في 23 أكتوبر 2023، عقد معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS جلسة عنوانها "آفاق الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس". أدار الجلسة سيث جونز مدير  برنامج الأمن الدولي، وشارك فيها:

ـ جون ألترمان: رئيس مركز زبيغنيو بريجنسكي للأمن العالمي والجيواستراتيجية، ومدير برنامج الشرق الأوسط في CSIS. وعمل سابقا عضوا في فريق تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية.



ـ إميلي هاردينغ: مديرة مشروع الاستخبارات والأمن القومي والتكنولوجيا فيCSIS . وعملت في وكالة المخابرات المركزية. ولديها خبرة في مكافحة التجسس ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

ـ دان بايمان: زميل أقدم في مشروع التهديدات عبر الوطنية التابع لدائرة الاستخبارات الأمنية الكندية. وهو أيضا أستاذ في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورج تاون.

ـ تجيب الجلسة على سؤال مهم: هل ستنجح إسرائيل في تحقيق هدفها من الحرب، وهو القضاء على حماس؟

ونقدم للقراء الكرام أهم ما تناولته هذه الجلسة المهمة:

المقاومة فكرة لا تموت

الإسرائيليون مصدومون للغاية، وهدفهم سحق حماس. لكن المشكلة تكمن في الأيديولوجية والفكرة التي تقوم عليها حماس. ويرجع دعمها إلى أنها تمثل مقاومة لما يعتبره الفلسطينيون هيمنة إسرائيلية.

أحد أهم دروس الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة هو أنه لا بد من فصل تنظيمات المقاومة عن السكان الداعمين لها. بالنسبة للإسرائيليين، لا توجد علامات مطلقا أنهم يفكرون في ذلك. إنهم يتحدثون فقط عن السحق والتدمير دون إعطاء الفلسطينيين مسارا سياسيا مرغوبا فيه لديهم. وعليه، فالحديث المتكرر عن سحق حماس وتدميرها لن يقود إسرائيل إلا إلى حرب ممتدة. وغزة محاصرة تماما، ويقاتل الفلسطينيون من أجل بقائهم. كما أن حماس ليست كالقاعدة. وهي هدف أصعب منها بكثير:

ـ فكرة المقاومة متجذرة بعمق في المجتمع الفلسطيني الأوسع.

ـ حماس متجذرة في المجتمع الفلسطيني من خلال شبكات واسعة: اجتماعية ودينية وتعليمية.

ـ تنظيم القاعدة منظمة أًغر بكثير من حماس. وقد بالغت الولايات المتحدة في حجم القاعدة.

سيكون اقتلاع حماس أصعب بكثير إلى درجة تجعل إسرائيل في حاجة إلى التفكير بشكل أكثر واقعية. فلا يمكنك تدمير فكرة. فالفكرة أخطر من أي شخص أو منظمة. وبينما يسعى الإسرائيليون لتحقيق هدفهم، فلن يستطيعوا خلق بديل لحماس. وقد تسعى أطراف في المنطقة إلى تكوين بديل لها. لذا، سيكون لدى إسرائيل توازن صعب للغاية على المدى القصير والطويل. على المدى القصير، ستحتاج إلى وقف التهديد. أما على المدى الطويل، ستحتاج إلى دعم الحكومات الإقليمية لخلق بديل لحماس.

التحديات الاستخبارتية للقضاء على حماس

مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي من بين الأفضل في العالم. لكن ما حدث يوم 7 أكتوبر هو فشل استخباراتي يرجع إلى ثلاثة أسباب أساسية أدت إلى كارثة مروعة في الساعات الأولى من الحرب:

ـ فشل في جمع البيانات والمعلومات: المواد التي كانت تجمعها الاستخبارات الإسرائيلية لم تكن كافية كمؤشر على هذا الهجوم الضخم. لقد تركوا بعض شبكاتهم البشرية في غزة تضمر على مر السنين. وربما أعماهم الاعتماد المفرط على الجمع التقني الذي هم فيه الأفضل في العالم. وربما افترضوا أن ذلك سيزودهم بالمعلومات الكافية لرؤية مؤشرات الهجوم. وربما تكون حماس قد تصرفت بحرفية ممتازة لمنع هذه المجموعات من رؤية تلك المؤشرات.

ـ فشل تحليلي: لو كان لديك قطع صغيرة هنا وهناك تشير إلى وجود شيء ما، ولم تضع هذه القطع معا، ستفشل في التحليل، وهو عانى منه مجتمع الاستخبارات الأمريكي في التجارب السابقة.

ـ فشل تحذيري تكتيكي: في يوم الهجوم كانت هناك أجهزة استشعار تلتقط الحركة؛ لكن حماس استغلت نقطة فشل واحدة في النظام لإخراج أبراج الهواتف المحمولة بحيث كانت إسرائيل عمياء عما كان يحدث على طول السياج الحدودي، ومن ثم لم تستطع الرد.

فشل في الفهم والخيال

أقنع الإسرائيليون أنفسهم بأنهم فهموا الفلسطينيين. ويتحدثون منذ سنوات عن جز العشب، فما عليك إلا أن تذهب إلى الفلسطينيين، وتعلمهم درسا مستداما يكون رادعا لهم. وعندما يتحدث الأمريكيون عن الحاجة إلى التحرك في عملية سلام عربية إسرائيلية، وفلسطينية إسرائيلية، ودولة فلسطينية؛ سيقول الإسرائيليون للأمريكيين: إنكم لا تفهمونهم، نحن نعيش معهم، ونفهمهم ، وهذا هو الأفضل عندنا.

من المؤكد أن تلك الثقة الإسرائيلية المفرطة بالنفس، والثقة بأنهم يفهمون حدود الفلسطينيين، وكيفية التلاعب بهم، وكيفية إبقاء طموحات حماس محدودة، هو فشل واضح.

صعوبة الحملة العسكرية

كل جيش، مهما كان جيدا جدا، يكره القتال في المدن، حيث يتم فيها إبطال الكثير من مزاياه. وعلى الرغم من وسائل الاستطلاع والمراقبة، والنيران بعيدة المدى، والقدرة على المناورة عبر مناطق شاسعة؛ إلا أن أي جيش لا يمكنه القيام بأي من ذلك بشكل فعال في بيئة حضرية مبنية. وكل ذلك يتيح لمجموعات مقاتلين صغيرة، كالتي توظفها حماس، شن مقاومة فعالة جدا ضد القوات الإسرائيلية. وهناك شيئان آخران يجعلان الأمر صعبا بشكل خاص في غزة:

ـ الكثافة العمرانية في غزة وأنفاق حماس في جميع أنحاء القطاع، مما يمكنها من إخفاء قادتها ومخابئ الأسلحة، ونقل المقاتلين بسرعة، ومفاجأة القوات الإسرائيلية بكمائن خلف خطوطها، وربما أيضا أسر المزيد من الجنود، وزيادة عدد الرهائن.

ـ احتمال قتل الرهائن بنيران القوات الإسرائيلية المهاجمة. وهذا مصدر ضغط شعبي وقلق دائم لإسرائيل، وللدول الحليفة بما في ذلك الولايات المتحدة.

لعبة القط والفأر

يشهد كامل القطاع، وخصوصا في الشمال، دمارا هائلا جدا. لذا، فإن حماس لحماية أفرادها وقيادتها ستنتقل من أي مكان تكون فيه إسرائيل أضعف، فيما يشبه لعبة القط والفأر. ستحاول حماس تجنب الأمكان التي تركز عليها إسرائيل، وتركز على نقاط الضعف. وبالإضافة إلى العمليات العسكرية التقليدية، سنرى الكثير من الغارات السريعة لقوات حماس الخاصة عندما إكتشاف إسرائيل مكان وجود قادة حماس أو الرهائن لإلحاق إصابات بالجيش الإسرائيلي ومنعها من استهداف قادتها أو تحرير الرهائن.

الدعم الشعبي العربي والعالمي للقضية الفلسطينية

أدى هجوم إسرائيل على المنشآت المدنية كالمستشفيات إلى نتائج داعمة للفلسطينيين وحماس. حتى إن حكومتي الإمارات والسعودية اللتين تعاديان بشدة حماس، قامتا بانتقاد إسرائيل رغم العلاقة الاستراتيجية كاملة بينهم؛ لأن الجمهور رأى هذه الصور، وسمع الرواية، وانخرط فيها. يدحض رد فعل الرأي العام العربي ما أمن به الكثير من أن قضية فلسطين لم يعد الكثير من العرب يهتم بها.

كان لصور هذه الهجمات القدرة على إيصال الرسالة الناس على الفور تقريبا، وتفاعلهم معها. وهذا ما قاله الجميع تقريبا، بما في ذلك الكثير من القادة العرب. ومن الواضح أن القضية في الواقع مهمة للغاية.

دور الدول العربية في مستقبل غزة

عندما يهدأ الغبار، سيتعين بذل جهد عربي مشترك. ويجب أن يكون هناك دور مركزي لمصر، وأخذ رأيها حول مقدار ما يجب اقتلاعه من حماس، وحول المنظمات التي سيُسمح لها بالبقاء، وذلك بناء على ما لديها من أشخاص واتصالات على مدى السنوات الثلاثين الماضية.

وتلعب الدول العربية دورا حيويا للغاية في توفير الغطاء لأي بيئة سياسية ستنشأ في غزة. وهي تدعم بطريقة السلطة الفلسطينية التي تخلى عنها الكثيرون بعد أن أصبح محمود عباس رئيسا بعد 14 عاما من انتهاء ولايته، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه غير شرعي وغير فعال وفاسد.

وللسعودية دور مهم. فلديها المال والحرمان الشريفان، وترأس منظمة المؤتمر الإسلامي. وهذا ما جعل إسرائيل تهتم بالحصول على اعترافها الرسمي. أما قطر، فدورها غير مركزي لعلاقة التعاون الطويلة والإيجابية للغاية مع حماس. وسيلعب الأردنيون دورا؛ لكن الدور المصري هو الأكثر أهمية لما لها من حدود، وبيروقراطية فعالة يمكنها التنفيذ، وعلاقاتها الأمنية الطويلة مع غزة، ومصلحتها في أمن غزة.

الوضع الأمني في المنطقة

تعرضت الولايات المتحدة للقصف في سوريا في قاعدتين مختلفتين حيث لدى الولايات المتحدة بعض الجنود بالقرب من الحدود السورية الأردنية. ويزعم الحوثيون أنهم أطلقوا صواريخ كروز ومسيرات باتجاه إسرائيل أسقطتها الولايات المتحدة. وفي العراق، رأينا أيضا استهداف قاعدتين للولايات المتحدة. وهناك نشاط على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية. وهناك لدينا مخاوف أمنية لدى الولايات المتحدة بشأن التوترات المتصاعدة في المنطقة.

إن احتمال تحول الصراع إلى صراع إقليمي يأخذ وضعا فظيعا بالفعل، ويمكن أن يحوله إلى كابوس. ويمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة، ويؤثر على صنع القرار الإسرائيلي. وهناك تفسيران لهذا الاحتمال:

ـ الأول: إسرائيل ضعيفة. لذا، تريد الجهات الفاعلة الإقليمية إظهار تضامنها مع حماس، فأرسلت بعض الصواريخ؛ لكن ليس أكثر من ذلك.

ـ الآخر: ترسل إيران رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل أنها يمكن أن تضرب بقوة.

مع تزايد التوتر مع الغزو البري، وزيادة الخسائر الفلسطينية، سنرى ضغطا على عدد من هذه الجهات الفاعلة للخروج. لكن الآن، ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن حزب الله وبعض الآخرين لديهم أسباب لعدم القتال.

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن ما تفعله إدارة بايدن بنشر حاملتي طائرات ضاربة، وإرسال مشاة البحرية، وتعزيز وجودها في المنطقة، إنما هو رسالة لدعم إسرائيل. ورسالة أيضا لإيران وحزب الله أن الولايات المتحدة منخرطة بعمق في هذا الأمر، وتريد منع تحوله إلى حرب إقليمية.

التحدي الإيراني

هناك تقارير متضاربة حول دور إيران، بعضها يقول إنها متورطة للغاية، وبعضها يقول إنها فوجئت به تماما. لذلك، لا يزال تواطؤ إيران في التفاصيل علامة استفهام. لكن من الواضح أنها كانت وراء جعل حماس أكثر قوة. إن محاولة الوصول إلى أن رؤوس القيادة الإيرانية من حاولوا أمر خطير للغاية، وستكون حساباتهم معقدة للغاية.

