انطلقت شرارة ثورة الـ14 من اكتوبر 1963م، من جبال ردفان، في جنوب اليمن، ضد الاحتلال البريطاني، بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس ذلك اليوم، بعد قرابة 130 عاماً من الاحتلال، وكفاح مسلح شرش خاضه الثوار طيلة أربعة أعوام، حتى تكلل بطرد آخر جندي بريطاني من البلاد في 30 نوفمبر من العام 1967م، مؤكدين بذلك أن 14 أكتوبر ثورة شعب لا يستكين.

وبالرغم من أن السلطات الاستعمارية ردت على ذلك بحملات عسكرية غاشمة، استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل، إلا أن الثوار مضوا في كفاحهم المسلح حتى جلاء آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر من العام 1967م.

وطوال هذه الفترة، والقوات البريطانية المحتلة، لم تتوقف عند حد الحملات العسكرية وملاحقة الثوار واختطافهم، حيث وسعت من عملياتها العسكرية لتشمل غارات على مناطق ردفان، طبقت على إثرها سياسة «الأرض المحروقة»، إلى درجة أن وحشيتها وما خلفته من كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.

واحتلت بريطانيا عدن الساحلية، في يناير 1839م، بعد أن استخدمت ذريعة كاذبة، ادّعت خلالها في العام 1837 قيام الصيادين اليمنيين بنهب سفينة هندية ترفع علمها تسمى "دريا دولت"، كانت راسية بالقرب من ساحل عدن، وهي الذريعة التي اتخذت لها حججا عديدة طيلة العامين، انتهت باحتلالها المدينة.

وحسب المصادر التاريخية، اتسعت رقعت نفوذ بريطانيا بعدن خلال الفترة "1802 – 1837"، ونجحت في تكبيل السلطان "العبدلي" بالديون، وبالتالي فبركة قصة نهب السفينة "دريا دولت"، واستخدامها كذريعة لاحتلال عدن والمناطق اليمنية الجنوبية والشرقية.

وركزت بريطانيا على سياسة التقسيم الجغرافي في مناطق جنوب وشرقي اليمن، وخلق ولاءات قبلية، لتضمن احكام السيطرة عليها، فقسمتها إلى سلطنات ومشيخيات، وواجهت معارضيها بحملات ملاحقة واعتقالات لم تسلم منها حتى النساء، إلا أن ذلك لم يثن الشعب الرافض للعبودية والخنوع.

مراحل الثورة

إمكانات الثوار في ذلك الحين، اقتصادياً وعسكرياً ولوجستياً، وإعدادهم المحدودة أمام قوة بريطانيا الاستعمارية، إضافة إلى حالة الوعي المجتمعي وانعدام وسائل إعلام التوعية الثورية، كل ذلك كان له أثراً كبيراً في إعاقة المشروع الثوري، الذي أخذ يتقدم ببطء شديد جداً، أدى إلى إطالة عمر الاستعمار لما يقارب 130 عاماً.

ولذا، ارتأى الثوار بناء قواعد ثورية مدروسة، فكان لابد من إعادة صياغة آلية النشاط الثوري، ومروره بمراحل لضمان نضوجه، بدأ بالعمل السياسي والإعلامي السري في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأخذ هذا الجانب نضوجه أكثر في الاربعينيات التي شهدت صحوة ويقظة شعبية أكثر، قبل تدشين مرحلة الاحتجاجات والإضرابات في الخمسينيات.

وخلال هذه الفترة التي خاض خلالها مختلف طرق النضال السلمي، والتوعية والتعبئة الثورية الصحيحة، اكتسب الشعب خبرات كيف يدير مشروعه النضالي، لا سيما وهي لم تخل من التمردات المعبّرة عن حالة الرفض الشعبي لهذا الاستعمار وأدواته وإدارته للبلاد ونهب ثرواتها، واستغلال مؤانها.

وفي هذه المرحلة أيضاً، خصوصاً فترة الخمسينيات، كان للخطاب الثوري المصري والاغاني الثورية التي كانت تبثها إذاعة القاهرة وقعاً لدى الشعب اليمني في شماله الذي يعاني من النظام الامامي البائد، وجنوبه الذي يرزح تحت استعمار اجنبي لأكثر من قرن، علاوة على ظهور حركات مقاومة مدعومة من مصر في شطري البلاد.

