ما حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى؟، سؤال أجابته عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، ونوضحه من خلال التقرير التالي.

حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى

قالت الإفتاء إن النَّذْرُ عبارة عن إِيجاب المرءِ على نفسه فِعْلَ الْبِرِّ من صَدَقَة، أَو عبَادَة، أَو نَحْوهمَا، وقد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بالنذر ما دام المنذور طاعة لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].

دعاء الرجاء والطلب من الله.. أجمل ما قيل في التذلل للهدعاء آخر ساعة يوم الجمعة للرزق.. اغتنم الوقت الذي لا ترد فيه الدعوة

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وقال صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ" متفقٌ عليه.

حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى
أما النذر المعلق على مشيئة الله تعالى فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا ينعقد، ولا يكون نذرًا يجب الوفاء به أو تلزم عند عدم الوفاء به الكفارة، واشترطوا لذلك أن يتصل الاستثناء أو التعليق بالنذر لفظًا أو حكمًا فلا يضر الانفصال اليسير كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 143، ط. دار المعرفة): [وإذا حلف على يمين أو نذر، وقال: إن شاء الله موصولًا فليس عليه شيء عندنا.. ولكنا نستدل بقوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا﴾ [الكهف: 69] ولم يصبر، ولم يعاتبه على ذلك، والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ»، وعن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم موقوفًا عليهم ومرفوعًا: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى، وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» ... وإن كان مفصولا لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]، يعني إذا نسيت الاستثناء موصولا فاستثن مفصولا، ولسنا نأخذ بهذا] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (11/ 25-26، ط. دار إحياء التراث): [قوله: (وإن حلف، فقال:"إن شاء الله" لم يحنث، فَعَلَ أو ترك إذا كان متصلًا باليمين)، يعني بذلك في اليمين المكفرة، كاليمين بالله والنذر والظهار، ونحوه لا غير، وهذا المذهب... وقال: ويشترط الاتصال لفظا أو حكما، كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه] اهـ.

ووافق الشافعيةُ الحنفيةَ والحنابلةَ في قولهم بعدم انعقاد النذر ولا الوفاء به أو الكفارة عند عدم الوفاء بشرط قصد الناذر محض التعليق، لا التبرك بذكر الله تعالى، أو الاستعانة بالله على الوفاء، أو أطلق اللفظ دون قصد.

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" -بـ"حاشية الرملي الكبير"- (1/ 575، ط. دار الكتاب الإسلامي) في بيان عدم وجوب الوفاء بالنذر إذا كان مُعلَّقًا: [(لا إن عَلَّقَ) النذر (بمشيئة الله، أو مشيئة زيد) فلا يصح (وإن شاء) زيد؛ لعدم الجزم اللائق بالقُرَب، نعم: إن قصد بمشيئة الله التبرك أو وَقَعَ حدوث مشيئة زيد نعمةً مقصودة كقدوم زيد في قوله: إن قدم زيد فعلي كذا، فالوجه الصحة، وبه صرح الأذرعي في الْأُولَى] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي في "حاشيته" (1/ 575): [(قوله لا إن علق بمشيئة الله) خرج به ما إذا لم يقصد التعليق بأن قصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح (قوله فالوجه الصحة) أشار إلى تصحيحه] اهـ.

وأما المالكية فالمشهور عندهم وهو المعتمد أن النذر المعلق على مشيئة الله تعالى يصح، ويجب الوفاء به، أو الكفارة عند عدم الوفاء، وذلك ما دام النذرُ غيرَ مبهمٍ، كقوله الإنسان: لله عليَّ شيء.

قال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 92، ط. دار الفكر): [وأما إن علق النذر على مشيئة الله، كإن كلمت فلانًا فَعَلَيَّ المشي إلى مسجد مكة أو عَلَيَّ الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور] اهـ.

وقال الشيخ عليش في "منح الجليل" (3/ 99، ط. دار الفكر): [(وإن قال) المسلم المكلف: عَلَيَّ كذا (إلَّا أن يبدو لي) أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله، فالمشيئة لا تُفيد في النذر غير المبهم مطلقا على المشهور؛ لأنه نص "المدونة" خلافا لما في الجلاب من قوله: تنفعه المشيئة] اهـ.

والمختار للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة من عدم انعقاد النذر المعلق على مشيئة الله، وهو الموافق لقول الشافعيَّة حالة قصد الناذر محض التعليق، ومن ثمَّ لا يجب الوفاء به، وذلك لغلبة جريان لفظ المشيئة على ألسنة الناس بعد كل كلام، ولو وجب الوفاء بالنذر لما كان للتعليق معنىً، ولحقهم الحرج الشديد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقال أيضا: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، ولأن إعمال الكلام أولى من إهماله، ما لم يقصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.

وشددت بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب شيء على من علَّق النذر على المشيئة بأن قال: نذرت لله ذبح شاة إن شاء الله، ما دام قد وصل الاستثناءَ بالنذر، كما اشترط الحنفية والحنابلة، أو قصد محضَ التعليق لا غيرَهُ كما قال الشافعية، فإن قصد بقوله: "إن شاء الله" التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.

طباعة شارك حكم النذر المعلق على مشيئة الله تعالى النذر المعلق النذر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النذر المعلق النذر صلى الله علیه وآله إن شاء الله

إقرأ أيضاً:

تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة مكة المكرمة

أصدرت وزارة الداخلية- اليوم- بيانًا بشأن تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة مكة المكرمة، فيما يلي نصه:
قال الله تعالى: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا"، وقال تعالى: "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، وقال تعالى: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ"، وقال تعالى: "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".

أقدم/ محمد محمد أبو بكر -نيجيري الجنسية- على تهريب الكوكايين المخدر إلى المملكة, وبفضل من الله تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجاني المذكور، وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب الجريمة، وبإحالته إلى المحكمة المختصة، صدر بحقه حُكمٌ يقضي بثبوت ما نسب إليه وقتله تعزيرًا، وأصبح الحُكم نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.

وتم تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بالجاني / محمد محمد أبو بكر -نيجيري الجنسية- يوم الأربعاء 12 / 2 / 1447هـ الموافق 6 / 8 / 2025م بمنطقة مكة المكرمة.

ووزارة الداخلية إذ تعلن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على حماية أمن المواطن والمقيم من آفة المخدرات، وإيقاع أشد العقوبات المقررة نظامًا بحق مهربيها ومروجيها، لما تسببه من إزهاق للأرواح البريئة، وفساد جسيم في النشء والفرد والمجتمع، وانتهاك لحقوقهم، وهي تحذر في الوقت نفسه كل من يُقدم على ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.

أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • ما وقت إجابة الدعاء يوم الجمعة؟.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في أفغاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة
  • هل حسبي الله ونعم الوكيل دعاء على الظالم؟.. الإفتاء توضح معناها الصحيح
  • هل تجوز صلاة ركعتين قبل المغرب؟ دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة مكة المكرمة
  • يارب جوزني وارزقني فلوس كتيرة.. الإفتاء توضح حكم الدعاء بهذه الصيغة في الصلاة
  • ما حكم الصلاة على الميت الذي عليه دين؟.. الإفتاء توضح
  • الفرق بين الفجر الصادق والكاذب .. الإفتاء توضح
  • هل الاتصال الهاتفي بالمريض له نفس ثواب زيارته؟.. الإفتاء توضح