفهام الحقيقي، أي ذلك السؤال الذي يطلب المعرفة ويقرّ بالجهل، فيتحول بالتالي إلى آلية من آليات تعديل نسق الذات الفردية أو الجماعية وتغيير مواقفها تجاه من يشبهونها ومن يختلفون عنها جزئيا أو جذريا.
التجاوز الجدلي للخلافات البينية داخل المعارضة والقدرة على تذويب خلافاتها أو تحييدها مرحليا ما زال أفقا أقرب إلى الاستحالة منه إلى الإمكان على الأقل في المدى المنظور
وإذا ما نظرنا إلى واقع المعارضة التونسية الآن-وهنا، فإننا لن نتردد في القول بأنها ما زالت غير واعية بأن محصول سؤالها الفرعي أو المشتق (ما العمل للخروج من الوضع الحالي؟) مرتبط شرطيا بسؤال أصلي لا يبدو أن الإجابات عنه إلى حد هذه اللحظة قد تجاوزت منطق الانحياز التأكيدي أو الاستفهام المجازي (ما الذي حصل منذ الثورة، وما هو دورنا الحقيقي فيه بعيدا عن المزايدات والاداعاءات الذاتية، وبعيدا عن شيطنة السلطة وسرديتها السياسية وكأنهما "طفرة" وليستا نتيجة مسار انتقالي مأزوم بنيويا؟).
رغم أننا لا ننكر وجود نوع من الخلخلة الجزئية في السرديات السياسية المرتبطة باستراتيجتي الاستئصال الناعم والاستئصال الصلب من جهة أولى، وباستراتيجية التوافق "اللاّ مشروط" مع المنظومة القديمة من جهة ثانية، فإننا لا نملك ذلك التفاؤل الذي يحكم العديد من الشخصيات العامة في الحقل السياسي وفي وسائل التواصل الاجتماعي. فوجود بعض الأصوات الناقدة للصراع الهوياتي ضد الإسلاميين ودوره في إفشال الانتقال الديمقراطي وبناء مشترك مواطني، وكذلك وجود بعض الأصوات النهضوية أو القريبة منها والمنتقدة للتوافق 1 مع حركة نداء تونس ومِن ورائه المنظومة القديمة، كل ذلك لا يعني أن بنية العقل السياسي في الجهتين قد تغيرت، خاصة إذا ما استحضرنا أنّ "مركز القرار" فيهما ما زال بعيدا عن التماهي مع تلك الأصوات المعزولة وذات التأثير المحدود. وهو ما يعني أنّ التجاوز الجدلي للخلافات البينية داخل المعارضة والقدرة على تذويب خلافاتها أو تحييدها مرحليا ما زال أفقا أقرب إلى الاستحالة منه إلى الإمكان على الأقل في المدى المنظور. ولو استعرنا مصطلحا كلاميا تراثيا لقلنا مع المعتزلي النظّام إننا في النواة الصلبة للمعسكرين معا (معسكر العائلة "الحداثية" أو "التقدمية" أو "الديمقراطية" ومعسكر "التوافق" وما يدور في فلكه) أمام "حركة اعتماد"، أي حركة الجسم في محلّه.
إذا ما أردنا أن نفهم الدلالة السياسية العميقة لـ"حركة الاعتماد"، فإن علينا أن نطرح السؤالين التاليين باستلهام الفيلسوف الفرنسي روسو باعتباره أحد آباء "التنوير" ومن المنظرين الكبار لقاعدة "الإرادة العامة": أولا، هل خرجت "العائلة الديمقراطية" من منطق الإقصاء النسقي للنهضة إلى دائرة الاعتراف المبدئي بحقها في تمثيل جزء من "الإرادة العامة" (باعتبارها مجموع اختلافات الإرادات الخاصة، وباعتبارها لا تمثل مجموعة هويات وتمثل "البحث عن عمومية تتضمن الاختلافات")؟ وهل تجاوزت دعاوى تمثيل "إرادة الجميع" وحاولت أن تمارس الفعل السياسي في إطار "صمت الأهواء"، تلك الأهواء المؤسسة للاستعلاء المعرفي والسياسي والمكرّسة لمنطق الصراع الوجودي؟ (انظر كتاب روح الأنوار لتزفيتان تودوروف لفهم كيف أصبح خطاب "التنوير" نفسه انقلابا على روح التنوير وتحويل وجهة لقيمه داخل الفضاء الأوروبي، ومن باب أولى داخل السرديات التابعة أو "المُتونسة" لتلك القيم). ثانيا، هل يوجد لدى النهضة خيار حقيقي يتجاوز التوافق مع النواة الصلبة للمنظومة القديمة والتطبيع مع أذرعها الوظيفية في إطار "تنازلات مؤلمة" مستأنفة، أي في سياق موازين قوى لا تمتلك النهضة القدرة على تعديلها بصورة "منصفة" لوزنها الانتخابي وعمقها الشعبي؟
