ــ لا شك أن الغرب يقيس الأمور دائمًا بمعايير مزدوجة من أجل تحقيق أهدافه فى السيطرة وفرض النفوذ، وها نحن نراه فى المشهد الحزين فى غزة، حيث الآلة الهمجية لإسرائيل تشن حرب إبادة جماعية، فالطائرات تدك البنايات على أهلها من الجو والمدافع من البر والسفن من البحر فالدمار من فوقهم ومن أسفل منهم ومن شمالهم ومن يمينهم، فالعدو من كل اتجاه، والغرب يصف هذا كله بأنه حق الدفاع عن النفس، والحقيقة تقول إنه شعب أعزل تم اغتصاب أرضه منذ أكثر من سبعين عامًا وهو يريد أن يتنفس ولو بعض حرية من أجل أن يحيا ولا أحد يسمع أنينه وصرخاته فلقد صم العالم آذانه وأغمض عيونه فإذا تحرك هذا الشعب من تحت الأنقاض يقولون إنه يمارس الإرهاب، إنها المعايير المزدوجة.
ــ وفى مشهد آخر على الساحة العالمية، حيث الحرب الأوكرانية الروسية فالصورة تقول إن روسيا هاجمت أوكرانيا واحتلت جزءًا من أراضيها، وبصرف النظر عن الأسباب التى دفعت روسيا للقيام بهذه الحرب التى هى من صنع الغرب إلا أن المشهد يقول إن هناك دولة معتدية وأخرى تم احتلال جزء من أراضيها وهذا أمر نراه منطقيًا عندما تحرك الغرب بكل إمكانياته للدفاع عن أوكرانيا باعتبارها دولة تم الاعتداء عليها وروسيا هى الدولة المعتدية، أما فى حالة إسرائيل فإنها دولة مغتصبة احتلت كل أرض فلسطين وشعب فلسطين تحت الاحتلال منذ أكثر من سبعين عام، فالغرب يرى أن إسرائيل فى حالة دفاع عن النفس بينما شعب فلسطين أن تحرك من تحت الانقاض يقولون إنه يمارس الإرهاب، أنها المعايير المزدوجة.
ــ هذه هى المعايير المزدوجة للغرب ولا يمكن أن ننسى ما حدث للعراق الشقيق، حيث ادعى الغرب كذبا أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل من أجل تبرير الهجوم عليه وتدميرة وقتل الملايين من شعبه على الرغم من أن الغرب يمتلك هذه الأسلحة، وكذلك إسرائيل دون أن يتحرك الغرب ضدها بل إنه يساندها ويدعمها، وبعد أن دمر العراق قلعة الأسود إذا به يعترف أنه أخطأ التقدير، أنه عبث وعلو فى الأرض وفساد ما بعده فساد، إنها المعايير المزدوجة.
ــ إن الغرب صاحب المعايير المزدوجة نراه الآن يحشد كل قوته العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية لمساندة الدولة المغتصبة والمعتدية ويصف تحرك إسرائيل على أنه دفاع عن النفس ويتجاهل حق شعب تحت ابشع أنواع الاحتلال بل الاغتصاب لأرضه كل أرضه منذ أكثر من سبعين عامًا ويصف هذا الشعب بالإرهاب أن هو تقلب فى مخدعه لكى يبحث عن نسمة هواء تضمن له الحياة أو رشفة ماء لكى تنبض عروقه وكسرة خبز تسد رمقه، هل هناك ظلم وقهر أكبر من ذلك، أن التاريخ سوف يسطر من احرف من نور ويشهد على صمود هذا الشعب العظيم أمام هذه الهجمة البربرية وسوف تنعقد محكمة العدل التاريخية لكى تحكم على هذا العدو الغادر بأنه عدو ظالم، أنه عدو ضد الإنسانية وضد الحياة وضد ما هو اخضر وما هو نور، خسئتم ايها الطغاة، أن صفحات كتابكم المظلم سوف تنفد ولن تستطيع أن تغطى جرائمكم، ايها الغرب الحضارى اين حضارتكم وتقدمكم الذى تدعون أمام معاييركم المزدوجة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المعايير المزدوجة غزة الحرب الأوكرانية الروسية الساحة العالمية إسرائيل أرض فلسطين المعاییر المزدوجة
إقرأ أيضاً:
في الطريق إلى غزة يطهر الغرب نفسه
آخر تحديث: 24 ماي 2025 - 9:24 صبقلم:فاروق يوسف هل يعلن العالم عن شعوره بالذنب لأنه لم يكتف بإدارة ظهره لأهل غزة بل ساند الحرب عليهم وقدم لها كل وسائل الدعم المادي والترويج العالمي لحكايات تلك الحرب من وجهة نظر المعتدي لا من وجهة نظر الضحية؟محت دول مثل فرنسا والسويد زمنا يناهز السنة وعدة شهور كانت فيه أشبه بالحليف الذي هو على استعداد ليكون جزءا مباشرا من تلك الحرب، لتظهر استهجانها لاستمرار الحرب التي لم يعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يطيق سماع أخبارها من غير أن يجرؤ على الاعتراف بأنها ما كان لها أن تكون بذلك الحجم المدمر والنزعة الوحشية لولا الدعم الاستثنائي الذي تلقاه سفاحها من الإدارة الأميركية. سيقال على سبيل المغالطة إن ترامب لم يكن رئيسا يوم السابع من أكتوبر 2023. سيُقال إن دول الاتحاد الأوروبي انجرت وراء الموقف الأميركي المتطرف وهي تحت تأثير صدمة ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. سيُقال أيضا إن طوفان الأقصى الذي يثق الغرب كله بأنه كان صناعة إيرانية قد كان بمثابة امتحان عسير للدفاع عن وجود إسرائيل باعتبارها طفله المدلل.لن يعتذر الغرب عن مساهمته في إبادة شعب أعزل ولن تكون كل التصريحات المنددة باستمرار الحرب والتي صارت تأتي من الغرب كفيلة بإعادة أسباب الحياة في بلاد ذهبت إلى الجحيم كل تلك الأقوال لا تعبّر عن رؤية سياسية عميقة في تحليلها لما حدث من انفجار، كانت غزة مساحته المباشرة لكنه في حقيقة جذوره إنما يعبّر عن حجم الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون وهم يرون أن قضيتهم تُمحى بطريقة ممنهجة، فيتم نسف كل القرارات الأممية التي تتعلق بها من أجل أن يتم تحويلها إلى مسألة إنسانية، يمكن أن تحلها منظمات الإغاثة والمعونات التي تصل إلى الفلسطينيين عن طريق إسرائيل وما من طريق آخر لها. وإذا ما كانت الولايات المتحدة قد عبّرت عن خصومتها مع الشعب الأميركي من خلال سحب مساهمتها في تمويل وكالة غوث اللاجئين “الأونروا” فإن دول الاتحاد الأوروبي كانت على إطلاع مباشر على عمق الهوة التي تفصل بين ما هو سياسي وما هو إنساني. كان حضورها الإنساني قويا غير أنها ظلت عاجزة دائما عن لعب دور أساس في المسألة السياسية على الرغم من أن اتفاق أوسلو، على سبيل المثال، كان في الجزء الأكبر اختراعا أوروبيا. لم تكن أوروبا باستثناء بريطانيا على خصومة مع الفلسطينيين، غير أن ما حدث في السابع من أكتوبر قلب كل المعادلات رأسا على عقب. هناك قوى يمينية صارت تتقدم في أوروبا لتهيمن على السلطة في عدد من دولها أو تكون قريبة منها في دول أخرى. تلك قوى لا تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعب مهدد بوجوده على أرضه بقدر ما تنظر إلى ما يجري باعتباره صراعا سياسيا يجب عليها أن تقف فيه إلى جانب الطرف الأقرب إليها فكان عليها أن تعمل على تصديق كل ما يقوله بنيامين نتنياهو باعتباره مرآة للواقع.
ما يفعله الغرب اليوم هو نوع من المصالحة التي يحتاجها من أجل أن يخرج من تلك الحرب القذرة نظيفا
ولذلك يمكن القول إن الطريق إلى غزة لم تكن معبدة بالنوايا الحسنة. لم يرغب أحد في أن يصدق أن حرب الإبادة التي شنها نتنياهو هي ليست حرب دفاع عن النفس تشنها إسرائيل ضد عدو كشف عن خططه لإزالتها من الوجود. لم يكن هناك تعويل على الموقف الأميركي ــ البريطاني المتضامن أصلا ومن غير شروط مع الرؤية الإسرائيلية ولكن الصادم فعلا أن تقع أوروبا طوعا في فخ العداء للشعب الفلسطيني الذي كان يعول عليها أخلاقيا وإنسانيا. كان حدثا فاجعا في دلالاته على المستوى الإنساني أن يقف الغرب كله من غير استثناء مع دولة نووية مدججة بالسلاح ومسكونة بهاجس التوسع والاستيطان ضد شعب أعزل لا يملك خيارا سوى البقاء على أرضه والذي صار بمثابة قرار تمتزج فيه المواجهة بشتى أنواع الموت. فإما أن يموت الفلسطيني قتلا تحت القصف أو يموت جوعا ومرضا وقد تمت محاصرته في بقعة ضيقة أغلقت كل أبوابها. انتهك الغرب تاريخه الأخلاقي وقوانينه التي تحمي حقوق الإنسان ومبادئه في السلم العالمي. كل ذلك من أجل إرضاء إسرائيل في غطاء من الدعاية المضللة التي تدفع تهمة العداء للسامية بعيدا. ولكن كل شيء بدا فارغا من معناه. فحرب الإبادة لم تكن حرب دفاع عن النفس كما أن نتنياهو الذي ادعى أنه يحارب الإرهابيين قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن من غير أن يضع موعدا لنهاية حفلة انتقامه.لن يعتذر الغرب عن مساهمته في إبادة شعب أعزل ولن تكون كل التصريحات المنددة باستمرار الحرب والتي صارت تأتي من الغرب كفيلة بإعادة أسباب الحياة في بلاد ذهبت إلى الجحيم. ما يفعله الغرب اليوم هو نوع من المصالحة التي يحتاجها من أجل أن يخرج من تلك الحرب القذرة نظيفا.