سودانايل:
2025-05-28@18:47:36 GMT

الموقف السوداني الصحيح هو وقف الحرب

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

كتبت في الأسبوع الماضي عن الانقسام الحدي في المجتمع السوداني بين مؤيدي الحرب ومعارضيها، وعن الالتباس في الموقفين، حيث إن المؤيدين للجيش السوداني صاروا بالضرورة مؤيدي استمرار الحرب، وإن معارضي الحرب يتم تصنيفهم على أنهم داعمون لـ«قوات الدعم السريع»، وهذا خلط لا يصمد أمام أي تحليل موضوعي للمواقف ومقدماتها ومآلاتها.

وليس هناك ما يمنع أن يكون الداعمون للجيش السوداني هم في نفس الوقت معارضون للحرب لأنهم رأوا مآلاتها، ووصلوا لقناعة ألا خير فيها لأي طرف في الوطن، وليس هناك أي سبب يجعل أي رافض للحرب بالضرورة مؤيداً لـ«الدعم السريع»، لأن هذا التصور يقول إن «قوات الدعم السريع» رافضة لاستمرار الحرب، وليست هذه حقيقة الموقف على الأرض.

المؤيدون للقوات المسلحة في حربها مع «الدعم السريع» ينطلقون من أن وجود «الدعم السريع» خطر حقيقي على الوطن وأمنه القومي، وأنه ما دامت «قوات الدعم السريع» بدأت الحرب، فإنها أعطت القوات المسلحة الفرصة لتصفيتها بشكل سريع ومباشر، وتتحقق واحدة من شعارات ثورة ديسمبر؛ بأن تكون هناك قوات مسلحة موحدة، وأن يتم حل «قوات الدعم السريع» («الجنجويد» في التسمية الشعبية). وبناء على هذا الموقف، فقد تم عَدّ أي موقف مجافٍ لهذا الموقف بالضرورة خيانة وطنية وتخذيلاً للجيش الوطني ودعماً لـ«قوات الدعم السريع». حسنٌ... هل يسير الأمر كما يتمناه هؤلاء...؟

الواقع الآن يقول إن موقف القوات المسلحة متدهور جداً، وإنها تفقد كل يوم بعض مواقعها؛ فبعد نحو 8 أشهر من الحرب، تحتل «قوات الدعم السريع» ثلاثة أرباع ولاية الخرطوم، وبعض مساحات في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، وبعض مدن ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان، وأربع من 5 ولايات في دارفور. وتنحصر الوحدات العسكرية للقوات المسلحة في ولاية الخرطوم داخل ثكناتها فيما تبقى من سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة في الشجرة وجزء من القيادة العامة في مدينة الخرطوم، وفي سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وسلاح المهندسين والسلاح الطبي في أمدرمان ومنطقة كرري العسكرية ووادي سيدنا.

ورغم أن القوات المسلحة لا تعلن عن شهدائها من الجنود والضباط، فإن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تحمل كل يوم صور عشرات من شباب غضّ من صفوف الجيش أو المتطوعين المنضمين حديثاً الذين ماتوا في الحرب، وخلَّفوا وراءهم حسرة وأسى.

شهادات ضباط وجنود القوات المسلحة في الحاميات التي استسلمت لـ«قوات الدعم السريع» في زالنجي والضعين وبابنوسة والمجلد وغيرها تتحدث بحسرة عن الإهمال الذي تعرضوا له، ونقص المعدات والسلاح والذخيرة والغذاء، وعن عدم صرف المرتبات لأشهر طويلة.

انتهاكات «قوات الدعم السريع» لا تتوقف؛ كلما دخلوا منطقة عاثوا فيها فساداً، فسرقوا ونهبوا وقتلوا، والقوات المسلحة غير قادرة على إيقافهم أو حماية المدنيين؛ فهي تكتفي بمحاولة حماية ثكناتها. وإن فعلت شيئاً، فهي ترسل طائراتها لتقصف بلا هدى، فيعاني المواطنون الأمرَّين، وما لم تدمره قاذفات «الدعم السريع» تتكفل به طائرات الجيش.

