أنفقت وزارة الخارجية الإسرائيلية أكثر من 8 ملايين دولار على الدعاية في أوروبا من أجل دعم روايتها عن الحرب التي تشنها على غزة عقب إطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في حين لم تحظَ الرواية الفلسطينية بأي دعاية من أجل إظهار المجزرة التي يرتكبها جيش الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني أمام الرأي العام العالمي.

وحسب موقع غوغل لشفافية الإعلانات، فقد اختارت الخارجية الإسرائيلية موقع يوتيوب لنشر نحو 100 مقطع دعائي للترويج للرواية الإسرائيلية التي تربط في أغلبها بين حركة حماس والإرهاب، وتصر على أن المقاومة الفلسطينية هي نفسها تنظيم الدولة الإسلامية في أكثر من مناسبة.

حجم الإنفاق

وحسب البيانات التقديرية التي يوفرها موقع سيمرش، فقد بلغ حجم الدعاية على منصة يوتيوب وحدها أكثر من 8 ملايين دولار، وتركز ظهور هذه المقاطع الدعائية في 3 دول، على النحو التالي:

كانت فرنسا أعلى الدول بنسبة إنفاق بلغت 4.6 ملايين دولار، وبلغ عدد ظهور المقاطع الدعائية فيها أكثر من 535 مليون مرة. وفي ألمانيا بلغ حجم الإنفاق 2.4 مليون دولار، ومرات الظهور على منصة يوتيوب أكثر من 284 مليون مرة. أما في المملكة المتحدة فقد وصل حجم الإنفاق 1.2 مليون دولار، وعدد ظهور المقاطع الدعائية بلغ أكثر من 250 مليون مرة. وهناك دول أخرى -سواء في أوروبا أو خارجها- كان حجم الإنفاق منخفضا بما يمثل 0.3 مليون دولار، وكذلك عدد مرات الظهور التي بلغت نحو 43 مليونا في هذه الدول مجتمعة.

ولتوضيح حجم الإنفاق الإسرائيلي على الدعاية -حسب الأرقام السابقة- يمكن مقارنتها بشركة أمازون التي تعد من أكبر المعلنين في العالم كله، حيث أنفقت في فرنسا وحدها على منصة يوتيوب، وخلال 30 يوما تقريبا؛ نحو 5.6 ملايين دولار. في حين بلغ ما أنفقته وزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة يوتيوب وحدها أيضا 4.6 ملايين دولار، حسب البيانات التي يوفرها موقع سيمرش.


توجيه الرأي العام الأوروبي

وعند تحليل المقاطع الدعائية التي نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة يوتيوب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فهي تتشابه جميعها في الرسالة الموجهة للجمهور الأوروبي، وتتضمن 4 رسائل رئيسية:

ربط حماس بالإرهاب، فلا يخلو مقطع تقريبا من وصف الحركة بالإرهاب، وتصنيفها منظمة إرهابية، بالإضافة إلى وصفها بأنها تنظيم الدولة. ترهيب العالم بأن أنشطة حماس لن تقف عند حدود إسرائيل، بل ستتمدد لتشمل العالم كله. يختتم كل مقطع دعائي بجملة صريحة وواضحة: "قف مع إسرائيل". توظيف صور لأطفال ومسنين من أجل التأثير في المزاج العام وإضفاء المشروعية على ما تقوم به إسرائيل من قتل وهدم وقصف على القطاع.

وكان اللافت في هذه الأرقام هو اختيار دول محددة لنشر الرواية الإسرائيلية (فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة) عما يحدث في قطاع غزة، من أجل توجيه الرأي العام في هذه الدول؛ وما يتبع ذلك من وسائل الإعلام التي تبنت بدايةً هذه الرواية، متجاوزة علنا الضوابط المهنية والحياد الذي كانت توصف به؛ وبالتالي التأثير في أي قرار سياسي يصدر عن حكومات هذه الدول، ويُترجم كل ذلك إلى دعم عسكري وسياسي وقرارات أممية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى حجب الرواية التي توثق المجازر التي ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني.

