في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، أحدثت قوة تحليلات البيانات الضخمة، المدعومة من الذكاء الاصطناعي، ثورة في مختلف القطاعات والصناعات وغيرت الطريقة التي نعيش ونعمل بها. واليوم لا يمكن إنكار الرؤى والتطورات المستمدة من تحليلات البيانات الضخمة. ومع ذلك، بينما نقوم بتسخير هذه الإمكانيات المتطورة، فمن الأهمية بمكان معالجة بعض المخاوف.



تتمتع البيانات الضخمة بالقدرة على إطلاق رؤى قيمة، ودفع الابتكار، وتحسين عملية صنع القرار في مختلف القطاعات. فمن الخدمات العامة إلى التمويل، ومن البنية التحتية إلى التعليم، أصبحت تطبيقات البيانات الضخمة واسعة النطاق وبعيدة المدى. ومن خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحديد الأنماط والاتجاهات والعلاقات المتبادلة التي كانت مخفية سابقاً، ما يمكّن صناع القرار الرئيسيين في المؤسسات من اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، والتي تنعكس إيجاباً على أداء هذه المؤسسات.

الالتزام الأخلاقي:

رغم أن فوائد البيانات الضخمة واضحة، فيتعين علينا أيضاً أن نعترف بالمعضلات الأخلاقية التي تنشأ مع تطور هذا القطاع. وبالتأكيد هناك بعض جوانب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تسبب ضرراً دون قصد. حيث يمكن أن تتضمن خوارزميات الذكاء الاصطناعي معلومات غير دقيقة أو تحيزات مخفية تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة. وأحياناً لا تكون الطريقة التي يتخذ بها تطبيق الذكاء الاصطناعي القرارات شفافة، ما قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة. علاوة على ذلك، يجب أن يتماشى جمع البيانات الشخصية وتحليلها مع المتطلبات القانونية، مثل قانون حماية البيانات الفيدرالي لدولة الإمارات العربية المتحدة أو اللائحة العامة لحماية البيانات للاتحاد الأوروبي، لضمان التعامل السليم مع البيانات فيما يتعلق بالخصوصية والموافقة وغيرها من القضايا.


والجدير بالذكر أنه هنالك وعي متزايد بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، من خلال النظام البيئي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، حيث تبذل الحكومات بالفعل جهوداً كبيرة لضمان معالجة هذه القضية. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، نشر مكتب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في دولة الإمارات العربية المتحدة المبادئ التوجيهية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في ديسمبر من العام الماضي. ويمكن أن تساعد مثل هذه المبادئ التوجيهية الشركات التي تعمل باستخدام هذه التقنيات في الحفاظ على مستوى عالٍ من الأخلاق في مكان العمل.

كما يتطلب الحفاظ على هذا النهج الأخلاقي ضرورة اتباع نهج استباقي يعطي الأولوية للعديد من العوامل الحاسمة مثل الشفافية وأطر الحوكمة وتدابير المساءلة. وتعد الشفافية هي المفتاح لبناء الثقة وضمان ممارسات مسؤولة للبيانات. كما يجب أن تتحلى المؤسسات بالشفافية بشأن البيانات التي تجمعها، وكيفية استخدامها، ومن يمكنه الوصول إليها. وينبغي الحصول على موافقة صريحة من الأفراد، مع شرح واضح للغرض والمخاطر المحتملة المرتبطة بجمع البيانات وتحليلها. ويعد تمكين الأفراد بالمعلومات الضرورية والتحكم في بياناتهم أمراً ضرورياً للحفاظ على المعايير الأخلاقية. وينبغي أن يكونوا قادرين على سحب موافقتهم و/أو حذف بياناتهم في أي وقت محدد.

ولتعزيز الممارسات المسؤولة للبيانات، يجب على المؤسسات أيضاً تأسيس أطر حوكمة قوية. يجب أن تحدد هذه الأطر سياسات وإجراءات واضحة لجمع البيانات وتخزينها واستخدامها. وينبغي إجراء عمليات تدقيق وتقييم منتظمة لضمان الامتثال للمعايير الأخلاقية والمتطلبات التنظيمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع تدابير المساءلة لتحميل المنظمات المسؤولية عن أي سوء استخدام أو انتهاك لخصوصية البيانات.

أخبار ذات صلة حكيمي وإنريكي.. «شفاء الغليل»! «الزعيم» يستعيد «القمة» بعد غياب 485 يوماً!

وفي عصر البيانات الضخمة الذي نعيش فيه، من الضروري إعطاء الأولوية لحماية المعلومات الحساسة. حيث يجب حماية البيانات الشخصية، مثل السجلات الصحية والمعلومات المالية والبيانات البيومترية، بأعلى مستوى من الأمان. وينبغي استخدام التشفير وضوابط الوصول وتقنيات إخفاء هوية البيانات لتقليل مخاطر الوصول غير المصرح به أو خروقات البيانات. وأخيراً، يجب على المؤسسات الاستثمار في تدابير الأمن السيبراني القوية لحماية خصوصية وسلامة البيانات التي تتعامل معها.