ومطلع الستينيات بدأ مفهوم الكفاح المسلح هو أكثر ما يسود هذه المرحلة، بعد أن نضج المشروع الثوري كلياً، فانطلقت شرارة الثورة في الـ14 من أكتوبر 1963م، من جبال ردفان بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة.

واصل الثوار كفاحهم المسلح لأكثر من أربعة اعوام، بعد أن أصبح خياراً لا رجعة فيه، واستمروا بشن هجمات على مقار وثكنات ومعسكرات الاستعمار، واستهداف شخصياته الدبلوماسية والعسكرية وغيرها، من بينهم المندوب السامي الذي قتل بقنبلة القاها عناصر من جبهة التحرير القومية في 10 ديسمبر 1963م. واستمرت هذه الهجمات حتى إجلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967م.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح

لم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر، بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب كرة القدم المصرية منذ سنوات، بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم، وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته، وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.

الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة، بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء، بأداء باهت، غياب استقرار فني، تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.

وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر، ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.

فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية، بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه، ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا، فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل “كأس الأمم الإفريقية”، في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.

ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.

ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين، إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير، فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم، فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية، والضعف البدني الواضح، وغياب التخطيط طويل المدى.

في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع، تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره، سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها، بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.

النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا، بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية تحتية حديثة، وأكاديميات لرعاية الموهوبين، واستقرار فني وإداري، بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.

النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد، وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.

فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية، وغياب رؤية طويلة المدى، المسئول عنها اتحاد الكرة الذى يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار، بجانب عدم الاهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.

وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي، بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه، لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.

يؤكد خبراء الإعداد البدني أن الفارق بين اللاعب المصري ونظيره الإفريقي أو العربي لم يعد مهاريا بقدر ما هو بدني، فمع توقف الأندية عن الاستثمار في برامج اللياقة الحديثة تراجع الأداء البدني للاعبين بشكل واضح، وهو ما يظهر عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا الأكثر جاهزية وقوة.

بينما يرى خبراء التدريب أن الأزمة الأكبر تكمن في تراجع منظومة الناشئين، إذ تعتمد أغلب الأندية الكبرى على شراء اللاعبين بدل صناعة جيل جديد، وفي وقت تبني فيه الدول العربية وعلى رأسها المغرب مراكز تكوين تضاهي الأكاديميات الأوروبية، ما زالت قطاعات الناشئين المصرية تدار بأساليب تقليدية تفتقد للرؤية.

أكبر نجاحات الكرة المصرية في تاريخها جاءت حين كان هناك مشروع واضح واتحاد مستقر وأهداف طويلة المدى، أما اليوم فالمشهد مختلف تماما: لا رؤية، ولا تخطيط، ولا استمرارية، بل قرارات متلاحقة معظمها وفقا للأهواء والانتماء، وهو ما يعمق الفوضى داخل المنتخبات والأندية.

الأزمة الحالية أعمق من مجرد خروج من بطولة، فهي نتيجة غياب مشروع حقيقي يربط بين المنتخبات والأندية، وتبني معايير واضحة للتطوير الفني والبدني والإداري، وإذا أرادت الكرة المصرية أن تستعيد موقعها الطبيعي فعليها التخلي عن الحلول المؤقتة والبدء في بناء المنظومة من القاعدة إلى القمة.

مقالات مشابهة

  • جولة في الريف السويسري بين جبال الألب وساردونا التكتونية
  • الشعبية «التيار الثوري» تدعو لوقف إطلاق نار إنساني فوري
  • وادي مغيدد.. أيقونة لجمال الطبيعة
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح
  • البيت الأبيض: مصادرة ناقلة نفط ظل محملة بشحنات لصالح الحرس الثوري
  • بشرى لـ منتخب مصر .. الحرس الثوري يهدد مشاركة نجم إيران في مونديال أمريكا
  • مفاجأة الحرس الثوري الإيراني: حديد 110.. مسيّرة شبحية فائقة السرعة
  • العيدروس يعزّي في وفاة الشيخ سيف صائل القطيبي