مروان عيسى رجل الظل واليد اليمنى لمحمد الضيف، ونائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام وعضو المكتب السياسي والعسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولد عام 1965، وشكّلت جهوده في تطوير الكتائب تهديدا حقيقيا لإسرائيل، التي وضعته على قائمة أبرز المطلوبين لديها.

اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة الأولى مدة 5 أعوام (1987-1993)، بسبب نشاطه التنظيمي في صفوف حماس التي التحق بها في سن مبكرة.

وتقول إسرائيل إنه طالما ظل على قيد الحياة فإن ما تصفه بـ"حرب الأدمغة" بينها وبين حماس ستبقى متواصلة. وتصفه بأنه رجل "أفعال لا أقوال"، وتقول إنه ذكي جدا لدرجة "يمكنه تحويل البلاستيك إلى معدن".

المولد والنشأة

ولد مروان عبد الكريم عيسى -المكنى أبو البراء- عام 1965 في مخيم "البريج" للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، فنشأ حاملا على عاتقه حلم العودة إلى القرية التي هُجّر منها أهله في "بيت طيما" بمدينة المجدل إبان النكبة عام 1948.

انتمى عيسى إلى جماعة الإخوان المسلمين في شبابه، وساهم في تنفيذ أنشطتها الدعوية والاجتماعية والتنظيمية، وتميّز بين أقرانه ببنيته القوية.

برز لاعبا مميزا في كرة السلة، وكان يلقب بـ"كوماندوز فلسطين"، وكانت له صولات وجولات في الملاعب ضمن فريق "نادي خدمات البريج".

مع ذلك لم تكتب له مسيرة رياضية، إذ اعتقله الاحتلال عام 1987 بتهمة الانضمام لحركة "حماس"، واعتقلته بعدها السلطة الفلسطينية عام 1997، ولم يخرج إلا بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.

ولما أفرج عنه ترك الرياضة وشق طريقا مالت إليها نفسه تلبية لواجب الدفاع عن الأرض، فالتحق بكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وكان حينها في التاسعة عشر من عمره.

وكان دخوله للحركة على يد إبراهيم المقادمة، الذي كان أبو البراء يتدارس عنده أسبوعيا في المسجد الكبير داخل المخيم، فلمح فيه فراسة ونباهة تميز بها عن أقرانه.

التجربة العسكرية

شكلت تجربته في السجن بعد أن اعتقل في زنازين الاحتلال فكره القسامي، فانضم لها فور خروجه، ومنذ أن التحق بها وهو يتدرج في مناصبها حتى صار من الرؤوس التي تقف خلف قرار العمليات والمعارك بشكل مستقل أو بالتشاور مع يحيى السنوار قائد الحركة في غزة.

كان أبو البراء في الدفعة التي شاركت بسلسلة العمليات الاستشهادية عام 1996 انتقاما لاغتيال المهندس يحيى عياش، إلى جانب عدد من البارزين في الحركة أمثال الضيف وحسن سلامة وغيرهم، فاعتقل على إثرها أربع سنوات، قبل أن يفرج عنه بعد انتفاضة الأقصى عام 2000.

وبعد خروجه من سجون السلطة، لعب عيسى دورا محوريا في الانتقال بكتائب القسام من خلايا نصف عسكرية منظمة على أساس هيكلة عسكرية، إلى كتائب ووحدات وألوية طبقا لهرم عسكري واضح.

وبقي مجهولا حتى أعلن عنه رسميا ضمن "أسماء قادة الصف الأول من كتائب القسام" في البيان الذي نشرته في سبتمبر/أيلول 2005 قبل 10 أيام من الانسحاب الإسرائيلي من عزة.

وخلال الانسحاب الإسرائيلي من غزة نشرت القسام نشرة خاصة باسم "فجر الانتصار" فيها مقابلات مع عدد من قادة القسام، عرف فيها عن مروان عيسى بأنه "مسؤول عمليات المستوطنات"، وتحدث عن طبيعة هذه العمليات التي زرع فكرتها صلاح شحادة القائد العام السابق للكتائب، وعلّق عيسى "قررنا نقل المعركة إلى منازل المستوطنين".

