المتظاهرون ينددون بمجازر الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة ويستنكرون المواقف الغربية المتماهية مع العدو الصهيوني

الثورة /سبأ / وكالات
تلبية لنداء المقاومة الفلسطينية للتظاهر في جمعة «طوفان الأقصى»، دعما وتأييدا لغزة الصامدة في مواجهة عدوان صهيوني إجرامي غاشم دمر البشر والشجر والحجر في غزة، ولم تشهد فلسطين المحتلة مثيلا له من قبل.

. اجتاحت عواصم ومدن مختلف دول العالم العربي والإسلامي والغربي، مسيرات وتظاهرات احتجاجية تنديداً بالعدوان الصهيوني المتواصل على غزة.
ففي فلسطين المحتلة.. شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مختلف مدن الضفة الغربية بتظاهرات شعبية طافت شوارع المدن دعماً وإسناداً لقطاع غزة الذي يتعرض أهله لعدوان صهيوني واسع وغير مسبوق، وعبر المشاركون عن دعمهم للمقاومة في غزة وقائد أركانها «محمد الضيف».
وشهدت العاصمة الإيرانية طهران، منذ صباح أمس مسيرات في جميع أنحاء إيران تنديداً بجرائم العدو الصهيوني في قتل الأطفال، ودعماً لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه في ختام المسيرات صدر بيان ختامي، أكد أن الكيان الصهيوني إلى زوال، وعملية «طوفان الأقصى» هي الخطوة الأولى لهدم أسس هذا الكيان الضعيفة.
وقال البيان: إننا نحذر الولايات المتحدة من مغبة محاولة الحفاظ على حياة هذا الكيان اللقيط الذي يحتضر.
وأضاف: إن التواجد في المنطقة وإرسال الحاملات ونقل الأسلحة لن يفت من عزيمة وتصميم المقاتلين الفلسطينيين الشجعان فحسب، بل سيثير أيضا غضب المسلمين والأحرار في العالم، ولن يكون له نتيجة سوى تهديد المصالح والكراهية المتزايدة لأمريكا وحلفائها الغربيين.
ودعا البيان الحكومات إلى قطع مصادر الطاقة والعلاقات الاقتصادية والحصار الشامل، وإجبارهم على وقف الاستمرار في قتل الأبرياء، وخاصة الأطفال، والتسريع في نهاية الحياة المشينة لجرثومة الفساد هذه.
وشدد البيان على أن كافة الفصائل الإسلامية في لبنان ومصر والعراق وغيرها من البلدان الإسلامية، هي على استعداد تام لأي نوع من الدعم لشعب غزة.
وفي لبنان، شارك الآلاف في مختلف المدن والمناطق، اللبنانية في تظاهرات عقب صلاة الجمعة، تضامنًا مع أهالي قطاع غزة وتنديدًا بالقصف الصهيوني المكثف المتواصل منذ سبعة أيام.
وتجمّع الآلاف أمام المساجد في مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة في العاصمة بيروت ومدن صيدا وطرابلس ومحافظة البقاع تحت شعارات «جمعة موحدة لقضية مقدسة» و«جمعة طوفان الأقصى».
وأدى المصلّون في مختلف المساجد صلاة الغائب على أرواح الضحايا الذين سقطوا في غزة جراء القصف الصهيوني.
كما تجمّع المئات أمام مسجد «محمد الأمين» وسط بيروت، حاملين الأعلام اللبنانية والفلسطينية ولافتات كُتب عليها «طريق التحرير» و«الجهاد حتى التحرير» و«فلسطين حرة» و«الهولوكوست الصهيونية لن تكسر غزة».
وردّد المشاركون هتافات داعمة لغزة والمقاومة، منددين بالمواقف الغربية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا.
أما في الأردن فقد شهدت العديد من المدن الأردنية تظاهرات في جمعة «طوفان الأقصى»، كما تحركت حشود واسعة إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، للتظاهر تنديداً بالإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، ومحاولة التهجير مجدداً لمن بقي منهم، بالتزامن مع تعزيز قوات الأمن الأردنية من إجراءاتها، ومحاولتها قمع المتظاهرين.
وفي العراق انطلقت، تظاهرات كبرى في بغداد نصرة للمقاومة الفلسطينية وتنديداً بحصار الكيان الصهيوني لقطاع غزة.
وهتف مئات الآلاف من المتظاهرين العراقيين الذين خرجوا تلبية لدعوة من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بشعارات مؤيدة للمقاومة الإسلامية في فلسطين وقطاع غزة، كما هتفوا بشعارات مناهضة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
وأحرق المتظاهرون العلم الصهيوني وسط تأكيدات على ضرورة إنهاء الحصار الغاشم الذي يفرضه الكيان الصهيوني على المواطنين في قطاع غزة.