دور الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في تحليل البيانات الضخمة:

تلعب خوارزميات الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تحليل البيانات الضخمة واستخلاص رؤى ذات قيمة. ومع ذلك، يجب تطوير هذه الخوارزميات ونشرها بشكل مسؤول. من الممكن أن يكون التحيز والتمييز جزءاً لا يتجزأ من أنظمة الذكاء الاصطناعي عن غير قصد إذا لم يتم تصميمها ومراقبتها بعناية. ويتوجب على المؤسسات التأكد من أن خوارزمياتها عادلة وشفافة وخاضعة للمساءلة، وأنها تسهم في الحد من التحيزات المجتمعية القائمة أو التمييز ضد مجموعات معينة.

كما يتطلب التصدي للتحديات الأخلاقية للبيانات الضخمة التعاون ووضع معايير خاصة ومبادئ توجيهية لهذا القطاع، من خلال بناء أفضل الممارسات بدعم من الحكومة والجهات التنظيمية على حد سواء. وسيساعد تبادل المعرفة والخبرات والدروس المستفادة في خلق فهم جماعي للآثار الأخلاقية للبيانات الضخمة وتعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول للبيانات.

وفي الختام، بينما نواصل الاستفادة من قوة تحليلات البيانات الضخمة، فمن الضروري أن نفعل ذلك بمسؤولية. يجب أن تكون الشفافية والخصوصية والحماية في طليعة جهودنا لضمان الممارسات الأخلاقية للبيانات. ومن خلال إعطاء الأولوية للشفافية، وإنشاء أطر الحوكمة، والخضوع للمساءلة عن أفعالنا، يمكننا عرض التأثير الإيجابي الحقيقي لتحليلات البيانات الضخمة. لذلك دعونا نتبنى هذه الإمكانات مع التمسك بمسؤولياتنا الأخلاقية، لضمان مستقبل مبتكر قائم على البيانات.



مادة إعلانية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی البیانات الضخمة مع البیانات من خلال یجب أن

إقرأ أيضاً:

بنك إنجلترا يحذر من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي

حذّر بنك إنجلترا مجدّدا مطلع ديسمبر من الرسملة السوقية المفرطة التي تمنح لقطاع الذكاء الاصطناعي، عاقدا مقارنة مع بدايات انهيار فقاعة الإنترنت في مطلع الألفية.

وأشارت لجنة السياسة المالية التابعة للبنك في تقريرها الفصلي إلى «عدّة عمليات رسملة للأصول الخطرة مبالغ بها، لا سيما في ما يخص شركات التكنولوجيا المتخصصة في الذكاء الاصطناعي». ولفت المصرف إلى أن «عمليات الرسملة السوقية باتت بمجملها قريبة من أعلى المستويات المسجّلة منذ انهيار فقاعة الإنترنت في الولايات المتحدة ومنذ الأزمة المالية العالمية في بريطانيا» سنة 2008.

وفي الأشهر الأخيرة، كثف عمالقة التكنولوجيا الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وتبدو استثماراتهم غير متناسبة مع العائدات التي تولّدها هذه التقنية، ما يغذّي المخاوف من تشكّل فقاعة في السوق كتلك التي شهدتها الإنترنت في التسعينيات ومطلع الألفية الثالثة.

والفارق بين ما حدث في تلك الفترة والوضع الراهن هو أن الجهات الفاعلة في الذكاء الاصطناعي «تتمتّع بتدفّقات نقدية إيجابية»، وفق ما لفت حاكم مصرف إنجلترا أندرو بايلي خلال مؤتمر صحفي أعقب نشر التقرير، محذّرا من انتقال «عدوى» أزمة أمريكية محتملة إلى الأسواق البريطانية.

ففي حال خيّبت الآمال المعلّقة على الذكاء الاصطناعي، قد تتكبّد المؤسسات التي أقرضت المال لشركات القطاع خسائر كبيرة، بحسب ما حذّر بنك إنجلترا.

وكالة الأنباء الفرنسية «أ.ف.ب»

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في تحليل الصور الطبية
  • دينيس دريسر تنضم إلى OpenAI لتوسيع مراكز البيانات الضخمة
  • الذكاء الاصطناعي يحل مشكلة السمع في الضوضاء
  • مهندسو الذكاء الاصطناعي شخصية عام 2025 بمجلة تايم
  • تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه
  • بيتكوين تهبط إلى أقل من 90 ألف دولار وسط مخاوف من الذكاء الاصطناعي
  • قيادة المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي
  • هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟
  • هل يُنقذ الذكاء الاصطناعي الاقتصادات المتقدمة من أعباء الديون؟
  • بنك إنجلترا يحذر من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي