أوضحت العديد من البلدان المشاركة في مؤتمر الأطراف للمناخ “COP 28” وجهتها في التعامل مع ملف المخاطر المناخية التي تهدد العالم، ومنها من وضع سقوف زمنية ورصد مبالغ مالية لتقليل الانبعاثات والحد من مخاطر التلوث والتوجه لبدائل الطاقة النظيفة، فيما امتنعت بعض البلدان من تخفيف تأثيراتها على البيئة على المدى القريب.

في هذا المؤتمر ومؤتمرات أخرى شارك فيها العراق، اشار الى التحديات المناخية التي يواجهها هذا البلد، بعد ان وضعته المؤشرات في اعلى ترتيب الدول المتأثرة بالتغير المناخي، الا ان خططا ملموسة وحقيقية للتقليل من الانبعاثات لا تلقى اهتماما حقيقيا على الواقع، بحسب مختصين.

الخبير البيئي، سمير عبود أكد ان المؤشرات تظهر عدم جدية العراق في موضوعات تخص تحسين البيئة ومعالجة الاضرار المناخية، فضلا عن كون العديد من المؤسسات الرسمية لا تتعامل مع موضوع الانبعاثات.

وقال عبود  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ان “التغيرات المناخية هو موضوع جديد بالنسبة لعمل وزارة البيئة، والتي قامت مؤخرا بوضع خطة وتشكيل مديرية تعنى بالتغيرات المناخية”.

واضاف، ان “المديرية الجديدة بدأت عملها بوضع اللمسات الاولى المستقبلية لمعالجة الموضوع”، مشيرا الى ان “العراق يوسع من انتاجه النفطي دون ان يضع اجراءات فعالة لحماية البيئة”.

واوضح عبود، ان “العراق يقوم بحرق الغاز بشكل كبير وهو موضوع مستمر واصبح من الانبعاثات غير المسيطر عليها، بالمقابل لا يخضع الامر للتخطيط والادارة وانشاء وحدات معالجة”، لافتا الى ان “السيطرة على الانبعاثات يعني السيطرة على الغاز المهدور، هذا في الجانب الاقتصادي، وفي الجانب البيئي هو لحماية البيئة والتقليل من الانبعاثات”.

واشار الخبير البيئي، الى ان “الخطوات التي تتخذ بشأن التغيرات المناخية غير جدية، وجميع الوزارات والمؤسسات والجهات التنفيذية لا تهتم بهذا الجانب”، مبينا ان “هذه المؤسسات هدفها الانتاج باي صورة ولا تضع اي اهمية لموضوع الانبعاثات وتعتبره في نهاية سلم الاولويات”.

 ويأمل عبود، ان تكون الدراسات التي وضعت مؤخرا تساهم بمعالجة هذا الملف، مبينا ان الاجراءات الحكومية، لغاية اليوم، ضعيفة جدا ولا تترقي للمستوى المطلوب.

المصدر: وكالة تقدم الاخبارية

إقرأ أيضاً:

وزارة الإصلاح المؤسسي: ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة السودانية

بقلم: عادل عبد العاطي


مقدمة:
لم يعد الحديث عن إصلاح الدولة السودانية ترفًا فكريًا أو مطلبًا حزبيًا محدودًا، بل تحوّل إلى أولوية وجودية تتعلق ببقاء الدولة ذاتها.
فبعد عقود من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاداري، وبعد عامين من الحرب المدمرة، وما خلفته من ترهل وعجز في كافة مؤسسات الدولة، لم يعد بالإمكان المضي قُدمًا دون معالجات جذرية تعيد هيكلة الجهاز الحكومي وتستأصل الفشل والفساد من جذوره.
في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة لتأسيس وزارة للإصلاح المؤسسي، تكون ذات صلاحيات واسعة واستقلالية كاملة، وتتبع مباشرة لرئيس الوزراء.


أزمة الدولة ومحدودية أدوات الإصلاح التقليدية:
شهد السودان، خاصة منذ مطلع الألفية الثالثة، انهيارًا متسارعًا في مؤسسات الدولة نتيجة الفساد الإداري، التسييس الحزبي، والمحسوبية وواقع الحرب. ادى لذلك لترهل وعجز كبير في اداء مؤسسات الدولة، سواء كان على المستوى الاتحادي او الولائي او المحلي. حال السفارات كممثليات للدولة السودانية بالخارح لا يقل سوءاً.
لقد فشلت محاولات الإصلاح السابقة لأنها اعتمدت على أجهزة تقليدية ضعيفة، خاضعة لذات المنظومة التي أنتجت الانهيار. بل إن بعض الهيئات الرقابية نفسها كانت جزءًا من المشكلة، إما بسبب افتقارها للموارد والصلاحيات، أو لانخراطها في شبكات النفوذ والمصالح المختلفة.


ما هي وزارة الإصلاح المؤسسي؟:
هي جهاز وطني مستقل يُؤسس بقانون، وتُمنح له الصلاحيات الكاملة في تقييم مؤسسات الدولة، محاربة الفساد، ومراجعة الأداء. لا تعمل كجسم رقابي فقط، بل كأداة تنفيذية لإعادة بناء الدولة على أسس الكفاءة، الشفافية، والحوكمة الرشيدة.


الاختصاصات الحيوية للوزارة:
وفق الورقة المرجعية التي اعددتها وقدمتها لرئيس الوزراء المعين الدكتور كامل ادريس، تتولى وزارة الإصلاح المؤسسي المهام التالية:
إصلاح هيكلي شامل: مراجعة هياكل الوزارات والهيئات، تقديم مقترحات بالدمج، الإلغاء، أو إعادة التنظيم، مع إعادة هيكلة الخدمة المدنية لتحقيق مبدأ الجدارة.
محاربة الفساد الإداري والمالي: من خلال وحدة متخصصة لتلقي البلاغات والتحقيق، وإعداد تقارير دورية معلنة، بالتنسيق مع القضاء ومؤسسات المحاسبة.
تقييم الأداء المؤسسي والفردي: عبر مؤشرات موضوعية للكفاءة والنزاهة، مع تقديم توصيات بشأن الإبقاء على القيادات أو استبدالها.
الرقابة الخارجية: تشمل مراجعة أداء السفارات والقنصليات، وهيكلة البعثات الخارجية بما يضمن الكفاءة والتمثيل الفعلي للدولة.
اقتراح السياسات والتشريعات: تكون الوزارة ذراعًا لرئيس الوزراء في تعديل القوانين المعيقة للتطوير، وضبط اللوائح بما يعكس رؤية الإصلاح الشامل.


لماذا نحتاجها الآن؟:
لأن الدولة تتفكك: الوزارات تعمل بجزر معزولة، ولا توجد جهة تنسق أو تراقب الأداء بشكل جاد ومهني.
لأن المواطن فقد الثقة: الشارع يرى الدولة كخصم لا كخادم، بسبب الفساد، الذي اشار اليه البرهان وعقار، التعيينات السياسية، وانهيار الخدمات.
لأن السودان يحتاج بناءً لا ترميمًا: نحن لا نعالج نظامًا معطوبًا فحسب، بل نؤسس لنظام جديد يعيد تعريف الدولة نفسها.


شروط نجاح الوزارة:
أن تُؤسس بقانون واضح، يضمن لها الاستقلالية عن التأثيرات الحزبية والبيروقراطية.
أن تتبع مباشرة لرئيس الوزراء، وتكون لها ذراع تنفيذي نافذ في كل المؤسسات والولايات.
أن تُدار بكفاءات وطنية محايدة، بعيدة عن المحاصصة.
أن تُربط قراراتها بنتائج تقييم واقعية، ويُمنح لها حق إقالة القيادات العليا أو اقتراحها لرئيس الوزراء.


خاتمة:
إن تأسيس وزارة الإصلاح المؤسسي ليس خيارًا إضافيًا ضمن برنامج الحكومة، بل ركيزة أولى لأي تحول ديمقراطي وتنموي في السودان. بدون هذه الوزارة، ستبقى مؤسسات الدولة أسيرة شبكات المصالح، وستتكرر دورات الفساد والانهيار مهما تغيرت الحكومات. هذه الوزارة هي الضمانة الوحيدة لبناء دولة فاعلة، شفافة، وخادمة لمواطنيها. هي وزارة المستقبل... ووزارة إنقاذ السودان.


عادل عبد العاطي
٢٣ مايو ٢٠٢٥م


adil@abdelaati.org

 

مقالات مشابهة

  • عيد بلا أضحية في المغرب.. ما علاقة ذلك بالجفاف وتغير المناخ؟
  • وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ
  • وزيرة البيئة تدعو لإطلاق حوار بيئي لرجال الأعمال المصريين
  • وزارة الإصلاح المؤسسي: ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة السودانية
  • وزيرة البيئة تستعرض جهود الوزارة فى تهيئة المناخ الداعم للاستثمار
  • تفاهمات سوريّة أمريكية.. نزع الكيميائي وبحث دمج «قسد» في مؤسسات الدولة
  • وزيرة البيئة تلتقى منسق المبادرة الأفريقية للتكيف لبحث آليات تعزيز التعاون المشترك
  • رئيس الجمهورية: ظاهرة التغيرات المناخية تواجه جميع الشعوب بما فيها العراق
  • وزيرة البيئة سكرتيرا تنفيذيا جديدا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر
  • «الأمم المتحدة» تختار وزيرة البيئة ياسمين فؤاد أمينة تنفيذية لمكافحة التصحر