قال الشيخ أحمد الحسنات، نائب مفتي المملكة الأردنية الهاشمية: لا يخفى على أحد أن العالم اليوم أصبح وحدة واحدة في ظلِّ ما تشهده البشرية من تبادل للمعارف والخبرات في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والعلمية، فلم يعد الناس يعيشون في مجتمعات منفصلة، وجزر متباعدة في حضارتها وثقافتها وطريقة عيشها، ولم يعد ممكنًا ولا مجديًا في عالمنا اليوم أن يكون العمل انفراديًّا، أو مجزأً، بل لا بد من العمل الكلي على الصعيد العالمي والإنساني.


وأضاف خلال كلمته في فعاليات الجلسة العلمية الأولى من المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء، أن ما شهده بعض دول العالم من كوارث طبيعية وحوادث راح ضحيتها الآلاف من البشر، استدعى استنفار المجتمع الدولي والتكاتف بين أبناء البشرية وتعاونها لتأمين الإغاثة للمنكوبين، إضافة إلى ما يشهده العالم من صراعات دامية، ومن تغير مناخي امتد تأثيره إلى جميع الدول وعلى الحياة الإنسانية، وكان حدوثه نتيجة حتمية للممارسات الخاطئة في التعامل مع عناصر البيئة؛ مما أدى إلى اختلالها وفقدها لتوازنها الذي خلقه الله عليها، فكان لزامًا علينا أن نجتمع في إطار التعاون والتكامل لإصلاح ما يمكن إصلاحه، لضمان حياة كريمة وآمنة للأجيال من بعدنا. 


وأوضح أن التيسير في الشريعة لا يعني التفلت حيث إن الشريعة الإسلامية تميزت بأنها شريعة مرنة قادرة على استيعاب المستجدات وظروف العصر المختلفة، فالدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان، وقد احتوت من الأصول والمبادئ العامة ما يمكنها من مراعاة مصالح الإنسان في أي وقت مهما اختلفت ظروفه واحتياجاته، ومن هذه المبادئ أنها اعتبرت العمل التكاملي بين المسلمين أولًا ثم بين الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم من مبادئ وجود أمة الإسلام.

في السياق ذاته أشار نائب مفتي الأردن إلى أن مفهوم التكامل والتعاون بين الأمم في القضايا العامة حيث إنها مشتركة بين كافة الدول، أما القضايا الخاصة فتخص كل أمة أو دولة بعينها.


وأكد أن الإسلام يؤمن بالتنوع والتعدد، وأن الاختلاف آية من آيات الله العظيمة الدالة على كمال قدرته، وهذا الاختلاف لا يجوزُ أن يتخذ وسيلةً من أجلِ تمزيقِ الأسرةِ الإنسانية واضطهاد بعضها لبعض، وإنما يجبُ أن يكون وسيلة من وسائلِ التعاونِ البشري والتعارف والتآلف والتلاقي على البرِّ، والتقوى، وبذلك فإن الأصل أن تقوم العلاقة بين الأمم على أساس التعارف والوئام لا على أساس التنازع والخصام.

ولفت النظر إلى أن من أهم مبادئ التعاون والتكامل بين الأمم أن يسود الاحترام بين الأمم والشعوب، وأن تقام العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل وكان هذا الاحترام حاضرًا في مخاطبات النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الملوك والقادة، حيث كان يظهر احترامًا لقدرهم ومكانتهم في مجتمعاتهم رغم الاختلاف في الدين والعقيدة، وهذا يدلنا على أن كرامة الإنسان لا بد أن تكون حاضرة في جميع التعاملات، فالتعاون لا يعني حتمية الانقياد والتبعية، والتكامل لا يعني تسلط القوي على الضعيف أو سلب حقه في الحياة، أو نهب ثرواته واحتلال بلاده وسرقة خيراته، فما نراه اليوم من اختلال في توزيع الثروات وتباين في مستويات الحياة، ونزاعات أهلكت الحرث والنسل، وظهور للفساد في البر والبحر، وتعطل عجلة التقدم على مستوى العالم، إنما يرجع سببه إلى سياسات الاستقواء على الضعيف ونهب ثرواته، وغياب مفهوم التعاون المبني على الاحترام المتبادل والتكامل بين الدول.


وَأضاف أن الله تعالى أمرنا بضرورة تبنِّي مبدأ الاحترام المتبادل بين الناس جميعًا، والتعاون فيما بينهم لما فيه الخير والصلاح ورقي المجتمع، وجلب المصالح لما فيه خير البشرية فقال سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).


من أهم أسس التعاون والتكامل بين الناس، إرساء دعائم العدالة الاجتماعية باعتباره الأساس الأول لحفظ السلم العالمي والاجتماعي، وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى لنا أن الحياة لا تستقيم، وأن الاستقرار لا يتم، وأن النهضة لا تكون إلا بتحقيق العدالة بين بني البشر، فقال سبحانه وتعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فهذا البيان الإلهي يحتِّم على البشرية أولًا إنشاء تعاون وتكامل فيما بينها لإقامة ميزان العدل فيما بينها ودفع الظلم عن الشعوب المظلومة التي تم احتلال بلادها ونهب خيراتها وثرواتها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ لَوْ دُعِيتُ إِلَيْهِ الْيَوْمَ لَأَجَبْتُ، رَدُّ الْفُضُولِ إِلَى أَهْلِهَا، وَأَلَّا يُقِرَّ ظَالِمٌ مَظْلُومًا".


وفى ختام كلمته أكد أن هذه الأسوة الحسنة من المعلم الأول، أثمرت بعد سنوات قليلة أمةً قائدة رائدة، قادرةً على إدارة شؤونها، والتعاون فيما بينها، فلما أصاب المسلمون عام الرمادة، وحلّت بهم الأزمات والكوارث، ظهرت ثمار التعاون التي غرسها فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل عمر بن الخطاب بالرسائل إلى الولاة في الآفاق، وكان المدد الغوث حاضرًا، وتجلّى التعاون بين أبناء الأمة في أسمى وأبهى معانيه، وكان سببًا في إنقاذ أبناء الأمة الإسلامية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بین الأمم

إقرأ أيضاً:

محافظ حلب يبحث مع وفد أممي برنامج دعم التعافي في حلب وريفها

حلب-سانا

بحث محافظ حلب المهندس عزام الغريب، خلال لقاء اليوم، مع وفد أممي برئاسة المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا آدم عبد المولى، تقدم تنفيذ البرنامج المشترك للأمم المتحدة لتعزيز الصمود في حلب وريفها، وتهيئة ظروف التعافي في سوريا.

ويبلغ حجم التمويل المخصص لهذا البرنامج، نحو 18 مليون دولار أمريكي، بتمويل مشترك من إيطاليا والدنمارك والنرويج، ويستهدف شرق حلب خلال الفترة 2025 – 2026، ويجمع البرنامج خبرات ست وكالات أممية هي: منظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “الموئل”، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، وبرنامج الأغذية العالمي.

ويركز البرنامج على تحسين الوصول العادل للخدمات الأساسية، واستعادة النظم الغذائية، وتوفير فرص عيش مستدامة لأكثر من 150,000 نسمة من أصل 300,000، في مناطق قاضي عسكر وعصفرة وتل حاصل وتل عران، مع تعزيز التعاون المجتمعي ومواءمة أنشطته، مع أولويات الحكومة والجهود التنموية القائمة.

وعقب اللقاء توجه الوفد الأممي إلى مدرسة عبد الكريم نجار في حي قاضي عسكر التي تضررت بشكل بالغ جراء قصف النظام البائد، وتضم 24 فصلاً يدرس فيها 800 طالب وطالبة، وهي إحدى المشاريع الرمزية ضمن البرنامج، حيث ستتم إعادة تأهيلها عبر تعاون جهات ثلاث: اليونيسف “ترميم المبنى ومرافق المياه والصرف الصحي”، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي “تركيب أنظمة الطاقة الشمسية وإزالة الأنقاض وإعادة تدويرها”، وموئل الأمم المتحدة “استخدام المواد المعاد تدويرها لتحسين البنية التحتية المحيطة”.

