بلاد ما وراء النهر
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"ولما كانت بلاد ما وراء النهر لم تحظ بالعناية الكافية من قبل المعاصرين، ولم تنل حقها من البحث والدراسة؛ عزمت على التصدي للكتابة عن هذا التاريخ الكبير وألقي الضوء على جانب عظيم من جوانب التاريخ الإسلامي في تلك المنطقة العريقة في الإسلام". نادر الوثير
صدر مؤخرًا عن دار "آفاق" للنشر بدولة الكويت الطبعة الأولى لكتاب يتحدث عن تاريخ بلاد ماوراء النهر ويقصد بها بلدان آسيا الوسطى التي أستغلت أواخر القرن الماضي عن الإتحاد السوفييتي، الكتاب بعنوان: "بلاد ما وراء النهر.
بداية الأمر، كنتُ قد قرأت كتابًا عن تلك البلدان منذ سنوات، وهو كتاب بعنوان: "الطاجيك في مرآة التاريخ" لمؤلفه إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، وفيه قرأت نفوذ الحضارة الإسلامية في خراسان وماوراء النهر، وعن قيام الدولة الطاهرية، كذلك عن دولة الصفاريين ودورها التاريخي لإحياء الدولة والثقافة القومية لدى الطاجيك، وغير ذلك من الكتاب المفيد، من بعد هذا الكتاب لم أقرأ أي كتاب يتحدث عن تلك البقع البعيدة عنا جغرافيا، قد يكون السبب ولاشك تقصيري في متابعة المكتوبات والمنشورات بشأن تلك البلدان المهمة والتي لها اثرها الملموس في تاريخنا الإسلامي.
أعود للكتاب القيِّم الشيِّق، إن أردته من أدب الرحلات ففيه روح منها، وإن توقعت إنه كتاب تاريخ فهو كذلك، وللمفارقة فهذا الإصدار هو الأول للمؤلف المتخصص أكاديميًا في التاريخ، وهو إصدار يستحق العناء، لم يكترث المؤلف لصعوبة الأمر بكتابة تاريخ صعب الإبحار فيه؛ بل قدم كتاب يؤرخ ويقدم وجبة تاريخية مفيدة وممتعة في آن، سيما وهو الذي غاص في صفحات هذا التاريخ الغامضة أغلب معالمه، ولأجل ذلك ولتتويج جهد يتسم بمصداقية قام بأربع رحلات متفرقة لتلك البلاد التي تسمى ما وراء النهر.
وقد قدَّم الكاتب عدة أجوبة مُلِحَّة تتعلق بتلك المنطقة الغامضة على العالم العربي اليوم، وذلك من خلال العشرة فصول التي تضمنها كتابته، منها التعريف ببلاد ما وراء النهر المشهورة في التاريخ الإسلامي، وتحديد مدنها على الجغرافيا السياسية الحالية كمدينة بخارى وسمرقند وخوارزم وغيرها، كما قدم لنا تفاصيل جميلة عن الفتوحات العربية الإسلامية على بلاد ما وراء النهر ونشر الإسلام فيها، إضافة إلى استيطان القبائل العربية هناك، وذِكْرُ عددٍ كبيرٍ من الفقهاء والشعراء والأدباء والعلماء والفلاسفة الذين ظهروا من تلك البلاد، ونذكر منهم على سبيل المثال الإمام البخاري صاحب الصحيح والترمذي والدارمي وابن سينا الفيلسوف والفارابي وغيرهم، كما تضمن الكتاب عدة فصول مهمة منها الفصل الذي يتحدث عن الفاتح الشهير تيمورلنك، وفصل آخر يتحدث عن حكم ذريته، وهناك فصل مهم يتحدث عن نشأت القومية الأوزبكية التي تعد اليوم أكبر القوميات في آسيا الوسطى، فقد ذكر الكاتب إلى أي جنس ينتمون وأي مذهب يعتنقون، وما هي الدول التي أقاموها وما هي العمائر التي بنوها ولا تزال قائمة، وكيف استطاعت دولة روسيا العاتية أن تبسط سلطانها على هذه المنطقة العريقة.
في الصفحة الخامسة والسبعين من الفصل الثاني بالكتاب القيم أقتبسُ ما يلي: "رأى هشام بن عبدالملك صعوبة إدارة الأقاليم الشرقية، فعهد بولاية خراسان إلى نصر بن سيار الكناني، الذي أمتاز بسجايا فريدة من نوعها، فقد كان عالي الهمة، شديد الحذر، وميالا إلى العدل، والذي قيل عنه في حضرة الخليفةغ هشام بن عبدالملك: أنه أرجل القوم، وأحزمهم، وأعلمهم بالسياسة فقال هشام: هو لها، فقد كان نصرًا ذي صبر وعزيمة، كما أنه كان صاحب تجربة".
