الخليج الجديد:
2025-06-23@19:16:17 GMT

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

غبار القنابل في غزة حين يخفي الكثير

لقد سترت حرب غزة الكثير من عورات ما يجري عندنا، لكنها كشفت في المقابل عورات أخرى لا حصر لها.

من منا ما زال يتحدث عن السودان غير أهله؟! بلد يستمر فيه الاقتتال بين الجيش والفصيل الذي خرج من رحمه متمرّدا فدمّر البلاد.

انهماك الرأي العام العربي والدولي في متابعة أحداث غزة أدى لشعور الفاعلين في عدة دول بانصراف الإعلام عن رصدها فانشرحوا لذلك لتستمر الأوضاع كما هي.

التدخل العسكري في اليمن، بدأ خليجيا لينتهي سعوديا إماراتيا بالأساس، جاء مؤازرا لقضية عادلة فانتهى به المطاف في وضع غير عادل حين انتهى بأن صار محتلا.

ما تزال ليبيا تئن تحت انقسام بين غربها وشرقها ولا يستقر وضعا نهائيا لا فكاك منه، في ظل تعثر التسوية السياسية وارتهان كل طرف لمعسكر أجنبي كل منهما يقارع الآخر.

قضايا كانت تتصدر عناوين الأخبار تختفي بالكامل تقريبا، إن لم يكن من الإعلام الدولي فالأكيد من العربي، وإن لم يكن في الصحف والمجلات فالأكيد على شاشات التلفزة.

في تونس اختنقت الحياة السياسية بالكامل وآلت فيه كل الأمور إلى رغبة رجل واحد يقود البلاد كما يريد بلا ضوابط ولا كوابح، وكله تحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد!

* * *

تحت ركام غزة توارت هذه الأسابيع قضايا عربية عدة، غطّاها غبار المباني المتهاوية تحت القصف الإسرائيلي المجنون، قضايا اختفت من ساحة التداول الإعلامي لتفسح المجال واسعا لمتابعة مآسي أهل غزة وما أقساها.

قضايا كانت تتصدر عناوين الأخبار فإذا بها تختفي بالكامل تقريبا، إن لم يكن من الإعلام الدولي فالأكيد من العربي، وإن لم يكن في الصحف والمجلات فالأكيد على شاشات التلفزيون.

من منا ما زال يتحدث عن السودان غير أهله؟! بلد يستمر فيه الاقتتال بين الجيش والفصيل الذي خرج من رحمه متمرّدا فدمّر بلدا كان أصلا مدمّرا بعد ثلاثين عاما من حكم الرئيس عمر البشير و«المشروع الحضاري» الذي جاءت به جماعته «للإنقاذ».

لم يؤد العناد بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي سوى إلى مزيد الخراب مع عجز كليهما عن الحسم ورفض الاعتراف بذلك.

نزح عشرات الآلاف، ولجأ عشرات الآلاف غيرهم إلى دول الجوار دون بصيص أمل في سلام قريب، خاصة وأن لكل طرف من يدعمه إقليميا ودوليا مع أن «الكبار» لن يهتموا بمثل هذه الحرائق عندما لا تشتعل في ثوبها.

من منا ما زال يتحدث عن اليمن غير أهله؟! بلد يرزح تحت حكم ديني متخلف نجح في الاستيلاء على السلطة في غفلة يتحمل مسؤوليتها أكثر من طرف يمني وعربي.

استطاع «الحوثيون» السيطرة على العاصمة وفرض حكمهم تحت عنوان مقاومة تدخل خارجي، قال إنه جاء للنجدة لكنه لم ينجد أحدا، ثم لم ينجح حتى في نجدة نفسه لاحقا حين عجز عن أن يجد لنفسه مخرجا من هذه الورطة.

التدخل العسكري في اليمن، الذي بدأ خليجيا لينتهي سعوديا إماراتيا بالأساس، جاء مؤازرا لقضية عادلة فانتهى به المطاف في وضع غير عادل حين انتهى متهما بأنه صار محتلا، لاسيما حين اتضحت وكشفت الحسابات الخاصة لأحد أطرافه والتي لا علاقة لها لا باليمن ولا باستقراره ناهيك طبعا عن ازدهاره.

ولكل ذلك انتهى الأمر بالجميع إلى أمر واقع لا أحد يعرف كيف يمكن تجاوزه، فيما تسعى طهران، طبعا، إلى توظيف كل ذلك لحساباتها الخاصة.