وشرح أبو البراء آلية عمل اقتحامات المستوطنات التي تأخذ من المقاومين "جهدا وتدريبات شاقة وإعدادا متواصلا"، إذ يبدؤونها بعمليات رصد ومراقبة قد تمتد لأسابيع، ثم يتم إرسال كل ما تم جمعه للقيادة العامة التي تناقش التفاصيل وتشكل لجنة لدراسة إمكانية تنفيذ العملية من حيث "تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح وأقل قدر ممكن من الخسائر".

وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن جهود أبو البراء كانت في اتجاهين خلال سنوات انتفاضة الأقصى، الأولى في هيكلة كتائب القسام وتنظيم جيشها المتفرق بين ألوية وكتائب ومجموعات، والثاني بسد الفراغ بعد اغتيال المهندس عدنان الغول عام 2004، للخروج بمشروع للتصنيع المحلي بما يخدم المقاومة برا وبحرا وجوا.

ولدوره البارز في الحركة خاصة بعد الانتفاضة الثانية، صار ملاحقا من إسرائيل التي أدرجت اسمه ضمن أبرز المطلوبين للاغتيال، وحاولت اغتياله خلال اجتماع هيئة الأركان عام 2006 مع الضيف وقادة الصف الأول في كتائب القسام، لكنه خرج منها مصابا ولم يتحقق هدف الاحتلال في تصفيته.

كما دمرت مقاتلات حربية إسرائيلية منزله مرتين خلال العدوان على غزة عام 2014 و2021، وهو العدوان الذي استشهد فيه أخوه وائل.

خلال الحصار على قطاع غزة عام 2009 عانى ابنه براء ذو التسع سنوات حينها من فشل كلوي، ورغم ذلك منع من السفر للعلاج خارج غزة، وتوفي على إثرها وأصبح الشهيد رقم 359 جراء الحصار المفروض على القطاع منذ 2007.

إسرائيل تزعم أن المشار إليه في الصورة هو مروان عيسى (مواقع التواصل الاجتماعي)

لم يكن وجهه معروفا قبل عام 2011، حيث ظهر في صورة جماعية التقطت خلال استقبال الأسرى المفرج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار" مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وكان فيها خالد مشعل وصالح العاروري وأحمد الجعبري، وزعمت إسرائيل أن الشخص الموجود إلى جانبهم في منتصف الصورة هو مروان عيسى.

"مسؤول عمليات المستوطنات" أبو البراء ظهرت تكتيكاته وجهوده في التخطيط للاقتحامات في معارك غزة التي خاضتها بداية من "حجارة السجيل" عام 2012 إلى "طوفان الأقصى" عام 2023، إذ ظهرت فيها قوة القوات البرية والاستخباراتية والتقنية ومدى التخطيط المنظم والمحكم، والاهتمام الخاص باقتحام المستوطنات والمقرات الأمنية.

وفي معركة "طوفان الأقصى" ظهرت إستراتيجياته ومنهجيته في توجيه القوات الخاصة و"الكوماندوز" برا وبحرا، حيث اخترقت السياج الحدودي مع غزة واقتحمت المستوطنات في الغلاف بعمق وصل 40 كيلومترا.

وساهم بتطوير أسلحة الحركة ووجه الجهود فيها حتى تطورت تطورا هائلا، فزاد مدى وصول الصواريخ وقدرتها التدميرية، ونقل الكتائب في مناسبات كثيرة من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم.

ولاهتمامه بتطوير الجانب العسكري عتادا وأفرادا، امتلكت الحركة طائرات مسيرة وشكلت قوات نخبة وحفرت أنفاقا هجومية، كما شكلت وحدة كوماندوز بحري نفذت عدة هجمات على الساحل في عسقلان وكبدت إسرائيل خسائر جمة.

التجربة السياسية

إلى جانب تجربته العسكرية، كانت لعيسى تجارب سياسية له فيها دور بارز، حيث ظهر عام 2015 في ندوة علمية في غزة من تنظيم كلية الرباط الجامعية التابعة لوزارة الداخلية، تحدث خلالها عن جهود حماس في تعزيز قوتها وصياغة التحالفات مع من يمكن أن يمدها بالسلاح.

وعلّق على قرار محكمة مصرية بتصنيف حماس "تنظيما إرهابيا" قائلا إن "كل المحاولات الإقليمية والدولية لحصار حماس وذراعها العسكري ستفشل" وبالفعل تراجعت المحكمة وألغت قرارها بعد ثلاث أشهر من هذا التصريح.

