حزمة من القضايا على أجندة الاجتماعات السنوية للبنك والصندوق الدوليين في مدينة مراكش بالمغرب، والتي تنعقد خلال الفترة (9 – 15) أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتتضمن أجندة اجتماعات القادة موضوعات عدة، منها: خلق فرص عمل، والبنية التحتية الرقمية والتصدي للتغير المناخي، في حين تتضمن اجتماعات وزراء المالية وممثلي المجتمع المدني والخبراء، بحث قضايا: تغير المناخ، والمساواة بين الجنسين، والشمول المالي، والأمن الغذائي، فضلا عن التجارة الدولية.

وتأتي اجتماعات البنك والصندوق الدوليين هذا العام، في ظل أوضاع اقتصادية مضطربة على مستوى العالم، فالديون السيادية وصلت إلى مراحل خطرة على صعيد الدول المتقدمة والصاعدة والنامية على السواء، كما أن النمو الاقتصادي لا يزال هشا.

وحسب تقديرات معهد التمويل الدولي، بلغ الدين العالمي عام 2023 نحو 307 تريليونات دولار، وشهد النصف الأول من عام 2023 زيادة قدرها 10 تريليونات دولار في قيمة الدين العالمي، كما أن هذا الدين ارتفع بقيمة 100 تريليون دولار خلال السنوات العشر الماضية.

والمتابع للشأن الاقتصادي العالمي، يجد أن قضية الدين العام تشغل الجميع، وإن اختلفت درجة تأثيرها على الاقتصاديات المختلفة، فهي قضية ملحة في أميركا واليابان وأوروبا والصين، كما أنها تمثل أزمة في الأرجنتين ولبنان وسيرلانكا، وتصل إلى مرحلة التهديد في كل من مصر والأردن وتونس.


من هنا تأتي أهمية الصندوق

ما قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008، شهد العالم ما يعرف بالائتمان الرخيص، ولذلك لوحظ أمران:

الأول توسع جميع الدول في الاقتراض. الثاني تراجع دور صندوق النقد الدولي باعتباره الملاذ الأخير القادر على إقراض الدول.

ويؤكد هذا المعنى البروفيسور آدم توز عبر مقاله في مجلة "التمويل والتنمية" يونيو/حزيران 2019، التي يصدرها صندوق النقد الدولي بشكل فصلي، حيث ذكر أن صندوق النقد استعاد دوره بالنسبة لمعضلة الديون السيادية بعد أزمة 2008، وزاد الاحتياج إليه بشكل أكبر بعد الأزمة المالية في أوروبا عام 2010.

ويستدل توز على استنتاجه بمقولة لاقتصادي آخر هو باري آيكنفرين، يصف فيها حال صندوق النقد الدولي في عام 2007، إبان عصر الائتمان الرخيص، بقوله "سفينة بلا دفة، تجري على غير هدى، في بحر من السيولة". ونقل كذلك مقولة ميرفن كينغ محافظ بنك إنجلترا عام 2007، عندما قال "الصندوق يواجه خطر فقدان أهميته".

وكان صندوق النقد قد ناله من التقييمات السلبية ما يكفي ويزيد عام 1997، إبان الأزمة المالية في دول جنوب شرق آسيا، حيث لوحظ أنه أفرط في شروط إقراض الدول المتضررة من الأزمة آنذاك.

ولكن عدنان مزارعي وهو خبير اقتصادي، أشار -في مقالته بمجلة التمويل والتنمية بعنوان "غيوم الديون تخييم على منطقة الشرق الأوسط، عدد سبتمبر/أيلول 2023"- إلى أنه بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة على الصعيد العالمي، فإن هناك عدة أمور جعلت أمر التمويل بالنسبة للحكومات شديد التعقيد، بسبب ندرة الديون ذات التكلفة المنخفضة، وإحجام الدول النفطية الثرية بمنطقة الشرق الأوسط عن تقديم التمويل غير المشروط الذي كانت تقدمه في الماضي وكذلك الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها الدول المدينة بمنطقة الشرق الأوسط.