صفحات عدة تعرضت للحجب أو التقييد لتعاطفها مع القضية الفلسطينية (مواقع التواصل) حجب المحتوى الفلسطيني

وأمام هذه الآلة الدعائية والإعلامية التي تحركها الأذرع المختلفة للاحتلال الإسرائيلي، لم يُنفق دولار واحد على المحتوى الفلسطيني من أجل إظهار حجم الدمار والقتل والعنف الذي يمارسه جيش الاحتلال في حق الفلسطينيين.

والأكثر من ذلك أن العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تعرضت صفحاتهم للحجب أو التقييد أو المنع لمحاولتهم إظهار زيف الرواية الإسرائيلية ومدى تضليلها الرأي العام العالمي، أو حتى مجرد التعاطف مع ما يحدث في قطاع غزة بعد الفظائع التي ارتكبها الاحتلال من قتل آلاف الأطفال والنساء وقصف المستشفيات ومحو أحياء بكاملها.

والحجة التي تستند إليها هذه المنصات عند حجب المحتوى الفلسطيني إما لأنه صادم ويضم مشاهد تحتوي على عنف وأشلاء بشرية ودماء؛ وبالتالي يصبح محتوى غير لائق، حسب تصنيفهم، أو إلصاق تهمة "الإرهاب" بكل من يتبنى الرواية التي تظهر حقيقة الصراع وأسبابه وتداعياته على فلسطين؛ شعبا وأرضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الخارجیة الإسرائیلیة على منصة یوتیوب ملایین دولار الرأی العام حجم الإنفاق أکثر من من أجل

إقرأ أيضاً:

حرب الأرقام الثقيلة بين إيران وإسرائيل: حين تفوق كلفة الدفاع ثمن الهجوم

تشير تقديرات اقتصادية إلى أن كلفة الحرب قد تبلغ 12 مليار دولار شهرياً، في ظل أضرار واسعة بالبنية التحتية ونفقات تشغيلية ضخمة لسلاح الجو، ما يضع الاقتصاد الإسرائيلي تحت ضغط متزايد مع استمرار التصعيد. اعلان

في خضم الحرب المستعرة بين إسرائيل وإيران، تتكبد تل أبيب كلفة اقتصادية باهظة تفوق التوقعات، وسط تحذيرات من أن استمرار العمليات العسكرية لفترة طويلة قد يُنهك الخزينة العامة ويقيد قدرة المؤسسة الأمنية على الصمود. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، تقدّر الكلفة اليومية للحرب بمئات الملايين من الدولارات، في وقت تشير تقديرات معهد آرون للسياسات الاقتصادية بجامعة رايخمان إلى أن فاتورة شهر واحد فقط قد تبلغ 12 مليار دولار.

منظومات اعتراض بمبالغ فلكية

تشير البيانات الإسرائيلية الرسمية إلى أن إيران أطلقت خلال الأيام الماضية أكثر من 400 صاروخ، ما فرض استنزافًا يوميًا لأنظمة الدفاع الجوي المتقدمة. ويقول الباحث يهوشوع كاليسكي من معهد دراسات الأمن القومي إن تكلفة اعتراض صاروخ واحد عبر منظومة "مقلاع داوود" تصل إلى 700 ألف دولار، فيما تتضاعف الأرقام عند استخدام منظومة "آرو 3" لاعتراض الصواريخ الباليستية، حيث تبلغ تكلفة الاعتراض الواحد نحو 4 ملايين دولار، بينما تصل تكلفة صاروخ "آرو 2" إلى 3 ملايين.

المفارقة أن بعض الصواريخ والمسيّرات التي تُطلقها إيران أو حلفاؤها كالحوثيين في اليمن تُصنَّع بتكلفة أقل بكثير، في حدود آلاف أو عشرات الآلاف من الدولارات فقط، ما يخلق فجوة مرهقة في معادلة الإنفاق الدفاعي. ووفق تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن تكلفة اعتراض صاروخ واحد غالبًا ما تتجاوز بعشرات الأضعاف سعر الصاروخ الذي تم إطلاقه.

Relatedهل يُشعل استهداف منشأة "فوردو" الإيرانية فتيل كارثة نووية؟سفير إيران لدى الأمم المتحدة ليورونيوز: أوروبا مسؤولة جزئياً عن الصراع الإيراني-الإسرائيليهل تصمد القبة الحديدية أمام صواريخ إيران؟ الجواب قد يرسم ملامح الحربكلفة جوية مرتفعة وذخائر ذكية

لا تقتصر النفقات على الدفاع الجوي، إذ تشمل أيضًا تشغيل طائرات مقاتلة مثل "F-35"، بتكلفة تشغيل تصل إلى 10 آلاف دولار في الساعة الواحدة، من دون احتساب الذخائر المتطورة. وتشير تقارير عسكرية إلى استخدام قنابل دقيقة التوجيه من طراز JDAM وMK84، ما يرفع فاتورة الإنفاق الجوي إلى مستويات قياسية، لم تشهدها إسرائيل حتى في الحروب الكبرى السابقة ضد حزب الله أو غزة.

تتصاعد أعمدة الدخان من مبنى مجمع مستشفى سوروكا بعد أن أصابته صاروخ أطلق من إيران في بئر السبع، إسرائيل، الخميس 19 يونيو/حزيران 2025. AP Photoدمار وبنية تحتية مدنية تحت القصف

الهجمات الإيرانية لم تقتصر على الأهداف العسكرية، بل طالت البنية التحتية المدنية بشكل واسع، حيث دُمرت مئات المباني وأجلي أكثر من 5000 شخص عن منازلهم، وفق هيئة الدبلوماسية العامة الإسرائيلية. وتشير تقديرات المهندس الإنشائي إيال شاليف إلى أن إصلاح برج سكني واحد في تل أبيب قد يتطلب عشرات الملايين من الدولارات. كما تعرّضت مصفاة نفط شمالي إسرائيل لضربتين مباشرتين أدتا إلى مقتل ثلاثة موظفين وإغلاق المنشأة الحيوية.

وفي ظل هذه الكلفة الاقتصادية والعسكرية الثقيلة، يزداد الضغط الداخلي في إسرائيل لإنهاء المواجهة، في وقت يؤكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الحرب لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها العسكرية، وعلى رأسها تحييد القدرات النووية والصاروخية الإيرانية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • محيي الدين: ربع سكان العالم يعيشون في دول تنفق على سداد فوائد الديون أكثر من التعليم
  • البنك الدولي يمنح المغرب 250 مليون دولار لدعم إصلاحات الحماية الاجتماعية
  • أزمة فوق السحاب.. العراق يخسر ملايين الدولارات يوميًا بسبب الصراع الإيراني-الإسرائيلي
  • البنك الدولي يقرض المغرب 250 مليون دولار لدعم الحماية الاجتماعية
  • حرب الأرقام الثقيلة بين إيران وإسرائيل: حين تفوق كلفة الدفاع ثمن الهجوم
  • ملايين الدولارات تنهال على الأهلي.. مكافأة جديدة حال الفوز على بالميراس
  • الاقتصاد الإسرائيلي يخسر حتى الآن أكثر من 28 مليار دولار جراء الحرب مع إيران
  • البنك الدولي يمنح اليمن 30 مليون دولار لدعم التعليم والخدمات المالية
  • 30 مليون دولار من البنك الدولي لدعم التعليم والبنية المالية الرقمية في اليمن
  • 15 مليون مشاهدة.. على مسئوليتى مع أحمد موسى يحقق ملايين المشاهدات منذ بداية الحرب بين إيران و إسرائيل