لقد حرصت الآلة الدعائية للمنظومة القديمة خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي على ربط خيار "التوافق" بحركة النهضة. وهي استراتيجية اتصالية فعّالة نجحت في جعل النهضويين أنفسهم- بل حتى أغلب المشتغلين بالشأن العام- يختزلون التوافق في خيارات النهضة دون سواها. وإذا ما حاولنا التحرر من استراتيجيات التزييف والدمغجة فإننا سنجد أن التوافق كان خيار جميع الفاعلين منذ المرحلة التأسيسية. فماذا يمكن أن نسمّي مخرجات "الدستور" والهيئات الدستورية وغير الدستورية إذا لم تكن مخرجات "توافقية"؟ وماذا نسمي" الجبهة الشعبية" إذا لم تكن هوية توافقية"؟ بل كيف نسمي "العائلة الديمقراطية" إذا لم تكن توافقا على أرضية اللائكية وعلى التعارض الوجودي مع حركة النهضة والتطبيع مع ورثة المنظومة القديمة؟ وماذا نسمي خيار "الانتخاب المفيد" لمرشح "التجمعيين الجدد" المرحوم الباجي قائد السبسي؟ وماذا نسمي الحزام البرلماني للرئيس الذي دفع نحو تعفين المشهد البرلماني والساسي في إطار "توافقات" علنية وضمنية مع قصر قرطاج؟ وماذا نسمي احتفاء أغلب "الديمقراطيين" بإجراءات "تصحيح المسار" إذا لم تكن انتظارا لتوافقات جديدة مع السلطة بشرط إقصاء حركة النهضة؟ وأخيرا كيف يمكن فهم "تصحيح المسار" ذاته إذا لم يكن في جوهره "توافقا" بين مشروع الرئيس وبين حاجة النواة الصلبة للمنظومة القديمة ورعاتها الإقليميين والدوليين؛ على إغلاق فاصلة "الربيع العربي" -أي إمكانية الحكم المشترك بين الإسلاميين والعلمانيين- في دولته الأم؟
لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها
منذ المرحلة التأسيسية، كانت تونس في الحقيقة أمام توافقات تتحرك في اتجاهات مختلفة ولغايات متناقضة، ولكنها جميعا لا تستغني عن "المنظومة القديمة" ونواتها الصلبة. وهو واقع يجب استحضاره لفهم هشاشة الانتقال الديمقراطي ومخرجاتها "المُمأسسة"، بل لفهم نجاح "تصحيح المسار" باعتباره التوافق الأمثل في السياق الإقليمي والدولي الراهن. ولذلك لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها.
ولا شك عندنا في أن "الجبهة الديمقراطية" (أي التوافق على أساس إقصاء النهضة، أي تفعيل منطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي بصورة ضمنية)، و"التوافق 2" (أي التوافق على أساس تعديل شروط المنظومة القديمة بصورة سطحية تسمح بوجود النهضة شريكا أقليا داخل الحقل السياسي القانوني، وخارج المقاربة الأمنية-القضائية للصراع الأيديولوجي) ليسا في النهاية أقدر على تعديل موازين القوة مع السلطة من استراتيجية الاستئصال الصلب التي ما زالت تعتمدها الكثير من أطياف المعارضة "التجمعية الجديدة" (بقيادة الحزب الدستوري الحر) وبعض الفصائل اليسارية والقومية (مثل الوطد الموحد والتيار الشعبي). فكل هذه السرديات لا تمثل بديلا مقنعا لعموم المواطنين ولا تطرح أيضا أي بديل جماعي يتجاوز العودة إلى مربع ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021.
وإذا كان "التوافق" شرطا ضروريا لحكم تونس ولبناء حقل السياسي طبيعي، فإن الإشكال ليس في التوافق في ذاته، بل في ارتهانه لمنظومة الاستعمار الداخلي، وبالتالي في نبذه لأي توافق ضد تلك المنظومة. وهي حقيقة تصرّ كل القوى السياسية على الرمي بها داخل دائرة "اللا مفكر فيه" أو المقموع في سردياتها، ولكنها حقيقة تجعل أي تغير في واجهة السلطة أمرا ثانويا لا تحدده المعارضة بقدر ما تفرضه النواة الصلبة للمنظومة القديمة حسب احتياجاتها السياقية، وحسب المعادلات الإقليمية والدولية المؤثّرة في صناعة القرار السيادي التونسي.
x.com/adel_arabi21