مفكر فرنسي للجزيرة نت: كراهية الإسلام وراء تجريم أوروبا للمقاومة والانحياز لإسرائيل
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
باريس – مع دخول عملية "طوفان الأقصى" يومها التاسع وتواصل عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال حكومات الدول الأوروبية ترى المشهد بعيون إسرائيلية فقط، ملقية عرض الحائط صور الكارثة التي يتعرض إليها سكان غزة.
تحيز صارخ يدهش العالم -ربطه المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا- بتزايد قوة اليمين المتطرف في هذه الدول، الذي يرغب في إشباع هواجسه المعادية للإسلام والمسلمين.
وفي مقابلة خاصة للجزيرة نت، يشير فرانسوا إلى خوف هذه الحكومات من استيراد الصراع العربي الإسرائيلي إلى بلدانها، مستنكرا منع فرنسا للمظاهرات المؤيدة لفلسطين.
منذ بداية "طوفان الأقصى"، شاهدنا تحيزا أوروبيا واضحا لصالح إسرائيل، ما تفسيرك لذلك؟نعم هناك تحيز مع الأسف وهذا ليس بالجديد، ومن المؤكد أن يستمر هذا التحيز في التنامي في الأيام المقبلة. وفي حالة فرنسا بشكل خاص، تؤيد الصحافة والنخب الحاكمة -اليسار بقدر اليمين تقريبا- بشكل أعمى الأطروحات الإسرائيلية. وقد ظل هؤلاء يعربون عن دعمهم، حتى بالرغم من تزايد تطرف القادة الإسرائيليين عاما بعد آخر.
تفاقم الخلل العميق في المواقف مع موجة الكراهية القوية للإسلام في العقد الماضي. بداية، اقترب اليمين المتطرف من خط الدعم غير المشروط لإسرائيل؛ لأن هذا التوجه يسمح له بإشباع هواجسه المعادية للمسلمين. أما اليسار -الذي كان صوته قويا نسبيا ذات يوم- فقد تخلى عن مواقفه السابقة، وتوقف عن إدانة إسرائيل، منذ أن اتخذت المقاومة الفلسطينية لهجة إسلامية
وفي فرنسا -وفي أوروبا أيضا- تفاقم الخلل العميق في المواقف مع موجة الكراهية القوية للإسلام في العقد الماضي. بداية، اقترب اليمين المتطرف من خط الدعم غير المشروط لإسرائيل؛ لأن هذا التوجه يسمح له بإشباع هواجسه المعادية للمسلمين.
أما اليسار -الذي كان صوته قويا نسبيا ذات يوم- فقد تخلى عن مواقفه السابقة وتوقف عن إدانة إسرائيل، منذ أن اتخذت المقاومة الفلسطينية لهجة إسلامية. واليوم، انضم -جزئيا على الأقل- إلى معسكر تجريم المقاومة الفلسطينية برمتها.
اليسار الراديكالي في أوروبا لا يزال يتشبث بموقفه الرافض لإدانة هجوم حماس، هل سيتعرضون للضغط بسبب موقفهم؟
مما لا شك فيه، فإن الضغوط قوية ونرى ذلك جليا الآن في حجم الهجوم الذي يتعرض إليه حزب "فرنسا الأبية"، بما في ذلك من صفوف اليسار.
الحكومة الفرنسية التي اختارت التنافس مع اليمين المتطرف على أرضها، تعرف أن معارضتها الانتخابية الرئيسة من اليسار. ولهذا السبب أخذت على عاتقها مسؤولية تجريم المقاومة الفلسطينية الإسلامية، من خلال ركوب موجة "الإسلاموفوبيا"
والحكومة الفرنسية التي اختارت التنافس مع اليمين المتطرف على أرضها، تعرف أن معارضتها الانتخابية الرئيسة من اليسار. ولهذا السبب أخذت على عاتقها مسؤولية تجريم المقاومة الفلسطينية الإسلامية، من خلال ركوب موجة "الإسلاموفوبيا"، والتصدي لكل من يرفض تجريمها.
ومن ثم، يمكن القول، إن الحكومات تتملق الناخبين اليمينيين المتطرفين، في حين تسعى جاهدة إلى تشويه سمعة خصومها اليساريين الذين تتهمهم بدعم "الإرهاب الإسلامي الذي تمارسه حماس".
