الأسبوع:
2025-12-10@13:18:26 GMT

"فرحة" أكتوبر

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

'فرحة' أكتوبر

بالبيجامة الكاستور.. فيديو تداوله المصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، المشهد الذى لاتتعدى مدته دقائق، كان يصور رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير وهى تنظر بعين الحزن والأسي لجنودها وضباطها بينما ينزلون من الحافلة التى كانت تقلهم بعد أن تم فك أسرهم لدي الجيش المصري خلال حرب أكتوبر، وكانوا جميعا يرتدون البيجامة الكاستور المقلم التى تشتهر بها مصانعنا فى المحلة الكبرى.

العبقرية المصرية التى تفتقت عن هذه الفكرة لتدمغ العدو بالذل والانكسار وتثبت واقعة الأسر عبر التاريخ، فها هي الذكري الخمسون لنصر أكتوبر المجيد والشريط يتم تداوله، تلك العقلية التى صنعت النصر ولم يخف عليها أن تبدع فى التفكير لتلك اللحظة حتى لا تمر عبر شريط الزمن مر الكرام.

لم يكن نصر أكتوبر الذى نحتفل اليوم بمرور خمسين عاما عليه وليد يوم المعركة فقط ولا نتيجة تلك الساعات الست التى بدأت فى تمام الساعة الثانية ظهرا من يوم العاشر من رمضان، ولكنها كانت وليدة تكاتف الشعب مع الجيش خلال تلك السنوات التى أعقبت نكسة يونيو عام1967 والتى بدأت عندما خرج الشعب المصري فى الميادين يطالبون الرئيس جمال عبد الناصر بالعدول عن قرار التنحي مؤمنين بصدق نواياه وحبه لهذا الوطن، مطالبين بتجاوز روح الهزيمة، وهو ما منح قائدهم وزعيمهم القوة على البدء من نقطة الصفر متسلحا بروح العزيمة والقدرة على قهر الهزيمة، فتم البدء فى بناء حائط الصواريخ وإعادة ترتيب البيت من الداخل، تلك الخطوات التى استكملها الرئيس أنور السادات والتى توجت بالنصر العظيم.

شجاعة وبسالة الجندى المصري تحكي عنها كتب التاريخ ومراجع العلوم السياسية، فهذا الجندى الذى استطاع بفضل عقول محبة للوطن من التخطيط لتجاوز خط بارليف ذلك الساتر الرملي الذى صنعه العدو الاسرائيلي ليمنع الجيش المصري من عبوره، هذا الجندى تسلح بقوة وإرادة منقطعة النظير خاض الحرب وهو صائم فى نهار رمضان مخالفا لأوامر قادته، مرددا: "الله أكبر" بدون سابق ترتيب بينهم، فكانت صيحتهم تهز الأرض وتزيدهم إصرارا على النصر.

لم تكن المرأة المصرية أقل شجاعة من زوجها وابنها وأخيها على جبهة القتال، ولكنها أثبتت شجاعة وجسارة وقدرة على الصمود تحدت بها كل الصعوبات التى كانت تواجهها، فكانت تدبر أمور بيتها بالمتاح من المواد التموينية والسلع الغذائية، وكانت معظم البيوت تقوم بتربية الطيور فى المنازل بالإضافة إلى صنع الخبز ومنتجات الألبان، وكانت هناك حالة من التكافل غير المسبوقة، فكان الجيران يتقاسمون الطعام مع من تواجد، زوجها على الجبهة وتركها مع أطفالها، خاصة إذا كانت تسكن فى مكان بعيد عن بيت العائلة.

نصر أكتوبر حالة من الفرحة صنعتها روح تحاكي بها الجميع لشعب يعشق تراب وطنه، وهي حالة سطرتها كتب التاريخ ولايتسع المقام لسرد تفاصيلها المذهلة.. كل عيد نصر وبلدنا الغالي وأهلنا الطيبون في عزة وشموخ.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن

وأنا أراجع كتابي "الدبلوماسية المصرية عبر العصور" استعدادًا لإصدار الطبعة الثانية، استوقفني الإنسان المصري في مختلف العصور: قديمًا ووسيطًا (العصر الإسلامي) وحديثًا، بشخصيته المتفردة في رقيها وبساطتها وروحه المرحة في أصعب الظروف، والأهم حبه لوطنه الذي لا يدانيه أحد. يظلّ الإنسان المصري، منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، لغزًا جميلًا يأسر القلوب قبل العقول، ويمضي عبر العصور بملامح ثابتة من الطيبة والصلابة والكرامة وحب الوطن. هو إنسان لم ينقطع عنه دفء الروح ولا نقاء القلب، مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت الأزمنة وتباينت الحقب. وكأن نهر النيل، وهو يمنح الحياة لأرضه، منح أبناءه أيضًا سكينة خاصة، ورُقيًا أصيلًا، وإيمانًا عميقًا بالإنسانية.