كما تظاهر الآلاف في العاصمة المصرية القاهرة، وفي محيط الجامع الأزهر، وعدد من المدن المصرية، تضامناً مع فلسطين والفلسطينيين، وتنديداً بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة، ووجه المتظاهرون التحية لصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة القتل الصهيونية.. مطالبين بتقديم كافة أشكال الدعم والإغاثة للقطاع المحاصر.
الجزائر هي الأخرى شهدت عدداً من المظاهرات العفوية في الشوارع، أكد فيها المشاركون وقوفهم إلى جانب فلسطين، واستعدادهم للفداء والتضحية لأجلها.
كما شهدت سلطنة عمان عدداً من المظاهرات الحاشدة التي نظمتها منظمات أهلية عمانية، تلبية لنداء فلسطين ورفضاً لتهجير أهلها مرة جديدة، حيث ردد المشاركون هتافات مؤيدة للمقاومة في فلسطين والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
وفي البحرين، نظم البحرينيون عدّة وقفات نصرة لفلسطين، كما رددوا شعارات الموت لـ«إسرائيل».
وشهدت العاصمة القطرية الدوحة وقفة نصرة لغزة وملحمة «طوفان الأقصى»، بعد أداء المصلين صلاة الجمعة، ورددوا هتافات مؤيدة للأقصى.
وفي باكستان تظاهر الآلاف من الباكستانيين في العاصمة إسلام أباد، نصرة للشعب الفلسطيني وتأييداً للمقاومة.
وفي أفغانستان تظاهر آلاف المواطنين الأفغان، في العاصمة كابول، بعد أدائهم صلاة الجمعة، استجابة لنداء المقاومة ورفضاً للتهجير والتدمير الذي تتعرض له غزة.
أما في عاصمة المالديف، ماليه، فقد تظاهر الآلاف دعماً لغزة في مواجهة الهجمة التي تتعرض لها ومحاولة تهجير أهلها ونصرة للأقصى.
وشهدت العاصمة الفنزويلية كراكاس وقفة تضامنية، نظمتها الجاليات العربية وناشطون وجمعيات فنزويلية داعمة لفلسطين.. كما شهدت كوبا فعاليات مماثلة.
كذلك نظم عدد من الناشطين المكسيكيين وقفات داعمة لفلسطين.
ونظمت حشود غفيرة من الفرنسيين تظاهرات تدعم قطاع غزة في مواجهة الهجمة الصهيونية، إلا أنها واجهت قمعاً غير مسبوق من قبل السلطات الفرنسية التي لم تكتف بتفريقها بالقوة، بل حظرت المظاهرات المؤيدة لفلسطين من أساسها، في تناقض صارخ مع «الحريات والقيم» التي تنادي بها فرنسا، ورغم الحظر المعلن، تظاهر أمس المئات في ساحة الجمهورية بباريس للتنديد بالقصف الإسرائيلي المستمر على غزة، وردد المحتجون هتافات بينها «إسرائيل قاتلة» و«ماكرون متواطئ».
وتظاهر مئات الناشطين اليونانيين الداعمين لفلسطين في العاصمة أثينا، وحملوا الأعلام الفلسطينية ولافتات تدين العدوان الصهيوني على القطاع، وأصدرت عدد من النقابات العمالية والحزب الشيوعي اليوناني وجمعيات المتقاعدين بياناً أعربوا فيه عن تضامنهم مع فلسطين.
ونشرت قناة روسيا اليوم مقطع فيديو يظهر فيه مواطنون روس متضامنين مع فلسطين، يغرقون بوابة السفارة الفلسطينية في موسكو بالزهور وألعاب الأطفال.
كما شهدت عدد من الدول الأوروبية الأخرى كالسويد وبلجيكا.. تظاهرات مماثلة من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية تنديدًا بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة، ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، والشعارات المنددة بآلة البطش الصهيونية.. مطالبين المجتمع الدولي بالتوقف عن النفاق وازدواجية المعايير، وضرورة الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بالاستقلال والحرية، وإنهاء الاحتلال الصهيوني الممتد لـ75 عاما دون تحريك ساكن من العالم.
وخرجت مظاهرات عديدة في كلاً من أمريكا وكندا، على خلفية معركة «طوفان الأقصى»، وتنديداً بالقصف الوحشي الذي تشنّه آلة الإجرام الصهيونية، على المدنيين العُزّل في قطاع غزة، ومحاصرتهم المستمرة له.
وشهدت العاصمة الإيرلندية دبلن، ومدينة فينيسيا الإيطالية، مظاهرات ووقفات اعتصامية تأييدا للشعب الفلسطيني وتنديدا بمجازر العدو الصهيوني بحق المدنيين في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية المحتلة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: طوفان الأقصى الصهیونی على فی العاصمة فی مواجهة مع فلسطین فی مختلف قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية

لم تكن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مجرد مناوشة عسكرية عابرة، بل كانت بمثابة ضربة قاصمة، وزلزال جيوسياسي اهتزت على إثره أركان المنطقة والعالم، معيدا تشكيل موازين القوى والاستراتيجيات الدولية. في هذا المقال، نستعرض عشرة محاور رئيسة توضح كيف أدت هذه العملية إلى تحولات عميقة ومستمرة، كشفت النقاب عن وجه جديد للعالم العربي بتحولاته الجيوسياسية، وأنظمته الهشة المتفككة.

1- سقوط "صفقة القرن" وإحياء القضية الفلسطينية

كان "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما سُمِّي بـ"صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تهميش القضية الفلسطينية. لقد كشفت عملية طوفان الأقصى أكذوبة الوطن الصهيوني الآمن، ونجحت في تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهَر"، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وكأنها نفضت عنها غبار سنوات من التهميش. تصاعد الضغط الشعبي العربي بشكل غير مسبوق، مما قيَّد بشكل كبير أي خطوات نحو التطبيع الحكومي مع الكيان الصهيوني، وظهر ذلك جليا في مواقف دول مثل تونس والأردن والمغرب والسودان.. إلخ. كما انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب.

انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب
2- الإطاحة بنظام الأسد ورجوع السنة لحكم سوريا بعد أكثر من 100 عام من حكم الأقليات

لقد كانت "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما كان يُسمى بـ"محور المقاومة" الإيراني. بينما انشغلت طهران و"حزب الله" بالجبهة الفلسطينية الملتهبة، تضاءل دعمهما لنظام بشار الأسد في سوريا. تزامنت هذه الانشغالات مع تصعيد ضربات الكيان الصهيوني الموجعة ضد مواقع "الحرس الثوري" الإيراني، والتي استنزفت قدراته العسكرية والبشرية بشكل كبير. في هذا الفراغ المروع، شنت فصائل المعارضة السنية السورية، وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام"، هجوما منسقا بدعم تركي مكثف وتأييد شعبي واسع، مما أدى إلى سقوط دمشق وحلب. تلا ذلك انسحاب روسي جزئي، حيث قلصت موسكو وجودها العسكري في سوريا لتركيز جهودها على حرب أوكرانيا، مما فتح الباب أمام تشكيل حكومة سورية جديدة ذات أغلبية سنية، مُغَيِّرا جذريا في التركيبة السياسية للبلاد. هذا التحول، الذي كان في مخيلة الكثيرين ضربا من ضروب المستحيل، بعد أن ظلت سوريا في يد الأقليات منذ سقوط الخلافة العثمانية، بات اليوم حقيقة دامغة، تعكس فشل مشروع الاستبداد والمحاور الخارجية في الحفاظ على أنظمة فقدت شرعيتها.

3- احتضار المشروع الإيراني في الشام والعراق

كانت العملية بمثابة ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة. ففقدان إيران لسيطرتها على الجسر البري عبر سوريا، الذي كانت تستخدمه لنقل الأسلحة والدعم اللوجستي إلى "حزب الله"، قيَّد بشكل كبير قدرتها على التأثير في الشام. كما أدت الاغتيالات المتتالية لقادة عسكريين بارزين في "الحرس الثوري" وحزب الله، بمن فيهم قاسم سليماني سابقا وحسن نصر الله وقيادات الصف الأول في حزب الله في ضربات الكيان الصهيوني الأخيرة، إلى إضعاف بنيتها القيادية في الشام. أما في العراق، فقد تراجعت حدة أنشطة المليشيات الموالية لإيران مثل "الحشد الشعبي"، التي باتت تتخوف من التورط في صراعات إقليمية أوسع. فقدت طهران جزءا كبيرا من قوتها الإقليمية، مما قلل من رغبة الدول في التعاون معها بعد انكشاف هشاشة مشروعها القائم على المليشيات. لقد تبين أن وهْم القوة المبنية على المليشيات يمكن أن يتبخر سريعا أمام ضربات استراتيجية تغير المشهد.