الكتاب رغم أنه المؤلَّف الأول لكاتبه، إلّا أنه جهد يستحق التقدير والقراءة، ومن المهم وجوده في مكتبات اقسام التاريخ بالجامعات، كذلك للمهتمين بقراءة وسبر تاريخ ماوراء النهر، والتعرف على حيثيات قد لاتوجد في مطبوعات أخرى، ولاشك هو إضافة مهمة للمكتبة التاريخية العربية، إنما الملاحظة الجديرة هي العمل على طباعة الكتاب كل فترة زمنية بحسب ما يرى ذلك الكاتب مناسبًا؛ لأن عددًا من الكتب القيمة الثمينة المعلومات طُبعت طبعة واحدة، وأصبح من النادر الحصول على نسخها، لولا النشر الإلكتروني الذي أنقذ الوضع في قليل منها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هيئة الكتاب تصدر الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، أحدث إصداراتها النقدية بعنوان «الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر: نحو أفق جمالي جديد» للباحث والناقد د. كمال اللهيب، في خطوة تعكس اهتمام الهيئة بتطوير الدراسات المتخصصة في مجال أدب الطفل، ودعم مسار التحديث النقدي في هذا الحقل الأدبي المهم.
ويقدّم الكتاب رؤية نقدية جديدة تسعى لوضع أسس منهجية حديثة لدراسة أدب الأطفال العربي، باعتباره ظاهرة جمالية في المقام الأول، قادرة على حمل قيم ثقافية وتربوية، دون التضحية بتشكيلها الفني. ويأتي هذا العمل بوصفه مقدمة أولى في مشروع نقدي أكبر يأمل الباحث أن يكون خطوة تأسيسية نحو نظرية معاصرة تواكب تحولات أدب الأطفال، وتفتح له آفاقًا جمالية جديدة.
ويبدأ الكتاب من فرضية رئيسية ترى أن أدب الأطفال ليس مجرد وسيلة تعليمية أو تربوية، بل هو فن سردي يمتاز بخصوصية تشكيلية، تستحق دراسة معمقة تستكشف العناصر الجمالية والوظائف الثقافية التي يجسدها. ويؤكد الباحث أن الطفولة - بما تحمله من قدرة على التلقي والمرونة الذهنية - تمثّل فضاءً حاسمًا في تكوين الوعي، ما يجعل أدب الأطفال واحدًا من أكثر أدوات التنشئة الثقافية فاعلية في ترسيخ القيم والمثل العليا.
ويرصد اللهيب، من خلال قراءة واسعة في المدونة العربية الأدبية والنقدية، مجموعة ملاحظات جوهرية، أبرزها هيمنة التوجهات التعليمية والتربوية على حساب العمق الجمالي، واعتماد عدد كبير من الدراسات السابقة على مناهج تقليدية لم تستوعب التحولات السردية الحديثة. كما يشير إلى ندرة الدراسات التي استخدمت أدوات السرديات الثقافية أو تعمقت في بنية النصوص الحفرية، سواء على مستوى التكوين الفني أو المحمولات الثقافية الكامنة فيها.
وانطلاقًا من هذه الملاحظات، يحدد الباحث مجموعة من القناعات الفكرية التي تشكّل مرتكزات كتابه، أهمها: أن أدب الأطفال ظاهرة جمالية بالأساس، تكتسب قيمتها من تشكيلها الفني لا من محتواها التعليمي، وأن تطوير هذا الأدب مرهون بدراسة تشكيلاته السردية دراسة معمقة تكشف خصوصياته المختلفة عن أدب الكبار، وأن الجمالي والثقافي عنصران متكاملان لا يمكن فصلهما عند تحليل النصوص، وأن الوصول إلى أفق جمالي جديد يتطلب وجود نظرية نقدية عربية معاصرة تصاحب هذا التطور.
ويعتمد الكتاب منهج السرديات الثقافية كمنهجية تكاملية تستفيد من إنجازات علم السرد والدراسات الثقافية معًا، لقراءة الظاهرة السردية في سياقها الفني والثقافي. ويضم العمل مقدمة وتمهيدًا نظريًا، يتبعه ستة فصول تطبيقية تتناول عناصر التشكيل السردي: الشخصية، الحدث، الزمن السردي، الفضاء المكاني، السارد، والتناص، مع بيان طبيعة كل عنصر عمومًا وخصوصيته داخل أدب الأطفال، إلى جانب أهم وظائفه السردية والثقافية.
ويُختتم الكتاب بخاتمة تجمع نتائج الدراسة، يليها ثبت شامل للمصادر والمراجع، إضافة إلى سيرة مختصرة للأديبين عبد التواب يوسف ولينا كيلاني بوصفهما من أبرز رواد أدب الطفل العربي.
بهذا الإصدار، تفتح الهيئة المصرية العامة للكتاب نافذة معرفية جديدة في مجال نقد أدب الطفل، مقدمة عملًا يؤسس لمرحلة نقدية أكثر عمقًا وتقدمًا في دراسة جماليات هذا الأدب وخصوصياته الثقافية.
اقرأ أيضاً:
انخفاض الحرارة.. الأرصاد تُطالب المواطنين بارتداء الملابس الشتوية
هل بركان "هايلي غوبي" بإثيوبيا مفتعل؟.. خبير جيولوجي يُجيب
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
أدب الأطفال هيئة الكتاب إصدارات هيئة الكتاب أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك
محتوى مدفوع
أحدث الموضوعاتإعلان
أخبار
المزيدإعلان
هيئة الكتاب تصدر "الشكل والوظيفة في أدب الأطفال العربي المعاصر"
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
من نحن اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
22 12 الرطوبة: 30% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي من نحن إتصل بنا إحجز إعلانك سياسة الخصوصية