وفي عام 2017 وصل أبو البراء إلى مصر ضمن وفد عسكري سياسي لخوض مفاوضات حول تبادل الأسرى، وتكررت زياراته في الأعوام اللاحقة لبحث ملفات ذات علاقة بالأسرى والتهدئة والمعابر.

وفي العام نفسه انتخب عضوا للمكتب السياسي ممثلا عن الجناح العسكري للحركة، وأدرج عام 2019 على لوائح الإرهاب الأميركية. ثم أعيد انتخابه في المنصب نفسسه عام 2021 وظهر في الصورة الجماعية لأعضاء المكتب مغطيا وجهه بكمامة.

وفي يونيو/حزيران من العام نفسه ظهر أبو البراء ضيفا في برنامج "ما خفي أعظم" -الذي تبثه قناة الجزيرة- متحدثا عن الأوراق التي تملكها المقاومة وعبرها تستطيع إنجاز صفقة تبادل ناجحة. وتكرر ظهوره مرتين فيما بعد عام 2022 في فيلمين وثائقيين أصدرتهما القسام في الذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس.

وفي مارس/آذار 2023 حذر مروان عيسى من "زلزال يضرب المنطقة" إن تم المساس بالمسجد الأقصى، وقال إن إسرائيل "أنهت اتفاقية أوسلو، وإن الأيام القادمة ستكون مليئة بالأحداث"، وهو ما حدث فعلا عند إعلان معركة "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

المناصب والمسؤوليات عضو المكتب السياسي لحركة حماس عام 2017، ثم أعيد انتخابه عام 2021. من مهندسي صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011. من مسؤولي تطوير القدرات العسكرية للقسام. شارك في إعادة بناء كتائب القسام مع صلاح شحادة عام 2000. الرجل الثاني في الكتائب (نائب القائد العام محمد الضيف) خلفا لأحمد الجعبري عام 2012. يعد حلقة الوصل بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية. من القيادات المسؤولة عن أي صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال. مسؤول عمليات المستوطنات في كتائب القسام

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: کتائب القسام

إقرأ أيضاً:

«جوج وماجوج» وعلاقتهما بحرب إيران.. هل اقتربت الساعة؟ الأزهر يكشف أسرار «النبوءات»

يربط البعض ما يحدث في إيران الآن من حرب مع إسرائيل، على أنه تفسير للرواية التوراتية، التي وردت في نبوءة جوج وماجوج الواردة في سفر حزقيال «الإصحاحان 38 و39»، التي تصوّر مواجهة كبرى في «أواخر الأيام» تُشن ضد اليهـود.

حذّر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من توظيف الأبعاد الدينية واللاهوتية في الصراع القائم بين الكيان الصـهيوني وإيران، وهو توظيف يتجاوز الأبعاد السياسية والجغرافية ليتغلغل في بنية العقائد الدينية، ولا سيما داخل أوساط المسيحية الإنجيلية في الولايات المتحدة.

الحرب ضد اليهود

أوضح الأزهر: وتعتمد هذه الأوساط على تأويلات خاصة لنصوص توراتية قديمة، أبرزها نبوءة "جوج وماجوج" الواردة في سفر حزقيال «الإصحاحان 38 و39»، التي تصوّر مواجهة كبرى في "أواخر الأيام" تُشن ضد اليهـود.

وتابع: ويُفسَّر ذكر "فارس" في هذه النبوءة على أنه يشير إلى إيران المعاصرة، التي تُقدَّم بوصفها العدو الأول في تحالف معادٍ للكيان.

واستطرد: وبالنظر إلى هذه التأويلات نجدها لا تُقدَّم إيران كمجرد خصم إقليمي أو تهديد نووي، بل كعنصر محوري في سيناريو «نهاية الأزمنة» الذي تتبناه هذه الأوساط. 

بداية تحقق النبوءات التوراتية

وأكمل: ويُعدّ قيام الكيان الصـ.هـ.يوني عام 1948 – بحسب هذا التصور – بداية تحقق النبوءات التوراتية، وأن أي تهديد لوجوده يُعَد تمهيدًا لما يُعرف بـ"المعركة الأخيرة" التي ستسبق المجيء الثاني للمسيح.