وتأتي هذه المدرسة ضمن خطة إعادة تأهيل ثماني مدارس، تشمل 4 في المدينة و4 في الريف، بهدف تشجيع عودة النازحين، ودعم استقرار المجتمع، ورفع جودة الخدمات التعليمية.

وأكد عبد المولى خلال الزيارة أن هذه الجهود لا ترمّم البنى التحتية فحسب، بل تعيد الأمل وتُعزّز الثقة بين المجتمع، مشيداً بالتعاون مع السلطات المحلية لضمان تحقيق أثر مستدام.

يُذكر أن البرنامج يتم تنفيذه بالتنسيق مع المنظمات المحلية والدولية الفاعلة في المنطقة، ومن المقرر أن تستمر أنشطته حتى نهاية 2026 لتحقيق أهدافه الإنسانية والتنموية الشاملة في محافظة حلب.

 

محافظ حلب 2025-06-30suhaسابق الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها إلى سوريا 6 تموز القادم انظر ايضاً محافظ حلب يستقبل رئيس مجلس التعليم العالي في تركيا وعدداً من رؤساء الجامعات التركية

آخر الأخبار 2025-06-30محافظ حلب يبحث مع وفد أممي برنامج دعم التعافي في حلب وريفها 2025-06-30الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها إلى سوريا 6 تموز القادم 2025-06-30تشكيل لجنة صياغة نهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية في سوريا 2025-06-30سوريا تتصدى للمخدرات… إعلام وطني وعمليات أمنية حاسمة 2025-06-30مراسلة سانا بدمشق: وزارة الصحة تتسلم 4 سيارات إسعاف و4 عيادات متنقلة مقدمة من صندوق الأمم المتحدة للسكان بتمويل من مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية ‏والحماية المدنية “إيكو” 2025-06-30حماة: تجهيز مركزين لغربلة بذار القمح المستلمة من الحقول الإكثارية 2025-06-30فرق الإطفاء تخمد الحريق الحراجي الكبير في ريف مصياف بحماة 2025-06-30الشيباني يبحث مع “الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون 2025-06-30اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تلتقي فعاليات اقتصادية واجتماعية ودينية تمثل محافظة طرطوس 2025-06-30وزير الداخلية السوري يبحث مع وفد حكومي بريطاني سبل التعاون

صور من سورية منوعات شركة صينية تطرح روبوتاً لإزالة الأعشاب الضارة بالليزر 2025-06-30تحذير علمي: ارتفاع الحرارة يؤثر في القدرات الإدراكية 2025-06-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تطلق برنامجا لتعزيز القدرات الفضائية للدول الأعضاء
  • الرئيس الإيراني: العدوان الصهيوني الأمريكي انتهاك لميثاق الأمم المتحدة واستهزاء بالقانون الدولي
  • محافظ حلب يبحث مع وفد أممي برنامج دعم التعافي في حلب وريفها
  • بقيادة البرهان.. السودان يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع للتمويل والتنمية باسبانيا
  • في مجلس حقوق الإنسان.. المملكة تدعو لالتزام دولي عادل في تمويل العمل المناخي
  • رئيس هيئة الرقابة الإدارية يلتقي السفير الفرنسي لبحث التعاون في المجال الرقابي
  • في مؤتمر “أممي”.. رؤية سودانية لإعمار ما دمرته الحرب
  • الأردن يدعو إلى وقف عدوان إسرائيل على غزة ودعم إعادة إعمار سوريا
  • الأمم المتحدة: نواجه عجزا بنحو 77% رغم جمع 86 مليون دولار لدعم اللاجئين في الأردن
  • الأمم المتحدة تحذر: خفض المساعدات يهدد استقرار العالم