مسؤولة أممية: غزة تمر بأوضاع وحشية غير مسبوقة في تاريخ البشرية
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
سرايا - قالت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الدول العربية ليلى بكر، إنها لا تجد الكلمات المناسبة لوصف "الوضع الكارثي في غزة والفقدان الكامل للإنسانية"
وأضافت في تصريحات صحفية، أن ما يمر به قطاع غزة هو "وحشية غير مسبوقة لا يضاهيها شيء في تاريخ البشرية في الآونة الأخيرة"، قائلة "إن 2.
وأعربت عن القلق "لاستهداف المستشفيات والكوادر الطبية"، حيث قالت إن تلك الأعمال تزيد من وضع النساء الحوامل سوءا، مؤكدة أن فريق صندوق الأمم المتحدة للسكان على الأرض، يبذل أقصى ما بوسعه لدعم السيدات الحوامل بمساعدات وإنْ كانت بسيطة إلا أنها يمكن أن "تشكل فارقا بين الحياة والموت"
ونبهت المسؤولة الأممية كذلك إلى الوضع الذي تعيشه الفتيات في ظل الافتقار إلى الخصوصية في الملاجئ المكتظة بالنازحين
وقالت "لا أستطيع أن أتخيل كيف تتعامل بنت عمرها 12 أو 14 سنة مع هذا الوضع. وفي بعض الأحيان لأنه لا توجد مياه أو حمامات أو مستلزمات لهؤلاء الفتيات، بدأ الأهالي حسبما سمعنا يعطون نوعا من الحبوب لبناتهم لوقف الدورة الشهرية، وهذا الانقطاع عن شيء طبيعي في جسد الفتاة يمكن أن يعطل حياتها الطبيعية. ويمكن أن يؤدي إلى تأثيرات نفسية أبدية على هذه الطفلة"
وأضاف بكر "عندما نتحدث عن وصول الموارد والمستلزمات الإنسانية، فهذا لا يتعلق فقط بالجانب المادي، فهناك كرامة الإنسان التي يجب أن نحافظ عليها. ولنحافظ على هذه الكرامة، يجب على المسؤولين، الضغط من أجل وقف إطلاق النار، والسماح للناس بأن تعود لبيوتها، كي تستطيع هذه الطفلة أن تعيش مع أهلها في بيتها حيث يوجد ماء ومدرسة وصحة لها لتحافظ على نفسها وتكبر في سلام"
وأكدت أن "الأهم الآن هو وقف إطلاق النار، والسماح ليس فقط بإدخال المساعدات، بل وإعادة بناء غزة، ومساعدة أهالي القطاع على البقاء في بيوتهم في أمان وبدون أي خوف"
وأشارت بكر إلى أن الصندوق والمنظمات الإنسانية الأخرى التي تحاول المساعدة "في هذه اللحظة الصعبة للغاية"، لا يمكن أن تكون بديلا للحكومة أو الجهات التي تعمل في القطاع الصحي أو الأهلي، أو قطاع الحماية
وتابعت "في ظل الأوضاع السيئة والحزينة في غزة حاليا، هناك أخبار عن تدمير النظام الصحي وعدم وجود أطباء. استهداف الأطباء والكادر الطبي والمستشفيات بشكل مباشر أدى إلى انهيار هذا النظام"
وقالت "بالنسبة لامرأة حامل، من المفترض أن تكون المستشفيات من أكثر الأماكن أمنا على وجه الأرض. هل يمكن تخيل وضع امرأة حامل في تلك الظروف؟ حياتها مهددة تحت الضربات المتواصلة والمباشرة. وعندما تصل إلى المستشفى يمكن ألا يكون هناك طبيب. أو يوضع الطبيب أو الطبيبة في موقف صعب بإجراء عملية جراحية دون أي نوع من التخدير لإنقاذ هذه السيدة وطفلها"
وأشارت إلى أنه "لا يمكن أن أتخيل كامرأة أن أكون محل هذه المرأة. كيف يمكن لها أن تتخيل البقاء على قيد الحياة؟ وإذا كان لديها أطفال، ما الذي سيحدث لهم؟ وفي بعض الأحيان، يمكن أن يضطر الطبيب لإنقاذ الأم ويضحي بالطفل، أو العكس"
وأضاف بكر أن هناك أطفال يصلون للمستشفيات بدون أهل. متسائلة "ما هو مصير أولئك الأطفال في ظل هذا الوضع؟"، مضيفة أن لهذا نطلب من كل إنسان وكل دولة عندها ضمير إنساني، أن يطلبوا وقف إطلاق النار، وإتاحة المجال للأمم المتحدة للاستمرار في إيصال كل المستلزمات الإنسانية
وأعرب عن تفؤلها بتحرك رؤساء وكالات الأمم المتحدة ودعوتهم لوقف فوري لإطلاق النار لدواعٍ إنسانية، قائلة إن ذلك يؤكد على أهمية الموضوع وأهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني لتوصيل المساعدات والاهتمام بأكثر من 2.2 مليون شخص محاصرين خلال الأسابيع الأربعة الماضية
وعن المساعدات عبر معبر رفح، قالت إن "مستوى الكارثة وعدد الناس الذين يحتاجون للمساعدات فاق إمكانية أي دولة وحتى الأمم المتحدة، ولو كانت هناك إمكانية للوصول لكافة الموارد لإنقاذ حياة 2.2 مليون شخص، لا يمكن أن نكون بديلا - حتى وفقا للقانون الدولي الإنساني - لأي حكومة أو أي جهة وخصوصا تلك التي تعمل في القطاع الصحي أو القطاع الأهلي أو قطاع الحماية"
وأكدت بكر على أن عدم وقف إطلاق النار صعّب إيصال المساعدات التي تدخل غزة، وخاصة شمال القطاع. قائلة "نحن نحاول الوصول إلى النساء أينما كنّ، بحقائب بها مواد بسيطة يمكن أن تسهل عملية الولادة الطبيعية، فيها مفرش بلاستيكي، ومقص لقص الحبل السري، وقطعة صابون. هي مواد بسيطة وبدائية ولكن يمكن أن تشكل فارقا بين الحياة والموت" .
إقرأ أيضاً : أولمرت: نتنياهو يشكل خطرًا على إسرائيلإقرأ أيضاً : تواجد عسكري بريطاني في لبنان .. ما القصة ؟إقرأ أيضاً : زلزال قوته 6.9 درجة يهز منطقة بحر باندا في إندونيسيا
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار الأمم المتحدة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
"عربات جدعون": هل يمكن لخطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة أن تقضي على حركة حماس؟
قراءة تحليلية لدراسة نُشرت في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. اعلان
مع تصاعد الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، تبلورت "خطة عربات جدعون" بوصفها محور الاستراتيجية الإسرائيلية للمرحلة المقبلة. وقدّمت تل أبيب هذه الخطة باعتبارها مشروعاً حاسماً لتفكيك البنية العسكرية والإدارية لحركة "حماس"، وفرض معادلة أمنية وسياسية جديدة في القطاع. غير أنّ الخطة، رغم ما تنطوي عليه من أدوات ضغط وتفوّق ناري، تُثير جدلاً واسعاً حول أهدافها الحقيقية، واحتمالات فشلها، بل وإمكانية أن تتحوّل إلى مدخل لتعزيز مكانة "حماس" بدلاً من إزاحتها.
في هذا السياق، تطرح نعومي نيومان، الزميلة الزائرة في معهد واشنطن والمختصة في الشؤون الفلسطينية، تحليلاً معمقاً يشكك في نجاعة الخطة ويعرض حدودها النظرية والتطبيقية، مستندة إلى خبرتها في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) ووزارة الخارجية، فضلاً عن دراستها الأكاديمية الجارية في جامعة تل أبيب.
في 6 أيار/مايو، صادق مجلس الأمن القومي الإسرائيلي على خطة "عربات جدعون"، محدداً ثلاثة أهداف محورية: القضاء على "حماس"، تحرير الرهائن، وترسيخ وجود عسكري دائم في غزة. هذه الأهداف، وإن ظهرت متكاملة، تعكس في واقع الأمر إشكالية بنيوية في الرؤية الإسرائيلية لمستقبل القطاع، لا سيما في ظل غياب أي تصور متماسك لما بعد الحرب، سواء على الصعيد المحلي أو بالشراكة مع الولايات المتحدة.
Relatedشاهد لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى في جباليا شمال غزةأطفال غزة يدفعون ثمن الحرب الأكثر دموية في العصر الحديثعلى وقع الحرب في غزة.. احتجاجات في بازل تدعو لطرد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبيةتتضمن الخطة ثلاث مراحل تنفيذية متسلسلة:
- مرحلة التمهيد والتفكيك الممنهج: استهداف البنى العسكرية والمؤسساتية التابعة لـ"حماس".
- مرحلةإعادة التمركز السكاني: نقل المدنيين إلى مناطق "منزوعة السلاح"جنوب القطاع، وعزل مقاتلي الحركة.
- مرحلة الاجتياح البري: دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق مصنّفة "مطهّرة" للسيطرة عليها وتعزيز احتلالها لتلك المناطق.
لكن هذه المراحل، كما تُبيّن نيومان، مصممة بمرونة تكتيكية تسمح لإسرائيل بتعديل المسار أو إيقاف العملية إذا لاحت في الأفق فرص تفاوضية جزئية مع "حماس"، وخصوصاً حول ملف الرهائن.
التوازن الأميركي: بين دعم إسرائيل ومخاوف من التصعيدزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة أضافت بُعداً معقداً للمعادلة. فعلى الرغم من التماهي الظاهري بين تل أبيب وواشنطن، فإن الولايات المتحدة تتحرك على مسار موازٍ من خلال قنوات خلفية مع "حماس"، ساعيةً للإفراج عن الرهائن وبلورة تسوية تؤدي إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد.
يطرح هذا التباين تساؤلات حساسة: إلى أي مدى تستطيع إسرائيل الاستمرار في تنفيذ الخطة من دون غطاء سياسي من واشنطن؟ وهل الإدارة الأمريكية مستعدة لتقبّل إقصاء "حماس" كلياً من أي ترتيبات مستقبلية في غزة؟
آليات الضغط الإسرائيليتستند الخطة إلى خمس أدوات ضغط رئيسية:
- فرض الوجود العسكري في مناطق حساسة مثل الممرات المركزية.
- فصل المدنيين عن البنى التابعة لـ"حماس".
- التحكم بالمساعدات الإنسانية لحرمان الحركة من استخدامها كورقة نفوذ.
- تفكيك القيادة الميدانية من خلال عمليات استهداف دقيقة.
- الحرب النفسية لترسيخ شعور الانهيار لدى السكان والمقاتلين.
لكن هذه الأدوات، كما توضح الدراسة، قد تؤدي إلى نتائج عكسية؛ فبدل من تقويض "حماس"، فإنها قد تُسهم في تعزيز موقعها الرمزي والسياسي كحركة مقاومة، في ظل "استمرار الاحتلال "وغياب البدائل الوطنية الفاعلة.
رغم الضربات الإسرائيلية المكثفة، لا تزال "حماس" تُظهر قدرة لافتة على التكيف. فقد تمكنت، وفق الاستخبارات الأمريكية، من تجنيد نحو 15 ألف عنصر جديد منذ بداية الحرب، واستمرت في إدارة الخدمات المدنية، بالتنسيق مع مؤسسات الإغاثة. كما أن تراجع قدراتها التقليدية لم يُنهِ قدرتها على تنفيذ عمليات نوعية، بما في ذلك زرع العبوات الناسفة، واستهداف الآليات، وشن هجمات قنص.
ويبدو أن "استمرار الاحتلال"، بما يحمله من معاناة وتدمير، يعيد إنتاج سردية "المقاومة" في وجدان الشارع الفلسطيني، ما يمنح "حماس" زخماً شعبياً قد يُصعّب إزاحتها على المدى الطويل.
هل هناك أفق لاتفاق؟تطمح إسرائيل إلى "شطب حماس" كطرف سياسي وعسكري، غير أن ذلك يبدو أقرب إلى الأمنيات الاستراتيجية منه إلى الوقائع. فـ"حماس" تُدرك أنها ليست في موقع يسمح لها بالاستسلام، كما أن منطقها الأيديولوجي يستند إلى رفض الاعتراف بـ"العدو الصهيوني" أو الدخول في تسويات مفرّغة.
ومع ذلك، قد تبدي الحركة مرونة تكتيكية، تقبل بموجبها بوقف إطلاق نار مقابل ترتيبات إنسانية أو تبادل أسرى، شرط وجود ضمانات دولية بانسحاب تدريجي لإسرائيل، وتشكيل سلطة مدنية تتقاسم فيها "حماس" النفوذ، وإن من خلف الستار.
معارضة دولية وتحديات لوجستيةمنظمة الأمم المتحدة رفضت المشاركة في تنفيذ الخطة، واعتبرتها خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. كما أن دولاً عربية كالإمارات نأت بنفسها عن المشروع، ورفضت المشاركة في توزيع المساعدات، ما يُضعف من شرعية الجهد الإنساني الموازي، ويمنح "حماس" فرصة لمهاجمة الخطة باعتبارها "غطاء للاحتلال".
من الناحية العملية، تواجه الخطة تحديات لوجستية حقيقية:
كيف سيتم توزيع المساعدات في ظل العمليات العسكرية المستمرة؟
هل تستطيع القوات الإسرائيلية، رغم التحفظات الداخلية، تولي هذه المهمة؟
وهل المراكز اللوجستية التي تقترحها الخطة -أربعة في رفح ونتساريم- قادرة فعلاً علىتلبية حاجات السكان؟
الاحتمالات المقبلة: نهاية "حماس" أم إعادة صياغتها؟إذا تم تنفيذ الخطة بالكامل، فقد تتمكن إسرائيل من تقليص القدرات العسكرية لـ"حماس"، وزعزعة سلطتها الإدارية. إلا أن هذا لا يضمن نهاية الحركة، بل ربما يُدفع بها إلى تبنّي تكتيكات أكثر عنفاً، وتحويل القطاع إلى ساحة استنزاف طويلة الأمد.
وفي المقابل، إذا رضخت إسرائيل للضغوط الدولية وخفّضت سقف أهدافها، فقد تجد نفسها أمام "حماس" ضعيفة تنظيمياً لكنها أعمق رسوخاً سياسياً، وربما جزءاً من هندسة ما بعد الحرب.
تكشف خطة "عربات جدعون" عن ذهنية صلبة تؤمن بإمكانية الحسم العسكري، لكنها تتجاهل حقيقة أن التوازنات السياسية والاجتماعية في غزة لا يُعاد تشكيلها بالقوة وحدها. ففي الوقت الذي تُسقط فيه إسرائيل المباني، تُبقي على فراغ سياسي يُهيئ لعودة "حماس" بشكل أكثر تعقيداً.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة