نيويورك تايمز": نتنياهو رفض التوقيع على خطة اجتياح غزة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
أكّدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، وجود انقسامات بين قيادات الاحتلال السياسية والعسكرية حول عملية التوغّل البري الكامل في قطاع غزة.
ووفق ما نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر لم تكشفها، فإنّ قيادة الاحتلال العسكرية وضعت بالفعل اللمسات الأخيرة على خطّة اجتياح غزة، إلّا أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض التوقيع عليها ما أثار غضب كبار ضبّاطه، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنّه يريد موافقة بالإجماع من أعضاء مجلس الوزراء الحربي الذي شكّله بعد هجوم 7 أكتوبر، وفق روسيا اليوم.
وأوضحت الصحيفة أنّ تأجيل الاجتياح البري يرجع جزئيا إلى الرغبة في منح المفاوضين وقتا إضافيّا لتأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، حسب المصادر ذاتها.
وذكرت المصادر التي نقلت عنها الصحيفة، أنّ حالة من القلق تسود بعض مسؤولي دولة الاحتلال حول إمكانية أن يجرّ الاجتياح جيشهم إلى معركة مستعصية داخل غزة، مشيرة إلى أنّ وزراء الاحتلال يدرسون وضع خطّة أقلّ طموحا تتضمّن تنفيذ عدة عمليات توغّل محدودة تستهدف مواقع معيّنة من القطاع المحاصر في كل مرة.
وأشارت إلى خشية قادة لدى الاحتلال من اتّساع رقعة الصراع وفتح جبهات جديدة، لا سيما أنّ “حزب الله” في الشمال يهدّد باستهداف مدن العمق الإٍسرائيلي بصواريخ بعيدة المدى. ووفق الصحيفة الأمريكية، فإنّ محلّلين يعتقدون أنّ نتنياهو يتردّد في رفع شارة انطلاق الاجتياح من جانب واحد بسبب تراجع ثقة المستوطنين في قيادته، لذلك فهو يخشى في حال فشلت العملية من أن يتمّ إلقاء اللوم عليه.
وقال اثنان من كبار المسؤولين العسكريين، إنّ داخل المؤسسة العسكرية، هناك قلق من أنّ أهداف الاحتلال سوف تصبح غير واضحة، إذا نفّذ نتنياهو وعده يوم الأربعاء، بالسعي في الوقت نفسه إلى تحرير جميع الأسرى بينما يحاول أيضا تدمير”حماس، مبيّنة أنّ الهدف الأول يتطلّب التفاوض والتسوية مع قيادة حماس، في حين أنّ الهدف الثاني يتطلّب إبادتها، وهو توازن يصعب تحقيقه.
وفي وقت سابق، نشرت صحف عبرية تقارير عديدة تُشير إلى أزمة ثقة كبيرة بين قيادات الاحتلال العسكرية والسياسية، لا سيما بعد الفشل الاستخباراتي الكبير الذي كشف عنه هجوم المقاومة المباغت في السابع من أكتوبر الجاري، حيث يتخوّف كل طرف من إلقاء اللوم عليه وتحمّل مسؤولية الخسائر التاريخية التي تكبّدها الاحتلال عقب انتهاء العدوان.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
38 عامًا على "انتفاضة الحجارة".. وما زالت شرارة المقاومة مشتعلة
غزة - صفا يوافق يوم الثلاثاء، الذكرى الـــ38 لاندلاع الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة"، التي فجرها شعبنا الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي. ففي الثامن من كانون الأول/ديسمبر 1987، اندلعت "انتفاضة الحجارة"، عقب دهس شاحنة إسرائيلية بشكل متعمد، سيارة يستقلها عمال فلسطينيون بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مما أدى لاستشهاد أربعة منهم وإصابة آخرين. وفي صباح اليوم التالي، عم الغضب مخيم جباليا، وانطلقت المظاهرات العفوية الغاضبة، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، أدت الى استشهاد الشاب حاتم السيسي، ليكون أول شهيد في الانتفاضة المباركة. عنصر أساسي وتدحرجت الانتفاضة من مخيم جباليا، إلى مخيم بلاطة ونابلس، حتى الانتفاضة إلى مجدها وعلوها، فاستشهد في العاشر من ديسمبر، الفتى إبراهيم العكليك (17 عامًا)، ولحقه في 11 من ذات الشهر الشابة سهيلة الكعبي (19 عامًا)، والفتى علي مساعد (12 عامًا) من مخيم بلاطة، ثم اشتعلت الانتفاضة، وازدهرت بمئات الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى والأسرى. وسميت بـ"انتفاضة الحجارة"، لأن الحجارة كانت أداة الهجوم والدفاع التي استخدمها الفلسطينيون ضد قوات الاحتلال. وفي ذلك الوقت، شكل الشباب الفلسطيني العنصر الأساسي المشارك بالانتفاضة، وقامت بقيادتها وتوجيهها القيادة الوطنية الموحدة للثورة، وهي عبارة عن اتحاد مجموعة من الفصائل السياسية، كانت تهدف بشكل أساسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والحصول على الاستقلال. وكانت أكثر الطرق التي يتم من خلالها التواصل والدعم بين الناس والمقاومين ورجال الانتفاضة، المنشورات والكتابة على الجدران، وكانت توزع المناشير عند مداخل المساجد من قبل أطفال لم تكن أعمارهم تتجاوز السابعة، أو كان يتم إلقاؤها من نوافذ السيارات قبل طلوع الشمس ويتم تمريرها من تحت الأبواب. وسائل المقاومة وتميزت "الانتفاضة الأولى" بالمهرجانات الحاشدة والمسيرات الكبرى في تشييع الشهداء، واتخذت المسيرات طابع التحدي لا سيما عند خروجها في مناطق منع التجول، أو رفضًا لسياسات إغلاق المدارس والمعاهد، أو نصرة للأسرى مثل المسيرات التي نظمتها أمهاتهم. وتحولت الأحداث التاريخية والدينية والمناسبات الوطنية إلى مناسبات للتجمهر والمسيرات الوطنية، واقترنت ساعة خروج الطلاب من المدارس بموعد لانطلاق مظاهرات ومسيرات تنتهي بمواجهات مع دوريات شرطة وجنود الاحتلال. وصادف اندلاع "انتفاضة الحجارة" إعلان الشيخ الشهيد أحمد ياسين حينها عن تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وأصدرت حركة حماس بيانها الأول الذي عبّر عن مجمل سياساتها وتوجهاتها بتاريخ 14/12/1987 بعد 5 أيام من انطلاق انتفاضة الحجارة. وتطورت وسائل المقاومة خلال الانتفاضة تدريجيًا من الإضرابات والمظاهرات ورمي الحجارة إلى الهجمات بالسكاكين والأسلحة النارية وقتْل العملاء وأسر وقتل الضباط والجنود الإسرائيليين والمستوطنين. وردت قوات الاحتلال بعنف على الانتفاضة، فأغلقت الجامعات الفلسطينية وأبعدت مئات النشطاء ودمرت منازل الفلسطينيين. وتقدر حصيلة الشهداء الذين ارتقوا على يد قوات الاحتلال أثناء "انتفاضة الحجارة" بـ 1162 شهيدًا، بينهم نحو 241 طفلًا، بالإضافة إلى 90 ألف جريح، وتدمير ونسف 1228 منزلًا، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية. واعتقلت قوات الاحتلال حينها ما يقارب من 60 ألف فلسطيني من القدس والضفة والقطاع وفلسطينيي الداخل، وفق إحصائية لمركز الأسرى للدراسات. وتوقفت الانتفاضة نهائيًا مع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح عام 1993، رغم معارضة معظم الفصائل المنضوية تحت لوائها في ذلك الحين. وبعد مرور 38 عامًا، لا تزال تلك الانتفاضة حاضرة بقوة في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، بوصفها لحظة تاريخية رسّخت شكلًا جديدًا للمقاومة الشعبية، وغيّرت قواعد المواجهة مع الاحتلال، وأعادت تعريف دور الشعب الفلسطيني في معركة التحرر. ولقد أثبتت الانتفاضة أن الصراع ليس فقط عسكريًا، بل هو أيضًا صراع إرادة وصمود، وأن حجر الطفل قد يغيّر حسابات جيش كامل. ورغم مرور 38 عامًا، إلا أن انتفاضة الحجارة لا تزال رمزًا لمرحلة فارقة في التاريخ الفلسطيني؛ مرحلة تجاوز فيها الناس الخوف، وكتبوا بأيديهم وبالحجارة وبالهتاف فصلًا جديداً من فصول الحرية.