تتمتع إيران بعلاقة وثيقة جدا مع حزب الله اللبناني، وتمده بمئات الملايين من الدولارات. أما الحوثيون، فهم يقتربون من إيران في السنوات الأخيرة، لكنهم ليسوا كحزب الله. أما حماس، فقد تلقت أموالا وأسلحة وتدريبا من إيران؛ لكنها حاولت دائما الحفاظ على قدر كبير من الاستقلالية. ومع ذلك، فلإيران حسابات معقدة للغاية حول ما إذا كانوا يريدون المشاركة في شيء أكبر أم لا.

الضفة الغربية

يتزايد العنف في الضفة الغربية. وهناك حركات استيطانية تقول إنها في حاجة إلى حماية اليهود من نهب الفلسطينيين. وهذا يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة جدا. وهناك الكثير من الأمريكيين يعيشون هناك كمواطنين مزدوجي الجنسية. فإذا تدهورت الأوضاع في الضفة الغربية إلى صراع داخلي، سيكون الأمر قضية صعبة للغاية بالنسبة للحكومة الأمريكية.

عرب الداخل

يشكل السكان العرب حوالي 20% من تعداد إسرائيل. وتشير التقديرات أن 5% منهم ربما يكونون متطرفين. أي أن حوالي 50,000 من العرب الفلسطينيين متطرفون ومواطنون في إسرائيل.

قضية الرهائن

مشكلة الرهائن مشكلة مؤثرة إسرائيليا وفي الدول المتحالفة معها. وأول شيء يجب فعله هو تحديد مكان الرهائن الذين يزيد عددهم عن 200 شخص يوجدون الآن في غزة في مكان ما. قد تنتهي الغارات الإسرائيلية المكثفة بموت الرهائن. لذا، يجب العثور عليهم وإعادتهم. قد يكون من بين أهداف الغارات الإسرائيلية دفع حماس إلى التحرك حتى يتمكنوا من التقاط مؤشرات على تلك التحركات من خلال تقنيات جمع مختلفة، إذ تعمل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بجد لمحاولة إنقاذ الأرواح التي يمكنهم إنقاذها.

المجتمع الدولي

هناك تحديات تواجه إسرائيل حيال نظرة المجتمع الدولي بشأن استهداف المدنيين، إغلاق الحدود، وقطع الكهرباء والماء. ترد إسرائيل، بأنه من الصعب للغاية تجنب وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين والنزوح الكبير. حتى لو غادر الكثيرون، فإن البعض لن يغادر، والمدنيون سيكونون حتما معرضين للأضرار. وسيكون من المستحيل تقريبا على إسرائيل تجنب ذلك إذا قامت بعملية برية كبيرة بسبب طبيعة التضاريس والموقع المشترك لحماس. وهذا شيء سيكون ثمنا سيتم دفعه، وسيكون باهظا للغاية.

الرواية الفلسطينية

الرواية الفلسطينية رواية عن العدوان الإسرائيلي المستمر. وهي تحدثنا عن قصف المستشفى المعمداني، وعائلات ماتت، ومباني مدمرة، لإظهار أن إسرائيل قوة معادية وشريرة. لذلك، ليس هناك شك في أن هذا سيكون جزءا مستمرا ورئيسيا من الدعاية في السنوات القادمة. ويجب أن نقول أن الكثير من ذلك صحيح، فالناس يموتون، والعائلات تفقد أحباءها. إنه وضع مروع.

الخاتمة

هناك دمار واسع النطاق في غزة ومناطق أخرى. وسيثير ذلك أسئلة حول احتمال إعادة إعمار للمناطق الفلسطينية. يركز الإسرائيليون بشدة على ما يريدون تدميره؛ لكنهم يجب أن يضمنوا طريقا للخروج بقدر ما يمضون في المسار الحربي. إذ لا يمكن من ساحة المعركة تحديد النجاح، وإنما يتحدد بالبيئة السياسية في غزة بعد انتهاء الحرب. فالأعمال العسكرية تعطي نفوذا،؛ لكنها لا تحقق النصر أو الهزيمة. يمكن لإسرائيل أن تكون ناجحة جدا عسكريا؛ لكن إذا لم تتمكن من الحصول على نتيجة سياسية، فكل شيء يذهب سدى. لذا، ما ينبغي التفكير فيه ليس الأهداف التي يراد تدميرها؛ ولكن في الأشياء التي تحقق الأمن للإسرائيليين في المستقبل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الحرب الفلسطينيون غزة امريكا فلسطين غزة حرب تقييم كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی المنطقة الکثیر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل تنجح جهود الولايات المتحدة للدفع بخارطة الطريق؟

يجري وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، جولته الثامنة في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي، حيث يكثف الجهود للدفع بـ"خارطة الطريق" بين إسرائيل وحماس.

ووفق بيان للخارجية الأميركية، جولة بلينكن ستبدأ الاثنين المقبل حيث سيزور إسرائيل ومصر والأردن وقطر.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن بلينكن سيبحث مع الشركاء "ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار يضمن الإفراج عن كافة الرهائن، كما يشدد على أهمية قبول حركة حماس بالاقتراح المطروح على الطاولة".

وأشار إلى أن الاقتراح الذي يفضي إلى وقف لإطلاق النار، يفيد الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سوا.

وتعول الولايات المتحدة على هذه الخارطة من أجل تهيئة "الظروف المواتية للمزيد من التكامل بين إسرائيل وجيرانها العرب، ويعزز أمن إسرائيل على المدى الطويل ويحسن من الاستقرار عبر المنطقة.. ومنع اتساع رقعة الصراع" بحسب ميلر.

إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن تكثف جهودها "الدبلوماسية" في عواصم الشرق الأوسط وحتى في الأمم المتحدة بهدف "إقناع قادة إسرائيل وحماس بالموافقة" على خارطة الطريق المقترحة وفقا لتقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس.

وأيدت قوى عالمية ودول عربية المقترح الذي قال بايدن إنه يتضمن هدنة مبدئية مدتها ستة أسابيع وتبادلا للرهائن والأسرى بالإضافة إلى تكثيف ايصال المساعدات إلى غزة.

وتشمل نقاط الخلاف الرئيسية إصرار حماس على هدنة دائمة وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، وهي مطالب رفضتها إسرائيل.

وتشهد جهود الوساطة حالة من التقدم حينا والتعثر في أوقات أخرى، ولم ينجح الوسطاء سوى بتحقيق وقف لإطلاق النار في هدنة دامت أسبوعا في نوفمبر.

وبعد مرو أسبوع على "حملة الضغط الأميركية" ينتظر العالم مؤشرات على أن المقترح الإسرائيلي الذي تبناه الرئيس الأميركي، بايدن في أواخر مايو قد يحدث "اختراقا" حقيقا لوقف الحرب.

بالنسبة لإسرائيل وحماس، مواقفهم المعلنة لا تشي بأن أي من الطرفين يريد "وقف القتال"، إسرائيل تؤكد استمرارها في الحرب حتى القضاء على حماس، والأخيرة تؤكد رفضها توقيع أي اتفاق يفضي لتسيلمها السلاح، ولا يوقف الحرب تماما، بحسب أسوشيتد برس.

تحرير 4 رهائن .. ماذا يعني لإسرائيل وحماس والمفاوضات؟ في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل للحد من إراقة دماء المدنيين في حربها في غزة والتوصل لصفقة لوقف إطلاق النار، جاءت عملية انقاذ الرهائن الإسرائيليين الأربعة، السبت، لتغير هذا المسار بشكل كلي نحو الاتجاه المعاكس، وفقا لمحللين.

وتضيف أنه بالنسبة للرئيس الأميركي، الذي يريد تحقيق اختراق حقيقي لوقف الحرب خاصة في عام الانتخابات الرئاسية، تمثل خارطة الطريق المقترحة "اختبارا رفيع المستوى للقيادة الأميركية لإقناع حليفتها إسرائيل، وحتى حماس للتراجع عن استمرار الصراع" خاصة في ظل مخاطر استمرار قتل المدنيين في غزة، ناهيك عن تأجيج التوترات الإقليمية، التي تهدد أمن إسرائيل.

