كوكب خارجي يكشف للعلماء لماذا اختلف مصير الأرض والزهرة رغم كونهما توأمين
تاريخ النشر: 2nd, July 2023 GMT
كيف يمكن لكوكب صخري أن يكون قريبا من نجمه، لكنه يحافظ أيضا على الماء والحياة على سطحه؟.. دراسة جديدة عن كوكب خارجي تم اكتشافه مؤخرا تقدم مفتاحا لحل هذا اللغز، مما سيتيح فهم أسباب عدم تطور الحياة على كوكب الزهرة مثلما حدث على الأرض.
هذا الكوكب الخارجي يوجد قريبا جدا من نجمه لكن يبدو رغم ذلك أن ظروف تطور الحياة على سطحه ما زالت ممكنة بحسب محاكاة ثلاثية الأبعاد أجراها باحثون مؤخرا ونشرت نتائجها في دورية "مانثلي نوتيسز أوف ذا رويال أسترونوميكال سوسايتي ليترز" (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society: Letters) العلمية.
كانت الزهرة تعتبر حتى وقت قريب توأما محتملا لكوكبنا، فهما متجاورتان في النظام الشمسي وتدوران في مدارات قريبة نسبيا حول الشمس، ولهما أحجام وكثافات متشابهة.
لكن المسابير الأولى التي سيرها الإنسان إلى الكوكب المجاور بداية من ستينيات القرن الماضي أظهرت أن الظروف التي تسوده مختلفة جذريا: فالضغط الجوي على كوكب الزهرة أعلى بحوالي 92 مرة منه على الأرض، والحرارة على سطحه تصل إلى 475 درجة مئوية، كما أن الكوكب مغطى بطبقة كثيفة من سحب حامض الكبريتيك، وفق معهد الفيزياء الفلكية في الأندلس الإسباني.
رغم ذلك، يعتقد العلماء أنه كانت لكوكبي الأرض والزهرة طفولة متشابهة مع وجود نشاط بركاني أطلق الغازات وشكّل الغلاف الجوي، وربما أيضا الماء السائل لكن الحرارة العالية على كوكب الزهرة قد تكون تسببت في تبخر الماء تماما تحت تأثير الاحتباس الحراري الجامح، والذي أدى إلى خلق الظروف القاسية الموجودة اليوم.
لفهم هذا الاختلاف بين كوكبي الأرض والزهرة، يعمل الباحثون على دراسة الكواكب الخارجية الصخرية الشبيهة بالأرض والتي توجد فيما يطلق عليه "المنطقة الصالحة للسكن" حول نجمها المركزي.
وهي المنطقة المحيطة بالنجم حيث يمكن للكواكب تلقي كمية الحرارة المثالية للحفاظ على الماء السائل على أسطحها. لكن الباحثين اكتشفوا بيئات غير متوقعة في الفضاء الخارجي يمكن أن تحافظ على الحياة.
أحد تلك البيئات غير المتوقعة هي نظام كوكبي اكتشفه تلسكوب بيرمنغهام في سبتمبر/أيلول من العام الماضي يدور حول نجم "إل بي 890-9" (LP 890-9) الذي يبعد عنا حوالي 100 سنة ضوئية. هذا النظام الكوكبي يتكون من كوكبين صخريين صغيرين نسبيا لكنهما أكبر من حجم الأرض بحوالي 30% ويدوران في مدارين قريبين جدا من النجم المركز المعروف بكونه قزما أحمر ضعيف التوهج.
الكوكب الأبعد منهما الذي أطلق عليه اسم "إل بي 890-9سي" (LP 890-9c) لا يستغرق سوى 8.5 أيام لاستكمال دورة كاملة حول النجم، وهي نفس مدة دورانه حول نفسه مما يعني أن نصفه مضاء طوال الوقت ونصفه الآخر غارق في الظلام الدامس ولا يصل إليه الضوء.
الباحثون وجدوا أن الكوكب يتلقى كمية من الإشعاع تعادل نسبة 91% من الإشعاع الشمسي الواصل للأرض، مما يضعه على الحافة الداخلية للمنطقة الصالحة للسكن حول نجمه. لكنه في المقابل قريب جدا من المنطقة التي يحدث فيها تأثير الدفيئة الجامح، لذلك فهم يعتقدون أن أجواءه ربما تكون شبيهة جدا بتلك السائدة على كوكب الزهرة.
بين الأرض الدافئة والزهرة القاحلةلاستكشاف كيفية تطور الغلاف الجوي لهذا الكوكب ابتكر علماء الفلك، وفق بيان نشر على موقع جامعة كورنيل (Cornell University) التي قادت الدراسة، نماذج ثلاثية الأبعاد لتركيبة غلافه بناء على عدد من المتغيرات مثل حجم الكوكب وكتلته وتركيبة غلافه الجوي الكيميائية ودرجة حرارة السطح والضغط وسمك الغلاف الجوي والغطاء السحابي.
هذه النماذج ثلاثية الأبعاد تمكن من حساب الإشعاع المنبعث من الكوكب في مناطق معينة من الطيف الكهرومغناطيسي، وبالتالي معرفة التركيبة الكيميائية للغلاف الجوي.
تضمنت المحاكاة عدة سيناريوهات تعكس مراحل تطور الكواكب الصخرية، بدءا من كوكب شبيه بالأرض الدافئة حيث لا تزال الحياة ممكنة، ووصولا إلى كوكب شبيه بالزهرة القاحلة الذي يتميز بغلاف جوي غني بثاني أكسيد الكربون.
وأظهرت النتائج أن مصير الكوكب يبدو مختلفا اختلافا كبيرا اعتمادا على ما إذا كان يحتوي على محيطات دافئة، أو جو مشبع بالبخار، أو إذا كان قد فقد مياهه، بافتراض أنه كان لديه محيطات مثل الأرض.