ماذا عن ديون الدول العربية؟

يرى مزارعي أن مصر والأردن وتونس تعاني وضعا محفوفا بالمخاطر بالنسبة لقضية الديون، بسبب تأرجح استقرارها الاقتصادي ومعاناتها من أزمة ديون محتملة، أما لبنان فيصفه بأنه يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ.

وهو وضع يجعل من قضية استدامة الديون في الدول المشار إليها، يواجه وضعا صعبا. واستدامة الدين تعني أن الدولة المدينة، لا تتأخر في سداد التزاماتها من أقساط وفوائد تخص الدين، كما أنها لا تتطلب تأجيل السداد، أو إعادة هيكلة الديون.


مطالب بإصلاح الصندوق

الخبير الاقتصادي محمد العريان، طالب بمجموعة من الإصلاحات داخل مؤسسة صندوق النقد الدولي، عبر مقالته في مجلة "التمويل والتنمية" عدد يونيو/حزيران 2019، كان من أهمها: دمج الحوكمة والمساواة الاجتماعية والعدالة بشكل أكبر في أنشطة الصندوق.

كما طالب أن يعمل أعضاء صندوق النقد باتخاذ خطوات جريئة وحاسمة فيما يتعلق باختيار مديري العموم ونوابهم، بحيث يتم الاختيار على أساس الجدارة وليس الجنسية، من أجل تعزيز صوت الدول النامية وبما يتناسب مع وضعها.

وأخيرا طالب العريان بزيادة حصص العضوية لدعم أنشطة الصندوق، إلى جانب عدالة التوزيع بين أعضائه.

وبالرجوع إلى أجندة اجتماعات البنك والصندوق الدوليين التي ستعقد في مراكش حاليا أو اجتماعات سابقة نجد أنها لا تزال بعيدة عن مطالب العريان، فقضايا الحكومة والمساواة الاجتماعية والعدالة، هي ما تطلبه الدول النامية.


دور الصندوق في صناعة أزمة الديون

تفترض أجندة صندوق النقد الدولي، أن ما تقدمه من إجراءات تتعلق بالجوانب المالية والنقدية، تصلح لكافة الدول، فهي عادة ما تنظر إلى أن المشكلة تتلخص في معالجة عجز الموازنة العامة للدول، وكذلك ما يتعلق بعجز ميزان المدفوعات.

لذلك تتضمن أجندة الصندوق عادة:

تحرير سعري الصرف والفائدة. تقليص الدعم. تحجيم الإنفاق الحكومي خاصة في مجال الاستثمار. إعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص. تخلص الدول من ملكية مشروعاتها العامة.

بالمقابل، فمن ينظرون لتقييم الأمور في إطار تنموي، يرون أن سياسات الصندوق تقضي على ما يعرف "بالتصنيع من أجل إحلال محل الواردات" وتقليص الاستثمار العام، وتحرير حركتي التجارة ورأس المال، بما يسمح بفتح الباب على مصراعيه للاستثمارات الأجنبية والشركات متعددة الجنسية، وعادة ما نجد أن معالجة سياسات الصندوق للأثار السلبية الناتجة لبرامجه، تكون في الأجل القصير، مما ينتج عنه اتساع التداعيات الاجتماعية السلبية، على صعيد البطالة والفقر.

أمر آخر لوحظ من تجارب دول المنطقة، ومنها مصر على سبيل المثال، فتخفيض قيمة العملة المحلية كأحد شروط صندوق النقد على الصعيد النظري، يفترض أن يؤدي إلى زيادة الصادرات السلعية، لكن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث لم يكن الجهاز الإنتاجي قادرا على الاستفادة من خفض قيمة العملة، وحدث أن تحول الأمر إلى زيادة قيمة فاتورة الواردات السلعية، وزيادة تكاليف الإنتاج.

وعادة ما تنتهي رحلة الدول التي فشلت فيها برامج إصلاح صندوق النقد، إلى المزيد من المديونية العامة، بسبب أن مجرد توصل بعض الدول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يفتح لها الباب للحصول على المزيد من الديون، من سوق السندات الدولية أو البنوك التجارية.