قيادة الجيش الحالية أهملت القوات المسلحة، وانشغلت بالعمل السياسي وعالم الأعمال، وتركت الساحة لـ«قوات الدعم السريع» لتنمو وتتزايد وتتسلح، حتى أصبحت القوات المسلحة عاجزة عن ردعها. والقيادة الحالية للقوات المسلحة تآمرت على الفترة الانتقالية والحكم المدني، ونفَّذت انقلاباً عسكرياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2021م بالتآمر مع الجنرال حميدتي و«قوات الدعم السريع»، واتجهت للاحتماء بإسرائيل وعقد الصفقات معها، ومنحت روسيا قاعدة بحرية، وقتلت 200 من المتظاهرين السلميين ضد الانقلاب. بعد هذا كله يحاول البعض أن يقول إن الوقوف مع القيادة الحالية للجيش هو الموقف الوطني الصحيح، بينما الوطن ينهار طوبة طوبة، وليس لهذه القيادة أي فكرة أو قدرة على وقف الانهيار، وهي ببساطة لا يمكن أن تؤتمن على الوطن ولا جيشه ولا مواطنيه.

هل الموقف الصحيح هو الوقوف مع «قوات الدعم السريع»...؟ بالتأكيد: لا، فهي تثبت كل يوم أنها ميليشيا قبلية متفلتة، ترتكب الجرائم والانتهاكات حيثما وُجدت، وهي قوة هدم وليست قوة بناء، ولم تستطع ولن تستطيع إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتها؛ فهي تكتفي بنهبها وسلبها وتدمير كل أوجه الحياة فيها.

الموقف الوطني الصحيح هو المطالبة بوقف الحرب بدءاً بوقف إطلاق النار وإزاحة المظاهر العسكرية في المدن بما فيها خروج «الدعم السريع» من منازل المواطنين، ثم دعوة «القوى المدنية الديمقراطية» للتحاور فيما بينها لوضع تصور عملي للانتقال وتصفية الميليشيات وبناء جيش قومي موحَّد، وتكوين لجنة تحقيق دولية بإمكانيات عالية في جرائم الحرب، وإحالة المنتهكين لمحاكمات دولية.

لا يزال عظم الوطن قوياً وقادراً على تحمل أعباء إعادة البناء، مع صعوبتها، إذا توفرت الرغبة والإرادة الشعبية، وإن استمرت الحرب فقد ينهار عظم الوطن ويتهاوى... ويتلاشى وطن عظيم اسمه السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لـ قوات الدعم السریع القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

اتهامات للدعم السريع باختطاف وقتل فتيات بالفاشر

اتهمت اللجنة العليا لنازحي مخيم زمزم في شمال دارفور غرب السودان قوات الدعم السريع باختطاف 23 فتاة من المخيم، وسط تقارير تؤكد وفاة 5 منهن بعد احتجازهن في سجن دقريس بنيالا، عاصمة جنوب دارفور، في ظروف يُعتقد أنها ناجمة عن التعذيب وسوء المعاملة.

وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، شنت قوات الدعم السريع هجوما واسعا على مخيم زمزم، الذي يقع على بُعد 15 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر، فرضت خلاله سيطرتها على المنطقة، وسط معارك عنيفة في محيط المدينة، مما أدى إلى تصاعد التوتر الأمني وتفاقم الأزمة الإنسانية.

وقال المتحدث الرسمي باسم النازحين في مخيم زمزم، محمد خميس دودة، للجزيرة نت إن الفتيات المختطفات نُقلن إلى نيالا عقب اجتياح المخيم، مشيرا إلى معلومات موثوقة تفيد بوفاة 5 منهن تحت التعذيب، بينما لا تزال أوضاع المحتجزات الأخريات مجهولة وسط تكتم شديد.

ووصف المتحدث هذه الحادثة بأنها انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لحماية المدنيين وضمان الإفراج عن المحتجزات.

من جهته، وصف الناشط محمد آدم ما حدث بأنه "جريمة إنسانية مروعة"، مشيرا إلى أن التقارير الميدانية تؤكد أن الفتيات فارقن الحياة نتيجة الجوع والتعذيب داخل السجن. ودعا المنظمات الحقوقية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة والضغط دوليا لإنقاذ المحتجزات وتقديم الدعم الإنساني للنازحين.

سكان الفاشر يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء بسبب الحصار المفروض على المدينة (الجزيرة) قصف مستمر

وفي سياق متصل، أفادت مصادر ميدانية بسقوط قتيلين و3 جرحى إثر قصف طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع على حي أولاد الريف بمدينة الفاشر، ليلة الاثنين، مما زاد من معاناة السكان الذين يعانون بالفعل من نقص حاد في الغذاء والدواء بسبب الحصار المفروض على المدينة.

وقال العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع لا تزال تستهدف المدينة بالمدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة، لكنه أكد أن قواته تحقق تقدما ملموسا لفك الحصار عن الفاشر، مشددا على أن "النصر بات قريبا"، في ظل العمليات العسكرية الجارية.

الوضع الإنساني

ويواجه سكان الفاشر أوضاعا إنسانية قاسية، حيث قفزت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة، في حين أغلقت غالبية المتاجر في الأسواق بسبب القصف المستمر، وسط نقص حاد في الإمدادات الضرورية، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة للمدنيين المحاصرين داخل المدينة.

وأفاد تاجر البضائع صالح هارون، أحد الموردين الرئيسيين في الفاشر، بأن الأوضاع قد تفاقمت بشكل كبير بعد الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على 3 قرى غرب الفاشر، وهي قولو وقرني والشريف.

إعلان

وأوضح للجزيرة نت أن هذه الأحداث أدت إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية في المنطقة، مما أثر سلبا على حياة السكان المحليين، مشيرا إلى أن بعض التجار كانوا يعتمدون في السابق على عربات الكارو التي تجرها الحمير للوصول ليلا إلى هذه القرى وجلب البضائع الضرورية، إلا أنه منذ وقوع تلك الحوادث، توقفت هذه الأنشطة التجارية تماما، مما زاد من معاناة الأهالي الذين يعتمدون على هذه الإمدادات.

وأضاف هارون أن الوضع الحالي يتطلب تدخلا عاجلا لمساعدة السكان والتجار على حد سواء، وأن استمرار تدهور الأوضاع قد يؤدي إلى تفشي المجاعة وفقدان المزيد من سبل العيش الضرورية.

وفي بيان عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، حذّرت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر من أن المجاعة تهدد آلاف الأسر، نتيجة استمرار أزمة الغذاء لعدة أشهر والتدهور السريع في الأوضاع المعيشية. وأضافت أن الأزمة امتدت لتشمل نقص الدواء والمياه، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان الذين يعانون من الحصار والقصف.

وأكدت التنسيقية أن القصف المتواصل يجبر السكان على البقاء داخل منازلهم، مما يمنعهم من البحث عن الغذاء أو تلقي الرعاية الصحية، بينما تعرقل الظروف الأمنية وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

ودعت التنسيقية المنظمات الدولية والجهات الحكومية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين، محذرة من كارثة إنسانية واسعة إذا استمرت الأزمة دون حلول ملموسة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسّعت قوات الدعم السريع عملياتها إلى 4 ولايات في دارفور، شملت الجنوب والشرق والغرب والوسط، ضمن محاولة للسيطرة على المنطقة، مما أدى إلى ارتكاب مجازر واسعة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، تخلّت الحركات المسلحة في الفاشر عن حيادها، وأعلنت دعمها للجيش السوداني، مما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة المدينة ومهاجمة مخيم زمزم المجاور.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مسؤول روسي: انضمام 175 ألف جندي للجيش منذ بداية العام
  • مصدر عسكري: «الدعم السريع» قصفت بمسيَّرة مستودعاً للوقود ومقراً للجيش جنوب السودان
  • الجيش السوداني ينفي تورطه في مذبحة “الحمادي”
  • اتهامات للدعم السريع باختطاف وقتل فتيات بالفاشر
  • مليشيا الدعم السريع تنهب أكثر (5) الاف محلا تجاريا و (16) فرعا للبنوك بالسوق المحلي بالخرطوم
  • قوات الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين جنوب البلاد
  • قوات الدفاع الشعبي والعسكري توقع بروتوكول تعاون مع الشباب والرياضة
  • قوات الدفاع الشعبي والعسكري توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة
  • قيادة قوات الدفاع الشعبى والعسكرى توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة‬
  • المؤتمر السوداني: وحدة خاصة تتبع للجيش قتلت أسرة كاملة بمنطقة صالحة