صدى البلد:
2025-12-03@05:47:59 GMT

محمد الغريب يكتب: الطريق إلى حطين الثانية

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

الخامس والعشرون من ربيع الثاني، تأريخ يتجدد لكنه لا ينسى وسط زخم أحداث حامية الوطيس في مأوى الخليل ومهد المسيح ومسرى الحبيب، تاريخ يترقبه المسلمون هذا العام بعد طوفان الأقصى الذي هز أركان قضية السبعين عامًا، ومع تخبط المشاعر بين قلق وفرحة، حزن وسعادة، اليقين واليأس، تبقى حاضرة حطين شاهدة على أمجاد وبطولات أمة ربما يستعيدها الزمان ولو انقضى عليها نحو تسعة قرون.


في الـ 25 من ربيع الآخر لعام 583 هـ، كانت المعركة الفاصلة بين الناصر صلاح الدين الأيوبي وأذناب أوروبا من الصليبيين، بعد أن يأس المسلمون أن يعود إليهم أقصاهم سِلمًا أم قاتلًا، وحسبما يروي المؤرخون ويسطرون كيف كانت حال أمتنا الإسلامية يوم أن سقط بيت المقدس في أيدي الغرب الصليبي من تفرق وشتات واستقواء بالعدو على الأخ الشقيق، وكيف تحول الأمر مع استرداد المسجد الأقصى على يد صلاح الدين الذي طهره يومًا من دنسهم وخناريرهم، ما يغرس الأمل ويقوي اليقين، ولعل تكرار ذلك قريبًا.

فمع التوجس والقلق السائدين في الوقت الراهن من أن تسفر العمليات الإرهابية للصهاينة عن إبادة للشعب الفلسطيني الأبي والمرابط في غزة أو ارتكانهم للتهجير قسرًا، حق لنا أن نتساءل: أي إرهاب استطاع أن يدوم؟!، وأي بلاد كتب عليها أن تدنس مهما طال أمد المستعمر أو توهم  غفلة الزمان عنه إلى غير خروج؟!، قال تعالى: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ».

ولربما تدمى الأعين وتنفطر القلوب على ارتقاء البراءة في مهدها على مرأي ومسمع من عالم منقسم بين المؤازرة لعدو مغتصب كاشف لأقنعة المتشدقين بما يُزعم إنسانية وشرعية دولية، وآخر مكلوم نظن أن الدعاء في حقه إبراء للذمة وأن الشجب والإدانة ترفع عار هذه الأمة. مأساة قد تكون كاشفة للمتخاذلين والمتصهينين إلا أنها في الوقت عينه بارقة أمل في أن تعود حطين وأمجادها، فمع قلة حيلة شعب جوع وحُصور واستبيحت أرضه وماله وثرواته إلا أنه حقق مالم يحققه آخرون يدعون أنهم أحرار.

 

بقي أن استبشروا فلقد اقترب النصر، فتلك قناعتي الشخصية بمقدرة مصر أن تكون رقمًا مهمًا في المعادلة كما كانت في حطين الأولى، كما أنه لم يكن صلاح الدين بساحرٍ أو أوتي ما كان لسليمان من جنود الجن والإنس، ولم يكن المسلمون يومئذ بأفضل حال مما نحن فيه فسُبق بمن خان وأحيط بمن باع؛ إلا أنه قد توافرت لديه أسباب النصر، فوفق ما ذكره محمد علي الصلابي في كتابه «صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الأموية وتحرير بيت المقدس»، فإن أهم الدروس والعبر والفوائد في تحرير بيت المقدس، تتمثل في أهمية العلماء الربانيين في إيقاظ هذه الأمة، وتنشئة أجيالهم على عقيدة الإسلام الصحيحة، وتحرير الولاء لله ورسوله والمؤمنين، ووحدتهم، ووضوح رايتهم.

 

آن الأوان أن نلتف حول كتاب الله لنعتصم ونتحد ونعد العدة والعتاد، فلقد كان للقرآن وقعه في نفوس المسلمين، فقال عنه غلادستون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق: «ما دام هذا – أي المصحف- في عقول المصريين وقلوبهم فلن نقدر عليهم أبدا»، فللمقاومة النابعة من عقيدتنا وقع السحر في مواجهة هؤلاء فبها يقذف الله الرهبة في قلوب عدوكم ولنا في مشاهد الفزع والفرار يوم السابع من أكتوبر ما يبرهن وهن هؤلاء الشرذمة، يقول الحق سبحانه: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ".

ختامًا بات اليوم متوافرًا لهذه الأمة من أي وقتٍ مضى ومنذ انكسارها في العام 48 أسباب النصر على الكيان الصهيوني اللقيط بعد أن كثر عداءه وتعدد كارهوه، وأحيط ببغضاء وكراهية الحجر والشجر، وعلها بشارة لوعد رسولنا الكريم بأن الحجر والشجر سيكونان من أسباب الظفر بهم والانتصار عليهم، وعزاؤنا لشهداء فلسطين أن دمائهم تروي أشجار حطين الجديدة وأرواحهم تحرسها، وإنا في لقاء ربنا راغبون.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلاح الدین

إقرأ أيضاً:

د. حسن محمد صالح يكتب: صدمة ثانية تتعرض لها ثمود

كانت صدمة ثمود بنت تقدم القحاطية كبيرة عندما لم تجد الحركة الإسلامية السودانية ضمن المجموعات التي قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيفها منظمات إرهابية أجنبية، وقد شمل تصنيف ترامب الإخوان المسلمون في مصر ولبنان.

الصدمة كانت كبيرة بعد الترويج الإعلامي والسياسي من قبل ما يسمى بالمعارضة بأن الحركة الإسلامية في السودان هي جماعة الإخوان المسلمون، وطالبوا الأمريكان بتصنيف الحركة منظمة إرهابية.

هذا إن دل إنما يدل على عدم ثقتهم في أنفسهم، فهم يروجون لهذه التهمة في كتاباتهم واجتماعاتهم ويودون أن تفعل الإدارة الأمريكية الشيء نفسه، لأن ما عندهم ينفد وما عند الأمريكان باقٍ حسب عقولهم المريضة.

على كل حال ليست هذه هي الصدمة الأولى لقحط، ولكنهم قطيع لا يعتبر من المواقف ولا يتعظ ولا هم يذكرون.

عقب سقوط الإنقاذ مباشرة اجتمعت قحط مع الأمريكين وطلبوا منهم تصنيف المؤتمر الوطني منظمة إرهابية أجنبية ومنعه من ممارسة العمل السياسي في السودان.
كان رد الأمريكيين عليهم: نحن نعرف المؤتمر الوطني أكثر منكم، وعليكم أن لا تتحدثوا معنا في هذا الأمر، فسقط في أيديهم وكأنما فوق رؤوسهم الطير. أحد الظرفاء قال: قال لهم الأمريكان أشربوا (مريستكم) دي قوموا أمشوا.

كلمة مريسة اصطلاح على نوع الخمر الذي قدموه إليهم، وحتى لا يستبد بهم السكر ويهرفوا في كل شيء أمروهم بالانصراف.

فهل بعد هذه الصفعة تعيدون الكرة وتنسون أنكم داعمون لمليشيا آل دقلو وأبو ظبي الإرهابية ودماء أهل الفاشر التي سالت أنهاراً في الرمال لم تجف، وهي تُرى بضم التاء عبر الأقمار الصناعية، وقد شاهد العالم فظائعكم وإرهابكم.

د. حسن محمد صالح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/01 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة عشوائية و غياب2025/11/30 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كوشة العالم واللغة)2025/11/30 إبراهيم شقلاوي يكتب: أمن المعلومات واستراتيجية إعادة البناء2025/11/30 وزير الخير اسم يستحقه وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية2025/11/28 معهد واشنطن للسودان الجديد الذي يرأسه نصر الدين عبد الباري2025/11/28 ثار لغط كثير حول فقرة في مقال البرهان في وول ستريت جورنال2025/11/28شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات ليست هدنة بل مشروع إنقاذ للمليشيا 2025/11/28

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • محمد مندور يكتب: عمان واستثمارات المستقبل
  • صلاح الدين الأيوبي .. القائد الذي صنع المجد وكتب التاريخ
  • حسن الرداد وتارا عماد يستكملان تصوير فيلم طه الغريب
  • مسلسل قبل وبعد يجمع ريم البارودي ومي عز الدين في رمضان 2026.. للمرة الثالثة
  • قطف الزيتون المقدس يبدأ موسمه في لالش ليُنير المعبد طول العام
  • المسلمون يترقبون أيام الرحمة والمغفرة.. موعد شهر رمضان 2026 وفقا للحسابات الفلكية
  • د. محمد عسكر يكتب: انتبه من فضلك! الأخلاق ترجع إلى الخلف
  • محمد سعيد حميد يكتب قصيدة: يا يَمنَ العِزِّ
  • د. حسن محمد صالح يكتب: صدمة ثانية تتعرض لها ثمود
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: فطرتي