المخرج من أزمة الديون

تعد أزمة الديون ذات سمت إقليمي ودولي، والجميع يبحث عن مخرج، فالوضع التمويلي للعديد من الدول مأزوم، سواء بالنسبة للحاجة لتمويل جديد، حيث اعتمدت مشروعات التنمية على التمويل بالديون، أو من خلال الحاجة لسداد أعباء الديون من أقساط وفوائد.

ومخرج إعادة الهيكلة للديون السيادية كحل يمكن اللجوء إليه؛ أصبح يواجه مشكلة أن سوق الدائنين اتسع، ولم يعد في يد نادي باريس مثلا كجهة ظلت وحيدة لفترة طويلة، تقوم بهذا الدور.


هنا يرى مزارعي أن اتساع سوق الدائنين الدوليين، ليشمل الصين ودول أخرى، عقّد عملية إعادة هيكلة الديون، وجعل من هذه العملية ذات طابع سياسي بشكل أكبر.

وتبقى الإجابة عن سؤال أين المخرج من أزمة الديون على الصعيدين الإقليمي والعالمي، من الواجبات التي يجب أن تعمل عليها اجتماعات البنك والصندوق في مراكش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی أزمة الدیون کما أن

إقرأ أيضاً:

انتعاش اقتصادي.. صندوق النقد يعود إلى سوريا وسوق دمشق للأوراق المالية تفتح أبوابها

استقبل وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، الأحد، أول بعثة فنية من صندوق النقد الدولي تزور سوريا منذ 18 عاماً، في خطوة تمثل مؤشراً على تحرك دولي لدعم تعافي الاقتصاد السوري بعد سنوات من الحرب والعزلة.

وترأس الوفد رون فان رودن، نائب مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، ويضم 8 خبراء من عدة دوائر فنية، بهدف تقديم المشورة في مجالات الإصلاح المالي والنقدي، تحديث الإحصاءات، ومكافحة غسل الأموال.

وتأتي هذه الزيارة في ظل تخفيف بعض العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وفي وقت تشير تقديرات أممية إلى أن خسائر الناتج المحلي السوري تجاوزت 800 مليار دولار نتيجة الحرب المستمرة.

ومن المقرر أن تستمر زيارة البعثة خمسة أيام، يزور بعدها جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، دمشق نهاية يونيو الجاري لتسلم التقرير النهائي للزيارة، حسب وكالة الأنباء السورية (سانا).

وزير المالية السوري يعلن إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية بعد توقف ستة أشهر

أعلن وزير المالية السوري محمد يسر برنية، خلال حفل رسمي رفيع المستوى حضره عدد من كبار المسؤولين الاقتصاديين والمستثمرين والتجار، إعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية بعد توقف دام نحو ستة أشهر.

وأكد برنية أن إعادة فتح السوق تمثل إشارة واضحة على بدء تحرك الاقتصاد السوري، مشيراً إلى أن سوق دمشق ستكون شركة خاصة تعمل على مواكبة التطورات الرقمية الحديثة، بهدف أن تصبح مركزاً حقيقياً لتطوير الاقتصاد الوطني.

وأضاف الوزير أن الرؤية الاقتصادية الحكومية ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف، مع التركيز على دعم القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات، ومكافحة الفقر، وخلق فرص عمل جديدة، وشدد على أن الحكومة لا تسعى لمنافسة القطاع الخاص، بل تسعى لتسهيل عمله وتعزيز البيئة الاستثمارية في البلاد.

 سوريا تعيد فتح معبر العريضة الحدودي مع لبنان اعتباراً من الثلاثاء 3 يونيو

أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا عن إعادة افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان يوم الثلاثاء المقبل، 3 يونيو 2025، وذلك بعد أشهر من إغلاقه نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت به جراء غارات جوية إسرائيلية نهاية العام الماضي.

وقالت الهيئة في بيان رسمي: “نحيط المسافرين الأكارم علماً بأنه سيتم افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان أمام حركة عبور المسافرين صباح يوم الثلاثاء الموافق 03-06-2025، رغم استمرار أعمال الترميم والصيانة، وذلك حرصاً منا على تسهيل تنقل الأهالي خلال عطلة عيد الأضحى المبارك”.