من منا ما زال يذكر ما يجري في ليبيا غير أهلها؟! بلد ما زال يئن تحت انقسام بين غربه وشرقه يكاد يستقر وضعا نهائيا لا فكاك منه، في ظل تعثر التسوية السياسية وارتهان كل طرف لمعسكر أجنبي كل منهما يقارع الآخر.

حتى إعصار درنة وفيضاناتها الرهيبة وما حمله من بصيص أمل بالتفاف الجميع بروح الوطن الواحد والشعب الواحد سرعان ما تبخّر حين عادت سلطات الشرق بقيادة خليفة حفتر إلى إعادة بسط هيمنتها هناك وطرد الإعلام من المدينة غير عابئة بأي شيء آخر غير مصالح إعادة الإعمار ومساعي تقاسم كعكته حتى مع أعداء الأمس.

فيما ظلت الحكومة المعترف بها دوليا عاجزة عن بسط سلطتها على كامل البلاد رغم نجاحها في إفشال حصار العاصمة طرابلس قبل أكثر من عامين.

من منا ما زال يذكر ما يجري في تونس غير أهلها؟! بلد اختنقت فيه الحياة السياسية بالكامل وآلت فيه كل الأمور، كبيرها وصغيرها، إلى رغبة رجل واحد يقود البلاد كما يريد بلا ضوابط ولا كوابح، وكله تحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد.

ما عاد هناك من صوت مختلف أو معارض فالكل سكت، خوفا أو طمعا، أو زج به في السجون ينتظر البت في قضية تآمر على أمن الدولة، يٌمنع الحديث فيها إعلاميا رغم أنها لم تحترم أبسط الضوابط القانونية شكلا ومضمونا، كما يقول المحامون.

يجري ذلك وسط أزمة اقتصادية ومالية خانقة وعزلة دولية واضحة يعانيها بلد كم كان واعدا حين خرج شعبه مطالبا بالحرية والكرامة، فخسرهما معا.

من لطف الأقدار أن كل هذه الدول العربية، باستثناء السودان، تعاني ما تعانيه دون سفك للدماء، وهذا مكسب كبير جدا، فلا الحسم العسكري هو المخرج في السودان، حيث يستنزف كل طرف الآخر ويستنزف كلاهما البلاد والعباد، ولا العودة إلى الاقتتال في ليبيا هو من سينتشلها من حالة الانقسام، ولا عودة المعارك والقصف إلى اليمن هو من سيعيد الشرعية المنهكة إلى صنعاء، ولا تونس في وارد أن يصل فيها موت السياسة إلى أي لجوء إلى السلاح ولله الحمد.

لقد أدى انهماك الرأي العام العربي والدولي في متابعة ما يجري في غزة إلى شعور الفاعلين في كل هذه الدول بانصراف الإعلام عن رصد شؤونها فانشرحوا لذلك بالتأكيد حتى تستمر الأوضاع كما هي.

لا حاجة هنا لاستحضار سوريا فقد توارت عن الأحداث حتى قبل غزة ما أنسى الجميع ما تعيشه من مآس رغم توقف مسلسل التقتيل الكبير هناك.

لقد سترت حرب غزة الكثير من عورات ما يجري عندنا، لكنها كشفت في المقابل عورات أخرى لا حصر لها، وهذا حديث آخر طويل.

*محمد كريشان كاتب وإعلامي تونسي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان حميدتي ليبيا اليمن تونس سوريا حرب غزة التدخل العسكري عبد الفتاح البرهان ما یجری لم یکن کل طرف

إقرأ أيضاً:

هل فشلت أم القنابل في تدمير درة تاج برنامج إيران النووي؟

يتصاعد الحديث بشأن حجم الأضرار التي لحقت بمنشأة "فوردو" النووية الإيرانية بعد تعرضها لقصف أميركي بقاذفات شبحية إستراتيجية أسقطت على مداخلها 12 قنبلة من طراز "جي بي يو 57".

وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن منشأة "فوردو" تحتوي على 3 مداخل، معربا عن قناعته باستحالة أن تكون هذه الأنفاق تفضي مباشرة إلى أماكن المفاعل النووي الإيراني.

ووفق تصور الدويري، فإن هذه المداخل تفضي إلى أنفاق قد تكون بعشرات الأمتار تتعمق داخل الجبل -حسب زاوية الميل- ومن ثم يمكن الوصول إلى المنشأة النووية، مما يزيد عمقها إلى أكثر من 90 مترا وليس 60 مترا.

وبناء على هذا الوضع، فإن قنبلة "جي بي يو 57" -التي توصف بأنها "أم القنابل"- تؤدي إلى الأنفاق المؤدية إلى المنشأة وهي أنفاق مغلفة بالإسمنت المسلح، مشيرا إلى أن هذه القنابل تخترق 60 مترا في الخرسانة المسلحة.

وخلص إلى أن الضربة الأميركية "قد لا تكون فاعلة إلا إذا استخدمت القنابل بالتتالي من خلال الفتحة التي أحدثتها القنبلة الأولى"، مستبعدا أن يكون هذا ما حدث، وفق رأيه.

وأعرب عن قناعته بأنه ليس من السهولة إزالة الأنقاض بالمنشأة النووية بالسرعة المطلوبة، لكنه شدد على أن الضربة الأميركية كانت "كبيرة"، وشاركت فيها 125 طائرة، مما أدى إلى إلحاق ضرر كبير بالبرنامج النووي الإيراني وتعطيله لسنوات على الأقل.

وجاء تعليق الدويري ردا على معلومات نسبتها مجلة إيكونوميست البريطانية لخبراء أكدوا فيها أن منشأة فوردو "موقع محصن لا يمكن تدميره إلا بأسلحة نووية أو قوات برية تتولى تفجيره".

وحسب هؤلاء الخبراء، فإن "فوردو" لا يمكن تدميرها بالقنابل الأميركية الخارقة للتحصينات.

في المقابل، نقلت القناة الـ14 عن مسؤولين إسرائيليين أن "منشأة نطنز لم تعد موجودة، في حين لحقت أضرار هائلة بفوردو وأصفهان".

إعلان

وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إننا "أعدنا برنامج إيران النووي لأكثر من عقد من الزمن"، وأشاروا إلى أن الجهات الأمنية تقدر أن إيران "لن تتمكن من إخراج المواد المخصبة".

لكن وكالة رويترز نقلت عن مصدر إيراني كبير قوله إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب بمنشأة فوردو نقل إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي، لافتا إلى أنه تم تقليص عدد العاملين في موقع فوردو إلى الحد الأدنى قبل الضربات الأميركية.

ونشرت وسائل إعلام صورا فضائية لحركة نشطة لعشرات الشاحنات قرب موقع فوردو قبل يومين من الضربة الأميركية، مما يعزز إمكانية نقل اليورانيوم المخصب من موقعه في فوردو.

وفي وقت سابق اليوم الأحد، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال دان كين إن مهمة ضرب المواقع النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان أطلق عليها اسم "مطرقة منتصف الليل".

وحسب الجنرال كين، فإن العملية شملت 7 قاذفات "بي-2" انطلقت شرقا من قاعدتها في ميزوري إلى إيران، وتطلبت الرحلة -التي استغرقت 18 ساعة- عمليات تزويد بالوقود جوا متعددة.

وشاركت أيضا 125 طائرة أميركية بهذه المهمة، بما في ذلك قاذفات"بي-2" ومقاتلات الجيلين الرابع والخامس وعشرات من ناقلات التزود بالوقود جوا، وغواصة صواريخ موجهة، ومجموعة كاملة من طائرات المراقبة والاستطلاع الاستخباراتية.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أممي من غزة: ما يجري مذبحة تُنفذ ببطء.. والمجاعة تستخدم كسلاح
  • عراقجي يجري في موسكو محادثات جادة ومهمة مع بوتين
  • عراقجي: يجري في موسكو محادثات "جادة ومهمة" مع بوتين
  • إيران تمد لسانها لأمريكا: لدينا الكثير واللعبة لم تنته بعد
  • هل فشلت أم القنابل في تدمير درة تاج برنامج إيران النووي؟
  • ياسمين عز: غبار نووي إيه اللي خايفة منه دا بلكونتك ماتكنستش من الصباحية
  • "فتح" تُصدر تعميما بشأن ما يجري في الساحة اللبنانية
  • الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة وموجات غبار خلال الأيام المقبلة
  • أصوات انفجارات تهزّ جنوب لبنان.. ماذا يجري؟
  • بي-52.. قاذفة القنابل الإستراتيجية الأميركية