وواصل: وينعكس هذا التصور بوضوح في وسائل الإعلام التابعة للمسيحية الصـهـيونية في الولايات المتحدة، والتي تبث برامج ومقالات تربط كل تصعيد سياسي أو عسكري مع إيران بهذه النبوءات، ما يسهم في ترسيخ دعم شعبي محافظ للكيان، ويؤثر بدوره على صُنّاع القرار في واشنطن، الذين يرون في دعم الكيان واجبًا دينيًا واستراتيجيًا.

وأكد مرصد الأزهر أن هذه القراءات اللاهوتية ليست سوى ذريعة تُستخدم لتبرير السياسات التوسعية والعدوانية التي يمارسها الكيان ضد دول عربية وإسلامية، وهو ما أدى إلى نشر الفوضى وتصاعد العنف في منطقة الشرق الأوسط.

الجرائم اللا إنسانية

وفي هذا السياق، حذّر المرصد المجتمع الدولي من الاستمرار في التغاضي عن الجرائم اللا إنسانية التي يرتكبها الاحـتلال في قطاع غزة، لا سيما استخدام التجويع كسلاح حرب، واستهداف المدنيين العزّل خلال محاولاتهم تأمين احتياجاتهم الأساسية من الطعام والدواء.

وجدد مرصد الأزهر، دعوته إلى الوقف الفوري للقتل الممنهج، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وغير مشروط إلى قطاع غزة، باعتبار ذلك حقًّا إنسانيًّا أصيلًا كفلته المواثيق والعهود الدولية. ويؤكد أن الصمت الدولي المتواصل يُعدّ تواطؤًا أخلاقيًّا مع جرائم الاحـتلال، ويقوّض المبادئ الإنسانية التي يُفترض أن يقوم عليها النظام العالمي.

 خبير استخباراتي: إيران وإسرائيل يدخلان مرحلة الضغط الذكي.. والمعركة لم تعد عددية بل نوعيةلماذا اختارت إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر لاستهدافها؟ خبير عسكري يجيب
نبوءة جوج وماجوج في العهد القديم 

1 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: 2 «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ 3 وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. 4 وَأُرْجِعُكَ، وَأَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ، وَأُخْرِجُكَ أَنْتَ وَكُلَّ جَيْشِكَ خَيْلًا وَفُرْسَانًا كُلَّهُمْ لاَبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ، جَمَاعَةً عَظِيمَةً مَعَ أَتْرَاسٍ وَمَجَانَّ، كُلَّهُمْ مُمْسِكِينَ السُّيُوفَ. 5 فَارِسَ وَكُوشَ وَفُوطَ مَعَهُمْ، كُلَّهُمْ بِمِجَنٍّ وَخُوذَةٍ، 6 وَجُومَرَ وَكُلَّ جُيُوشِهِ، وَبَيْتَ تُوجَرْمَةَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ، شُعُوبًا كَثِيرِينَ مَعَكَ. 7 اِسْتَعِدَّ وَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَاتِكَ الْمُجْتَمِعَةِ إِلَيْكَ، فَصِرْتَ لَهُمْ مُوَقَّرًا. 8 بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُفْتَقَدُ. فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ تَأْتِي إِلَى الأَرْضِ الْمُسْتَرَدَّةِ مِنَ السَّيْفِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي كَانَتْ دَائِمَةً خَرِبَةً، لِلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ الشُّعُوبِ وَسَكَنُوا آمِنِينَ كُلُّهُمْ. 9 وَتَصْعَدُ وَتَأْتِي كَزَوْبَعَةٍ، وَتَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَكُلُّ جُيُوشِكَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ. 10 هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أُمُورًا تَخْطُرُ بِبَالِكَ فَتُفَكِّرُ فِكْرًا رَدِيئًا، 11 وَتَقُولُ: إِنِّي أَصْعَدُ عَلَى أَرْضٍ أَعْرَاءٍ. آتِي الْهَادِئِينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ، كُلُّهُمْ سَاكِنُونَ بِغَيْرِ سُورٍ وَلَيْسَ لَهُمْ عَارِضَةٌ وَلاَ مَصَارِيعُ، 12 لِسَلْبِ السَّلْبِ وَلِغُنْمِ الْغَنِيمَةِ، لِرَدِّ يَدِكَ عَلَى خِرَبٍ مَعْمُورَةٍ وَعَلَى شَعْبٍ مَجْمُوعٍ مِنَ الأُمَمِ، الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَقُنْيَةً، السَّاكِنُ فِي أَعَالِي الأَرْضِ.