4- إعادة تشكيل الاستراتيجيات العسكرية العالمية

لقد أثبت "طوفان الأقصى" أن التفوق التكنولوجي العسكري وحده لم يعد كافيا لضمان النصر. فقد نجحت التكتيكات غير التقليدية، مثل استخدام الصواريخ البدائية والطائرات المسيرة، في اختراق أنظمة دفاعية متطورة مثل "القبة الحديدية" للكيان الصهيوني. هذا الإنجاز فرض إعادة تقييم شاملة للاستراتيجيات العسكرية في جميع أنحاء العالم. دفعت هذه الدروس دولا مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى توجيه استثمارات ضخمة في تعزيز أنظمتها الدفاعية ضد التهديدات غير المتماثلة، والتفكير في تطوير تكتيكات جديدة للتعامل مع هذا النوع من الحروب. لقد أثبتت المعارك الحديثة أن العقول المبدعة التي تملك الإرادة يمكنها أن تتفوق على أعتى الترسانات العسكرية، وهذا ما يجب أن تعيه الجيوش حول العالم.

5- حل حزب العمال الكردستاني (PKK) واستقرار حكم العدالة والتنمية في تركيا

بعد طوفان الأقصى، استغلت تركيا ببراعة تهاوي أحجار الدومينو نتيجة حالة الفوضى الإقليمية والضعف الإيراني والسوري؛ لتكثيف حملاتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK). كانت عمليات مثل "نبع السلام" التي نفذتها أنقرة سابقا، أدت إلى تفكيك البنية العسكرية للحزب بشكل كبير، لكن مع تراجع الدعم الإيراني والسوري بعد سقوط الأسد، بدأ تحالف "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) بالتفكك. هذا التطور تزامن مع تقليص الدعم الأمريكي للأكراد، مما تركهم في موقف ضعيف وأدى إلى حل الحزب فعليا. إنها قصة جديدة من قصص التخلي عن حلفاء الأمس، حين تتغير حسابات القوى وتتبدل الأولويات، تاركة وراءها فراغاتٍ يُعاد ملؤها بخرائط سياسية جديدة.

6- ظهور القوى الإقليمية الصاعدة

شهدت المنطقة صعود قوى إقليمية جديدة تستغل الفراغ الذي أحدثه التغيير. عززت تركيا نفوذها بشكل كبير في سوريا عبر تحالفات استراتيجية مع الفصائل السنية. في المقابل، برز دور كل من قطر ومصر كوسيط إقليمي رئيسي، حيث تصدرت الدوحة والقاهرة جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني الصهيوني بعد تدهور العلاقات الخليجية-الصهيونية، مما منحهما وزنا سياسيا متزايدا، ساعد في ذلك دعم التحالف الأمريكي في المنطقة للنظام المصري؛ بعد أن كان على شفا الانهيار نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تسبَّب فيها. المشهد الإقليمي يتغير، وتظهر وجوه جديدة على الساحة، بعضها يصعد ليملأ الفراغ، وبعضها الآخر يحاول أن يجد موطئ قدم في هذه الفوضى الخلّاقة.

7- إعادة تشكيل التحالفات الدولية

حدثت تحولات جذرية في التحالفات الدولية في المنطقة. بعد انهيار ما كان يُعرف بـ "محور الاعتدال العربي" (الذي كان يضم دولا عربية متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومتصالحة مع الكيان الصهيوني)، ترك ذلك فراغا استغلته الصين ببراعة. فقد عززت بكين تواجدها المتنامي من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل مبادرة "الحزام والطريق"، مما يشي بتحولات في موازين القوى العالمية. إن العالم يتغير، والقوى الكبرى تعيد ترتيب أوراقها، بينما تتفكك تحالفات الأمس لتفسح المجال لتحالفات جديدة، بعضها غير متوقع.

8- اضطرابات اقتصادية عالمية وتحولات في الطاقة

كانت تداعيات "طوفان الأقصى" الاقتصادية واسعة النطاق. أدت هجمات الحوثيين المتكررة على الملاحة في البحر الأحمر إلى اضطرابات حادة في سلاسل التوريد العالمية، وارتفعت تكاليف البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر بأكثر من 30 في المئة، مما أثر على التجارة الدولية. كما دفعت هذه الاضطرابات -بالإضافة لأسباب أخرى- الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل اعتماده على النفط والغاز، الذي أصبح أكثر عرضة للتقلبات الجيوسياسية. إن التكاليف الاقتصادية للصراعات لم تعد تقتصر على ساحات المعارك، بل تمتد لتضرب شرايين الاقتصاد العالمي، دافعة الدول الكبرى إلى إعادة التفكير في مصادر طاقتها وأمنها الاقتصادي.

9- تصاعد النضالات الشعبية وحقوق الإنسان
أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار
لقد أعادت "طوفان الأقصى" حقوق الإنسان والقانون الدولي إلى واجهة النقاش العالمي. تزايدت الإدانات الدولية للكيان الصهيوني، وصدرت تقارير من منظمات حقوقية عالمية تتهمه بارتكاب "جرائم حرب". كما شهدت حركة المقاطعة العالمية (BDS) زخما غير مسبوق، وأثرت اقتصاديا على العديد من الشركات التي تتعاون مع الكيان الصهيوني، وأثرت أيضا على الصورة العالمية للكيان خاصة في الداخل الأمريكي وأوروبا، مما يظهر قوة الرأي العام العالمي في التأثير على السياسات. إن صوت الشعوب، حين يرتفع موحدا، يصبح قوة لا يستهان بها، قادرة على تغيير المعادلات وقلب الطاولات على رؤوس من ظنوا أنهم فوق القانون.

10- تحوُّلات تكنولوجية واستخباراتية

كشفت "طوفان الأقصى" عن ثغرات أمنية واستخباراتية هائلة في الكيان الصهيوني، وفشل أجهزة مثل "الشاباك" و"الموساد" في توقع الهجوم أثار تساؤلات جدية حول قدراتها. في المقابل، برز دور الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية، مما يؤكد أن ساحة المعركة لم تعد تقتصر على الأرض والجو، بل امتدت إلى الفضاء السيبراني. لقد تبين أن التكنولوجيا الحديثة، بقدر ما هي قوة، يمكن أن تكون نقطة ضعف قاتلة لمن يعتمد عليها دون فهم حقيقي لأبعاد التهديدات الجديدة.

خلاصة: "طوفان الأقصى" كنموذج لصراعات القرن الحادي والعشرين

لقد شكَّل "طوفان الأقصى" نقطة تحول جيوسياسية شاملة، حيث أعاد تعريف مفاهيم الردع والتكتيكات العسكرية. أثرت العملية على الاقتصاد العالمي من خلال اضطرابات في الطاقة والتجارة، وفككت تحالفات قديمة وبنت أخرى جديدة على المستوى السياسي. كما برز الدور المتزايد للرأي العام في صنع القرار، وشهدت التحولات التكنولوجية والاستخباراتية تغيرات عميقة. لقد أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار. فهل وعينا الدرس؟ وهل أدركنا أن ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله؟

مقالات مشابهة

  • الصحة في غزة تستنكر اتخاذ العدو الصهيوني “مراكز المساعدات” مصائد لقتل المدنيين
  • طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
  • مناورات ميدانية لخريجي “طوفان الأقصى” في ذمار والحديدة تأكيداً للوفاء لقضية فلسطين
  • وقفة قبلية في ذمار نصرةً للشعب الفلسطيني ودعماً لغزة
  • مناورة في مخلاف منقذة بذمار لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • “المجاهدين الفلسطينية” تثمن قرار بلدية برشلونة قطع العلاقات المؤسسية مع الكيان الصهيوني
  • مظاهرات في المغرب واليمن وموريتانيا وأفغانستان نصرة لغزة
  • مسيرات حاشدة في البيضاء نصرة لغزة وتنديداً بجرائم الإبادة
  • “الأحرار الفلسطينية”: الاستهداف الصهيوني لمستشفى العودة جريمة حرب غير مسبوقة
  • عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى