كيف تنشأ الثقوب السوداء في الكون؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
ترجمة - حافظ إدوخراز -
الثقوب السوداء: هي أجسام فلكية مذهلة. إنها تثير منذ قرن من الزمان شغف عامة الناس مثلما أثارت فضول علماء الفيزياء في جميع أنحاء العالم، والذين لا يزالون يدرسونها باهتمام كبير. ويظل تشكّل هذه الثقوب أحد الألغاز التي تظل قائمة، والذي لا يزال غير مفهومٍ على نحو كامل حتى اليوم.
ما هو الثقب الأسود؟
يعود مفهوم الثقب الأسود في فرنسا إلى بيير سيمون دو لبلاس (Pierre-Simon de Laplace) (1796)، الذي تساءل عمّا إذا كان من الممكن لجسم ما أن يكون كثيفا جدا لدرجة أن سرعة إفلاته تكون أكبر من سرعة الضوء (التي تبلغ حوالي 300.
وتُعرّف سرعة الإفلات (Escape Velocity) على أنها السرعة التي يحتاجها جسم ما من أجل الإفلات من جاذبية جرم فلكي ما. تبلغ سرعة الإفلات على الأرض 11.3 كم/ثانية (أقل من سرعة الضوء بحوالي ثلاثين ألف مرة)، مما يعني أن جسما مثل الصاروخ يجب أن يصل إلى هذه السرعة حتى يتمكن من الإفلات من جاذبية الأرض والخروج إلى الفضاء.
إذا تركّزت كتلة الأرض في كرة يبلغ شُعاعها (نصف قطرها) حوالي 9 ملم، فإن الجاذبية ستكون أكبر بكثير مما هي عليه الآن، مما قد يؤدي بالتالي إلى احتجاز الضوء. ولذلك فمن الضروري أن تكون كثافة الجرم الفلكي أكبر بكثير من كثافة الأرض لكي يحتجز الضوء.
أعاد الفيزيائي الألماني كارل شوارزشيلد (Karl Schwarzschild) تناول هذه الفكرة من جديد في عام 1916، بعد سنة من نشر آينشتاين لنظريته حول النسبية العامة، وبرهن على أن جسما كثيفا بدرجة كافية بوسعه أن يمنع الضوء من الإفلات منه.
إذا كانت المادة أو الضوء يقعان داخل أفق الحدث (Event Horizon) الخاص بثقب أسود، فإنهما لن يتمكّنا من الإفلات من جاذبية الثقب: هذا الأفق هو «الحد الأقصى» للثقب الأسود. إنه سطح كرة يسمّى شعاعها بشعاع شوارزشيلد (وهو بالتالي «حجم الثقب الأسود»). يتناسب هذا الشّعاع مع كتلة الجسم وهو صغير جدا: الثقب الأسود الذي يملك كتلة مماثلة لكتلة الشمس سيصل شعاعه إلى حوالي 3 كم (مقارنة بـ 700 ألف كم للشمس).
واليوم، وبفضل تطور تقنيات الرصد الفلكي، أصبح من الممكن تصوير ثقب أسود. وعلى سبيل المثال، هذه صورة الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا (درب التبانة)، والمسمّى بـ «برج القوس أ*» (Sagittarius A*).
السيناريوهات المختلفة لتشكّل الثقوب السوداء
يبقى من الصعب معرفة كيف تشكّل ثقب أسود ما. غير أن ثمة سيناريوهات مختلفة تفسّر تكوين الثقوب السوداء، وتعتمد على الفئة التي تنتمي إليها كتلة الثقب الأسود.
في حالة ثقب أسود له كتلة مماثلة لكتلة الشمس، فإننا نتحدث عن ثقب أسود نجمي (Stellar Black Hole). وتتشكل هذه الثقوب السوداء نتيجة لانهيار نجم في نهاية حياته. عندما يحوّل النجم كل الهيدروجين الموجود في قلبه إلى هيليوم، تصبح الجاذبية أقوى من الضغط الذي يدفع المادة إلى الخارج، وتنهار المادة على نفسها تحت تأثير وزنها. تصبح كثافة النواة أكبر بكثير مما كانت عليه من قبل، ومن الممكن أن يتحول النجم بالتالي إلى قزم أبيض (White Dwarf) أو نجم نيوتروني (Neutron Star) أو ثقب أسود (وذلك بناءً على كتلته). وبالمثل، يمكن للقزم الأبيض أن ينهار بسبب الجاذبية ويتحول إلى نجم نيوتروني أو ثقب أسود عندما تتجاوز كتلته حدّ شاندراسيخار (Chandrasekhar Limit) (حوالي 1.4 مرة كتلة الشمس). والنجم النيوتروني بدوره يمكن أن ينهار ويتحوّل إلى ثقب أسود عندما تصل كتلته إلى حدّ تولمان-أوبنهايمر-فولكوف (Tolman-Oppenheimer-Volkoff) (يساوي حوالي 2.5 مرة كتلة الشمس).
ومن الممكن أن يندمج ثقبان أسودان نجميان ليشكّلا بذلك ثقبا أسود أكثر ضخامة. وهذا ما يحدث بالنسبة إلى ما نسمّيه بالأنظمة الثنائية. يتكون النظام الثنائي (Binary system) من نجمين يدوران حول بعضهما البعض، بدلا من نجم واحد كما هو الحال في النظام الشمسي. والمثال المعروف على مستوى الثقافة الشعبية هو كوكب تاتوين (Tatooine) من فيلم الخيال العلمي «حرب النجوم»، والذي له شمسان.
تتكوّن بعض الأنظمة الثنائية من ثقب أسود ونجم، أو من ثقبين أسودين. وفي هذه الحالة، يدور هذان النجمان حول بعضهما البعض، ويقتربان من بعضهما البعض إلى أن يندمجا. ويؤدي هذا بالتالي إلى تشكّل ثقب أسود أكبر حجما من الثقب السابق. ولقد سبق أن رصد العلماء بالفعل اندماج ثقبين أسودين، من خلال موجات الجاذبية.
ثمة نوع آخر، من الثقوب السوداء، ويتعلق الأمر بالثقوب السوداء فائقة الكتلة (Supermassive Black Holes)، والتي تتراوح كتلتها أضعاف كتلة الشمس من مليون إلى عدة مليارات مرة. يعدّ الثقب الأسود الموجود في مركز مجرّة درب التبانة، والمسمّى «برج القوس أ*» ثقبا أسود فائق الكتلة، فكتلته أكبر من كتلة الشمس بأكثر من أربعة ملايين ضعف. كما تم رصد ثقوب سوداء فائقة الكتلة كذلك في مراكز مجرّات أخرى في الكون. لا يزال أصل هذه الثقوب السوداء محل نقاش كبير بين الباحثين. لكن أحد الفرضيات المفضّلة حاليا في الأوساط العلمية المتخصصة هي انهيار جاذبية سحابة غازية ضخمة في الكون المبكر.
بعد أن كانت الثقوب السوداء مجرد موضوع للفضول العلمي الذي لا يتجاوز الافتراضات طيلة مدة طويلة، أصبحت الآن محلّ رصد من طرف المجتمع العلمي. لكن الكثير من الألغاز تظل قائمة مع ذلك، مثل تكوّنها وماذا يوجد داخل الأفق...
رومان كودور - أستاذ الفيزياء وديناميكا الموائع
المصدر: موقع The Conversation
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الثقوب السوداء الثقب الأسود الإفلات من من الممکن ثقب أسود
إقرأ أيضاً:
«مسعودة الأسود» تلتقي المراقبين في المردوم والعجيلات لمتابعة سير امتحانات الثانوية
التقت وكيل وزارة التربية للشؤون التربوية بحكومة الوحدة الوطنية، الدكتورة مسعودة الأسود، مراقبي التربية والتعليم ببلديتي المردوم والعجيلات، الأستاذ أبو عجيلة فرج، والأستاذ عبد الباسط عمار.
وجرى خلال اللقاء مناقشة سير امتحانات شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي، حيث تم استعراض الإجراءات التنظيمية المتخذة لضمان انضباط اللجان وتوفير الأجواء المناسبة للطلبة.
كما أكدت الدكتورة الأسود على أهمية استمرار التنسيق اليومي بين المراقبين ومركز الامتحانات بالوزارة لضمان نجاح العملية الامتحانية وتحقيق أفضل النتائج.
هذا وتُعد شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي من أهم المراحل التعليمية التي تحدد مسار الطالب الأكاديمي والمهني، وتخضع هذه الامتحانات لإشراف وزارة التربية لضمان تحقيق العدالة والشفافية وتقييم مستوى الطلاب بدقة، وتتطلب العملية الامتحانية تنسيقاً دقيقاً بين مختلف الإدارات والمراقبين لضمان سيرها بانضباط وتوفير بيئة مناسبة للطلاب تمكنهم من أداء امتحاناتهم بكفاءة.
وتواجه وزارة التربية تحديات عديدة في تنظيم الامتحانات، تشمل توفير الكوادر المؤهلة، وضمان أمان اللجان الامتحانية، بالإضافة إلى تهيئة الظروف الملائمة التي تقلل من الضغوط على الطلاب، وتشكل هذه الجهود جزءاً من خطة وزارة التربية لتطوير العملية التعليمية ورفع جودة التعليم، بما يسهم في بناء جيل متعلم قادر على مواكبة التطورات الأكاديمية والمهنية.