 13 شَبَا وَدَدَانُ وَتُجَّارُ تَرْشِيشَ وَكُلُّ أَشْبَالِهَا يَقُولُونَ لَكَ: هَلْ لِسَلْبِ سَلْبٍ أَنْتَ جَاءٍ؟ هَلْ لِغُنْمِ غَنِيمَةٍ جَمَعْتَ جَمَاعَتَكَ، لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، لأَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَالْقُنْيَةِ، لِنَهْبِ نَهْبٍ عَظِيمٍ؟ 14 «لِذلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِجُوجٍ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ سُكْنَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ آمِنِينَ، أَفَلاَ تَعْلَمُ؟ 15 وَتَأْتِي مِنْ مَوْضِعِكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ أَنْتَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ، كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ خَيْلًا، جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَيْشٌ كَثِيرٌ. 16 وَتَصْعَدُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ. فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ يَكُونُ. وَآتِي بِكَ عَلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الأُمَمُ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ يَا جُوجُ. 17 «هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ أَنْتَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ عَنْ يَدِ عَبِيدِي أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ سِنِينًا أَنْ آتِيَ بِكَ عَلَيْهِمْ؟ 

18 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَوْمَ مَجِيءِ جُوجٍ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، أَنَّ غَضَبِي يَصْعَدُ فِي أَنْفِي. 19 وَفِي غَيْرَتِي، فِي نَارِ سَخَطِي تَكَلَّمْتُ، أَنَّهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَعْشٌ عَظِيمٌ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 20 فَتَرْعَشُ أَمَامِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَطُيُورُ السَّمَاءِ وَوُحُوشُ الْحَقْلِ وَالدَّابَّاتُ الَّتِي تَدُبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَتَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَتَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَتَسْقُطُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ. 

21 وَأَسْتَدْعِي السَّيْفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جِبَالِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَيَكُونُ سَيْفُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَخِيهِ. 22 وَأُعَاقِبُهُ بِالْوَبَإِ وَبِالدَّمِ، وَأُمْطِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى جَيْشِهِ وَعَلَى الشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ الَّذِينَ مَعَهُ مَطَرًا جَارِفًا وَحِجَارَةَ بَرَدٍ عَظِيمَةً وَنَارًا وَكِبْرِيتًا. 23 فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

جوج وماجوج في سِفْر الرؤيا

وورد ذكر جوج وماجوج أيضًا في سِفْر الرؤيا، وهو آخر أسفار العهد الجديد، باعتبارهم أقوامًا مفسدين يظهرون في آخر الزمن، فيصطدمون بجيش المؤمنين، ولكن الله يقضي عليهم:

«ثم متى تمت ألف السَّنة يُحَلُّ الشيطان من سجنه ويخرج ليُضلَّ الأمم الذين في أربع زوايا الأرض جوج وماجوج ليجمعهم للحرب، الذين عددهم مثل رمل البحر. فصعدوا على عرض الأرض وأحاطوا بمعسكر القدِّيسين وبالمدينة المحبوبة (= أورشليم). فنزلت نارٌ من عند الله من السماء وأكلتهم. وإبليس الذي كان يُضلهم طُرِحَ في بحيرة النار والكبريت» (الرؤيا ٢٠: ٧–١٠).

يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم

وهناك إشارة أخرى في سورة الأنبياء إلى نقب يأجوج ومأجوج للسد عند اقتراب الساعة: «حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ» (٢١ الأنبياء: ٩٦–٩٧).

يأجوج ومأجوج هم قوم من الأقوام الذين سكنوا الأرض في القديم وتم ذكرهما في الكتب السماوية جميعها وذلك كما ورد فى قوله تعالى فى القرآن الكريم: « قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا»،


يأجوج ومأجوج هما قبيلتان سكنتا الأرض في قديم الزمان وعاثوا فيها بالفساد وطغوا وتجبروا بشرهم على من في الأرض فقوتهم وعددهم يفوق الخيال والوصف فظلموا من حولهم بسبب هذه القوة والجبروت.


فبعث الله عز وجل لهم الملك الصالح «ذو القرنين» في منطقة تقع ما بين المشرق والمغرب أو بين السديّن كما جاء وصفها في القرآن الكريم وقد كان هذا الملك الصالح يجوب الأرض متفقداً لأحوال الناس في محاولة لإصلاحها بما أتاه الله عز وجل من القوة والعلم، وعندما وصل إلى ما بين السدين وجد قوماً يشتكون له من يأجوج ومأجوج ومن بطشهم وقوتهم وجبروتهم وإفسادهم في الأرض.


وطلبوا من ذي القرنين أن يقوم ببناء سدٍّ ما بينهم وبين يأجوج ومأجوج ليحتموا به من شرهم، فما توانى هذا الملك الصالح ببناء السد بما آتاه الله عز وجل من العلم والحكمة فما كان منه إلا أن أقام سدّاً حصيناً ما بين هؤلاء الأقوام وما بين يأجوج ومأجوج من الحديد وقام بإذابة النحاس فوقه فأصبح بذلك هذا السد منيعاً قوياً لا يمكن اختراقه إلّا بأمر الله عز وجل.


وقد جاء وصف هذا السد في القرآن الكريم ووصف يأجوج ومأجوج في سورة الكهف في قوله تعالى:«قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً»، آيات 95 إلى 97.


وأخفى الله -عز وجل- هذا السد ومكان يأجوج ومأجوج عن الناس فلا أحد منهم يعلم بمكانه فلا هم يرون البشر ولا نحن نراهم وسيظل هذا المكان مخفياً عن أعيننا بقدرة الله عز وجل حتى يشاء فيظهرهم بعد أن ينزل عيسى -عليه السلام- مرة أخرى ويقتل المسيح الدجا ل ويخرج يأجوج ومأجوج ويعيثون في الأرض فساداً فيتحصن عيسى -عليه السلام- ومن معه إلى جبل الطور ويلجأون إلى الله بدعائهم لأنّه لا طاقة لهم بهؤلاء الأقوام ويصيبهم ما يصيبهم من القحط والجوع والجدب حتى لا يكون من معين لهم إلا الله عز وجل فيستجيب الله عز وجل لهم ويرسل على يأجوج ومأجوج النغف وهو دود يكون في أنوف الغنم والإبل فيبيد به الله عز وجل هذين القومين ويرسل بعدها مطراً يغسل به الأرض ويعيد عز وجل الخيرات إلى الأرض من زرع ورمانٍ ولبن وغيرها من النعيم.
 

طباعة شارك نبوءة جوج وماجوج جوج وماجوج النبوءات التوراتية بداية تحقق النبوءات التوراتية نبوءة جوج وماجوج في العهد القديم جوج وماجوج في سِفْر الرؤيا إسرائيل اليهود الأزهر حرب آخر الزمان

مقالات مشابهة

  • ‏إسرائيل هيوم عن مصدر إسرائيلي: ننتظر تراجع حماس عن "موقفها المتشدد" بشأن مفاوضات تبادل الرهائن
  • نتنياهو عن مقـ.تل 7 من جنوده: يوم بالغ الصعوبة على شعب إسرائيل
  • مصطفى بكري عن مقتل 7 جنود بجيش الاحتلال: الصهاينة يشعرون بالورطة التي أوقعهم بها نتنياهو
  • إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مع إيران.. هل تكون غزة التالية؟
  • ما علاقة 7 أكتوبر بحرب إسرائيل على إيران؟
  • ‏زعيم المعارضة في إسرائيل يدعو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة
  • عراقجي يؤكد وقف إطلاق النار: شكراً لقواتنا التي استمرت بمعاقبة إسرائيل
  • «جوج وماجوج» وعلاقتهما بحرب إيران.. هل اقتربت الساعة؟ الأزهر يكشف أسرار «النبوءات»
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • محافظ دمشق السيد ماهر مروان: نتابع بقلق واستنكار شديدين التفجير الإرهابي الجبان الذي استهدف كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلعة في دمشق مخلفاً خسائر في الأرواح والممتلكات مما يُعدّ اعتداء صارخاً على أمن المواطنين وسلامة الوطن