وبحسب الباحثين فإن شبه هذا الكوكب بالزهرة يجعله مختبرا مثاليا لدراسة تطور الغلاف الجوي للكواكب الشبيهة بالأرض وشرح الاختلاف المناخي الذي نلاحظه بين الأرض والزهرة.
هذه السيناريوهات يمكن أن تقدم رؤى جديدة مهمة عن سرعة فقدان الكواكب الشبيهة بالأرض لمياهها، وعن تطور الكواكب الصخرية على الحافة الداخلية للمنطقة الصالحة للسكن، وكذلك عن التطور المستقبلي لكوكبنا.
ومن المتوقع وفقا لنتائج المحاكاة أن تتبخر المحيطات على الأرض بعد مليارات السنوات من الآن عندما تتحول الشمس إلى عملاق أحمر، وأن يمتلئ غلافها الجوي بالبخار قبل أن يصل مرحلة الغلي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
دراسة تحذر من نفاد ميزانية كربون الكوكب بسبب الانبعاثات
حذر علماء من أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي وصلت إلى مستويات قياسية، من المتوقع أن تستنفد ميزانية الكربون الخاصة بالكوكب خلال سنتين، وهو ما يمثل علامة إنذار جديدة تقلل من فرص تحقيق هدف اتفاق باريس للمناخ لعام 2015.
وميزانية الكربون هي كمية ثاني أكسيد الكربون التي يُمكن للبشرية إطلاقها، مما يُسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب، مع وجود فرصة معقولة لعدم تجاوز هدف درجة الحرارة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ماذا تخبرنا البيانات التاريخية عن تسارع الاحتباس الحراري؟list 2 of 4الاحتباس الحراري يقلّص امتصاص النباتات والتربة للكربونlist 3 of 4الاحتباس الحراري.. تعريفه وأسبابه وآثارهlist 4 of 4ما الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟end of listوقد وجد أحدث تقييم أجراه علماء مناخ بارزون أنه لتحقيق فرصة 66% للبقاء دون هدف 1.5 درجة مئوية، يجب أن تقتصر الانبعاثات من عام 2025 فصاعدا على 80 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. وهذا أقل بنسبة 80% مما كان عليه في عام 2020.
وبلغت الانبعاثات مستوى قياسيا جديدا في عام 2024 وبهذا المعدل، ستُستنفد ميزانية الـ80 مليار طن في غضون عامين. وقال العلماء إن التأخر في النظام المناخي يعني أن حد الـ1.5 درجة مئوية، الذي يُقاس كمتوسط لعدة سنوات، سيُتجاوز حتما بعد بضع سنوات.
وقال جويري روجيلج، أستاذ علوم المناخ والسياسات في إمبريال كوليدج لندن، والمؤلف المشارك في الدراسة التي أجراها أكثر من 60 عالما دوليا ونشرت في مجلة "إيرث سيستم ساينس داتا" (Earth System Science Data)، إن هذا الهدف يبدو صعب المنال بشكل متزايد.
وأضاف أنه في جميع مسارات العمل المناخي، هناك احتمال كبير أن نتجاوز 1.5 درجة مئوية، بل ونصل إلى مستويات أعلى من الاحترار، نحن حاليا في مرحلة حرجة للغاية.
ويسير العالم على طريق ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 2.7 درجة مئوية، وهو ما سيكون ارتفاعا كارثيا. وتظهر الدراسة على سبيل المثال أن الحد من الارتفاع إلى 1.7 درجة مئوية هو الأرجح.
وفي عام 2021، ذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن ميزانية الكربون المتبقية كانت تقدر بنحو 500 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، لكن الدراسة الجديدة وجدت أن هذا الرقم انخفض إلى 130 مليار طن فقط بحلول هذا العام.
إعلانوقال بيرس فورستر، مدير مركز بريستلي لمستقبل المناخ في جامعة ليدز، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن البحث يُظهر مدى تسارع مؤشرات المناخ في الاتجاه الخاطئ.
وأضاف أن الدول بدأت في اتخاذ إجراءات مناخية، ولدينا مشاريع متزايدة للطاقة المتجددة، لكن وتيرة هذه التغيرات لا تواكب ما هو مطلوب فعليا.
ونُشرت هذه الدراسة بالتزامن مع محادثات المناخ التي تمت في بون الألمانية، والتي غابت عنها الولايات المتحدة، علما أن الرئيس دونالد ترامب كان قد انسحب من اتفاقية باريس للمناخ في ولايته الأولى ووصف تغيّر المناخ بأنه "خدعة".
وقدّر العلماء أن متوسط درجات الحرارة العالمية خلال العقد حتى نهاية عام 2024 بلغ 1.24 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، نتيجة للانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية بنسبة 1.22 درجة، وخصوصا إزالة الغابات وحرق الوقود الأحفوري.
كما ذكر الباحثون، أن معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض بين عامي 2012 و2024 تضاعف مقارنة بالسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، مما أدى إلى تسارع ذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وازدياد حرارة المحيطات.
كما حذروا من أن هذا الارتفاع السريع في منسوب مياه البحار يعرض المناطق الساحلية لمخاطر متزايدة من العواصف والتآكل، حسب موقع المستقبل الأخضر
وقالت إيمي سلانغن من المعهد الملكي الهولندي لأبحاث البحار إن ما يثير القلق هو أننا نعلم أن ارتفاع مستوى سطح البحر استجابة لتغير المناخ يحدث ببطء نسبيا، ما يعني أنه ستكون هناك زيادات جديدة خلال السنوات والعقود القادمة.