وتسببت الحرب في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، واجتذبت إيران الداعم الرئيسي لحماس وحليفتها جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، التي يهدد مسؤولون إسرائيليون بخوض حرب معها على الحدود الشمالية لإسرائيل.

ووفق أسوشيتد برس، تستخدم إدارة بايدن العديد من الأدوات الدبلوماسية والسياسية من أجل الدفع بالموافقة على خارطة الطريق التي قال الرئيس الأميركي إنها "إسرائيلية".

الإعلان للعالم عنها الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيفية)

غالبا ما كانت تجرى المفاوضات، وكانت تظهر تسريبات عما يجري خلف الأبواب المغلقة، ولكن هذه المرة، كشف بايدن عن تفاصيل المقترح، وهو ما قد يساعد الإدارة الأميركية بحشد مناشدة الطرفين لقبول الصفقة.

وبدت تفاصيل المقترح للمرحلة الأولى، مشابهة إلى حد كبير الاتفاق الذي تفاوض حوله الوسطاء الأميركيون والقطريون والمصريون وإسرائيل وحماس منذ نحو شهر.

وستستمر المرحلة الأولى لمدة ستة أسابيع، وتتضمن: وقفا كاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وفق بايدن.

وقال: "كما تتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن، بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين".

وفق خطاب بايدن.. تفاصيل "خارطة الطريق" لغزة "مقترح إسرائيلي" لخارطة طريق من ثلاث مراحل أعلن عنها الرئيس الأميركي، جو بايدن الجمعة لإنهاء الحرب في غزة.

وأشار إلى أن هذه المرحلة تتضمن إطلاق سراح رهائن أميركيين، وإعادة رفات رهائن قتلوا إلى عائلاتهم.

وذكر بايدن أن "الفلسطينيين المدنيين سيعودون إلى بيوتهم في جميع مناطق غزة، ومن ضمنها شمال القطاع، وستتدفق المساعدات الإنسانية بمعدل 600 شاحنة يوميا"، وفق بايدن.

وأضاف "ومع وقف إطلاق النار، يمكن توزيع هذه المساعدات بشكل آمن وفعال على كل من يحتاج إليها. وسيقدم المجتمع الدولي مئات الآلاف من الملاجئ المؤقتة، بما في ذلك الوحدات السكنية".

وذكر أنه "خلال الأسابيع الستة من المرحلة الأولى، ستتفاوض حماس وإسرائيل على الإجراءات الضرورية لتنفيذ المرحلة الثانية".

ولكن بعد أسبوع من الإعلان عن المقترح، لم توافق إسرائيل أو حماس على المقترح بعد، وأعلن الطرفان عن تمسكهما بتحقيق أهداف الحرب أو رفض لبعض المبادئ المطروحة في الاتفاق.

الحفاظ على زخم الضغط بلينكن يجري جولة في الشرق الأوسط . أرشيفية

ورغم عدم تحقيق أي نوع من الاختراق في المفاوضات، إلا أن إدارة بايدن لن تتخلى عن سعيها لإقناع حماس وإسرائيل للموافقة على المقترح.

جوناثان بنيكوف، مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية ويدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في معهد أتلاتنيك قال لأسوشيتد برس إن "واشنطن ستبذل كل ما في وسعها" وبشتى الطرق لمواصلة الدفع بهذا الاتجاه حتى تصل لأقصى نقطة.

وفي الأمم المتحدة يطالب دبلوماسيون أميركيون مجلس الأمن بتبني قرار يطالب بوقف دائم لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل في غزة، رغم اعتراضات إسرائيلية.

وأجرى مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، بيل بيرنز، ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، زيارة إلى الشرق الأوسط لحشد الدعم للمقترح، وإظهار أهميته وقدرته على تحقيق غاياته لجميع الأطراف.

ما بين إسرائيل وحماس تركزت الضربات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة على وسط قطاع غزة ولا سيما مخيم النصيرات

حتى الآن لا توجد "دلائل تذكر" على أن الجهود الأميركية كانت كافية لتغيير المعادلة السياسية في إسرائيل، فيما تعهد أعضاء في الائتلاف اليميني المتطرف بإسقاط الحكومة إذا تم القبول بالمقترح.

وعلى الطرف الأخر، لم تعلن حماس موافقتها، فيما ينتظر وسطاء قطريون ومصريون الذين يجرون المفاوضات المباشرة مع حماس الحصول على الرد.

والخميس، أعرب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ميلر، عن أمله بتلقي "رد من حماس في أسرع وقت".

وقال ميلر للصحفيين في واشنطن: "نعتقد أن إعلان وقف إطلاق النار هو أولوية ملحة، ثم البدء بتخفيف المعاناة اليومية في غزة".

ويشير تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن حملة الضغط على الوسطاء القطريين والمصريين من قبل الإدارة الأميركية للضغط على حماس، يتخوف أن تأتي بـ"نتائج عكسية".

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على المحادثات أن قطر ومصر أبلغت قادة حماس مؤخرا إنهم قد "يواجهوا احتمال الاعتقال أو تجميد أصولهم أو العقوبات وحتى الطرد من الدوحة، إذا لم يوافقوا على وقف إطلاق النار مع إسرائيل".

"دلالات متزايدة".. هل ترفض حماس خارطة الطريق الإسرائيلية؟ رغم حث العديد من الدول من الوسطاء لحماس للموافقة على "خارطة الطريق" التي أيدها الرئيس الأميركي، جو بايدن إلا أن الحركة لم ترد بعد على مقترح وقف إطلاق النار.

وتم توجيه هذه التهديدات بناء على طلب من إدارة بايدن، التي تبحث عن طريقة لإقناع جماعة "تصنفها واشنطن على أنها إرهابية" من أجل تحقيق اختراق في "الاتفاق الذي يحتاجه بايدن وسط دوامة سياسية في الحرب"، وفق الصحيفة.

ولكن بعد توجيه هذه التهديدات دفعت بتصريحات علنية لقادة حماس بأنه لا "موافقة على اتفاق لا يلبي شروط حماس"، وأن الخارطة المطروحة غير مقبولة لأنها "لا تضمن نهاية للحرب".

وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، السبت، إن إسرائيل لا تستطيع فرض خياراتها على الحركة وإن حماس لن تقبل أي اتفاق لا يحقق الأمن للفلسطينيين.

واعتبر القيادي في حماس، أسامة حمدان، الخميس، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي اقترحه الرئيس الأميركي هو مجرد "كلمات"، مشيرا إلى أن الحركة لم تحصل على أي التزامات مكتوبة تتعلق بهدنة، بحسب ما ذكره لفرانس برس.

وأشار إلى أن حماس مستعدة للقبول بأي اتفاق يحقق مطالب الحركة الأساسية المتمثلة بوقف إطلاق النار في غزة والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.

واندلعت حرب إسرائيل وحماس حينما شنت الحركة هجوما على جنوب إسرائيل أسفر، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز ما يزيد على 250 رهينة.

وأدى الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر إلى تحويل القطاع إلى أنقاض وتسبب في مجاعة واسعة النطاق ومقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني، بحسب السلطات الصحية في غزة.

مقالات مشابهة

  • منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: إذا صدقت مزاعم استخدام الرصيف البحري الأمريكي في العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح فستكون مقلقة للغاية
  • مجلس الأمن الدولي يصوت على مشروع قرار لوقف الحرب في غزة
  • إدارة بايدن تبحث التفاوض المباشر مع حماس للإفراج عن أسرى أمريكيين
  • واشنطن تدرس التوصل إلى اتفاق مع “حماس” لإطلاق سراح 5 رهائن أمريكيين
  • بعيدا عن إسرائيل.. أميركا تناقش صفقة "أحادية الجانب" مع حماس
  • إدارة «بايدن» تدرس التفاوض على اتفاق أحادي جديد مع حركة حماس
  • تقرير: واشنطن تدرس التوصل إلى اتفاق مع “حماس” لإطلاق سراح 5 رهائن أمريكيين
  • تقرير: واشنطن تدرس التوصل إلى اتفاق مع "حماس" لإطلاق سراح 5 رهائن أمريكيين
  • حماس تطالب أمريكا بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة
  • هل تنجح جهود الولايات المتحدة للدفع بخارطة الطريق؟