ويعد معبر العريضة الواقع في ريف طرطوس من أهم نقاط العبور البرية بين سوريا ولبنان، ويخدم مئات المسافرين يومياً، خصوصاً خلال المناسبات الدينية والأعياد.

وكان المعبر قد خرج عن الخدمة في ديسمبر 2024 بعد تعرضه لغارات جوية إسرائيلية استهدفت الجسر والبنية التحتية في المنطقة الحدودية، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من الجسر الرابط وتضرر المنشآت الحيوية في المعبر.

وأكدت مصادر سورية ولبنانية حينها أن الهجوم تسبب في شلّ حركة المرور بين البلدين، وسط جهود لاحقة لإعادة تأهيل المعبر الحيوي الذي يلعب دوراً مهماً في الحركة التجارية والإنسانية بين سوريا ولبنان.

وتأمل السلطات السورية أن يسهم إعادة فتح المعبر في تخفيف الضغط على معابر أخرى، وتعزيز التواصل الاجتماعي والاقتصادي بين الشعبين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها المنطقة.

توغل إسرائيلي جديد في جنوب سوريا: عمليات تفتيش واستفزازات تثير استياء السكان

شهدت محافظة درعا جنوب سوريا تصعيداً جديداً مع توغل قوة من الجيش الإسرائيلي سيراً على الأقدام في قرية معربة غرب المحافظة، حيث نفذت عمليات تفتيش داخل عدد من المنازل في الحي الغربي للقرية قبل أن تنسحب إلى الطريق بين معربة وعابدين، ورافق العملية تحليق مكثف لطائرات حربية وطائرات استطلاع إسرائيلية في أجواء درعا، دون تسجيل اشتباكات مع الأطراف المحلية، وفق وسائل إعلام سورية.

كما رصدت المنطقة ذاتها دورية إسرائيلية مؤلفة من 10 عناصر تحدثوا العربية الفصحى، أقاموا حاجز تفتيش مؤقت بين بلدتي خان أرنبة وجبا في ريف القنيطرة عقب تنفيذ توغل محدود، إضافة إلى توغلات أخرى لقوات إسرائيلية مدعومة بسيارات عسكرية قامت بتفتيش المركبات المدنية بحثاً عن أسلحة، ما أثار غضباً واسعاً بين السكان الذين اعتبروا هذه الخطوات استفزازات جديدة.

وتتكرر مثل هذه العمليات في ريفي درعا والقنيطرة، حيث ترتكب إسرائيل انتهاكات متكررة تشمل تجريف الأراضي الزراعية، تدمير الآبار، منع وصول الأهالي إلى مناطق معينة، اعتقال مدنيين ومزارعين، ومصادرة المواشي.

وتصاعدت هذه الاعتداءات عقب رحيل حكومة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية، إلى جانب عمليات توغل بري في المناطق الحدودية، مستهدفة السيطرة على المنطقة العازلة وتنفيذ مداهمات على الأراضي السورية.

مقالات مشابهة

  • وزير المالية يكشف موعد صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد
  • وزير المالية: كل المؤشرات الاقتصادية تدعم التعاون مع صندوق النقد الدولي
  • وزير المالية يكشف آخر مستجدات المفاوضات مع صندوق النقد وموعد صرف الشريحة الخامسة من القرض
  • المالية استكملت المفاوضات مع صندوق النقد
  • هذا ما بحثه وزير الطاقة مع الإدارة الأميركية والبنك الدولي
  • انتعاش اقتصادي.. صندوق النقد يعود إلى سوريا وسوق دمشق للأوراق المالية تفتح أبوابها
  • صندوق النقد يختتم زيارته لمصر| تقدم في المراجعة الخامسة.. وخبير يؤكد انعكاسات إيجابية على الاقتصاد والاستثمار
  • وزير المالية يستقبل بعثة فنية من صندوق النقد الدولي في إطار الدعم الفني وتقديم المشورة
  • الحكومة تتخبط اجتماعياً بفرض الضرائب.. ودعم صندوق النقد مؤجل
  • كلية الزهراء للبنات تُدشّن "صندوق دعم الطالبات"