لقد وقف المؤرخون مندهشين أمام هذا الإنسان منذ الدولة القديمة. كيف يمكن لشعبٍ أن يجمع بين القوة والرقة؟ بين الحكمة والعمل؟ بين حب الأرض والتفاني من أجلها؟ كتب عنه هيرودوت منذ آلاف السنين مشيدًا بصفاته، متسائلًا بإعجاب عن هذا الشعب الذي يتمسّك بالخير ويتقن بناء الحضارة كما لو كان ينسج من الحجارة قصائد خالدة.

وحين دخل المسلمون مصر، سُحر القادة العرب بأخلاق المصريين، ببساطتهم وكرمهم، وبقدرتهم العجيبة على احتواء الآخر. بلغت دهشتهم حدّ الإعجاب الذي سجله التاريخ، حتى إن الخليفة عمر بن الخطاب لم يتردد في طلب المساعدات لأهل الجزيرة وقت القحط، واثقًا أن المصريين لن يبخلوا بأخوّة ولا بعطاء، فهذه طبيعتهم التي لا يعرفون غيرها، وكان المصريون عند حسن ظنه فأرسلوا القوافل، أولها في جزيرة العرب وآخرها في مصر.

وجاءت الحملة الفرنسية، يحمل علماؤها أدواتهم وفضولهم، فكتبوا في "وصف مصر" الكثير عن الآثار، لكن الجزء الأجمل كان ذاك الذي تحدّثوا فيه عن الإنسان المصري ذاته: عن صبره، ونبله، وخفة ظله، وميله الفطري إلى الحكمة. لقد رأوه ليس مجرد فرد من شعب عريق، بل مرآة لروح حضارة كاملة.

حتى في زمن الاحتلال الإنجليزي، حين كتب اللورد كرومر وملنر وغيرهم مذكّراتهم، لم يستطيعوا تجاوز حقيقة هذا الإنسان، سواء كان بسيطًا يعمل في الحقل أو مثقفًا يدوّن أفكاره. وجدوا فيه شخصية تجمع بين الوقار والصبر، بين العناد النبيل والروح المتسامحة، بين الرغبة في الحرية والإصرار على الكرامة.

وفي العصر الحديث، حين بدأت مصر تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة قبيل حرب أكتوبر، كان الانطباع ذاته يتكرر. فالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لم يُخفِ انبهاره بشخصيات مصرية لامعة مثل حافظ إسماعيل أو إسماعيل فهمي، تلك الشخصيات التي حملت الوقار المصري الأصيل، وتحدثت بحكمة وهدوء وثقة، فأدهشت العالم كما أدهشت من قبلهم شعوبًا كثيرة.

نعم… الإنسان المصري، غنيًا كان أو فقيرًا، متعلمًا أو بسيطًا، يظل حالة فريدة في هذا العالم. حالة تستحق التأمل، وتستحق الحب، وتستحق التقدير. فهو يجمع في ملامحه تاريخًا طويلًا من النبل، وفي صوته صدى حضارة لا تنطفئ، وفي قلبه محبة تتسع للجميع.

هو المصري… ابن النيل، وابن الحضارة، وابن الإنسانية كلها.

طباعة شارك الدبلوماسية المصرية الإنسان المصري العصر الإسلامي

مقالات مشابهة

  • د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن
  • «المستشارة التى أرادت أن تصبح السيدة الأولى».. قصة لونا الشبل مع النظام السورى بعد فيديوهات مسربة مع بشار
  • مصر تعاملت مع القضية الفلسطينية والتهجير بحنكة سياسية
  • جنازة دخلت التاريخ!!
  • مأساة الحارة رقم 7!!
  • قلب المجتمع!!
  • زوجة عمار الشريعي: تأخرت في الانجاب بعد الزواج ولاكن فرحة عما كانت كبيرة بابنه مراد وسأل الدكتور هل ابني يري
  • يوسف.. إهمال مع سبق الإصرار؟
  • تفاصيل صغيرة
  • أيام.. "إيديكس"