قال موقع "ميدل إيست آي" إن مسألة تواطؤ العديد من الفرنسيين في الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة برزت من جديد إلى العلن، وذلك بعد استدعاء جيش الاحتلال مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تبيّن أن من بينهم الكثير من الفرنسيين الذين يحملون كذلك الجنسية الإسرائيلية.

وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، تم استدعاء ما يقرب من 300 ألف جندي احتياط، من بينهم العديد من الفرنسيين الذين يحملون أيضا الجنسية الإسرائيلية، وقد بدؤوا بمغادرة فرنسا للمشاركة في قتال الفصائل الفلسطينية في غزة، بحسب تقارير إعلامية.

وكانت صحيفة فرنسية قد توصلت عام 2018 إلى معلومات من الجيش الإسرائيلي تفيد بأن 4185 فرنسيا كانوا آنذاك في الخدمة الفعلية بالجيش، إلا أن الصحيفة قالت إن العدد أعلى من ذلك.

وقال ديفيد، وهو جندي احتياط شاب يبلغ من العمر 20 عاما، في مقابلة بمطار شارل ديغول بباريس، إنه مستعد للذهاب "لحماية بلده وشعب إسرائيل وإنه يحترم قسمه"، ومثله شاب آخر عمره 22 عاما قال في مقابلة مع برنامج بقناة "20 دقيقة" الباريسية، مشترطا عدم الكشف عن هويته، إنه لم يتردد "ثانية واحدة"، وأضاف "لم أستطع تحمل ترك عائلتي وأصدقائي هناك. شعرت بالذنب. يجب أن أحميهم".


تواطؤ

وقد عادت دورة القتال الجديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مسألة تواطؤ هؤلاء الفرنسيين في انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى جدول أعمال الساسة الفرنسيين مرة أخرى، حيث استجوبت نائبة من حزب "فرنسا الأبية" اليساري وزير العدل الفرنسي بشأن مشاركة فرنسيين في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي عن طريق التطوع المدني.

وأوضحت النائبة أن هناك عددا من الجمعيات ومجموعات الدعم التي تسمح بنقل التبرعات الفرنسية إلى الجنود الإسرائيليين، وكتبت "إنهم يستفيدون من التخفيضات الضريبية حسب وضعهم"، منددة بتورط الفرنسيين في "الأعمال غير القانونية للجيش الإسرائيلي"، و"صمت" فرنسا عن ذلك.

وقال الأستاذ والباحث في التاريخ توماس فيسكوفي إن السلطات الفرنسية لا يمكنها غض الطرف عن تواطؤ مواطنيها مع الجيش الإسرائيلي الذي يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة وفقما دانته بذلك مؤخرا العديد من المنظمات غير الحكومية، إلا إذا تذرعت وزارة الدفاع الفرنسية باتفاقية عام 1959 التي تسمح بالخدمة العسكرية لمزدوجي الجنسية، وعليه فكل فرد يلتحق بالجيش الإسرائيلي يكون متواطئا في هذه المظالم.

وقد أظهر تقرير نشره موقع ميدل إيست آي سابقا في هذا السياق عدة قضايا من ضمنها قضية الفرنسي الإسرائيلي إيلور أزاريا، وهو رقيب في الجيش الإسرائيلي أدانته محكمة عسكرية بالقتل العمد في يناير/كانون الثاني 2017 بعد أن تم تصويره وهو يطلق النار على الفلسطيني عبد الله فتاح الشريف (21 عاما) ليصيبه في الرأس.


ثاني أكبر جنسية

ومن الصعب معرفة العدد الدقيق للفرنسيين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لأن كلا من السفارتين الفرنسية في إسرائيل والإسرائيلية في فرنسا، والخارجية الفرنسية والجيش الإسرائيلي لا يرغبون في الحديث عن هذا الموضوع.

بيد أن صحيفة ليبراسيون تمكنت عام 2018 من الحصول على رد من المتحدث باسم القوات المسلحة الإسرائيلية الذي قال إن 4185 جنديا في الخدمة النظامية يحملون الجنسية الفرنسية، وإن رأت الصحيفة أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك.

وقال الموقع إن نسبة المواطنين الفرنسيين أو الفرنسيين الإسرائيليين المنخرطين بالجيش الإسرائيلي تمثل ما بين 1.7% و3.5% من إجمالي هذا الجيش، وبالتالي فإن الجنسية الفرنسية هي الجنسية الأجنبية الثانية الأكثر تمثيلا في صفوف هذا الجيش بعد الجنسية الأميركية.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه لليوم الخامس الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، وما نجم عن ذلك من سقوط 1200 قتيل في الجانب الإسرائيلي وأكثر من 900 شهيد في الجانب الفلسطيني، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية في تقرير جديد إلى أن 4 فرنسيين قتلوا، وأن 13 آخرين في عداد المفقودين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی من الفرنسیین

إقرأ أيضاً:

الحرب على غزة تربك البنية النفسية لقوات الجيش الإسرائيلي

القدس المحتلة- في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه أمام تحديات غير مسبوقة، تتجاوز ساحات المعارك إلى عمق الجبهات الداخلية، ليس فقط على صعيد العتاد والخطط، بل في البنية النفسية والإنسانية للجنود أنفسهم.