الإعلام الغربي يتحيز لإسرائيل بشكل واضح، لماذا يرى الغرب الحرب بين الطرفين من عين إسرائيلية فقط، ويغض الطرف عن عدد الضحايا الأبرياء الذي سقطوا ضحية غارات الاحتلال؟يعدّ التزام الحكومة الفرنسية تجاه إسرائيل بعيدا جدا عن المواقف الواقعية للجنرال شارل ديغول (الرئيس الفرنسي الأسبق). فخلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، أكد ديغول شرعية دولة إسرائيل، لكنه أدان في الوقت ذاته احتلال الأراضي الفلسطينية. كما أنه تبنى موقف الحياد في حرب الأيام الستة في العام نفسه، داعيا إلى الاعتدال على الجانبين، وحظر تسليم الأسلحة إلى المنطقة قبل اندلاع الأعمال العدائية.
بينما تتحدث أوروبا عن وقف المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، تمنع فرنسا المظاهرات المؤيدة لفلسطين -لأسباب أمنية مزعومة- بينما تزيد من تعبيرها المعلن لدعم الإسرائيليين.
وبينما تتحدث أوروبا عن وقف المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، تمنع فرنسا المظاهرات المؤيدة لفلسطين -لأسباب أمنية مزعومة- في الوقت الذي تزيد فيه من تعبيرها المعلن لدعم الإسرائيليين.
بالإضافة إلى ذلك، تدين الحكومة الفرنسية بشكل منتظم أولئك الذين يريدون "استيراد الصراع العربي الإسرائيلي إلى فرنسا". والواقع أن هذه المعركة موجودة في البلاد منذ زمن طويل، ولكن جزئيا فقط، في شكل الأطروحة الإسرائيلية وحدها، في حين أنها تصر على رفض استيراد الأطروحة الفلسطينية.
مُنعت المظاهرات المؤيدة لفلسطين في فرنسا، بينما سُمح بالمسيرات المؤيدة لإسرائيل، كيف ترى هذا الحظر الصارخ لحرية التعبير في البلاد؟ وهل تخشى أوروبا انتشار مظاهر دعم فلسطين داخلها؟لا أعتقد أن هذا هو العامل الحاسم والوحيد وراء موقف الدول الأوروبية الحالي من الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس. يمكن أن تكون هذه المظاهرات ذات أهمية كبيرة، لكن لا شيء يثبت -مع الأسف- أنها يمكن أن تأخذ نطاقا خطيرا بالنسبة لأصحاب القرارات ولمن هو في السلطة.
كان هناك حديث عن وقف المساعدات الإنسانية لفلسطين، هل تعتقد أن مواثيق حقوق الإنسان تتبخر عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ ولماذا تغيب مؤسسات حقوق الإنسان عن المشهد اليوم؟
في فرنسا وأوروبا، لا توجد منظمات إنسانية ومواطنون يتمتعون بالحد الأدنى من الأخلاق. لكن ميزان القوى ليس في صالحهم. ولكل الأسباب التي ذكرتها سابقا، فإن صوت هذه المؤسسات غير مسموع إلى حد كبير. بالإضافة إلى ذلك، لا أعتقد أن لديهم هذا الاحتكار لخيانة المبادئ الإنسانية الأولية؛ لأن هناك كثيرا من الدول لم تكن مواقفها في وضع أفضل كثيرا.
ما تعليقك على ما قاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول مخاوفه بشأن تركيز اهتمام العالم على إسرائيل وغزة بدل أوكرانيا؟يخشى زيلينسكي بالفعل أن يتحول جزء من المساعدات العسكرية لبلاده؛ بسبب الدعم المتزايد من واشنطن لتل أبيب. ولهذا يسعى إلى الحصول على ود كل شريحة من الرأي العام الغربي.
