لجريدة عمان:
2025-05-28@18:29:30 GMT

هوامش ومتون :«هيماء».. رمال من ذهب

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

الوصول إلى ولاية هيماء التابعة لمحافظة الوسطى هو وقوف عند تخوم الربع الخالي، التي تحدّها شرقا، حيث الصحراء المترامية الأطراف تحيط بولاية تعدّ الأكبر في سلطنة عمان من حيث المساحة، حيث تشكّل مساحتها 17% من إجمالي مساحة سلطنة عمان، وإذا كان معجم المعاني الجامع الذي لجأنا إليه لمعرفة سبب تسميتها بهذا الاسم، يقول: إن جملة «تاهَ فِي الْهَيْمَاء» تعني الضياع «فِي الصَّحْرَاءِ الوَاسِعَةِ الَّتِي لا مَاءَ فِيهَا»، رغم أن هناك من يرى أنّ الهيماء هي «المصابة بداء الحب الشديد والولع والهيام، أو من تمشي هائمة على وجهها، ولا تشعر بما حولها، أو من الهجمة التي جرت، كما تقول الحكاية المتداولة، عندما هجم لصوص على ناقة أحد سكّانها، فحمل المكان اسم الواقعة، مع قلب (الجيم) إلى (ياء)، كما هو شائع في بعض اللهجات، لكنّ المعنى الأقرب للتسمية هو الصحراء التي تتّسع كلما توغّلت فيها، وفي الدارجة العراقية يسمّى المكان الخالي (هيمَة)، وهذا ما تراءى لأعيننا حين بدأت الطائرة بالهبوط في مطار المخيزنة، أجلنا النظر في مكان خالٍ إلّا من الرمال، وليست أيّ رمال! فهي من ذهب، إذ تفور تحتها آبار النفط والغاز، وقد أتيحت لنا فرصة زيارتها خلال مشاركتنا في (الملتقى الثقافي لشركة امتياز تنمية نفط عمان) الذي أقامه النادي الثقافي في الولاية التي تبعد عن مسقط حوالي 540 كم، عند الوصول، صعدنا الباص الكبير الذي أقلّنا من المطار مع العاملين في الشركة العائدين من إجازاتهم الدورية للالتحاق بعملهم، وعلى الفور، وجدنا أنفسنا في مدينة تفتح ذراعيها للسيّاح الذين يتوقّفون عندها للاستراحة مثلما تستريح الطيور في محميّتها الواقعة على ممرّات هجرتها من المناطق الباردة، فهي إحدى أهمّ المحطّات الرئيسية للمسافرين عبر وسائل النقل البرّيّة ثم يواصل السيّاح، بعد أن يأخذوا قسطا من الراحة والتزوّد بالوقود ليواصلوا طريق سيرهم إلى (صلالة)، لذا، ففيها يتوفّر ما يحتاج السائح، من وسائل راحة وفنادق ومطاعم، والبعض من هؤلاء السيّاح يقصدونها لزيارة محمية الكائنات الحية والفطرية التي تعدّ أكبر محمية طبيعية لغزلان المها العربيّة (ابن سولع) في سلطنة عمان، وتبلغ مساحة المحميّة نحو 25 ألف كيلومتر مربع، وقد أعلنت محميّة طبيعيّة بموجب المرسوم السلطاني رقم (4/‏‏ 94) الصادر بتاريخ 8/‏‏1/‏‏ 1994، لذا اتّخذت (هيماء) المها العربية شعارا لها، وهي ليست الحيوان النادر الوحيد في المحمية، ففيها الذئب العربي والوشق والضبع المخطّط والقط البري، والزواحف منها الأفعى ذات القلنسوة، والحيّة ذات القرنين، والسحالي ذات الذيل الشائك، والغزال العربي، ويطيب لزائر (هيماء) التجوال بين الكهوف، التي أبرزها كهف «الراكي» وكهف «المسك» وكهف «وادي صراف» و«قطار» ومشاهدة عيون المياه مثل: «بوي الحوجاء» و«الأصلع» و«قرن عانوز» وقد كان المصدر الوحيد للماء بالمحمية قبل عام 1956م هو ماء الضباب.

وقد لفتت هيماء إليها أنظار الشركات العاملة في مجال النفط والغاز بعد اكتشاف عدد من آبار النفط فيها مما أنعش اقتصاد سلطنة عمان، وقد انعكس هذا على الولاية التي يزاول سكّانها مهنا عديدة من بينها: صناعة النسيج وتربية الماشية ورعي الإبل، والأغنام والماعز، ومن أعشاب الصحراء استخلص بعض السكّان أدوية استخدموها في الطب الشعبي.

وفي المعارض المصاحبة للملتقى رأيت مجموعة نساء يتحدّثن بلغة غريبة على مسمعي، وحين استفسرتُ عنها قيل لي أنها اللغة الحرسوسية التي هي «واحدة من اللغات السامية التي تعود أصولها إلى مجموعة اللغات العربية الجنوبية الحديثة بجنوب شبه الجزيرة العربية» كما جاء في كتاب (هيماء فاتنة الصحراء) للباحث أحمد بن علي بن محمد الدرعي مؤكّدا وجود تشابه كبير بينها وبين الشحرية، والمهرية والهبيوت والبطحرية المنتشرة في محافظة ظفار، وفي الجلسة الحوارية التي عقدها الملتقى حول تاريخ المنطقة، فوجئت بأن الذين يتكلّمون باللغة الحرسوسية لا يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف نسمة من المواطنين هم مجموع سكّان (هيماء)، وهذا يعني أن هذه اللغة معرّضة للمحو في عصر العولمة، وخطر ذوبان الثقافات المحلية، وانصهارها، وعليه ينبغي مضاعفة الجهود من أجل الحفاظ على هذه اللغة، وحمايتها من الاندثار، فهي تشكّل جزءا من الثقافة المحلية لسكّان (هيماء) التي تحاول الخروج من عزلتها الجغرافية لتندمج بالمحيط الخارجي عبر هذه الأنشطة الثقافية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

الرئيس الإيراني: نسعى لرفع التبادل التجاري مع سلطنة عمان إلى 30 مليار دولار

العُمانية: التقى فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بضيافة قصر العلم العامر بمسقط اليوم، عددًا من أصحاب وصاحبات الأعمال العُمانيين ونظرائهم الإيرانيين لبحث تعزيز تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك في إطار الزيارة الرسميّة التي يقوم بها حاليًّا للبلاد.

وأكد فخامته على أهمية ربط المسارات الاقتصادية والموانئ في البلدين من أجل تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والسعي إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار أمريكي خلال السنوات الثلاث القادمة.

وقال فخامته إن بلاده مستعدة للتعاون مع الجانب العُماني في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية، داعيًا إلى أهمية تبادل الآراء والخبرات لتنمية العلاقات الاقتصادية والدخول في مشاريع استثمارية مشتركة في مختلف المجالات عبر سعي الجانبين في تسهيل التحويلات المالية بينهما.

وأكد فخامته على سعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتوسيع وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ومدّ يد العون لكافة المسلمين.

وأوضح معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بأنّ سلطنة عُمان تحت ظل القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان المعظم ماضية في جهود تعزيز استثماراتها وتنويع القطاعات الاقتصادية، معربًا عن أمله في أن يتعرف الوفد التجاري على الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات خاصة في مجال الطاقة المتجددة والصناعة والسياحة والتعدين وقطاع اللوجستيات والأمن الغذائي وفي قطاع الصناعات الطبية والغذائية وفي تقنية المعلومات والتطوير العقاري.