إذ دفعت أزمة حادة في القوى البشرية الجيش إلى اتخاذ قرارات استثنائية، من بينها استدعاء جنود مصابين باضطرابات ما بعد الصدمة وأشخاص يعانون إعاقات نفسية دائمة، للمشاركة مجددا في العمليات القتالية، في وقت يشهد فيه الجيش تآكلا واضحا في قدراته البشرية والمعنوية.

وتكشف تقارير صحفية إسرائيلية، من بينها تقرير نشرته صحيفة هآرتس، عن تداعيات نفسية خطيرة بين صفوف الجنود، وسط ارتفاع حالات الانتحار والانهيار النفسي.

الجيش استدعى جنودا من الاحتياط يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة وحتى إعاقات عقلية دائمة (الجيش الإسرائيلي) حالات انتحار

وحسب الصحيفة، فإنه حتى نهاية عام 2024، سجلت على الأقل 35 حالة انتحار في صفوف الجنود منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما صنفت وزارة الأمن الإسرائيلية نحو 9 آلاف جندي معاقين نفسيا منذ بدء العمليات، وهو ما يسلط الضوء على الكلفة البشرية الباهظة للحرب.

ووفق معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن قسم إعادة التأهيل يعالج نحو 78 ألف جريح من حروب مختلفة، بينهم أكثر من 26 ألفا يعانون إصابات نفسية، منهم نحو 11 ألف حالة مشخصة باضطراب ما بعد الصدمة، ومنذ اندلاع الحرب في غزة، أُضيف إلى هذا الرقم نحو 17 ألف جريح جديد، بينهم قرابة 9 آلاف مصابون بإعاقات نفسية.

بات الجيش الإسرائيلي عالقا بين ضغوط التوقعات السياسية والعسكرية واستنزاف القوى البشرية والنفسية، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت، إذ يواجه تحديات متصاعدة أبرزها نقص العتاد، وتراجع عدد الجنود، وتصاعد التهرب من الخدمة، خصوصا بين الحريديم، مما يثير شكوكا حول قدرته على خوض حرب موسعة جديدة في غزة.

إعلان

واستعرض محللون التأثيرات النفسية للحرب على الجنود الإسرائيليين، وتداعيات ذلك على أداء الجيش واستعداده لخوض جولات جديدة من القتال، في ظل أزمات متفاقمة ومخاطر إستراتيجية متصاعدة.

أزمة عميقة

كشف الصحفي الاستقصائي في صحيفة هآرتس، توم ليفينسون، عن معطيات صادمة تعكس عمق الأزمة التي يعانيها الجيش الإسرائيلي على صعيد القوى البشرية والنفسية، في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة.

وحسب التحقيق، فإن الجيش اضطر بسبب النقص الحاد في المقاتلين لاستدعاء جنود من الاحتياط، بعضهم يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة وحتى إعاقات عقلية دائمة، الأمر الذي تسبب في وقوع مآسٍ إنسانية، بينها حالات انتحار مؤكدة.

وأشار ليفينسون إلى أن الجيش الإسرائيلي جند جنودا مصابين بأمراض نفسية في وحدات قتالية، دون إجراء تقييمات صحية دقيقة، خشية أن تكشف الفحوصات عن أزمة واسعة في صفوف الاحتياط. ونتيجة لذلك، أعيد تجنيد مئات المصابين رغم إدراك الجيش لخطورة حالاتهم، وقال أحدهم: "أنا في خطر… قد أؤذي نفسي أو الآخرين".

وأوضح ليفينسون أن هذه المعطيات المتراكمة تُنبئ عن أزمة ممتدة ومعقدة يعيشها الجيش الإسرائيلي، لا تقتصر على الجبهة القتالية، بل تفتك بالبنية الداخلية النفسية للمؤسسة العسكرية، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول قدرة الجيش على الاستمرار في حرب طويلة، وسط نزيف صامت في الأرواح والعقول.

واستشهد بجنازة في أبريل/نيسان الماضي، حيث احتشد المئات في المقبرة العسكرية "كريات شاؤول" بتل أبيب لتشييع جنازة عسكرية، بدت للوهلة الأولى كغيرها من الجنازات المتكررة منذ بدء الحرب، لكن الجندي لم يُقتل في المعركة بل انتحر، ولم يعلن اسمه أو يسمح بتغطية إعلامية، وتعد حالته واحدة من عدة حالات انتحار رفض الجيش حتى الآن الإفصاح عن أعدادها العام الحالي.

وتسلط هذه الحادثة الضوء، بحسب ليفينسون، على خلل بنيوي في التنسيق بين وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي، الذي لا يمتلك حتى اليوم قاعدة بيانات محدثة تشمل جميع المصابين نفسيا الخاضعين للعلاج في قسم إعادة التأهيل التابع للوزارة، مما يجعل من السهل أن يعاد استدعاء الجنود المصابين دون علم الوحدات العسكرية بذلك.

معظم كبار الضباط الإسرائيليين يرفضون خطة احتلال غزة بوصفها عبئا أمنيا (الجيش الإسرائيلي) مصيدة خطرة

في مقال تحليلي نشر تحت عنوان "معضلة 2025: إلى أين يتجه القتال في غزة؟"، تناول الصحفي الاستقصائي والمحلل العسكري رونين بيرغمان في صحيفة يديعوت أحرونوت حالة التخبط داخل الجيش الإسرائيلي، في ظل إدراك متزايد لدى قياداته بأن توسيع العمليات العسكرية في غزة لن يفضي إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين، ولا إلى هزيمة حماس.

إعلان

ويرى بيرغمان أن الجيش عالق في "مصيدة" متعددة الأوجه، فمن جهة، هناك جمهور إسرائيلي لم يعد يدرك لماذا استؤنفت الحرب، ويشعر بفقدان الاتجاه والهدف، ومن جهة أخرى، تقف عائلات الأسرى التي تخشى من المخاطر المتزايدة للخطوات التصعيدية على حياة أبنائهم.

وفي حين يظهر المستوى السياسي، وعلى رأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، دعما غير مشروط للجيش، يلمّح بيرغمان إلى أن هذا الدعم قد يكون مدفوعا برغبة في تحميل الجيش لاحقا مسؤولية أي فشل أو انهيار، إذ يواصل الجيش تنفيذ خطة لتوسيع الحرب، رغم الشكوك المتزايدة داخل قياداته بشأن جدوى هذا التصعيد.

يصف بيرغمان الوضع بأنه أخطر "مصيدة" يعيشها الجيش، فبعد عام ونصف العام من القتال دون حسم، تدفع القيادة الجديدة نحو "احتلال زاحف" لغزة بحثا عن إنجاز غير واضح.

ويحذر بيرغمان من أن التوغل العسكري قد يقود إسرائيل إلى احتلال كامل لغزة، وهو خيار يرفضه معظم كبار الضباط بوصفه عبئا أمنيا، وينقل عن مسؤول استخباراتي أن الجيش أبلغ القيادة أن "استعادة الأسرى أحياء لن تتم إلا عبر التفاوض مع حماس".

فوضى متزايدة

ويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أن إسرائيل تنجرف نحو فوضى متزايدة في غزة، وأن الخروج من هذا المسار يعتمد على تدخل خارجي، خاصة من واشنطن، فبينما يستفيد نتنياهو سياسيا، تتصاعد المخاطر على حياة "الرهائن" والجنود وعلى مكانة إسرائيل الدولية.

ورغم أن رئيس الأركان الجديد إيال زامير اقترح، في مارس/آذار الماضي، خطة لمناورة واسعة تشمل 6 فرق واحتلالا كاملا للقطاع، فإن هرئيل يقول إن "التحركات العسكرية الحالية تبقى محدودة"، فقد تم استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، لكن قلة منهم نُشرت في غزة، بينما توجهت معظم القوات إلى الضفة والحدود الشمالية.

في المقابل، يضيف المحلل العسكري أن الغارات الجوية تتصاعد استعدادا لما تسمى عملية "عربات جدعون"، وسط تحذيرات أمنية من كارثة إنسانية مرتقبة خلال 10 أيام، واحتمالات متزايدة لتورط دولي وعقوبات إذا لم يتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرملة التصعيد.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يجند مرضى نفسيين للقتال بغزة (إنفوغراف)
  • الحرب على غزة تربك البنية النفسية لقوات الجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي: بدأنا عملية برية واسعة شمال وجنوب غزة
  • الجيش الإسرائيلي يشن عملية برية واسعة في غزة
  • هآرتس: إسرائيل تجند مرضى نفسيين للقتال بغزة وانتحار 35 جنديا
  • “هآرتس”: إسرائيل تجند مرضى نفسيين للقتال بغزة وانتحار 35 جنديا
  • دعوات إلى وقف تواطؤ الحكومة البريطانية في جرائم إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يزج بآلاف المرضى النفسيين في صفوفه
  • عاجل| رئيس وزراء إسبانيا: سنقدم اقتراحا للجمعية العامة للأمم المتحدة لمحاسبة إسرائيل على حربها في غزة
  • الخارجية الفرنسية: سنقاضي إيران في محكمة العدل الدولية