لكن الأهم -أو بالأحرى الأكثر كرها في موقفه غير المقبول- هو اختياره تجريم المقاومة الفلسطينية ودعم المعتدين الإسرائيليين، في سبيل تحقيق أهدافه، وهو الذي تتعرض بلاده للهجوم والاحتلال -كذلك- من القوات الروسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المؤیدة لفلسطین الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
إسرائيل لا تنتصر.. بل تغرق في وحل غزة
◄ "معاريف": الحرب في غزة أثبتت الفشل المدوّي لحكومة نتنياهو
◄ عضو بالكنيست: لا أفهم لماذا نُقاتل حتى الآن والجنود يقتلون كل يوم
◄ إسرائيل استخدمت أحدث وسائل القتل والتدمير وعجزت عن إعلان النصر
◄ العمليات النوعية المتواصلة للمقاومة تزيد من إجمالي قتلى الاحتلال
◄ تطوير التكتيكات العسكرية للمقاومة ينجح في زيادة الخسائر الإسرائيلية
الرؤية- غرفة الأخبار
دائماً ما يصرّح رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ضرورة تحقيق "النصر المُطلق" في قطاع غزة، إلا أنه وعلى مدار قرابة العامين، فشلت إسرائيل في تحقيق هذا الهدف رغم الدمار الكبير والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع.
وطوال هذه المدة، استعانت إسرائيل في حربها على غزة بأحدث وسائل القتل والتدمير ضد فصائل المقاومة ذات الإمكانات المحدودة مقارنة بغيرها من الجيوش والتنظيمات التي حاربتها إسرائيل، ومع ذلك بقي جيش الاحتلال عاجزا عن إعلان النصر أو استعادة الأسرى.
كما يستخدم الجيش مئات الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والمدرعات، وأحدث التقنيات التكنولوجية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، وحصل على أسلحة جديدة وذخائر وعتاد من الولايات المتحدة وحدها بمقدار 6.5 مليار دولار، ودمَّر 85 في المائة من الأبنية في قطاع غزة، وقتل أكثر من 56 ألف فلسطيني، ثلثاهم من الأطفال والنساء والمسنين (وهناك 938 فلسطينياً قُتلوا في الضفة الغربية)، وأصاب نحو 200 ألف بجراح، وقام بتهجير نحو مليوني فلسطيني من بيوتهم، مرات عدة، بعضهم تم ترحيله من مكان لآخر 12 مرة، واعتقل نحو 10 آلاف فلسطيني. ومع هذا، فإنَّ جيش الاحتلال عالق في غزة.
وفي ظل كل هذه المعطيات، يواجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة أسفرت عن سقوط مئات القتلى والمصابين العسكريين، ولا تزال فصائل المقاومة تحتفظ بالأسرى، دون أن تتمكن إسرائيل من تحريرهم بالضغط العسكري.
ولقد نشر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" آفي أشكنازي، مقالا بعنوان: "في غزة، إسرائيل لا تنتصر، هي تغرق في الوحل"، أشار فيه إلى أنه على مدار أكثر من 600 يوم، قتل 1905 من الإسرائيليين، إلى جانب أسر العشرات.
وأضاف: "إدارة الحرب في غزة هي فشل مدوٍ لحكومة إسرائيل، ورئيسها بنيامين نتنياهو".
وعدّد المقال أسباب فشل جيش الاحتلال في غزة، والتي من بينها: تحديد أهداف وهمية للحرب لا يمكن تحقيقها مثل القضاء على حماس، وترحيل أهل غزة إلى دول أخرى، وعدم جاهزية الجنود الإسرائيليين للمعركة، إلى جانب تآكل العتاد في الجيش الإسرائيلي، إلى جانب تطوير فصائل المقاومة من تكتيكاتها العسكري وتنفيذ عمليات توقع قتلى عسكريين إسرائيليين في مواقع مختلفة من القطاع.
وتأكيداً على هذا الفشل، قال رئيس لجنة المالية في الكنيست موشيه غفني، أحد أبرز قادة الائتلاف الحكومي، تعقيباً على قتل 7 جنود إسرائيليين في غزة نهاية الأسبوع الماضي: "أنا لا أفهم حتى هذه اللحظة على ماذا نقاتل ولأي حاجة، ما الذي نفعله هناك حين يُقتَل جنودٌ كل الوقت".
ووفقا لذلك، فإنَّ استمرار الحرب في قطاع غزة لم يعد له أي أهداف سوى أن يضمن نتنياهو استمراره في السلطة، وألا يحاكم بأيِّ تهم، خاصة وأن استطلاعات الرأي التي نُشرت خلال الحرب منذ أكتوبر 2023، تشير إلى أنَّه في حال إجراء الانتخابات ستخسر أحزاب الائتلاف الحكومي ثلث قوتها وتسقط.