وقال معاليه إن التبادل التجاري بين البلدين نما بنسب كبيرة وفي العام الماضي فقط نما بنسبة تفوق 50 بالمائة، وشهدت الاستثمارات الإيرانية نموًّا كبيرًا؛ فقد ارتفع عدد الشركات الإيرانية في سلطنة عُمان بنسبة 70 بالمائة في مختلف القطاعات، ومنها تم افتتاح مصنع شركة صناعة الأدوية الحيوية والبحث والتطوير الإيرانية في سلطنة عُمان، كما تم إنشاء مصنع لتصنيع وإنتاج المنتجات البتروكيماوية، بالإضافة إلى مشروعات أخرى لإنتاج الملح الصناعي والأسمدة وصناعة الحافلات، مشيرًا إلى أن مجمع الصاروج يعد أحد الاستثمارات العُمانية المهمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. من جانبه أكد سعادة فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن الغرفة حرصت، منذ تأسيسها، على ترسيخ وتطوير هذه العلاقات التجارية عبر مجموعة من المسارات، من بينها تأسيس مجلس الأعمال العُماني الإيراني المشترك الذي يهدف إلى تنشيط التبادل التجاري، وتيسير اللقاءات التجارية الثنائية، وتعزيز الربط بين أصحاب وصاحبات الأعمال في البلدين، إلى جانب العمل على إزالة التحديات التي قد تواجه التجار والمستثمرين من الجانبين، وتوسيع نطاق الشراكة في قطاعات استراتيجية.

وقال سعادته إن رعاية فخامتكم الكريمة لهذا اللقاء تجسد دعمًا مباشرًا للقطاع الخاص، ورسالة واضحة بأهمية دوره في بناء علاقات اقتصادية قوية ومستدامة بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو ما يحفز المسؤولين بالغرفة على بذل مزيد من الجهد لتعزيز فرص التبادل التجاري، وتوسيع الاستثمارات الثنائية، وفتح آفاق جديدة في قطاعات واعدة مثل الصناعة، والأمن الغذائي، والنقل البحري، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية.

وأكد سعادته عزم غرفة تجارة وصناعة عُمان على الاستمرار في توفير كل السبل لتقوية الشراكات بين القطاع الخاص العُماني الإيراني، وزيادة معدلات التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، بما يخدم الرؤى الاقتصادية في كلا البلدين. من جانبه أكد سعادة صمد حسن زاده رئيس غرفة التجارة والصناعة والمعادن والزراعة الإيرانية على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين عبر رسم خريطة طريق لتطوير هذه العلاقات وعقد الاجتماعات الدورية داعيًا رجال الأعمال إلى الاستفادة من اتفاقية التجارة التفضيلية التي وقعت بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي من شأنها الرقي بهذه العلاقات.

وأوضح محمد عبد الحسين باقر رئيس الجانب العُماني من مجلس الأعمال العُماني الإيراني المشترك أن المجلس يعمل على تنفيذ عدد من المبادرات الاستراتيجية التي من شأنها تعزيز النمو التجاري والاستثماري بين البلدين وتذليل العقبات أمام حركة التجارة، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل في عام 2024 إلى أكثر من ملياري دولار أمريكي.

وقال إن من بين هذه المبادرات العمل على تسهيل وفتح خط شحن بحري وجوي دائم وإنشاء شركة صرافة لتسهيل التحويلات المالية وإطلاق منصة إلكترونية تهدف إلى ربط المستثمرين والمصدرين والمستوردين من كلا البلدين.

وأوضح جمال رازلي جهرمي، رئيس الجانب الإيراني في مجلس الأعمال العُماني الإيراني أن أرقام التبادل التجاري بين البلدين التي بلغت في عام 2024 نحو ملياري دولار أمريكي تعد دون مستوى العلاقات التاريخية القديمة التي تربط بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، داعيًا رجال الأعمال إلى الاستفادة من كافة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت اليوم من أجل زيادة حجم المبادرات التجارية والاستثمارية.

بعد ذلك استعرضت مجموعة من الشركات العُمانية والإيرانية تجاربها في مجال التجارة والاستثمار بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • بيان مشترك بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية
  • الرئيس الإيراني: نسعى لرفع التبادل التجاري مع سلطنة عمان إلى 30 مليار دولار
  • منفذ الربع الخالي.. تسهيلات وخدمات متكاملة لراحة حجاج سلطنة عمان
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟.. عاجل
  • سلطنة عمان والعراق توقعان اتفاقا لتوسيع التعاون في النقل الجوي
  • تأسيس شركة وطنية لتنظيم وتسويق صادرات المعادن في سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تشارك في اجتماع الاتحاد الآسيوي للطائرة
  • إيران تكشف تفاصيل مقترح سلطنة عمان بشأن وقف تخصيب اليورانيوم
  • برامج ومبادرات مبتكرة لدعم وتعزيز تنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان